مت3: 13 حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه
“حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ.“ (مت3: 13)
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه.
ولكن يوحنا منعه قائلًا:
أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إليّ.
فأجاب يسوع وقال له: اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نكمِّل كل برّ.
حينئذ سمح له.
فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء.
وإذ السماوات قد انفتحت له،
فرأى روح الله نازلًا مثل حمامة وآتيًا عليه.
وصوت من السماوات، قائلًا:
هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت” [13-17].
تحتفل الكنيسة بعيد عماد المسيح بكونه عيد الظهور الإلهي، حيث أعلن الثالوث القدّوس ذاته فيه. فإن كان عند نهر الأردن جاء كثيرون معترفين بخطاياهم، فإنه بدخول السيّد إلى المياه انكشفت حقيقته أنه أحد الثالوث القدّوس. دخل بين الخطاة لينكشف، فندرك أسراره، لا لمجرّد المعرفة العقليّة، وإنما لنختبر عمله الفائق فينا.
يتحدّث القديس أغسطينوس عن ظهور الثالوث القدّوس في العماد، قائلًا: [بجوار نهر الأردن ننظر ونتأمّل كما في منظر إلهي موضوع أمامنا. لقد أعلن لنا إلهنا نفسه بكونه الثالوث. جاء يسوع اعتمد بواسطة يوحنا، الرب بواسطة العبد، مثالًا للتواضع. أظهر لنا في تواضع أن المحبّة قد كملت. وعندما قال له يوحنا: “أنا محتاج أن اعتمد منك، وأنت تأتي إليّ. أجاب: اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل برّ” [14-15].
عندما انفتحت السماوات ونزل الروح القدس في شكل حمامة، تبعه صوت من السماء، قائلًا: “هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت” [17]. إذن هنا أمامنا الثالوث متمايزًا، الواحد عن الآخر: الآب في الصوت، الابن في الإنسان، والروح القدس في شكل حمامة. إنهم الله الواحد، ومع ذلك فإن الابن غير الآب، والآب غير الابن، والروح القدس ليس بالآب ولا بالابن. نحن نعلم أن هذا الثالوث الذي لا يُنطق به، يسكن في ذاته، يجدّد الكل، يخلق، يدعو، يدين ويخلّص، هذا الثالوث هو كما نعلم لا يُنطق به وغير منفصل[122].
نستطيع أن ندرك مدى اهتمام الكنيسة بالمعموديّة من كلمات القديس جيروم: [لم يكرز المخلّص نفسه بملكوت السماوات إلاّ بعد تقديسه الأردن بتغطيسه في العماد[123].]
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (13): “حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه.”
لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ = المسيح كان يؤسس سر المعمودية، فكل معمد بعد ذلك حين نزوله للماء وصعوده منه يموت مع المسيح ويقوم معه. ولكن العجب أن يقبل المسيح أن يقف في صفوف الخطاة، وهذا كان مقدمة للصليب يوم يحمل المسيح خطايا البشر، والكنيسة تهتم بالمعمودية لأنه حتى المسيح لم يبدأ خدمته إلا بعد أن اعتمد.