تفسير سفر يهوديت 13 للقمص تادرس يعقوب ملطي

قتل أليفانا المتكبر

أنجح الرب طريق يهوديت، ففي اللحظة الحاسمة، قبل انقضاء مدة الخمسة أيام التي أعطاها عُزِّيا للشعب ليعمل الله خلالها وينقذهم من يد أليفانا، وجدت يهوديت فرصتها للتحرك. فقد انسحب بوغا Bagoas وكبار الضباط من الحفل ليتركوها وحدها مع أليفانا [1-4]. قدمت صلاة لتنال قوة للعمل [4-5]، ثم تحركت للعمل [6-10]. وإذ قطعت رأس المتكبر جاءت بها إلى أهل مدينتها [11-16]، حيث تحولت المدينة كلها إلى خورس لتسبيح الله [17]، وقام عزيا يبارك هذه البطلة الشجاعة [18-20].

1. يهوديت مع أليفانا وحدها

 

1 –3.

2. صلاة يهوديت الثانية

 

4 –5.

3. قتل أليفانا المتكبر

 

6 –10.

4. يهوديت تأتي إلى بيت فلوى برأس أليفانا

 

11 –16.

5. الشعب يسبح الله

 

17.

6. عزيا يبارك يهوديت

 

18 –20.

سقوط هولوفيرنس كما ورد في السجلات الآشورية    

1. يهوديت مع أليفانا وحدها

ولَمَّا كانَ المَساء، أَسرَعَ خدامه في الاِنصِراف.

وأَغلَقَ بوغا الخَيمَةَ مِنَ الخارِج،

وصَرَفَ الحاضِرينَ مِن وَجهِ سَيِّدِه،

فذَهَبوا إلى مضاجِعِهم،

لأَنَّهم كانوا جَميعًا مُثقَلينَ مِنَ الإِفراطِ في الشُّرْب [1].

وتُرِكَت يَهوديتُ وَحدَها في الخَيمة،

وكانَ أَليفانا مُستَلْقِيًا على سَريرِه،

لأَنَّه كانَ سابِحًا في الخَمْر [2].

ارتمى أليفانا على سريره يغط في نومٍ عميق مثل القتيل قبل أن تمتد يد يهوديت لتقتله. قتل نفسه بنفسه بكبريائه وعنفه وشهواته. كان يستعد لمذلة الموت البشع!

فكانت يَهوديتُ قد أَمَرَت وصيفَتَها أَن تَقِفَ خارِجَ المُخدَع وتُراقِبَ خُروجَها،

كما تَفعَلُ كُلَّ يَوم،

قائلةً إِنَّها ستَخرُجُ لِلصَّلاة،

وكانَت قد قالَت لِبوغا أَيضًا هذا الكلام [3].

بحكمةٍ وتعقل أخبرت يهوديت الخصي بوغا بأنها ستخرج للصلاة كعادتها وأن سهرها في هذه المأدبة إلى قرب الفجر لن يعفيها عن إتمام مهمتها. بهذا وضعت اللمسات الأخيرة للخطة حتى لا يتشكك أحد في أمرها.

واضح أنه حتى هذه اللحظة لم تكن تعرف الوصيفة ما في ذهن يهوديت، فقد وضعت يهوديت في قلبها ألاَّ يعرف أحد قط الخطة التي في ذهنها حتى يتحقق الخلاص تمامًا. كان سرًا مكتومًا. وهي تتشبه بالسيد المسيح الذي لم يستطع أحد من السمائيين أو الأرضيين أن يدرك سرّ الصليب حتى تكشف بقيامته.

2. صلاة يهوديت الثانية

اِنصَرَفوا جَميعًا مِن وَجهِه،

ولم يُترَكْ أَحَدٌ في المُخدَعِ مِن صَغيرِهم إلى كَبيرِهم.

فوَقَفَت يَهوديت عِندَ سَريرِه وقالَت في نَفسِها:

“يا رَب، يا إِلهَ كُلَ قُوَّة،

اُنظُرْ في هذِه السَّاعةِ إلى أَعْمالِ يَدَيَّ لِرَفَعِ شأنَ أُورَشليم [4].

قدمت يهوديت صلاة قصيرة نابعة من أعماق قلبها تطلب العون الإلهي لا لبرٍّ فيها وإنما من أجل رفع شأن مدينة الله أورشليم.

