سلوكيات وعادات في سفر دانيال

 

  1. خزائن المعبد:

“وأدخل الآنية إلى خزائن بيت إلهه” (1: 2).

اعتاد الوثنيون أن يضعوا الأواني الثمينة، خاصة التي تستخدم في العبادة والاحتفالات الدينية، في مخازن ملحقة بالمعبد الوثني. وكان الأباطرة والملوك متى غلبوا بلدٍ ما يسلبون أوانيها الثمينة ويأتون بها إلى مخازن إلههم. كما فعل نبوخذنصَّر الذي جاء بالأواني المقدسة من هيكل أورشليم وأودعها في مخازن معبد الإله بعل أو بيل. أما غاية هذه المخازن، كما سبق فرأينا، هي:

أ. تأكيد أن كل ثمين في المملكة هو ملك للإله الذي يعبدونه.

ب. احضار الأواني من البلاد المستعمرة كغنائم تعني أن الإله قد وهبهم النصرة على أعدائهم.

ج. وجود المخازن بجوار المعبد، يحمل إشارة إلى أن الإله هو الحامي لمخازن الدولة والملك.

وُجدت في هيكل سليمان حجرات منفصلة بعضها لاستقبال العشور والبكور والأخرى لتخزين الأدوات النفيسة. عُرف اليهود بسخائهم الشديد في العطاء لبيت الرب، كما حدث في أيام موسى النبي عند بناء الخيمة، وفي أيام داود حيث كان يُعد لبناء الهيكل، كما في أيام يوآش (2 أي 24)، ويوشيا (2 مل 22). كانت الأواني الثمينة تُقدم كنذورٍ أو هباتٍ، وبسبب كثرتها كانت خزانة الهيكل في أورشليم مطمعًا للغرباء، مثل السريان والرومان[391].

  1. أطايب الملك وخمر مشروبه (1: 5):

عُرف ملوك بابل وعظماؤها بالحياة المترفة المبالغ فيها. اعتادوا أن يقيموا الموائد بما لذَّ وطاب من أصناف الطعام، كما عُرفوا بحياة اللهو. كانوا يشربون الخمور حتى الثمالة، وقد تمثل بهم ملوك فارس.

  1. عقاب المجرمين (2: 5، ص 3، 6):

ورد في سفر دانيال ثلاثة أنواع من العقوبات:

النوع الأول: تقطيع المجرم إربًا إربًا (2: 5). كانت هذه العقوبة مألوفة عند كثير من الشعوب القديمة، استخدمها العبرانيون أحيانًا كما حكم صموئيل النبي على الملك أجاج (1 صم 15: 33). يظن البعض أن هذه العقوبة تُشير إلى شطر الإنسان إلى نصفين أو نشره إربًا. وكانت العادة في بابل أن يُدمر منزل المجرم، وتُحسب الأرض المُشيد عليها منزله ملعونة إلى الأبد. وقد اتبع الفارسيون هذه العادة أيضًا، واُتبعت أيضًا في أثينا. لذا وُجدت في المدن القديمة مساحات شاسعة من الأراضي فضاء لا يمكن بنائها بسبب صدور أحكام على أصحابها بتقطيعهم إربًا وهدم منازلهم.

النوع الثاني: إلقاء العصاة ضد الآلهة في النار (راجع تفسير الاصحاح الثالث).

النوع الثالث: إلقاء العصاة ضد الملوك في جب أسود (راجع تفسير الاصحاح السادس).

  1. الآلات الموسيقية (2: 5، 7، 10، 15):

احتلت الموسيقي مركز الصدارة في العصور القديمة، فكانت تُستخدم أثناء العبادة، وفي المعارك لإثارة الجنود، وفي مواكب الملوك خاصة عند نصرتهم، وفي الأعياد والاحتفالات كما في الجنازات.

عرف العالم القديم ثلاثة أنواع من الآلات الموسيقية: ذوات الأوتار، آلات النفخ، وآلات النقر. بعض هذه الأدوات معروفة تمامًا، بينما وصف الأدوات الأخرى يشوبها الغموض.

أ. القرن: قديمًا كانت آلات النفخ الموسيقية تُصنع من قرون الحيوانات. تطورت فصارت من المعادن مع احتفاظها بشكلها الأصلي وتسميتها الأولى، كما دُعيت “الهزوزران”. الفرق بين القرن horn والبوق carnetهو أن شكل الأخير أقل انحناءً من الأول. وفي سفر دانيال دُعي القرن KerenCarnet“، وكأنهما نوع واحد.

ب. الناي: Mashrokitha: من أقدم وأبسط الآلات الموسيقية. كان في الأصل مجرد قصبة بها بعض الثقوب على امتدادها. وإذ انتشر استخدامه صار يُصنع بأكثر اهتمام، وأحيانًا يصنع من النحاس أو الخشب أو الأبنوس أو العظم. أحيانًا يُستخدم مزماران معًا، يُعزف عليهما باليد اليمنى واليد اليسرى، ملتصقان معًا في الطرف الذي من جهة الفم.

كان الناي يُستخدم في المواكب الخاصة بالأعياد الكبرى لبث روح البهجة، كما يُستخدم أثناء السفر حتى لا يشعر المسافرون بالملل، وأيضًا في الجنازات بنغماته الهادئة الحزينة.

ج. القيثارة أو الكِنور أو العود Kathros: يظن Rawlinson[392] انه يمثل القيثارة البابلية، وهي تشبه القيثارة الآشورية، لكن أوتارها أقل. كما يتشابهان في أن تُحمل كل منهما تحت أحد الذراعين ويُعزف عليها باليدين، كل يد تأخذ اتجاهًا معينًا من الأوتار.

يظن البعض أن القيثارة harp تشبه الـ “cittern” وهي آلة من أصل يوناني، استخدمها الكلدانيون وهي نوع من الجيتار لازال يستخدم في الشرق.

د. الرباب Sabbeca, Sackbut: وهي الـ Sambuca عند الرومان. يرى Rawlinson أنها ربما ربابة ضخمة مرتكزة على الأرض مثل الربابة عند المصريين. يرى Wright[393] أن الـ Sambuca مثلثة الشكل لها أربعة أوتار أو أكثر ويُضرب عليها بالأصابع، وتعطي صوتًا حادًا.

هـ. السنطير Pesanterin, Psaltery: وهو نوع من الرباب، ويُظن أنها هي النَّبِل Nebel، ويبدو أنه ليس لها شكل معروف. وهي آلة وترية ربما كان لها شكل المثلث المقلوب (دلتا مقلوبة)، ويظن آخرون أنها تشبه الزق، هذا ما يُشير إليه كلمة نَّبِل. ويرى آخرون أنها تشبه الجيتار بوجه عام.

يقول يوسيفوس[394] أن السنطير له اثني عشر وترًا تصدر اثنتي عشرة نغمة، يقول المرتل: “ذو العشرة أوتار”، يُعزف عليه بالأصابع. كانت الأوتار، أيا كان عددها، مشدودة على قطعة خشبية (2 صم 6: 5؛ 1 مل 10: 6).

من غير المعروف متى ظهرت النَّبِل، ومتى اُستخدمت عند العبرانيين. جاء ذكرها في البداية عند تولي شاول المُلك. وعندما لاقته مجموعة من الأنبياء بعد أن مسحه صموئيل النبي بوقت قليل، استخدمت النَّبِل بين الآلات الموسيقية (1 صم 10: 5)، كما اُستخدمت في القيادة الإلهية (2 صم 6: 5، 1 أي 1: 8، 13، 15، 16، 25، 25، عا 6: 5) وأثناء الاحتفالات (إش 5: 12، 14: 11). يبدو أن النبل اُستخدمت لمصاحبة الصوت للغناء.

يرى Rawlinson[395] أن السنطير يشبه الـ Santour الحديث، وهو نوع من المزمار. أوتارها أقل من عشرة، مشدودة على صندوق مجوف أو لوحٍ موسيقي. غالبًا ما يُضرب عليها بقضيبٍ صغير أو مدق، يحمله الموسيقار بيده اليمني بينما يضغط بيده اليسرى على الأوتار لكي يخرج النغم المطلوب.

و. المزمار Sumpongah, Dulcimer: اختلفوا في أمره فدُعي العود أو البوق المعقوف أو الطبلة المرتفعة، أو أرغن، أو مزمار قربة bag piper. حاليًا يسمى مزمار القربة بالإيطالية Sampogne، وفي آسيا الصغرى Sampony. بينما في بعض المراجع يُسمى مزمار القربة في الآلات القديمة Ugab.

الـ Ugab آلة قديمة جدًا وقد نُسب إلى يوبال اختراعها (تك 4: 12). وقد جاء في (أي 21: 12، 30: 31) انه استخدم في احتفالات المناسبات.

يقول البعض انه يبدو أن الـ Ugab يشبه مزمار القربة Bag pipe. إنها تمثلها على اعتبار أنها تتكون من مزمارين مثبتين في حقيبة جلدية، الواحد من فوق والآخر من أسفل. خلال المزمار العلوي الذي له الفم (وهو الجزء من الآلة الذي يُوضع بين شفتي الموسيقار)، يمتلئ الكيس بالهواء، بينما المزمار السفلي الذي له بعض الثقوب يُعزف عليه بالأصابع مثل الفلوت Flute. وفي نفس الوقت نجد الكيس يرتفع وينخفض مثل المنفاخ بالضغط.

جاء في كثير من المراجع أن الـ Ugab يماثل الـ Syrinx (المصفار) وهي آلة بدائية من آلات النفخ، تتألف من سلسلة أنابيب متدرجة الطول، وهي أصل آلة الأرغن الحديثة. ويقول Kitto أن المترجمين عند استخدامهم لكلمة “الأرغن” كانوا يعنون به المصفار Syrinx)).

استخدمه الرعاة الأركاديون Arkadian وآخرون من بقع أخرى من اليونان. ويظنون أن Pan الإله الحارس هو الذي ابتكرها، ويسترسلون في خيالاتهم فيقولون انه كان يعزف عليها على جبل Maenalus. وكان يصنع من عيدان القصب والشوكران hemlock (وهو نبات يستخرج من ثمره شراب سام). بوجه عام كان يُؤتي بسبعة عيدان  مجوفة من هذه النباتات ويوضع شمع للصق العيدان مع بعضها البعض بعد أن تقطع بحسب الطول المطلوب، وتنظم حتى تصنع ثمانية وأحيانًا تسعة، معطية نغمات مطابقة لعددها. ونادرًا ما كانت تنظم الأنابيب بانحنائة حتى تلائم شكل الشفاه، بدلاً من أن تكون مستوية[396]. مازالت هذه الآلة تستخدم في بعض مناطق الشرق. القصب مختلف الأطوال لكن له قطر موحد، ويختلف في عدده ما بين 5 و23. وأحيانًا نرى هذه الآلة في يد الموسيقيين المتجولين في شوارع مدن أوروبا وأمريكا.

تشهد الآثار بإسهاب أن البابليين كانوا مُغرمين بالموسيقى، يستخدمون كثير من الآلات ولهم فرق موسيقية منظمة على مستوى كبير. ويحكي Annarus أنه كان يستضيف ضيوفه على مأدبة يصحبها غناء وآلات موسيقية تؤديها فرقة تتكون من 150 سيدة.

ساعات اليوم:

“ساعة” بالأرامية “Sha-ah” ربما تعني “نظرة”. اُستخدم هذا الاصطلاح لأول مرة في الكتاب المقدس في دانيال (3: 6؛ 5: 5). وهو تعبير غامض ينبيء عن فترة قصيرة غير محددة تمامًا، ليس بمعنى “ساعة” كما نفهمه اليوم.

يبدو ان البابليين هم أول من قسموا النهار إلى 12 قسمًا متساويًا، ويشهد هيرودت أن اليونان أخذوا هذا عن البابليين، وأيضًا تبنى اليهود عنهم هذه الفكر.

كان اليوم عند اليهود يُحسب من المساء إلى المساء التالي، وكان الجزء من اليوم يُحسب يومًا كاملاً. فقد مكث السيَّد المسيح في القبر قبل السبت مباشرة وقام في فجر الأحد، فحُسب أنه بقي في القبر ثلاثة أيام (الجمعة والسبت والأحد) ويُقسم الليل عند اليهود إلى 4 هزيعات، وقد أخذوا هذا النظام عن الرومان بعد أن صاروا تحت سلطتهم. كل هزيع يعادل ثلاثة ساعات، اُشير إليها في (مز 13: 35) بالمساء ونصف الليل وصياح الديك والصباح. أما النهار فقُسم إلى 12 ساعة متساوية تختلف حسب طول النهار خلال السنة من شروق الشمس إلى غروبها، فساعات الصيف أطول من ساعات الشتاء. ففي منطقة فلسطين الصيف يبلغ أطول نهار 14 ساعة و12 دقيقة بينما أقصر نهار هو 9 ساعات و48 دقيقة، لذلك تتراوح الساعة ما بين 71 دقيقة و49 دقيقة.

تبدأ الساعة الأولي مع شروق الشمس وتقع الساعة السادسة عند ظهيرة، والثانية عشر عند الغروب حيث يبدأ الليل، أما الساعة التاسعة فتُقابل الساعة 3 بعد الظهر.

الساعات في الكتاب المقدس

6.00 م  

الغروب 

(تك 28: 1؛ خر 17: 12؛ يش 8: 29).

6.20 م 

 ظهور النجم

(صلاة المساء).

10.00 م 

نهاية الهزيع الأول

(مرا 2: 19).

12.00 م

نصف الليل

(خر 11: 4، را 3: 8).

2.00 ص

نهاية الهزيع الثاني

(قض 7: 9).

3.00 ص

صياح الديك

(مر 13: 35، مت 26: 57).

4.30 ص 

صياح الديك الثاني 

(مت 26: 75،؛ مر 14: 30).

5.40 ص 

السحر

 

6.00 ص 

الشروق (نهاية الهزيع الثالث)

(خر 14: 24؛ عد 21: 11).

9.00 ص

الصلاة الأولي 

(أع 2: 15).

12.00 ص

الساعة السادسة (ظهرًا)

(تك 43: 16).

1.300 م

العشية الكبرى (المنشا الأول)

 

3.30 م

العشية الصغرى (المنشا الثاني).

 

5.40 م

وقت ذبيحة المساء.

 

         

جبابرة القوة:

جاء في الآثار التي اُكتشفت في Khorshabad مثل هؤلاء “جبابرة القوة” أو “العمالقة”. يبدو أن هؤلاء الرجال كانوا يُختارون من بين أفراد الجيش حسب حجمهم وقوتهم، يقفون في حراسة القصور الملكية متأهبين لتنفيذ أمر الملك. وذلك كما في أوربا وفي الشرق إلى يومنا هذا.

قام بعض هؤلاء الجبابرة بالقاء الثلاثة فتية في اتون النار (3: 30).

الملابس:

“ثم أوثق هؤلاء الرجال في سراويلهم وأقمصتهم وأرديتهم ولباسهم” (3: 21).

أ. السروال Sarbalin، له سماته المختلفة عن العبري.

ب. القميص Patish وهو ثوب Tunic داخلي.

ج. رداء Carbala  وهو ثوب داخلي.

د. لباس Lebush عباءه تغطي كل الملابس.

الصلاة في العلية:

“وكواه مفتوحة في عليته نحو أورشليم” (6: 10).

العلية aliyah هي حجرة عليا في البيت الشرقي، كانت تُبنى أحيانًا على السطح، واحيانا فوق هذه الحجرة. غالبًا البيوت الفقيرة لم يكن بها عليه. كانت غالبًا ما تكون مؤثثة بما يليق باستضافة الضيوف، كما استضافت الشونمية ايليا النبي في عليتها (2 مل 4: 10). اعتكف داود في العلية ليبكي ابنه أبشالوم (2 صم 18: 24). 

في (مر 14: 14-15) أُعد الفصح في عُلّيه كبيرة ضمت السيَّد المسيح وتلاميذه…

احيانا تُقام العلية في مكان مرتفع في الفناء، مستقل عن البيت، وتقام أمامه نافورة لترطيب الجو، وتضفي جمالاً على المباني، يتمتع بها الضيوف.

شريعة مادي وفارس (6: 15):

لم يكن من حق الملك أن يُغير قرارًا صدر وخُتم ونُشر، وذلك حسب شريعة مادي وفارس، وذلك بناء على اتفاق بين مادي وفارس عند اتحادهما معًا.

 

زر الذهاب إلى الأعلى