التفسير القديم للكتاب المقدس- لوقا أصحاح 3

1:3 – 13:4 التحضير لبشارة يسوع

3 في السنة الخامسة عشرة من حكم القيصر طيباريوس، حين كان بنطيوس بيلاطس حاكما في اليهودية، وهيرودس واليا على الجليل، وفيلبس أخوه واليا على ناحية إيطورية وطراخونيطس، وليسانياس واليا على أبيلينة، وحتان وقيافا رئيسين للكهنة، كانت كلمة الله إلى يوحنا بن زكريا في البرية، فجاء إلى جميع نواحي الأردن، ينادي بمعمودية توبة لغفران الخطايا، على ما كتب في سفر أقوال النبي إشعيا: «صوت صارخ في البرية : أعدوا طريق الرب واجعلوا سبله قويمة. كل واد يمتلئ وكل جبل وتل ينخفض والطرق المتعرجة تستقيم والوعرة تصير سهلاً وكل بشر يرى خلاص الله». وكان يقول للجموع التي تخرج إليه لتعتمد عن يده: «يا أولاد الأفاعي، من أراكم سبيل الهرب من الغضب الآتي ؟ فأثمروا إذا ثمرا يدل على توبتكم، ولا تعللوا النفس قائلين: «إن أبانا هو إبراهيم». فإنني أقول لكم إن الله قادر على أن يقيم من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم. ها هي ذي الفأس على أصول الشجر، فكل شجرة لا تثمر ثمر ًا طيبا تقطع وتلقى في النار». . فسأله الجموع: «فماذا نعمل؟» فأجابهم: «من كان عنده ثوبان، فليعط من لا ثوب له. ومن كان عنده طعام، فليعمل كذلك». وأتى إليه أيضا بعض جباة الضرائب ليعتمدوا، فقالوا له: «يا معلم، ماذا تعمل؟»  فقال لهم: «لا تجبوا أكثر مما فرض لكم» ، وسأله أيضا بعض الجنود: «ونحن ماذا نعمل؟» فقال لهم: «لا تظلموا أحدا ولا تشوا به، واقنعوا بأجوركم». وكان الشعب ينتظر، وكل يسأل نفسه عن يوحنا هل هو المسيح.  فأجاب يوحنا وقال لهم أجمعين: «أنا أعمدكم بالماء، ولكن يأتي من هو أقوى مني، من لست أهلاً لأن أفك رباط حذائه. إنه سيعمدكم في الروح القدس والنار. بيده المذرى، ينقي بيدره، فيجمع القمح في مخزنه، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ».  وكان يعظ الشعب بأقوال كثيرة غيرها فيبشرهم بأشياء أخرى كثيرة.
على أن الوالي هيرودس – وكان يوحنا يوبخه يأمره مع هيروديا امرأة أخيه وبسائر ما عمل من السيئات – أضاف إلى ذلك كله أنه حبس يوحنا في السجن.

 نظرة عامة

وضع لوقا سرده في سياق تـاريـخ رومـانـي ويـهـودي (غـريـغـوريـوس الكبير)، فأظهر أن كلمة الله التي كانت إلى يوحنا في عهد الملوك والكهنة هي حدث هام في تاريخ العالم وتاريخ الخلاص معا (غريغوريوس الكبير). يجمع الكلمة الكنيسة في البرية (أمبروسيوس). لفظة الأردن تعني الانحدار، إذ إن النّهر الإلهي ينحدر مـن المـسـيـح، وفـيـه نـعـمـد بـالـمـعـمـوديـة الحقيقية (أوريجنس). جاء يوحنا إلى الأردن مبشرا بمعمودية التوبة التي ينال فيها غفران الخطايا (غريغوريوس الكبير). معمودية يوحنا تهييء النّاس لتلفقن الإيمان (أوريجنس). إن إعداد طريق الرب يؤدي إلى نضج ثمار التوبة (الذهبي الفم) ويؤهل الناس لاستقبال المسيح (كيرلس الإسكندري). طريق الرب صراط تعليمي، صراط الحياة في شخص المسيح وأعماله. ليس المسيح طريقا في مفهومنا للطريق. إنه طريق القلب (أوريجنس). تعلن لغة إشعيا الحية في الفصل 40 أن تهيئة الطريق تفسر التغييرات المأسوية في شعب إسـرائـيل، وتشير إلى تغير الخليقة الساقطة، لأن الجميع سيرون الخلاص في مجيء يسوع (الذهبي الفم). إن عمل يوحنا في تهيئة القلوب لمجيء المسيح مستمر (أوريجنس). رؤية خلاص الله هي رؤية المسيح، كـمـا قـال سـمـعـان «الآن تطلق عبدك» وهـو حـامل المسيح على ذراعيه (أوغسطين). على الرغم من أن يوحنا يوبخ اليهود على شرهم وعدم الإيمان، فإنه يدعو الجـمـيـع إلـى الـتـوبـة: الموعوظين واليهود واليونانيين (أوريجنس). إن التوبة تستدعي فعل الخير، لأن وضعنا الروحي تحسّن، والآن نحن ننتج ثمار الرحمة (أوغسطين). يجعل الإيمان مـن الأمميين – الحـجـارة الحية – أبناء لإبراهيم، فيتحقق الوعد الذي أعطاه الله (كيرلس الإسكندري). بشارة يوحنا تشير إلى أن غضب الله يحل على اليهود (غريغوريوس الكبير)، لكن قلة أمينة منهم ستخلص (كيرلس الإسكندري). كل تعليم ينطبق على أمور هذا العالم. بوعظ يوحنـا يـعـالـج لـوقـا الطبيب آلام الجموع، وأمراض جباة الضرائب، وأوجاع الجنود (كيرلس الإسكندري). مـن كـان لـه ثـوبـان وأعطى منهما ثوبا واحدا لا يكون قد خدم سيدين (أوريجنس). هذا يعني أنه لا يحق لجباة الضرائب أن يأخذوا أكثر مما فرض لهم، أما إذا أخذوا أكـثـر مـمـا تجيزه لهم الشريعة، فإنهم يخطأون أمام الروح القدس (أوريجنس). وتعني الآية للجنود أن يمتنعوا عن استخدام ما لهم من سلطة للابتزاز أو للعنف (أوغسطين). شريعة العهد القديم تلزمهم بأن يـكـونـوا رحـمـاء كما أن الآب رحـيـم، وبـأن يـعـامـلـوا الـجـمـيـع بـالـعـطـف والحسنى (أمبروسيوس). يخبرنا لوقا أن الناس كانوا يتساءلون: «هل يوحنا هو المسيح؟» لـم يـكـن يـوحـنًا العريس، بل صديق العريس (غريغوريوس الكبير). إنه يمثل اليهود. لم يكن أهلاً لأن يحل رباط حذاء يسوع. أعد ليجهز الطريق ليسوع الذي هو المسيح. إنه يعمد بالماء، بينما يسوع يعمد بالروح القدس والنار (كيرلس الإسكندري) كما حدث فـي يـوم الخمسين (كيرلس الأورشليمي). المسيح هو المعمد، لأنه هو الذي يعمدنا على يد آخرين بالماء والروح والنّار (الذهبي الفم).

دعوة يوحنا إلى التوبة نبهت سامعيه على عودة الله كديان يفرز الذين أثمروا ممن أصيبوا بالعقم (أمبروسيوس). ويروي لوقا أن يوحنا كان يبشر النّاس بأشياء أخرى كثيرة، وأنه كان يسجل في إنجيله كثيرا من هذه التعاليم (أوريجنس). يسجن هيرودس يوحنّا، لكن يوحنا يواصل تبشيره، فيرسل تلاميذه إلى يسوع ليسألوه عما إذا كان هو الآتي (أوريجنس). ولما أُلقي يوحنا في السجن، أعلن يسوع نهاية بشارة يوحنا وبدء بشارته العامة (إفسافيوس).