لقد مارست ما فعله القاضي أهود حين قتل عجلون ملك موآب (قض3: 20-23)، وياعيل امرأة جابر القيني حين قتلت سيسرا (قض4: 17-21). لكن شتان بين أهود رجل الحرب صاحب الخبرة العسكرية وأرملة رقيقة الطبع لا تحتمل رؤية قتيل. وشتان ما بينها وبين ياعيل، فالأخيرة قتلت سيسرا الهارب والمختبئ بمفرده في خيمتها، ويهوديت التي في خيمة القائد ويحوط بها جيش العدو وخيامه من كل جهة.

طلبت معونة الله لعمل يديها، وكما يقول المرتل: “لتكن نعمة الرب إلهنا علينا، وعمل أيدينا ثبت علينا…” (مز90: 17)، “الذي تثبت يدي معه، وأيضًا ذراعي تشدده” (مز89: 21).

فقَد حانَت ساعةُ العِنايَةِ بِميراثِكَ،

وتَحقيقِ ما عَزَمتُ علَيه،

لِسَحقِ الأَعداءَ الَّذينَ قاموا علَينا” [5].

3. قتل أليفانا المتكبر

فدَنَت مِن عارِضَةِ السَّريرِ الَّتي عِندَ رَأسِ أَليفانا،

ونَزَعَت مِنها خَنجَرَه، [6].

يهوديت تقطع رأسه (رمز الشيطان)، وترجع إلى بيتها (الفردوس) مع وصيفتها (13). مجّدت الله أمام الشيوخ، لأنه أرسل ملاكه في مسيرها، ولم يسمح أن تتدنس، ووهبها الغلبة والخلاص. وإذ سمع عُزيّا بارك الرب الذي سدد يدها لضرب رئيس قائد أعدائهم.

واقتربت مِنَ السرير،

وأَخَذَت بِشَعرِ رأسِه،

وقالَت: قَوِّني، يا رَبّ، يا إِلهَ إِسْرائيلَ، في هذا إلىَوم” [7].

* نقرأ في سفر يهوديت… عن أرملة أُنهكت بالصوم، ترتدي ثوب الحزن الداكن اللون. الذي يشير بشكله الخارجي الوضيع ليس عن حزنها على زوجها الميت بقدر نزعتها نحو التطلع لمجيء عريسها (السماوي). إنني أرى يدها مسلَّحة بسيف ملطخ بالدم. إنني أعرف رأس أليفانا الذي جاءت به من معسكر العدو. هنا امرأة تغلب الرجال، والطهارة التي تنزع رأس الشهوة. إنها بسرعة غيرت ثوبها مرة أخرى في ساعة نصرتها، فإن ثوبها المتواضع أكثر بهاء من كل أُبهة العالم(108).

القديس جيروم

ثُمَّ ضَرَبَت مَرَّتينِ عُنقَه بِكُلِّ قُوَّتِها فقَطَعَت رأسَه [8]

كان أليفانا في حالة سُكْر شديدة حتى أنه لم يستيقظ فجأة ويصارع كما فعل سيسرا (قض5: 27).

دعت يائيل سيسرا رئيس الجيش إلى خيمتها لتستضيفه وتحميه وفي خيمتها قتلت من استضافته وهو في نوم عميق. ويهوديت دعت نفسها للاستضافة في خيمته أليفانا رئيس الجيش الآشوري وبخنجره قتلت من استضافها في خيمته.

* لكن يهوديت أيضًا التي صارت كاملة بين النساء، في أثناء حصار المدينة، عند توسل الشيوخ ذهبت إلى محلة الغرباء، مستهينة بكل خطرٍ من أجل بلدها، وسلَّمت نفسها في يد العدو مؤمنة بالله. وللحال نالت مكافأة إيمانها، وهي امرأة انتصرت على عدو إيمانها، ونالت رأس أليفانا. مرة أخرى إستير الكاملة في الإيمان خلَّصت إسرائيل من قوة العدو(109).

القديس إكليمنضس السكندري

* يهوديت الجريئة، بحيلتها الماهرة قطعت رأس قائد الأعداء الغرباء، هذه التي قبلًا أغرته بشكلها الجميل دون أن تدنس أعضاء جسمها(110).

الأب ميثوديوس

ودَحرَجَت جُثَّتَه عنِ السَّرير،

ونَزَعَتِ النَاموسِيَّةَ عنِ الأَعمِدة.

وخَرَجَت بَعدَ هُنَيهةٍ وناوَلَت وصيفَتَها رأسَ أَليفانا، [9]

كان سريره للنوم كما للجلوس كما على كرسي العرش تحيط به ستارة ملوكية.

فوَضَعَته في جُعبَتِها.

