كتابي غالي وثمين

 

 الكتاب المقدس هو كتاب الكتب . فعندما يقال : ” الكتاب ” فقط ، إنما يقصد به كتاب الله ، كلامه الذي يتحدث به إلينا . الذي نطق به روح الله القدوس في أفواه أنبيائه القديسين . لأنه لم تأت نبؤة قط بمشيئة إنسان ، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس ” (2بط21:1).

والكتاب المقدس هو رسالة مقدمة إليك ، ومن ذا الذي لا يفرح برسالة الله؟!
هي كما قال الرب : “الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة” (يو63:6). وكما قال السيد المسيح : “ليست بالخبز وحدة يحيا الإنسان ، بل بكل كلمة تخرج من فم الله” (مت4:4) .

ولذلك يقول المزمور الأول عن الرجل البار أنه : “لكن في ناموس الرب مستره وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً) (مز2:1). فقد كان آبائنا القديسين يحفظون كثيرا من أسفار الكتاب المقدس عن ظهر قلب ، وكان الكتاب يظهر في حياتهم .

الكتاب المقدس ليس فقط مصدر تأمل ، إنما أيضا مصدر عزاء ففي كل حالة من حالات الإنسان النفسية يجد في آيات الكتاب ما يريح قلبه ويشبعه . لذلك خذ كلمات الله كأنها رسالة شخصية موجهة إليك .

ومع أهتمام الكنيسة بالتقليد ، إلا أن كل الأمور الواردة فيه , لا يمكن أن تتعارض مع شئ من الكتاب المقدس ، بل تثبتها آيات الكتاب المقدس . كما أن مجرد الاعتقاد بالتقليد وبالتسليم الرسولي أمر يثبته الكتاب أيضاً.

ونرى الإنجيل ثابتاً في صلواتنا اليومية: في الصلوات السبع ، في الأجبية ، التي يصليها المؤمن كل يوم ، والتي تصيلها الكنيسة في قداساتها واجتماعاتها . وفي كل سر من أسرار الكنيسة فصول من الإنجيل .

علاقتك بالكتاب المقدس

علاقتك بالكتاب المقدس تتركز في نقاط رئيسية أهمها :
اقتناء الكتاب ، اصطحابه ، قراعته ، فهمه ، التأمل فيه ، دراسته ، حفظه . وفوق الكل العمل به ، والتدرب على حفظ وصاياه والعمل بها وتحويلها إلى حياة يومية .

1- اقتناء الكتاب : ينبغي على كل شخص أن يقتني الكتاب المقدس ، ويكون خاص ويجب أن يكون لاستعمالك الدائم . وأنت لا تصل إلى صداقة الكتاب هذه ، إلا إذا كنت تحبه.

2- محبة الكتاب المقدس : تحب الكتاب لأنه رسالة الله إليك تستقبلها في حب … كما يقول داود النبي عن كلام الله إنه : “أشهى من الذهب والإبريز الكثير وأحلى من العسل وقطر الشهاد ” ( مز 10:19 )

ويقول أيضا : ” لأجل ذلك أحببت وصاياك أكثر من الذهب والإبريز” ( مز 127:119 ) … وهكذا إن أحببت الكتاب ، تجد لذة في قراته ومتعة . وهذه اللذة تجعلك تداوم على القراءة وتلهج بها .

3- المداومة على قراءة الكتاب : يقول  المزمور الأول عن الإنسان الطيب المطوب : “في ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً (مز1:1) إن قراءة الكتاب تكون أفيد ، إن كانت بمواظبة ومداومة . وبطريقة منتظمة ، كل يوم فمثلا أصحاح ، ونحفظ منه آية كل يوم .

البعض يحفظ مثلاً العظة على الجبل ( مت 5-7 ) .
أو صفات المحبة ( 1 كو 13 ) ، أو يحفظ عدداً كبيراً من المزامير ، لو أن الإنسان الروحی حفظ آية واحدة كل يوم ، كم ستكون محفوظاته في عام كامل؟

4- التأمل في الكتاب : ما تقرأه من الكتاب ، وما تحفظه من آياته ، يمكن أن يكون مجالاً لتأملاتك . نصيحتى لك إذن ، أنك لا تقتصر على مجرد القراءة ، وإنما أدخل إلى أعماقها بالتأمل .

5- أقرأ بروح الصلاة : أبدأ القراءة بالصلاة ، طالبا من الله أن يعطيك فهما ، ويكشف لك مشيئته . وقل كما قال داود النبي في المزمور الكبير : “اكشف عن عيني فأرى عجائب من شريعتك ” (مز18:119).

وأختم القراءة بالصلاة ، طالبا من الرب أن يعطيك قوة تتفيذ . وكما أعطاك فهما ، يعطيك رغبة وإرادة . بل أصحب القراءة أيضا بالصلاة ، حاول بالصلاة أن تستلم رسالة الله إليك . وكأنك وأنت تقرأ تقول له : “يا رب ماذا تريد أن أفعل ؟ ” (أع6:9).

6- تأثير الكتاب المقدس : إن كلمة الله لا ترجع فارغة . فإن لها قوتها ، ولها تأثيرها . ولعل إنسانا يقول : إذن لماذا أقرأ ولا أتأثر ؟! يقينا إن العيب فيك أنت ، إن كلمة الله حية وفعالة . ولكنها تعمل بالأكثر في الذين يفتحون قلوبهم لها ، ويريدون أن تعمل فيهم . لذلك أختزن كلام الله في قلبك وفي ذهنك ، وسيعطي ثمرة في الحين الحسن مثل داود النبي الذي كان يقول : “خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك ” ( مز11:119)

8- عمل الكتاب المقدس في : إن استجبت لكتاب الله وتركت كلمته تعمل فيك ، فماذا تراه سيكون عمل الكلمة الإلهية فيك ؟ إن النتائج كثيرة بلا شك ، فنحاول أن نتتبعها …
1- إنها تجمع العقل من الطياشة وتشغله بالإلهيات .
2- قراءة الكتاب تمنحك فهما واستنارة ومعرفة …. 
3- كلام الكتاب أيضا يعزيك في ضيقاتك ، ويقويك كلما ضعفت .

إن وعود الله في كتابه المقدس ، تعطى النفس أطمئنائاً عجيباً، مثل قوله : ” أنا معكم كل الأيام إلى القضاء الدهر ” ( مت 20:28 ) ۔

4- فالكتاب فيه كل شئ ، لكل أحد ، في كل حالة أيا كانت ظروفك ، أيا كانت حالتك النفسية ، فسوف تجد في الكتاب رسالة لك تريحك .

9- استخدامك للكتاب المقدس 
1- يمكنك أن تستخدمه أولاً كمادة للصلاة . تمسكت بوصاياه فبالإضافة إلى صلاتك قبل القراءة وبعدها ، فإن قراءة الكتاب تشعل فيك مشاعر معينة تجد نفسك محتاجا أن تحولها إلى صلاة . وكذلك كانوا في السبي في بلد فإن سفر کالمزامير مثلا يعلمك كيف تصلي . 
2- ويمكن أن يكون الكتاب مادة للتأمل . 
3- أو تتخذ وصايا الكتاب مجالا للتداريب الروحية ، فإن قرأت مثلاً قول الرب “فإن قدمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك ، فاترك هناك قربانك قدام المذبح ، واذهب أولاً اصطلح مع أخيك ” ( مت 24،23:5 ) تجد في داخلك دافعا قويا أن تذهب لتصالح من أسأت إليهم .
4- يمكن أن تتخذ كثيراً من الآيات مجالاً للحفظ . وهنا أضع أمامك قول الرب في سفر التثنية : “ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك … واربطها علامة على يدك ، ولتكن عصائب بين عينيك . واكتبها على قوائم أبواب بيك وعلى أبوابك ” ( تث 6:6-9 ) .

-فما مدى تنفيذك لهذه الوصايا ؟

أ- هل هناك ايات مبروزة ومعلقة على جدران بيتك ، تحفظها أنت وزوجتك وأولادك.
ب- هل تعلم أولادك ما في الكتاب حسب قوله : “وقصها على أولادك ” ( تث 7:6 ) . أم تعتمد على مدارس الأحد وتخلى نفسك من المسئولية ؟! ويدرك الأبناء أن والديهم لايحدثونهم أبدا عن كلمة الله !!
ج- هل تستخدم لغة الكتاب في أحاديثك المنزلية ، حسب الوصية “بها حين تجلس في بيتك ” ( تث 7:6 ) ؟
د- هل تقرأ الكتاب يوميا مع أفراد أسرتك ؟ وهل لكم أجتماع عائلي حول الكتاب ؟
ه- هل تشجع أولادك على صداقة الكتاب المقدس ؟ هل تقيم لأولادك مسابقات في حفظ الآيات ، وهل تدربهم على ذلك ؟ … إني أسال قبل أن يسألك الله في ذلك .

زر الذهاب إلى الأعلى