1:3- 2 السياق الـتـاريـخـي لبشارة يوحنا

تجمع الأمم وتـشـتـت الـيـهـود.
غـريـغـوريـوس الـكـبـيـر:
يـذكـر لوقا ولاة الإمبراطورية الرومانية وحكام اليهودية ليورخ لـزمـن انطلاق «سابق» مخلصنا بالتبشير. يقول الكتاب المقدس: «في السنة الخـامـسـة عـشـرة مـن حـكـم الـقـيـصـر طيباريوس، كان بنطيوس بيلاطس حاكم اليهودية…» ونظرا إلى أن يوحنا أتى ليبشر بمخلص ينقذ بعض اليهود وكثيرين من الأمم، فقد أشير إلى بشارته بذكر ولاة الأمم الـتـي اجـتـمـعـت، والـيـهـود الـذيـن، بسبب
ضلالهم وعدم الإيمان، تشتتوا في أصقاع الأرض، وباتباع هذه القاعدة الدنيوية كنّا تدرك أن هناك رئيسا واحدا للامبراطورية الرومانية أربعون (موعظة على الأناجيل 6، على الكنيسة الصوفية)

الملوك ورؤسـاء الـكـهـنة في زمن التبشير بالخلاص.
غريغوريوس الكبير:
واضح أن اليهودية، التي قسمت بين ولاة كثيرين، بلغت نهاية دورها. لذلك لم يكتف بذكر ولاة ذلك العصر، بل ضم إليهم رؤساء الكهنة. وبما أن يوحنا المعمدان كان قد بشر بمن كان ملكا وكاهنا، فقد أشار لوقا إلى بشارته كانت في عهود من ذكرهم من الملوك ورؤساء الكهنة. (أربعون موعظة على
الأناجيل 6، على الكنيسة الصوفية)

الكلمة تجمع الكنيسة في الصحراء.
أمبروسيوس:
«كانت كلمة الله إلى يوحنّا بن زكريا في الـبـريـة». إن ابن الله، الذي سيجمع الكنيسة، يعمل أولا في خادم. هكذا، يقول لوقا إن كلمة الله كانت إلى يوحنا بن زكريا في البرية، لكي لا تبدأ الكنيسة من إنسان، بل من الكلمة. كانت في البرية، لأن أولاد المهجورة أكثر عددا من أولاد التي لها رجل. ثم قيل لها: «رنمي، أيتها العاقر»، «إهتفي، ورنـمـي يـا جـمـيـع خـرائب
أورشليم» لأن البرية لم يحرثها أي عمل مـن أعـمـال الـبـشـر عـجـزت تلك الأشجار المثمرة عن التثني تيها بتاج محاسنها. فالتي قالت: «أنا كزيتونة خضراء مغروسة في بيت الرب»، مـا كـانـت قـد أنـت بعد. والـكـرمـة الشـمـاويـة مـا كـانـت قـد أفرعت بالكلام على أماليد مهيأة من شعبها. جاءت الكلمة لتثمر الأرض المهجورة ثمرا لنا. جاءت الكلمة، وتبعها الصوت، لأنّ الكلمة تعمل أولا في داخلنا ثم يتبعها الصوت. يقول داود: «آمنت ولذلك تكلمت».(عرض القديس لوقا 67.2)

6-3:3 خلاصة بشارة يوحنا المعمدان

لفظة الأردن تعني الثزول.
أوريجنس:
إنّ لفظة الأردن تعني الانحدار، أي انحدار نهر الله الجاري بقوة هائلة. إنه الرب المخلص.
فيه نعمد بماء حقيقي منقذ إيانا. المعمودية تبشر بـ«غفران الخطايا». (مواعظ على لوقا 4.21)

يأتي الغفران من معمودية المسيح لا من معمودية يوحنا.
غريغوريوس الكبير:
«جاء إلى جـمـيـع نـواحـي الأردن، يـنـادي بمعمودية توبة لغفران الخطايا». يتضح للقراء أن يوحنا لم يبشر بمعمودية التوبة فحسب، بل بشر وعمد أيضا بعضا منهم. لكنه لم يكن قادرا على أن يهب غفران الخطايا لمن عمدهم. فالغفران يعطى في معمودية المسيح فقط. فلنلاحظ كلام الإنجيلي: «ينادي بمعمودية توبة لغفران الخطـايـا لـقـد بشـر بـمـعـمـوديـة غـفـران الخطايا، لكنه ضاق ذرعا في منحها لمن عـمـدهـم بـوعـظـه كـان سـابـق كـلـمـة الآب المتجسد. وبمعمـوديـتـه الـعـاجـرة عـن مـحـو الخطايا كان سابقا لمعمودية التوبة التي تغفر بها الخطايا. لقد هيأ كلامه الطريق لحضور المخلص، فكان وعظة ينبئ بالحق. (أربـعـون مـوعـظـة عـلـى الأناجيل 6، على الكنيسة الصوفية)

تـوبـوا استعدادا لمعـمـوديـة يـوحـنـا.
أوريجنس:
كانت كلمة الله إلى يوحنا بن زكريا، وهي لم تعط من قبل للأنبياء في
البرية، لما كان أولاد المهجورة أكثر عددا من أولاد من لها رجل، فقد كانت كلمة الله إلى يوحنا بن زكريا في البرية.
لاحظ أن لهذا معنى أكبر إذا اعتبرنا أن البرية صوفية، لا مادية أرضية، إذ لا معنى لشخص يصرخ في البرية، ولا يستمع له أحد. لذلك، بشر سابق المسيح – الصوت الصارخ في البرية – في برية النفس التي لم تعرف سلاما. يأتي بشكل ساطع نور مشتعل يبشر بمعمـوديـة التـوبـة لغفران الخطايا. ثم يتبعه الثور الحقيقي، وهذا ما قاله يوحنا: «له هو أن يزيد، ولي أنا أن أنقص». كـانـت الـكـلـمـة فـي الـبـريـة وانتشرت في كل مناطق نهر الأردن. (مواعظ على لوقا 2.21 -4)

تهيئة الطريق دعوة لتثمر ثمر التوبة.
الذهبي الفم:
هكذا كتب النّبي أنه سيأتي قائلاً: «هيئوا طريق الرب، واجعلوا سبله مستقيمة» يوحنّا نفسـه قـال لـمـا جـاء: «أثـمـروا ثـمـرا يدل على توبتكم». «هيئـوا
طريق الرب». أنظروا! ها إنه بكلام النّبي ووعظه يعلن هذا الأمر. سيأتي يوحنا مهينا الطريق، لا مانحا الموهبة، أي الغفران، لكنه يأمر النفوس أن تستقبل إله الكل في الموعد المحدد! (مواعظ على إنجيل متى 3.10)

استعدوا بتهيئة أنفسكم لاستقبال المسيح.
كيرلس الإسكندري:
اختير يوحنا ليكون رسولا وخاتم النّبيين المقدسين. لهذا السبب قال قبل أن يأتي الرب: «هيئوا طريق الرب». مـاذا تـعـنـي الآية: «هيئوا طريق الرب»؟ تعني أن استعدوا لتقبل ما يريده المسيـح مـنـكـم أبـعـدوا قـلـوبـكـم عـن ظل الشريعة، انبذوا الرسوم الضبابية، وتجنبوا الانحراف. إجـعـلـوا سبل الرب قـويمة. كل سبيل يؤدي إلى الخير هو سبيل مستقيم وسوي وسهل، لكن الضالين يسلكون سبيلاً يقود إلى الشر. (تفسير القديس لوقا 6)