وخَرَجَتا كِلْتاهما على عادَتِهما لِلصَّلاة،

واجتازَتا المُعَسكَر ودارَتا في الوَادي،

وصَعِدَتا جَبَلَ بَبتَ فَلْوى،

ووَصَلَتا إلى أَبْوابِها [10].

4. يهوديت تأتي إلى بيت فلوى برأس أليفانا

فنادَت يَهوديتُ عن بُعدٍ حُرَّاسَ الأَبْواب:

“اِفَتحوا افتَحوا الباب،

فإِنَّ اللهَ إِلهَنا مَعنا ليُعْمِلَ قُوَّتَه في إِسْرائيلَ وقُدرَتَه على الأعْداءَ،

كما فَعَلَ إلىَوم” [11].

من يستطيع أن يعبّر عن فرح يهوديت بعمل الله معها، فقد وهبها الله النصرة لحساب شعبه. لقد نادت الحراس في لهجة النصرة والتهليل.

طلبت يهوديت أن تفتح لها الأبواب لتدخل مع وصيفتها لأن “الله معنا”. إنها تمثل الكنيسة التي تتمتع بسكنى المخلص في وسطها فتنفتح أمامها الابواب الدهرية لتدخل أورشليم العليا، تتغنى بتسبحة الحمل، أو بنشيد النصرة الأبدية.

فكانَ، لَمَّا سَمِعَ رِجالُ المَدينةِ صَوتَها،

أَنَّهم أسرَعوا في النُّزولِ إلى أَبوابِ مَدينَتِهم،

ودعَوا شُيوخَ المَدينة [12].

كشف صوت يهوديت أنها تحمل أخبارًا سياسية خطيرة وسارة للغاية. جاءت في لحظاتٍ حرجة فقد تبقى يوم واحد من المهلة التي طلبها عزيا من الشعب أن يصبروا وقد كادت تنتهي أيام المهلة ويبدو كأن الله لم يتحرك لخلاصهم وأوشك الكل أن يستسلم.

عادت يهوديت من معسكر الأعداء متهللة للغاية، فهل استطاعت أن تقنع أليفانا بالانسحاب؟ وما هي شروطه؟

لقد دعا الحراس الشيوخ في ساعة مبكرة للغاية، فالأمر جد خطير والمدينة كلها في حالة انهيار من العطش مع اليأس، وعدم ظهور أية علامة لتحرك السماء لحسابهم.

وبادَروا جَميعًا من صَغيرِهم إلى كَبيرِهِم،

لأَنَّ مَجيئَها كانَ يَبْدو لَهم أمرًا غَيرَ مُتَوقَّع.

وفَتَحوا الأَبْوابَ واستَقبَلوهما،

وأَضرَموا نارًا لِلإِضاءَة،

واجتَمَعوا حَولَهما [13].

لم يعد الأمر يخص فئة القادة وحدهم، ولا فئة البالغين من الجنسين، إنما تخص أيضًا حتى الأطفال الصغار: جاء الكل وقد حملوا المصابيح للإضاءة، واجتمع الكل ليسمعوا خبرًا مفرحًا!

فقالَت لَهم بِأَعلى صَوتها:

سَبِّحوا اللهَ، سَبِّحوه، سَبِّحوا اللهَ،

فإِنَّه لم يُحوِّلْ رَحمَتَه عن بَيتِ إِسرْائيل،

بل سَحَقَ أَعداءَنا بِيَدي في هذه اللَّيلَة” [14].

بدأ حديثها لما بما حققته من نجاحٍ، ولا بوصف رحلتها الخطيرة وسط معسكر الأعداء، إنما بالدعة للتسبيح لله الرحوم نحو شعبه. وجهت أنظار الكل لا إلى بطولتها وإنما لحب الله الفائق الذي يحطم العدو تحت أقدام المؤمنين.

ثُمَّ أَخرَجَتِ الرأسَ مِنَ الجعْبَة وأَرَتْهم إِيَّاه،

وقالَت لَهم: “هذا هو رأسُ أَليفانا رئيسُ قُوَّادِ جَيشِ أَشُّور،

وهذه هي النَّاموسِيَّةُ الَّتي كانَ مُضطَجِعًا تَحتَها في سُكرِه.

ضَرَبَه الرَّبُّ بِيَدِ امرَأَة [15].

لم تُخرج رأس أليفانا إلاَّ بعد الدعوة نحو تسبيح الرب، فقد أرادت تركيز أنظارهم نحو الله مخلصهم. أما العدو فقد سحقه الرب بيد امرأة وليس خلال معركة عسكرية. فقد كان من العار أن يُقتل قائد عسكري بيد امرأة ليست لها خبرة عسكرية. قُتل وهو على سريره وبين حراسته. قُتل بيد امرأة غريبة الجنس.

وحَيٌّ الربُّ الَّذي حَفِظَني في الطَّريقِ الَّذي سلَكتُه،

لأَنَّ وَجْهي قد أَغْوى ذلك الرَّجُلَ لِهَلاكِه،

ولم يَرتَكِبْ خَطيئةً معي لِنَجاسَتي وعاري” [16].

لقد طمأنت الشعب أن نصرتها بالرب لم تكلفها أية تنازلات من جهة حفظ الشريعة والطهارة، فإنها لم تتدنس بملذات القائد وأطعمته المرتبطة بالذبائح الوثنية، ولم يمس عفتها ونقاوتها. هذه الأمور ليس تمس حياتها الشخصية وحدها بل تمس حياة الكنيسة المقدسة. فحسبت ما فعلته إنما باسم كل المؤمنين. فعفتها لا تنفصل عن قدسية الشعب المقدس والمدينة المقدسة والمذبح المقدس.

يرى البعض في يهوديت دينا ابنة يعقوب التي انتقمت أخيرًا لنفسها من شكيم بن حمور الذي اضطجع معها وأذلها (تك 34: 2).

امتدح بعض الآباء مثل العلامة ترتليان(111) وميثوديوس أسقف صور(112) والقديس أمبروسيوس(113) بقوة يهوديت من أجل تصميمها على حياة العفة والطهارة أكثر من شجاعتها وقتلها هولوفيرنس قائد الجيش الأشوري الذي كان يعيِّر رب الجنود.

* ذهبت الطهارة لتقيم معركة ضد الشهوة، وتقدم التواضع المقدس لدمار الكبرياء. حارب (هولوفيرنس) بأسلحة، أما (يهوديت) حاربت بالأصوام. كان في حالة سُكْر، أما هي ففي صلاة. لهذا فإن الأرملة التقية حققت بالطهارة ما عجز أن يفعله شعب إسرائيل كله. امرأة واحدة نزلت بقائد جيش عظيم، وردت الذين بلا رجاء إلى حرية شعب الله(114).

فيلجنتيس أسقف Ruspe

5. الشعب يسبح الله

فاستولى على الشَّعبِ كُلِّه دَهَشة شَديدة،

وجَثَوا، فسَجَدوا ِللهِ وقالوا بِصَوتٍ واحِد:

“مُبارَكٌ أَنتَ، يا إِلهَنا،

فإِنَّكَ أَفنَيتَ في هذا إلىَومِ أَعْداءَ شَعبِك” [17].

جاء هتاف النصرة تسبيحًا لله الذي يهب نصرة كاملة لشعبه، دون تنازلات من جانبهم لحساب العدو!

6. عزيا يبارك يهوديت

وقالَ لَها عُزَيَّا:

باركَكِ، يا بُنَيَّة، الإِلهُ العَلِيّ فَوقَ جَميع النِّساءِ اللَّواتي على الأَرض.

وتَبارَكَ الرَّبُّ الإِلهُ الَّذي خَلَقَ السماوات والأَرض،

والَّذي هَداكِ لِضَربِ رأسِ قائِدِ أَعْدائِنا [18].

إذ دعت القادة مع الشعب للتسبيح لله واهب النصرة، كرّمها الله، ومجّدها، وجعلها نموذجًا حيًا للمؤمن المنتصر على عدو الخير إبليس، قائد أعدائنا. فإن كان العدو يطلب رؤوسنا ليقيم لنفسه مملكة في عقولنا كما في قلوبنا، يهبنا الله أن نقطع رأسه ونحطم خططه ضدنا.

يدعوها عزيا “ابنة“، فمن جانب كوليّ لها يحسب نفسه أبًا لها، ومن جانب آخر يدعوها هكذا من أجل صغر سنها.

فإِنَّ رَجاءَكِ لن يُفارِقَ قُلوبَ النَّاسِ

الَّذينَ يَذكُرونَ قوَّةَ اللهِ لِلأَبَد [19]

ما أدهش الكل رجاء يهوديت في قوة الله الأبدية، مما وهبها فرحًا وتهليلًا مع نصرة وكرامة في الرب.

عسى اللهُ أَن يُرفَعَ شأنُكِ لِلأَبَد.

وأَن تُفتَقَدي بِإِحساناتِه.