الـطـريـق الذي يهيئه يوحنا هو في القلب.
أوريجنس:
«هيئوا طريق الرب» أي طريق نعد للرب؟ بالتأكيد ليس طريقا ماديا. هل يمكن لكلمة الله أن تسلك هذا الـطـريـق؟ ألا ينبغي للطرق المستقيمة والسهلة أن تكون في داخلنا؟ هذا طريق دخلت مـنـه كـلـمـة الله، لـتـحـل فـي الـقـلب
الإنساني. (مواعظ على لوقا 5.21-7)

ينبي إشعيا بتغيير في الطبيعة إشارة إلى مجيء الخلاص.
الذهبي الفم:
لكن لوقا يتابع كلامه، فيكمل الكلام من غير أن يكرر مطلعه، لكنه يدون النبوة كلها. «كل واد يـردم وكـل جـبـل وتـل يـخـفـض والطرق المنعرجة تقوم والوعرة تسهل وكل بشر يرى خلاص الله». أوتري كيف توقع النّبي كل شيء في قـولـه، احتشاد البشر، إصلاح الأمـور، شـهـولـة الـبـشـارة، غـايـة حدوث كل شيء، ولو كان قد صاغه بشكل مجازي؟ فما قاله كان نبوة. لما قال: «كل واد يمتلئ وكل جبل وتل ينخفض والطرق المنعرجة تستقيم والوعرة تصبح سهلا»، أشار إلى رفع المتضعين، ووضع المتكبرين وإذلالـهـم، واسـتـبـدال الشـريـعـة بسهولة الإيمان، فلا شقاء بعد الآن ولا تعب، بل نعمة وغفران، وتسهيل كبير للخلاص. بشر يرى خلاص الله». فما من يهود وما من مهتدين فقط، بل الأرض أيضا والبحر، وكل طبيعة البشر. بالطرق الوعرة يقصد
حـيـاتـنـا الفاسدة كلها، جباة الضرائب، الزواني، اللصوص، والسحرة بلغوا الهدى بعد أن كانوا ضالين، كما قال يسوع نفسه: «جـبـاة الضرائب والزواني يسبـقـونـكـم إلـى ملكوت الله». لأنهم آمنوا. (مواعظ على إنجيل متى 3.10 )

عمل يوحنا الإعدادي مستمر.
أوريجنس:
أؤمن بأن سر يوحنا لا زال يتم في العالم اليوم. فمن يؤمن بيسوع المسيح، تحل عليه روح يوحنا وقوته أولاً «وتعد أناسا كاملين للرب». وتصبح الأماكن الوعرة في القلب سهلة وتستقيم طـرقـهـا. (مواعظ على لوقا 4. 6)

خلاص الله هو مسيح الله.
أوغسطين:
أنظر إلى قوله: «كل بشر يرى خلاص الله». لا صعوبة في ما يقصده: «كل بشر يرى مسیح الله». جـاء المـسـيـح فـي الجسد، وسـيـكـون في الجسـد عـنـدمـا يـأتـي لـيـديـن الأحياء والأموات. هناك نصوص عديدة في الكتاب المقدس تظهر أنه هو «خلاص الله»، خصوصا كلمات سمعان الشيخ الموقر، الذي حمل الطفل على ذراعيه قائلاً: «الآن تطلق عبدك أيها السيد على حسب قولك، لأن عيني قد رأتا خلاصك». (مدينة الله 22)

9-7:3 الاستعداد للغضب الآتي

دعـوة يـوحنا الموعوظين والـيهود والأمم إلى التوبة.
أوريجنس:
مالم تطردوا الشـر وسـم الأفـاعـي مـن قـلـوبـكـم، سيقال لكم: «من علمكم أن تهربوا من الـغـضـب الآتي؟» يـقـول الـكـتـاب المقدس للآتين إلى المعمودية: «أثمروا ثمرا يدل على توبتكم». هل تريدون أن تعرفوا الثمر الذي يدل على التوبة؟ «أما ثمر الروح فهو المـحـبـة والـفـرح والسلام والصبر واللطف والصلاح والأمانة والوداعة والعفاف». وغيرهـا مـن الـفـضـائـل. إذا امتلكنا هذه الفضائل كلها، نكون قد أثمرنا «ثمرا يدل على توبتنا». كذلك قيل للذين كانوا يأتون إلـى مـعـمـوديـة يـوحنا: «أقول لكم، إن الله قادر على أن يـقـيـم مـن الحـجـارة أولادا لإبراهيم». يتنبأ يوحنا، آخر النّبيين، بطري الأمة الأولى ودعـوة الأمم. وللذيـن كـانـوا يـتـبـاهـون بـإبـراهـيـم يـقـول: «لا تـقـولـوا لأنفسكم إن أبانا هو إبراهيم». ويتكلم على الأمم فيقول: «أقول لكم، إن الله قادر على أن يقيم من الحجارة أولادا لإبراهيم». من أية حجارة؟ بالتأكيد لم يشر إلى حجارة مادية غير عاقلة، بل إلى أناس قساة لا يفهمون. (مواعظ على لوقا 6.22، 8-9)

التوبة تتطلب الصدقة.
أوغسطين:
لتصغ ولنتأمل تأملا جديا في فضيلة إطعام المسيح الجائع، وفي جناية تجاهله وهو جائع… لا فائدة من التوبة إذا لم ترافقها أعمال الرحمة. الحق يشهد لهذا على لسان يوحنـا الـقـائـل: «أثـمـروا ثـمـرا يدل على توبتكم». فلا مبرر لغير المثمرين في أن يظنوا أنهم سينالون غفران الخطايا بتوبة عقيمة.( 6.389 موعظة على التصدق
)

معمودية حـجـارة الأمم تتم وعد إبـراهـيـم.
كيرلس الإسكندري:
يضيف يوحنا قائلا: «لا تقولوا لأنفسكم إن أبانا هو إبراهيم. أقول لكم، إن الله قادر على أن يقيم من الحجارة أولادا لإبراهيم». أترى كيف يذل بمهارة كبرياء الحمقى، ويظهر أن ولادتهم لإبراهيم بحسب الجسد لا تفيدهم شيئا ما فائدة سمو ولادتهم إذا كانت أعـمـالـهـم غـيـر جـادة. إنـهـم فـي تـقـلـيـدهـم لفضيلة أسلافهم لا يصلون إلى الهدف الذي
يرمون إليه. يقول المخلص لهم: «لو كنتم أبناء إبراهيم، لعملتم أعمال إبراهيم. العلاقة التي يطلبها الله تستلزم خلقا وأدبـا، فـمـن غـيـر المـفـيـد الـتـفـاخـر بـأجـداد صالحين، إذا كـنّـا عـاجـزيـن عـن الـعـيش بوحي من فضائلهم.
يقول اليهودي، إذا كان الأمر كذلك فكيف يتكاثر نسل إبـراهـيـم؟ وكيف يتحقق وعد الله له، فيتضاعف نسله كنجوم السماء؟ بـدعـوة الأمم، أيـهـا الـيـهـودي قـال الله لإبـراهـيـم نـفـسـه: «بإسحق سيكون لك نسل»، وأضاف أنه أقام إبراهيم أبا لأمم عديدة. لكن بقوله «بإسحق» يعني «بحسب الـوعـد». لـقـد أقـام إبراهيم أبـا لأمم كثيرة بالإيمان، أي في المسيح.
سمـاهـم يوحنا المعمدان المبارك حجارة، لأنهم لم يعرفوا من هو الله في طبيعته. ضلوا، وفي حماقتهم عبدوا المخلوق من دون الخالق. لكن الله دعاهم فأصبحوا أبناء إبراهيم، وبإيمانهم بالمسيح اعترفوا بمن 
هي على هو الله في طبيعته. (تفسير القديس لوقا 7)

جهنم هي مصير من لا يثمر ثمار الأعمال الصالحة.
غريغوريوس الكبير:
ثم يقول يوحنا: «ها هي ذي الفأس على أصول الشجر، فكل شجرة لا تثمر ثمرا طيبا تقطع وتلقى في النار»، الشجرة هي الجنس البشري بأكمله في هذا العالم. الفأس هي مخلصنـا نـاسـوتـه هـو كـمـقـص الـفـأس وكرأس حديدي. لاهوته يقطع. الفأس أصول الشجر؛ إنه ينتظرنا بتأن، لكن ما سيفعله ظاهر.
كل شجرة لا تثمر ثمرا طيبا تقطع وتلقى في النار. كل شرير يأبى أن يحمل ثمرا طيبا فـي هـذه الحيـاة، يـلـقـى نـار جـهــم المعدّ لأمثاله. يجب أن نلاحظ قوله إن الفأس هي على أصـول الشـجـر، لا على الأغصان. القضاء على أولاد الأشرار يعني أن الشجر الذي لا يثمر يقطع تقطيعا؟ وعندما يدمر نسل بكامله مع آبائه، تكون الشجرة غير مثمرة، لأنها اجثثت من أصولها. فلا مجال لعودة تكاثر النسل. (أربـعـون موعظة على الأناجيل 6، على الكنيسة الصوفية)

الفأس هي غضب الله على اليهود، لكن بقية منهم ستخلص.
كيرلس الإسكندري:
لأجل منفعة مستمعيه يقدم المعمدان المبارك شيئا أكثر فيقول: «هاهي
ذي الـفـأس على أصول الشجر». ما يعنيه بالفأس في هذه الآية هو غضب الأب الحاد النازل على اليهود لشرورهم تجاه المسيح وتنكرهم له. الغضب النازل بهم هو كالفأس. نضيف إلى ما نحن في صدده مثل شجرة التين في الأناجيل. يقطع الله كل شجرة عقيمة لا تثمر. لا يقول يوحنا إن الفأس في الأصول، بـل عـلـيـهـا قطعت الفروع، لكن الأصول لم تقتلع. هكذا أنقذت بقية إسرائيل، ولم تفن تماما، (تفسير القديس لوقا 7)

14-10:3 إجابة يوحنا عن سؤال الجموع، وجباة الضرائب، والجنود

يصف لوقا الطبيب العلاج لهم بلسان يوحنا.
كيرلس الإسكندري:
قدم لوقا ثلاث فئات من النّاس تطرح الأسئلة على يوحنّا: الجمـوع، جـبـاة الضرائب، والجنـود. كما يصف الطبيب الـبـارع العلاج المناسب والملائم لكل مرض، كذلك أعطى المعمدان كل فئة لها نهجها، نصيحة مفيدة وملائمة. نصح الجموع بممارسة اللطف المتبادل في
سعيها إلى التوبة. ونصح جباة الضرائب بوضع حد لجمع أكثر مـمـا يـفـرض مـن ضرائب. وبحكمة قال للجنود أن لا يظلموا أحـدا، بـل أن يقنعـوا بـأجـورهـم. (تفسير القديس لوقا 8-9)

من كان له ثوبان وأعطى ثوبا واحدا حفظ نفسه من عبادة ربين.
أوريجنس:
قوله إن على من كان له ثوبان أن يعطي ثوبا واحدا، ينطبق على التلاميذ أكثر من انطباقه على الجموع… لنستمع لما يقوله المخلص لتلاميذه: «لا تأخذوا للطريق ثوبين». إذا، هناك ثوبان يلبسهما المرء. يوصينا بأن «نشارك فيهما من لا ثوب له». وهذا يعني أيضا أن لا «نعبد ربين». يريدنا المخلص أن لا يـكـون لـنـا ثـوبـان، أو أن نلبسهما معا. وإلا، فسيكون أحدهما ثوب الإنسـان الـقـديم، والآخـر ثـوب الإنسـان الجديد. يرغب إلينا المخلص في أن نخلع الإنسان القديم، ونرتدي الإنسان الجديد. إلى هنا يكون الإيضاح سهلا. (مواعظ على لوقا 2.23-3)

الذين يجمعون أكثر مما فرض لهم يـعصـون وصـيـة الـروح القدس.
أوريـجـنـس:
«جاء بعض جـبـاة الضرائب ليعتمدوا». استنادا إلى التفسير البسيط، علم
يوحنا جباة الضرائب أن لا يجمعوا أكثر مما تأمر به الشريعة. فالذين يجمعون أكثر لا يعصون وصية يوحنا، بل وصية الروح القدس… قلنا لكم كل هذا لنظهر أن يوحنا علم جباة الضرائب. لم يكن بينهم جباة ضرائب للدولة فحسب، بل تائبون أيضا، أي لم يكونوا جباة ضرائب بالمعنى الحرفي. كـان هـنـاك جـنـود جـاؤوا إلى معمودية التوبة. مواعظ على (لوقا 9،5.23)

ثمار التوبة هي أعمال الرأفة المطلوبة من الجميع.
أمبروسيوس:
أعطى المعمدان أجوبة ملائمة لكل نوع من أنواع البشر. لجباة الضرائب قال إنه ينبغي لهم أن لا يجمعوا أكثر مما فرض لهم. وللجنود قال إنه ينبغي لـهـم أن لا يـشـوا بـأحـد، وأن لا يسرقوا أحدا. عنى بذلك أن أجرهم كان ثابتا، فلا يسمح لهم بالرشوة إذا رغبوا في الحصـول عـلـى أكثر مما هو لهم هذه الـوصـايـا وغيرها ملائمة لكل المهن، إذ بـالـرافـة نـشـارك الآخـريـن فـالحـقـوق المشتركة تتطلب تأمين ضروريات الحياة الأساسية لجميع المهن والأعمار والبشر. فلا يعفى جابي الضرائب، ولا الجندي، ولا المزارع، ولا ابن المدينة، ولا الـغـنـي، ولا الفقير. كلهم يوصون بإعطاء من ليس لهم. الرأفة هي كمال الفضائل. (عرض القديس لوقا 77.2)

15:3 تساءل الناس هل هو المسيح

لم يكن العريس، بل صديق العريس.
غريغوريوس الكبير:
بما أن النّاس رأوا أن يوحنا المعمدان منح قداسة مذهلة فقد ظنوا أنه هو ذلك الجبل الثابت الشاهق الذي كتب عنه «وفي الآتي من الأيام يكون جبل بيت الرب في رأس كل الجبال». خمنوه أنه هو المسيح، كما قيل في الإنجيل. كان الناس يـسـألـون أنـفـسـهـم عـن يـوحـنـا: «هل هو المسيح؟» لو لم يكن يوحنا واديا لا رأس جبل في عيني نفسه لما امتلأ بنعمة الروح. أوضح ما قاله: «يجيء الآن من هو أقوى مني، ولست أنـا بـأهـل لأن أحـل سـير وقال أيضا: «مـن لـه العروس، فهو العريس. وأما صديق العريس فيقف حذائه» بجانبه يصغي فرحا لهتافه؟ ومثل هذا
الفرح فرحي، وهو الآن كامل. له هو أن يزيد ولي أنا أن أنقص».(أربعون موعظة على الأناجيل 6، على الكنيسة الصوفية)

16:3 يـوحنا عـمـد بالماء، ويسوع عمد بالروح القدس والنار

لماذا لم يكن يوحنا المسيح.
كيرلس الإسكندري:
«أنا أعمدكم بالماء، ولكن يأتي من هو أقوى مني، من لست أهلاً لأن أفك رباط حذائه». كما قلت، الاختلاف بينهما لا يـقـاس، والـتـفـوق لا حصر له. فمع أنّ المعمدان المبارك كان عظيما في فضيلته، فقد أعلن أنه ليس أهلاً لأن يلمس حذاء يسوع. إعـلانـه حـقـيـقـي إذا كانت القوات الـنـاطـقـة فـي الـعـلـى واقـفـة مـع الـرئـاسـات والعروش والأرباب والساروفيم المباركين، حول عرشه الرباني، وهي… تتوج رب الكل بمدائح لا تنقطع، فمن هو من أهل الأرض المؤهل لأن يدنو من الله؟ هو محب البشر
متلطف رحيم، لذلك علينا نحن أهل الدني وأولاد الأرض أن نعترف بضعف طبيعتنا. بعد ذلك، يقدم يوحنا فكرة ثانية فيقول: «أنا أعمدكم بالماء. أما هو فسيعمدكم في الروح القدس والنار». لهذا الـقـول أهمية عظيمة لأنه يدل على أن يسوع هو والرب. بماهية فريدة مميزة نتمكن من منح الروح القدس ليسكن في النّاس، وليجعلهم يقـتـربـون إلـيـه ويشتركون في الطبيعة الإلهية. هذا موجود في المسيح، لا كشيء تسلمه، ولا بـاشـتـراكـه فـي غيره، بـل كخاصته، وفي طبيعته. إنه سيعمدكم في الروح القدس. (تفسير القديس لوقا 10)

النار تشير إلى الألسنة النارية في يوم العنصرة.
كيرلس الإسكندري:
امتلأ يوحنا من الروح القدس في رحم أمه. تقدس لكي يعمد الرب. إنه لم يكن يمنح الروح، ولكنه كان يبشر بمن يمنح الروح. يقول: «أنا أعمدكم بالماء من أجل الثوبة. أما الذي يأتي بعدي فهو يعمدكم في الروح القدس والنار». لماذا «في الـثـار»؟ لأن نزول الروح القدس كان بشكل ألسنة نارية. وبهذا الخصوص قـال الـرب: «جئت لألـقـي على الأرض نـارا، وكـم أرجو أن تـكـون قـد تأججت!»( 17. 8 مواعظ تعليمية)

يسوع يعمد المسيحيين بـالـروح القدس وبالنار.
الذهبي الفم:
ما حدث لجسد سيدنا يحدث لنا أيضا، ظهر يوحنا وهو يمسك جسد يسوع من الرأس، غير أن الكلمة الإلهية هي التي أنزلت جسده إلى الله مجاري الأردن وعمدته. فجسد السيد تعمد بالكلمة، بصوت أبيه من السماء الذي قال: «هذا هو ابني الحبيب»، وبـظـهـور الـروح القدس الذي حل عليه. هذا يحدث لجسدك أيضا. المعمودية تغطى باسم الآب، والابن، والروح القدس. من أجل تثقيفنا، أخبرنا يوحنا المعمدان أن الإنسان لا يعمدنا، بل الله: «لكن يأتي من هو أقوى مني، من لست أهلاً لأن أفك رباط حذائه. إنه سيعمدكم في الروح القدس والنار».
لهذا السبب، لا يقـول الـكـاهـن وهـو يعمد الموعوظ: «أنا أعمد فلانا»، لكن «يعمد فلان بـاسـم الآب والابن والروح القدس». بهذه الطريقة يظهر أنه ليس هو الذي يعمد، بل أولئك الـذيـن يـسـتـدعـي أسـمـاء هـم: الآب،
والابـن، والـروح القدس. (مـواعـظ عـلـى المعمودية 13.11)

17:3 غضب الله الآتي

الدينونة ستفرز المثمرين عن العقماء.
أمبروسيوس:
برمز المذراة يقال إن للرب الحق في : تمييز الفضائل. فعند غربلة الجـنـطـة عـلـى الـبـيدر، تفرز الريح الحنطة المليئة عن الفارغة، والمثمرة عن العقيمة. بهذا التشبيه يتراءى الرب، لأنه، في يوم الدين، يميز الفضائل وثمارها عن سطحية التفاخر الـعـقـيـم والعديم الـقـيـمـة، قبل أن يسكن أهل الفضيلة في المسكن السماوي. فمن استحق أن يكون مثله كان ثمرة كاملة. الرب هو كحبة حنطة قد ماتت. هكذا يمنحنا ثمارا كثيرة، تكون مكروهة من الـتـبـن ولا تكون صديقة للمساوئ. لذلك تنطلق أمـامـهـا الـثـار الـتـي لا ضرر بطبيعتها. فمن يحرق مساوئ الشرور يزيد في إشعاع الخير. (عرض القديس لوقا 2. 82).

۱۸:۳ خلاصة وعظ يوحنا

تعاليم يوحنا كثيرة.
أوريجنس:
من بشر بالكلمة لا يكتفي بشيء واحد فقط، بل يبشر
بأشياء كثيرة. يشير الكتاب المقدس إلى هذا في قوله: «كـان يـعـظ الـنـاس، ويبشرهم بأشياء أخرى كثيرة». هكذا بشر الشعب «بأشياء أخرى» لم تدون. لكن اعتبر كثرة الأمور المدونة. لقد أعلن عن المسيح. وأشار إليه. وبشر بمعمودية الروح القدس. علم الخلاص لجبـاة الضرائب والانضـبـاط للجنود، علم أن البيدر قد تنقى، والأشجار قد قضيت، وأمـورا كثيرة سـردهـا الإنجيل لنا بـشـرهـم إلى جانب ما دون بأشياء أخرى كثيرة لم تدون، فالكتاب يقول: «كان يعظ الناس، ويبشرهم بأشياء أخرى كثيرة، ويشجعهم» (مواعظ على لوقا 1.27)

20-19:3 سجن يوحنا المعمدان

يلقي هيرودس يوحنا في السجن، لكنه يستمر في وعظه.
أوريجنس:
لاحظ أن يوحنا كان يعظ وهو في السجن. وكان تلاميذه على مقربة منه في ذلك المكان. هـل كـانـوا لازمـوه لـو لـم يـمـارس وظيفة
الوعظ وهو في سجنه، مبشرا إياهم بالكلام الإلهي؟ في مجرى هذا الكلام طرح سؤال عن يسوع. فأرسل يوحنا بعض تلاميذه ليسألوه: «هل أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟» عاد التلاميذ إلى معلمهم فأعلنوا ما أمرهم كلام يسوع، كان يوحنّا مستعدا للمعركة. مات بجرأة، وقطع رأسه بلا مقاومة، متشددا بكلام الرب نفسه، ومؤمنا بأن من آمن به هو ابن الله حقا. المخلص به. مع هذا ما يجب قوله على يوحنا، وحريته، وجنون هيرودس الذي أضاف إلى جرائمه الأخرى العديدة هذه الجريمة النكراء: حبس يوحنا في السجن ثم قطع رأسه. (مواعظ على لوقا 3.27-4)

يدون لوقا سجن يوحنا قبل أن يبدأ يسوع بشارته.
إفسافيوس: أما لوقا فقبل الـبـدء بسرد أعـمـال يـسـوع أخـبـرنـا بأن هيرودس أضاف إلى سيئاته رجه ليوحنا في السجن. (تاريخ الكنيسة 24.3)

21:3 – 22 اعتماد يسوع

” ولما اعتمد الشعب كله اعتمد يسوع. وفيما هو يصلي، انفتحت السماء،  ونزل الروح القدس عليه في صورة جسم كأنه حمامة، وأتى صوت من السماء يقول: «أنت ابني الحبيب، بك سررات».

نظرة عامة:

في التقويم الكنسي، يأتي فيا اعـتـمـاد يسوع بعد عيد ميلاده مباشرة، بسبب التوازي بين هذين الحدثين العظيمين (مكسيموس الثوريني). انفتاح السّماء هو موضوع أساسي للإنجيل كله، لأنه يشير إلى غـفـران الخـطـايـا (أوريجنس). إن سر الثالوث حاضر الآب، والابن، والروح القدس هـم ثـالـوث أبـدي فـي واحـد (أمبروسيوس). السر العظيم هو أن المسيح، الإله الحق والإنسان الحق، يمسحه الروح القدس، ويعلنه الآب. هو يفتح الطريق أمام الـبـشـر السـاقـطيـن لـيـدخـلـوا فـي المسـيـح بالمعمودية، وليتلقوا الروح ولينالوا التبني كأولاب لله (كيرلس الإسكندري). من ذلك الوقت سيصحب الروح القدس يسوع في خدمته العامة، لأن الروح هو دائما روح يسوع (غـريـغـوريـوس الـنـزيـنـزي). ظهور الروح القدس كـحـمـامـة يذكرنا بنوح بعد الطوفان، ويلمح إلى أن فلك نـوح رمز للكنيسة، وأن الحمامة رمز للسلام، وإلى أن جسد المسيح هو كنيسته (أمبروسيوس). إن الإعلان بأن يسوع هو الابن الحبيب لهو الذروة في حدث اعتماد يسوع الذي أعلن وحدة الآب والابن (أمبروسيوس).

التوازي بين ولادة يسوع واعتماده.
مـكـسـيـمـوس الـتـوريـنـي:
الـيـوم ثمة ولادة أخرى للمخلص، نرى ولادته مصحوبة بالآيات نفسها، والمعجزات نفسها، لكن بسر أعظم. الروح القدس كان حاضرا معه فـي الـرحـم، والآن يـنـزل عـلـيـه وهـو فـي مـجـاري الأردن. طـهـر لـه مـريـم وهـو الآن يقدس له المياه الجارية. والأب الذي ظللها بقدرته يصرخ الآن بصـوتـه، فالذي أظهر
نفسه كسحابة في ولادته يشهد الآن للحق. لذلك يقول الله: «هذا هو ابني الحبيب، به سررت، فله اسمعوا». من الواضح أن للولادة الثانية امتيازا أسمى من الأولى. ففي الأولى ولد المسيح بصمت وبلا شهادة. وفي الثانية عمد الرب بمجد وشهد الآب للاهوته. غاب يوسف مع الأولى… وفي الثانية أظهر الله أنه هو الآب نفسه، ولو جحده الناس. (موعظة 1.13-2 على الظهور المقدس)

انفتحت السماوات لتغفر الخطايا.
أوريجنس:
اعتمد الرب، فانفتحت السماوات وانحدر الروح القدس عليه. ودوي صوت من السّماوات وقال: «هذا هو ابني الحبيب، به سررت». نقول إن السماء انفتحت في اعتماد يسوع وذلك لتدبير غفران الخطايا. لم تكن هناك خطايا «لمن لم يرتكب إثما، ولم يعرف فمه المكر». انفتحت السماوات وحل الروح القدس لـغـفـران خـطـايـا العالم بأسره. وعندما «صعد إلى العلاء، وأخذ أسرى كثيرين»، أعطاهم الروح الذي حل
عليه في يوم قيامته لما قال، «خذوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه تمسك له». لكن «الروح القدس حل على المخلص بشكل حمامة». والحمامة طير لطيف، وديع وبريء. هكذا يوصينا بأن نقتدي ببراءة الحمامة. هكذا هو الروح القدس: نقي، سريع، يرتفع إلى العلاء. (مواعظ على لوقا 65.27)

سر الثالوث حاضر في اعتماد يسوع.
أمبروسيوس:
دعنا الآن نـتـدارس سر الثالوث. نحن نقول «إله واحد»، ونعترف بالآب، والابن. لقد كتب: «أحبب الرب إلهك، ولا تعبد سواه».(۸) أما يسوع فقد رفض أنه منفرد بنفسه، إذ قال: «لا أكون وحدي، لأن الآب معي». ليس هو وحده الآن، لأن الآب يشهد أنه حاضر معه. الروح القدس حاضر، لأن الـثـالـوث غير منفصل، ثم «انفتحت
السماوات، ونزل الروح القدس بشكل جسدي كحمامة». (عرض القديس لوقا 92.2)

  سر اعتماد يسوع.
كيرلس الإسكندري: لكن يعترض بعضـهـم فـيـقـول كيف اعتمد وتـلـقـى الـروح؟ نـرد عـلـيـهـم بـأنـه لـم يـكـن بحاجة للمعمودية المقدسة، فهو كلي النّقاوة، وبلا عيب، وأقـدس مـن كـل القديسين. لم يحتج إلى الروح القدس الذي من الآب ينبثق وهو منه، ومساو له في
الجوهر.
أخيرا يجب أن نشرح تدبير الخلاص الإلهي. فالله، في مـحـبـتـه للبشر، أعطانا طريقا للخلاص وحياة. نحن نؤمن بالآب، والابن، والروح القدس، ونعترف بـهـم أمـام شهود كثيرين، ونغسل كل أوساخ الخطيئة. إن اتـحـادنـا بـالـروح القدس أغنانا، وجعلنا نشترك في الطبيعة الإلهية، وأعطانا نعمة التبني كأولاد لله. لذلك، صار كلمة الآب نموذجا وطريقا لكل عمل صالح، لما أخلى ذاته، وتنازل وأخذ شبهنا. فمن كان أولا في كل شيء، يجب أن يكون قدوة في ذلك. بدأ عملة لنتعلم قوة المعمودية المقدسة وندرك مقدار ربـجـنـا بالاقتراب من نعمة عظيمة كهذه، اعتمد لتتعلموا، أيها الأحباء، أن الصلاة غير المنقطعة تليق بالذين عدوا أهلا للمعمودية المقدسة، (تفسير لوقا 11)

 الروح القدس حيوي لبشارة يسوع منذ ولادته. 
غريغوريوس النزينزي:
لديك الآن مجموعة من نصوص كتابية تبرهن لاهوت الروح القدس، على الأقل للذين ليسوا غرباء أو بعيدين عن الروح. أنظر إلى الحقائق. المسيح ولد، والروح كان سابقا له. المسيح اعتمد، والروح شهد له . المسـيـح جـرب. والـروح قـاده. أجرى المعجزات. وصحبه الروح. صعد إلى السمـاء فـمـلا الـروح مـكـانـه (موعظة 29.31 على الروح القدس)

الحمـامـة تشير إلـى فـلـك نـوح وإلى المسيح.
أمبروسيوس:
لماذا كحمامة؟ لأن نعمة الغسل تقتضي البساطة لكي نكون ودعاء كالحمام، وتتطلب سلاما كالسّلام الذي حملته الحمامة من قبل إلى الفلك بعد الطوفان. فمن كانت الحمامة صورة له قبل الآن أن ينزل بهيئة حمامة، وعلمني أن في ذلك الغصن، وفي ذلك المركب، كانت صورة السلام وصورة الكنيسة. في وسط فيـضـانـات الـعـالـم يـحـمـل الروح القدس سلامة المثمر إلى كنيسته. فداود فهم سر المعمودية المقدسة فعلم بروح النّبوة قائلاً: «من يعطيني جناحا كالحمامة؟» (عرض القديس لوقا 92.2-93 )

 صوت الأب يثبت وحدة الآب والابن.
أمبروسيوس:
إننا رأينا الروح، لكن بشكل جسدي، ولـتـصـغ إلى الآب، بما أننا لا نستطيع أن نراه. ربنا الرحيم حاضر، ولن ينبذ كنيسته. يـتـوق إلى بناء كل نفس، ويرغب في أن تكون مشاكلة للخلاص، ويشتهى في نقل الحجارة الحية من الأرض إلى السماء. هو يحب هيكله، فلنحبه. إذا كنا نحبه فلنعمل بوصاياه. إذا كنا نحبه فإننا نعرفه. يكذب من يدعي أنه يعرفه ولا يعمل بوصاياه. كيف يستطيع أن يحب الله من لا يحب الحق؟ فالله حق  لنسمع
الآب، لأننا لا نراه، إذ إنه غير منظور، لاهوته، والله لم يره أحد قط  الابن هو الله، لكنه لا يرى كابن، لأنه هو الله. غير أنه شاء أن يظهر نفسه في الجسد. بما أن الآب لم يلبس جسدا، فقد شاء أن يبرهن لنا أنـه حـاضـر فـي الابـن. قال: «أنت ابـنـي الحبيب. بك سررت». إذا أردت أن تتعلم أن الابن حاضر دائما مع الآب، اقرأ ما يقوله الابن: «إذا ارتفعت إلى السماء، فأنت فيها. وإذا نزلت إلى القبر، فأنت هناك». إذا طلبت دليلا على الآب، فاستمع ليوحنا. ثق بمن وثق بأنه عمد المسيح، إذ إن الآب قد ائتمنه على ابنه. قال بصوت سماوي: «هذا هـوابـنـي الحبيب، بـه سـررت».( عرض القديس لوقا 94.2-95)

23:3 – 38 نسب يسوع

 وكان يسوع عند بدء رسالته في نحو الثلاثين من عمره، وكان الناس يحسبونه ابن يوسف بن عالي،  بن متات، بن لاوي، بن ملكي، بن ينا، بن يوسف،  بن متتيا، بن عاموس، بن نحوم، بن حسلي، بن نجاي، بن مآت بن متتيا، بن شمعي، بن يوسف، بن يهوذا، بن يوحنا، بن ريسا، بن زربابل، بن شألتئيل، بن نيري،  بن ملكي، بن أدي، بن قوسام، بن المودام، بن عير، بن يشوع، بن لعازر، بن يوريم، بن متات، بن لاوي، بن شمعون، بن يهوذا، بن يوسف، بن يونان، بن ألياقيم، بن مليا، بن منا بن متاتا بن داود. ابن يسى، بن عوبيد، بن بوعز، بن سلمون، بن نحشون، بن عميناداب، بن أدمين، بن عرني، بن حصرون، بن فارص، بن يهوذا، بن يعقوب، بن إسحق، بن إبراهيم، ابن تارح، بن ناحور،  بن سروج، بن راعو، بن فالق، بن عابر بن شالح، بن قينان، بن أرفكشاد، بن سام، بن نوح، ابن لامك،  بن متوشالح، بن أخنوخ، بن يارد، بن مهللئيل، بن قينان، بن أنوش، ابن شيت، بن آدم، ابن الله.

 نظرة عامة

كان داود ابن ثلاثين سنة يوم توج ملكا على إسرائيل. وكان عمر يسوع يشير إلى أنـه ابـن داود، وإلى أنـه سـيـرث «عرش أبيه داود». كان يوسف ابن ثلاثين سنة يوم بدأ خدمته لفرعون (أوريجنس). إن عبارة «لـكـونـه ابـنـا كـان الـنّـاس يحسبونه» تثبت ولادة يسوع البكر في نسبه، وتبين أنه لم يكن ابن يوسف بل ابن الله ( أمبروسيوس). يعلمنا نسب يسوع المسيح الجسدي أنه هو ابن آدم وابن الله معا (برودنتيوس). نسبه هو نسب يوسف،لأن اليهود كانوا يعدون النسب من سبط الزوج (أمبروسيوس). يذكـر مـتـى النّسب الملكي المتحدر من داود، وأما لوقا فيذكر الـنـسـب الـكـهـنـوتي، لأن يسوع هو ملك وكـاهـن، وإنجيل لوقا يرمز إلـيـه بـعـجـل (أمبروسيوس). وضع لوقا نسب يسوع بعد معموديته، وهذا يشير إلى أن المعمودية في المسيح ستكون الولادة الجديدة لعائلة الله الجديدة (أمبروسيوس).

تذكر اللائحة أسماء هـامـة مـثـل داود، وإبـراهـيـم، وأنـوش، والاسم الأخير الثامن والسبعون هو اسم الله. يضمن لوقا لائحته بأسماء قديسين هامين آخرين، خصوصا الذين عرفوا ببرهم أمام الله (أمبروسيوس). مئی،بخلاف لوقا، يبدأ نسب يسوع بإبراهيم (أمبروسيوس) ويضمنه أسماء بعض الـنـسـاء (تـامـار، راعوث، راحــاب وأمـرأة أوريـا)، وبـعـض الـلـواتـي عـرفـن بسلوكهن المشين (أوريجنس).

الرقم «ثلاثون» ذو معنى لاهوتي كبير.
أوريجنس: إذا سمعت أن هذه الكلمات ترشد أفكاركم إلى الكتب المقدسة، فإنك ستكتشف أن الرقم «ثلاثين» أو «خمسين» يضم كثيرا من الأحداث الـعـظـيـمـة كـان يوسف ابن ثلاثين سنة يوم أطلق سراحه من السجن وتقلد مقاليد الحكم في مصر
ليمنع بتدبير إلهي كارثة مجاعة وشيكة . یُروی أن يسوع كان ابن ثلاثين سنة يوم جاء للاعتماد. (مواعظ على سفر التكوين 2. 5)

أخطأ من ظن أن يوسف هو أبو يسوع
أمبروسيوس:
لا فائدة لأحد في تغيير ما كتب: «كان الناس يحسبونه ابن يوسف». قال إن الناس كانوا «يحسبونه» كذلك، لأنه لم يكن ابن يوسف بالطبيعة، فقد ولد لمريم التي كانت مخطوبة ليوسف. لذلك تقولون: «أليس هـو ابن يوسف النجار؟»( عرض القديس لوقا 1.3- 2 )

نسـب ابـن آدم الجسدي، ابـن الله.
برودنـتـــوس:
مـاذا تـقـول عن كلام لوقا المقدس وهو يسرد نسب يسوع، ويستعيد ذكر سادة قدماء؟ فنسبه يعود إلى اثنين وسبعين جيلاً – فـقـد أرسل العديد من المعلمين إلى هذا العالم – وليصل إلى ولادته يرجع إلى آدم، رأس الجسد البشري. بالمسيح يصبح آدم ابن الله.( قصائد شعرية 1001-1018)

لماذا هو نسب يوسف.
أمبروسيوس:
ترى أن النسب بموجب المتعارف عليه ينتقل من الآباء إلى الأبناء، ومن الأبناء إلى الآباء، وأن السبط يعد في كل مكان انطلاقا من
أجيال الزوج. لا تتعجب إذا أورد متى نسب يسوع من إبراهيم إلى يوسف، وإذا أورده لـوقـا مـن يـوسـف إلى آدم، وإلى الله . لا تتعجب إذا ذكر نسب يوسف. لأن يسوع ولد بحسب الجسد، ينبغي اتباع التسلسل الـعـائـلـي. ولأنه ولد في العالم ينبغي أن يعرف انتماؤه الـعـائـلـي بـالـعـادة المتبعة، خصوصا أن نسب مـريـم هـو أيضا نسب يوسف. وبما أن يوسف كان رجلاً بارا، فقد تزوج امرأة من سبطه ومن بلده، فالبار لا يخالف الشريعة. «لا يتحول ميراث بني إسرائيل من سبط إلى سبط، بل يحافظ كل سبط من أسباط بني إسرائيل على ميراث سبط ابائه. وكل بنت ترث ميراثا من أسباط بني إسرائيل، فلتكن زوجة لواحدر من سبط آبائها، ليرث كل واحد من بني إسرائيل ميراث آبائه». لذلك، في زمن إحصاء أهل المعمور، انتقل يوسف من بيته إلى مدينة داود لـيـكـتـتـب مـع زوجـتـه مـريـم. فمن اكتتب في العشيرة نفسها وفي البلد نفسه يعني بالتأكيد أنه من السبط نفسه ومن البلد نفسه. (عرض القديس لوقا 3.3- 4)

متى يظهر نسبا ملوكيًا، ولوقا نسبا كهنوتيا. أمبروسيوس:
هناك من يقول إن متى عد اثنين وأربعين جيلاً من إبراهيم إلى المسيح، أما لوقا فقد عد خمسين، وإن متى نسب يسوع إلى بعض  الأشخاص، ولوقا نسبه إلى أشخاص آخرين، في هذه المسألة تقدر أن تثق بما قلناه، فعلى الرغم من أن متى ذكر بعض أسلاف النسب الإلهي، ولوقا ذكر غيرهم، فقد أشار كلاهما إلى الأجداد الـذيـن هـم من نسب إبراهيم وداود. ظن متى أن الانتساب يبدأ بسليمان، لكن لوقا ظن أنه يبدأ بناثان. وهذا ما يظهر أن للمسيح عائلة ملوكية وعائلة كهنوتية. يجب أن لا نعتبر أن هناك تضاربا بين سرد متی وسرد لوقا، فهما يلتقيان على تأكيد حقيقة واحدة. كان يسوع بحسب الجسد من عائلة كهنوتية وملوكية فهو ملك من ملوك، وكـاهـن مـن كـهـنـة النبوة ليست دنيوية، بل سماوية. الملك يتعزز بقدرة الله الآب الملك أولـى الـقـضـاء كله للابن
 وأولاه الكهنوت إلى الأبد. لذلك كتب: «أنت كـاهـن إلى الأبد على ترتيب ملكيصادق». كان متى ولوقا صادقين؛ متى عزا يسوع إلى الملوك، ولوقا نماه إلى الكهنة انطلاقا من الله إلى المسيح. (عرض القديس لوقا 12.3- 14)

معمودية يسوع تعلن أن يسوع هو «ابن الله». أمبروسيوس: أمن لوقا بأن يسوع بأصله يرجع إلى الله. فالله هو حقا أبـو المـسـيـح، أبـوه بـحـسـب ولادته الحقيقية، وواهب النعم الروحية بحسب تجديد المعمودية. بدأ لوقا بإخبارنا عن معموديته قبل أن يخبرنا عن ولادته. أراد أن يـقـدمـه بـالمعمودية كإله، خالق لكل شيء، وجامع لكل شيء…. هل هناك من برهان على ولادته الإلهية أوضح من قول الآب: «هذا هو ابني الحبيب، به سررت».(عرض القديس لوقا 11.3)

يذكر لوقا شخصيات مهمة من العهد القديم في نسب يسوع.
أمبروسيوس:
لم يذكر أبناء آخرين ليعقوب، خشية أن يخرج على موضوع نسب يسوع. بالنسبة إلى المتحدرين من الـبـطـاركـة، مثل يوسف ويهوذا وسمعان  ولاوي، فإن لوقا لم يـهـمـل أسماءهم، لأنهم يفضلون على سواهم. يمتازون بأربع من الفضائل. في يهوذا كـان الإنباء بسر آلام الرب  في يوسف توهج مثال العفة وفي سمعان قدم التعويض عن البتولية المقتحمة وفي لاوي نجد رمزا للكهنوت. ونلحظ أيضا أن كـرامـة النـبـوة أعلنت من خلال ناثان، لأن يسوع المسيح هو كل شيء وفي كل شيء هناك أيضا فضائل متنوعة اتسم بها عدد من أجداده. (عرض القديس لوقا 47.3)

بخلاف لوقا يذكر متى في نسبه نساء خاطئات.
أوريجـنـس:
متى ينسبه إلى أشرف الأصول، لكنه يورد في نسبه نساء خـاطئـات وأشخـاصـا يـوبـخـهـم الـكـتـاب المقدس. أما لوقا الذي يخبرنا عن اعتماد يسوع فلا يذكر امرأة واحدة. متى، كما قلنا،
يـسـمـي تـامـار الـتـي ضـاجـعـت خـداعـا والـد زوجـهـا، وراعـوث الـتـي لـم تـكـن مـن بـنـات إسـرائـيـل. لـم أقـدر عـلـى أن أكتشف أصـل راحـاب. أمـا زوجة أوريـا فـدنـسـت فـراش زوجها، جاء ربنا ومخلصنا لهذه الغاية، ليحمل على عاتقه خطايا البشر. فالله «لم يعرف خطيئة، لكنه صار خطيئة لأجلنا». لهذا السبب جاء إلى العالم واتخذ صورة الأثـمـة والـفـاسـديـن. شاء أن يولد من نسب سـلـيـمـان الـذي دونـت خـطـايـاه، ومن رحبعام الذي عرفت آثامه، ومن كثيرين غيرهم ممن «خطئوا أمام عيني الرب».(مواعظ على لوقا 1.28-2)

لماذا يخـتـلـف تعداد لوقا عنه عند متى.
أمبروسيوس:
إنه من الضرورة بمكان أن نفسر ما حدا متى إلى ذكر نسب المسيح انـطـلاقـا مـن إبـراهـيـم، ومـا حـدا لـوقـا أن ينطلق من المسيح إلى الله، أولا أظن أنه ينبغي لنا أن لا نغفل السؤال: لماذا لم يقل القديس متى: «نسب إبـراهـيـم»، لـكـن قـال: «نسب يسوع المسيح، ابـن داود، ابـن إبراهيم».  لماذا سمى هذين الشخصين بصورة خاصة…
اختار الإنجيلي جدي هذا النسب، أحدهما تسلم وعد اجتماع الأمم، والآخر أنبئ بنسب المسيح. رغم أن داود جاء بعد إبراهيم فإنه
يذكر قبله في نسب الرب، لأن الـوعـد بالمسيح أعظم من الـوعـد بـالكنيسة، لأن الكنيسة نفسها هي بالمسيح. هناك رئيس واحـد لـهـذا الشعب اسـتـنـادا إلى الجسد، ورئيس آخـر استنادا إلى الروح. أحدهما رئيس بنعمة بنيه، والآخر بإيمان البشر. المخلص أعظم من المخلص، لذلك يسمى يسوع ابن داود، «نسب يسوع المسيح ابن داود».(عرض القديس لوقا 10،6.3)

زر الذهاب إلى الأعلى