لأَنَّكِ لم تُشفِقي على نَفسِكِ مِن أَجلِ مَذَلَّةِ نَسلِنا،

بل تَداركتِ هَلاكَنا بِسَيرِكِ المُستَقيمِ أمامَ إِلهِنا”.

فأَجابَ الشَّعبُ كُلُّه: “آمين. آمين” [20].

ما يستحق المديح في يهوديت هو البذل الكامل من أجل الشعب مع الاحتفاظ بالحياة المستقيمة المقدسة في الرب. ما كان يشغلها فكريًا وعمليًا حبها للشعب الذي لا ينفصل عن محبتها لله القدوس.

 

سقوط هولوفيرنس كما ورد في السجلات الآشورية

ذكر دميان ماكي Damien Mackey:

[إذ قمت بإعادة بناء التاريخ الآشوري الجديد، استطعت أتعرف بطريقة تبدو سليمة جدًا أن هولوفيرنس هو أسرحدون، بكونه الرجل الثاني للملك الآشوري خلال الفترة العصيبة للتاريخ الذي مات أثناء الحملة الغربية. سار (البحث) بطريقة حسنة وجيدة إلى حدٍ ما. ولكن للتأكيد نحتاج إلى شهادة ما من موت نائب الملك المهين. اعتقد أن هذا يمكن تتبعه في السجلات الآشورية ذاتها، في واضع تسجيل الأحداث(115) Eponym Chronicle ، حيث يرد على أصحاب النظرة الساذجة القائلين بأن سجلات الآشوريين لم تسجل الأمور المضادة (لهم).

يقدم تادمور H. Tadmor النص [التالي] الذي قدمته أثناء إعادة النظر بخصوص المشاكل الخاصة بالآشوريين عن اقتحام سرجون Sargon كما لو كانت تخص السنة 17 من سرجون (705 ق.م. بافتراض أنها السنة التي مات فيها سرجون).

“في كولوميان Kulummaean… مات الملك. وضاع العسكر في 12 من آب، سنحاريب. ابن [سرجون احتل عرشه]”

لا توجد أية معلومات عن مصدر آخر بخصوص حرب سرجون الأخيرة، وليس من يقدم تعريفًا معقولًا ل Kulummaean. ونحن نعلم الآن ما قد افترضناه قبلًا عن سنحاريب الذي خلف سرجون أنه أمر مستحيل. فالملك المُشار إليه هنا في الواقع هو أسرحدون، أي هولوفيرنس الوارد ف يهوديب].

مما زاد من عار أشور أن القائد لم يدفن في بيته. وبحسب ما ذكر تادمور Tadmor: [هذا قد يعني غما أن جثمانه قد حُرق في أرض المعركة أو أنهم لم يتمكنوا من استرداده من العدو(116).]

جاء في تسجيل أحداث أسرحدون أنه مات في اليوم العاشر من شهر مارشيسفان marchesvan، أي في الشهر الثامن(117).]

سقوط هولوفيرنس في إشعياء 14

يرى دميان ماكي أن ما ورد في إشعياء 14 عن سقوط ملك بابل أنه كان يشير إلى أسرحدون الآشوري، وليس كما ظن Boutflower أنه يتحدث عن سقوط تجلث بلاسر الثالث. فقد أشار الكاتب إلى الموت العنيف للملك أثناء معركة عسكرية، هذا ما حدث مع أسرحدون. ليس من شهادة قوية إن تلجث بلاسر الثالث قد مات في معركة.

جاء في القطعة الشعرية لإشعياء النبي أن مجد الملك زال في لحظة مثل سقوط كوكب من السماء (إش 14: 12-20). بعد آيات قليلة يشير إشعياء إلى الملك أنه آشوري يموت على جبال إسرائيل (إش 14: 24-25). كما أوضح أنه سبب كارثة لشعبه، وأنه لا يدفن في بلده في جنازة ملوكية، بل يسقط تحت الأقدام.

قطعة إشعياء الشعرية تتناسب تمامًا مع السيناريو الخاص بموت هولوفيرنس أسرحدون.

ما ورد في سجلات أسرحدون من تشامخه واعتزازه بنفسه يتناسب مع ما ورد في إشعياء 14. كمثال كتل: [أنا قوي، كلي القوة، أنا بطل، أنا عملاق، أنا عظيم، أما مكرَّم، أنا ممجَّد، ليس من يعادلني بين الملوك] (راجع إش 14: 13-14).

إما أنه مات في Kulummaean فربما يقصد بها Chelmon الواردة في يهوديت 7: 3 (نص Douau) حيث كان الجيش الآشوري مقيمًا بجوار بيت فلوي.

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى