تفسير سفر الخروج 25 للقمص أنطونيوس فكري
الآيات (1-9):
“وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَأْخُذُوا لِي تَقْدِمَةً. مِنْ كُلِّ مَنْ يَحِثُّهُ قَلْبُهُ تَأْخُذُونَ تَقْدِمَتِي. وَهذِهِ هِيَ التَّقْدِمَةُ الَّتِي تَأْخُذُونَهَا مِنْهُمْ: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَنُحَاسٌ، وَأَسْمَانْجُونِيٌّ وَأُرْجُوَانٌ وَقِرْمِزٌ وَبُوصٌ وَشَعْرُ مِعْزَى، وَجُلُودُ كِبَاشٍ مُحَمَّرَةٌ وَجُلُودُ تُخَسٍ وَخَشَبُ سَنْطٍ، وَزَيْتٌ لِلْمَنَارَةِ وَأَطْيَابٌ لِدُهْنِ الْمَسْحَةِ وَلِلْبَخُورِ الْعَطِرِ، وَحِجَارَةُ جَزْعٍ وَحِجَارَةُ تَرْصِيعٍ لِلرِّدَاءِ وَالصُّدْرَةِ. فَيَصْنَعُونَ لِي مَقْدِسًا لأَسْكُنَ فِي وَسَطِهِمْ. بِحَسَبِ جَمِيعِ مَا أَنَا أُرِيكَ مِنْ مِثَالِ الْمَسْكَنِ، وَمِثَالِ جَمِيعِ آنِيَتِهِ هكَذَا تَصْنَعُونَ.”
طلب الله من موسى أن يسأل شعبه لكي يقدم كل إنسان حسبما يسمح قلبه (خر5:35) أي بقدر ما تسمح محبته يساهم في التقدمة التي تستخدم في صنع المقدس الذي يسكن فيه الرب وسط شعبه. وأنها لكرامة أن يشترك كل إنسان في أن يقدم شيئًا للرب. ولاحظ قول الله تقدمتي فالله ينسبها إلى نفسه ليدل على أنه له الحق أن يطلبها لأن الإنسان وكل ماله هو لله. والتقدمة تشير:-
- للعذراء: هي تقدمة البشرية لله حتى يأتي الروح القدس ويصنع للمسيح جسدًا منها.
- لنا: فعلينا أن نطيع ونحيا في أمانة فيأتي الآب والابن ويصنعوا عندنا منزلًا (يو23:14). ومسكن الرب يبني خلال طهارة القلب والجسد.
والآن ليبحث كل واحد في قلبه ماذا قدم ولمن قدَّم؟ لو قدمنا لله فسيملك الله على حياتنا وفي اليوم الأخير نكون معه. ولو قدمنا القلب لشهوات وخطايا العالم يأتي رئيس هذا العالم في اليوم الأخير ويثبت ملكيته لهذا المكان. لذلك قال السيد المسيح “رئيس هذا العالم آتٍ وليس له فيَّ شيء”.
راجع شرح المواد في الفصل المخصص لذلك.
يصنعون لي مقدسًا: ليسكن فيه الله معهم. يكون ظلًا للسماويات. وهكذا يقام في القلب أيضًا مسكنًا للرب يحمل صورة السماويات (عب14:12).
والله أظهر لموسى صورة للسماويات= مثال المسكن. إذًا هذا المسكن هو ظل للسماويات إذًا فخيمة الاجتماع كانت ظلًا لصورة السماء عينها. حتى بدأ فك رموزها في العهد الجديد حيث دخلنا لعربون السماويات. وفهمنا تدبير وخطة الله. ولكن مع كل ما حصلنا عليه فهو مازال كما قلنا في بعد واحد ولم يتم حتى الآن ظهور كل عطايا الله بوضوح فما زلنا نحيا كما في لغز كما في مرآة في عربون السماويات. ونستطيع أن نقول أن الخيمة هي ظل للكنيسة في العهد الجديد. والكنيسة هي ظل لمجد السماويات في الحياة الأبدية (1كو12:13)
الآيات (10-22):-
“«فَيَصْنَعُونَ تَابُوتًا مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ، طُولُهُ ذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ، وَعَرْضُهُ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ، وَارْتِفَاعُهُ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ. وَتُغَشِّيهِ بِذَهَبٍ نَقِيٍّ. مِنْ دَاخِل وَمِنْ خَارِجٍ تُغَشِّيهِ، وَتَصْنَعُ عَلَيْهِ إِكْلِيلًا مِنْ ذَهَبٍ حَوَالَيْهِ. وَتَسْبِكُ لَهُ أَرْبَعَ حَلَقَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَتَجْعَلُهَا عَلَى قَوَائِمِهِ الأَرْبَعِ. عَلَى جَانِبِهِ الْوَاحِدِ حَلْقَتَانِ، وَعَلَى جَانِبِهِ الثَّانِي حَلْقَتَانِ. وَتَصْنَعُ عَصَوَيْنِ مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ وَتُغَشِّيهِمَا بِذَهَبٍ. وَتُدْخِلُ الْعَصَوَيْنِ فِي الْحَلَقَاتِ عَلَى جَانِبَيِ التَّابُوتِ لِيُحْمَلَ التَّابُوتُ بِهِمَا. تَبْقَى الْعَصَوَانِ فِي حَلَقَاتِ التَّابُوتِ. لاَ تُنْزَعَانِ مِنْهَا. وَتَضَعُ فِي التَّابُوتِ الشَّهَادَةَ الَّتِي أُعْطِيكَ. «وَتَصْنَعُ غِطَاءً مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ طُولُهُ ذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ، وَعَرْضُهُ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ، وَتَصْنَعُ كَرُوبَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ. صَنْعَةَ خِرَاطَةٍ تَصْنَعُهُمَا عَلَى طَرَفَيِ الْغِطَاءِ. فَاصْنَعْ كَرُوبًا وَاحِدًا عَلَى الطَّرَفِ مِنْ هُنَا، وَكَرُوبًا آخَرَ عَلَى الطَّرَفِ مِنْ هُنَاكَ. مِنَ الْغِطَاءِ تَصْنَعُونَ الْكَرُوبَيْنِ عَلَى طَرَفَيْهِ. وَيَكُونُ الْكَرُوبَانِ بَاسِطَيْنِ أَجْنِحَتَهُمَا إِلَى فَوْقُ، مُظَلِّلَيْنِ بِأَجْنِحَتِهِمَا عَلَى الْغِطَاءِ، وَوَجْهَاهُمَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى الآخَرِ. نَحْوَ الْغِطَاءِ يَكُونُ وَجْهَا الْكَرُوبَيْنِ. وَتَجْعَلُ الْغِطَاءَ عَلَى التَّابُوتِ مِنْ فَوْقُ، وَفِي التَّابُوتِ تَضَعُ الشَّهَادَةَ الَّتِي أُعْطِيكَ. وَأَنَا أَجْتَمِعُ بِكَ هُنَاكَ وَأَتَكَلَّمُ مَعَكَ، مِنْ عَلَى الْغِطَاءِ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى تَابُوتِ الشَّهَادَةِ، بِكُلِّ مَا أُوصِيكَ بِهِ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ.”
أبعاد التابوت ½ 2 × ½ 1 × ½ 1 أبعاد الغطاء ½ 2 × ½ 1.
من بين الكاروبين كان يظهر الشكيناه أي مجد الحضرة الإلهية (آية22).
الغطاء: كرسي الرحمة
تابوت العهد هو القطعة الوحيدة داخل قدس الأقداس. وقدس الأقداس رمز للسماء فيكون تابوت العهد رمز لعرش الله. وقد رأى حزقيال رؤياه التي ذكرها في (حز1، 10) أن الله جالس على عرشه والعرش موضوع على مقبب والمقبب فوق الكاروبيم أي الله جالس على الشاروبيم (مز1:80). والله على عرشه هناك يعلن مجده وإرادته وقضاؤه. وكان مجد الله يظهر بين الكاروبين المظللين لتابوت العهد. وكان اليهود يطلقون على مجد الله الذي يظهر بين الكاروبين الشكيناه. راجع (عد89:7 + 1صم4:4 + مز1:99 + أش16:37 + 2صم2:6).
وفي (أش6) نجد السيرافيم يصرخون قدوس قدوس قدوس. فوجود السيرافيم هنا إشارة وشهادة لمجد الله الحال في هذا المكان. والكاروبيم أيضًا يشيروا أن مشيئة الله وقضاؤه هم مسئولون عن تنفيذها. فهم منعوا آدم عن الفردوس (تك24:3 + عد23:22 + 1أي16:21 + 2مل15:19) وفي حز10 وفي سفر الرؤيا نراهم يسكبون جامات غضب الله ونجد لديهم جمرًا مشتعلًا لحرق أورشليم تنفيذًا لأوامر الله لغضبه على أورشليم.
ولنلاحظ أن الغطاء ليس هو مجرد غطاء عادي لصندوق لكنه يشير لأكثر من هذا فنحن نجد في (1أي11:28) أن بيت الله يسمى بيت الغطاء وكأنه يريد أن يقول أنه أهم قطعة في البيت لماذا؟
هناك قاعدة عامة أن الخشب يشير لناسوت أي جسد المسيح والذهب يشير إلى لاهوت المسيح في مجده، والنحاس يشير للاهوت المسيح في عدله ودينونته للخطية فحينما نجد التابوت أو المائدة أو مذبح البخور مصنوع من خشب سنط لا يُسَوِّس، فهذا يشير لجسد المسيح. والخشب مغشى بالذهب، إذًا هذا الخشب المغشى بذهب يشير للإله المتأنس ذو الطبيعة الواحدة التي من طبيعيتين وواضح أن هذه الصورة تشرح بقدر ما نفهم أن الطبيعيتين ظلاّ بلا اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ونفس الكلام ينطبق على مذبح المحرقة فهو خشب مغشى بنحاس. كل هذا يرمز للمسيح المتجسد.
أما لو ذكر الذهب لوحده فهو لا يشير للمسيح المتجسد بل يشير لله بلاهوته. وهذا ينطبق هنا على غطاء التابوت فهو ذهب خالص ويشير للمنارة فهي أيضًا ذهب خالص وللمرحضة فهي نحاس بدون خشب. أما المنارة والمرحضة فهي تشير للروح القدس وعمله في جسد المسيح أي الكنيسة. أما الغطاء يشير لله في مجده وعلى عرشه.
المنظر الذي نراه هنا متطابق تقريبًا مع حزقيال (1). فمجد الله حال بين الكاروبيم هنا كما كان عرش الله فوق الكاروبيم في حزقيال. ولاحظ أن الكاروبيم كان قطعة واحدة مع الغطاء، هي عرش الله حيث يظهر مجد الشكيناه. وشكيناه كلمة عبرية تعني بهاء الرب، هكذا ترجمت كلمة شكيناه في (خر34:40، 35). وهذه الكلمة تعني في أصلها سكينة أو هدوء واطمئنان، إشارة لما كان يشعر به من يرى مجد الله الحال بين الكاروبين.
وكان رئيس الكهنة يوم الكفارة يرش دم تيس الخطية على الغطاء. ولاحظ أن الكاروبيم وجوههم إلى الغطاء أي إلى الدم، دم الكفارة فكأنهما ينظران برأسيهما ليروا الدم فلا ينفذوا الضربات ضد البشر. هنا إنما هم يراقبون بفرح فاعلية دم الذبيحة في تسكين غضب الله وعودة الصلح بين السماء والأرض. وراجع قول المسيح (يو51:1) من الآن ترون السموات مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان. ولذلك حينما قام مترجمو الترجمة السبعينية بترجمة كلمة غطاء وهو كافورت لم يستعملوا كلمة غطاء عادية، فهي لا تؤدي المعنى بل أسموه كرسي الرحمة. لأن كلمة غطاء لا تعني غطاء عادي بل الدم الذي يغطي الخاطئ فيرحمه الله برحمته، من هنا كانت الترجمة كرسي الرحمة. ولأن هذا هو أهم خبر لنا كبشر أن الله رحمنا سُمِّي البيت كله بيت الغطاء أو مكان كرسي الرحمة.
ولاحظ أن الغطاء مقاسه هو مقاس التابوت تمامًا. وإذا كان التابوت يمثل المسيح المتجسد، فهذا يعني أن المسيح وَفَّى تمامًا مطاليب[1] العدالة الإلهية. ومن يؤمن ويعتمد ويظل ثابتا في المسيح ويجاهد ضد الخطية حتى الدم هو من يستفيد من الدم ويخلص. هذا ما يعنيه نظر الكاروبين على الغطاء في فرح لأجل الخلاص (1بط12:1 + رؤ8:5-14) فالسماء التي تفرح بخاطئ واحد يتوب نجدها هنا في فرح بسبب الخلاص. الكاروبين هنا أمام عرش الله (كرسي الله) شهود على مراحمه تجاه البشر.
ولاحظ أن الكاروبين أجنحتهما مبسوطة فهم على استعداد دائم لتنفيذ أوامر الله وقضاؤه ضد الخطاة لكن الدم يؤجل هذا. نجد هنا الرحمة والعدل (الحق) يتلاقيان. الله القدوس الجالس على عرشه يحكم بالعدل، وبحسب لوحي الشريعة يجب موت كل خاطئ. ولكن التابوت الذي يرمز لفداء المسيح الذي كان بالرحمة. ودم الكفارة يرشه رئيس الكهنة (رمزا لمسيحنا ورئيس كهنتنا) على غطاء التابوت. لذلك نقول أن هنا وفي التابوت يتقابل العدل مع الرحمة (مز85: 10)، فالغطاء هو بنفس أبعاد التابوت. ومن عند كرسي الرحمة كان الله يتكلم مع موسى بدلًا من كلامه معه من على الجبل حيث إرتعب موسى والشعب، ولكن على أساس الرحمة يُشْعِرْ الله موسى براحة وسكينة عندما يرى مجده (الشكيناه) راجع (عب18:12-24 + تث16:18).
بدم المسيح صار هناك مصالحة (2كو18:5).
التابوت:
يسمى بالعبرية “عارون” وهي تعني صندوق وهو أشبه بصندوق خشب سنط مغشى بصفائح ذهبية خالصة من داخل ومن خارج يحيط برأسه إكليل ذهب وفوقه غطاء (الكافورت) والكلمة مشتقة من كافار التي تعني يغطى ومنها يُكَّفِّر. وكما ذُكِرَ فالذهب يمثل اللاهوت والخشب يمثل الناسوت “وكان الكلمة الله والكلمة صار جسدًا” (يو1) هذا هو الذهب والخشب. والخشب أيضًا إشارة للصليب فهو مصنوع من الخشب. والمسيح أتى من أجل الصليب وما كان ممكنًا أن نتقابل نحن كخطاة إلا عن طريق الصليب، فالصليب هو سر إتحادنا مع الله وهو سبب دخولنا للمقدسات الإلهية. ولنا طريق واحد لهذا، أن نقدم أنفسنا ذبيحة ونحمل نحن أيضًا كل منا صليبه ونسير وراءه فنصل للمجد، ونحيا حياة سماوية داخليًا (فالتابوت مغشى بذهب من داخل) وخارجيًا (التابوت مغشى بذهب من خارج) ومعنى هذا أن تكون حياتنا في بر وطهارة خارجيًا فنتذوق طعم الحياة السماوية التي أتى بها لنا المسيح الذي “طأطأ السموات ونزل” (مز18: 9). فالذهب يرمز للسماويات وأمجادها. ومن تذوق طعم الحياة السماوية على الأرض فهو قد تذوق عربون الأمجاد التي أعدها لنا الله.
وجود تابوت العهد في قدس الأقداس يعني أن المسيح حملنا فيه إلى داخل أمجاد السماء “أنا ذاهب لأعد لكم مكانًا لأنه حيث أكون أنا تكونون أنتم” وهذا معنى ظهور الرقم ½ في كل أبعاد التابوت. ولاحظ أن الغطاء فوق التابوت. هنا يتحول البشر في السماء إلى مكان يستريح الله فيه ويجلس عليه كما كان يجلس على الشاروبيم (حز1 + مز1:80).
الإكليل:
هو حافة على طول الجوانب العليا الخارجية وظيفتها تثبيت وضع الغطاء، وأيضًا تعلن أن الرب يسوع نجده مكللًا بالمجد والكرامة. وطالما عروس المسيح متحدة به فهذا يعلن أيضًا أن العروس هناك ستكلل. هذا قمة الرحمة والحب أن نذوق نحن المزدري وغير الموجود الأمجاد (الإكليل). المجد لنا كبشر إنما هو إنعكاس مجد المسيح علينا (وهذا معنى أن نجلس في عرش المسيح) ولكن الأكاليل هي في الحقيقة تُعْطَى للمسيح فهو الذي غلب فينا. نحن كنا كفرس أبيض يقوده المسيح الذي غلب في معركة الصليب وما زال يغلب فينا إذا تركنا له القيادة (راجع تفسير رؤ6: 1، 2 + زك6: 9 – 15). ولأنه يغلب في كل شعبه نجد أن له أكاليل أي تيجان كثيرة (رؤ19: 12).
العصوين:
هما أسفل التابوت داخل أربع حلقات ويستعملوا لحمل التابوت وكون العصي أسفل التابوت هذا يجعل بنو قهات حينما يحملونه لا تصيبهم اللعنة ويموتوا إذا لمسوا التابوت بأجسامهم. والحلقات تعني أن الله ينتقل مع شعبه في كل مكان، لا يتركهم لذلك لا تنزع العصوان ولم ينزعوا سوى في الهيكل فالله لا يرتاح إن لم يريح شعبه أولًا. والعصوان يمثلان حياة الغربة في هذا العالم. لكن في غربتنا هذه فالله لا يتركنا (مت20:28).
ارتحال التابوت:
عدد أصحاح (4): ينزل بنو هرون الحجاب ويغطون به تابوت الشهادة ثم يجعلون عليه غطاء من جلد تخس ويبسطون فوقه ثوبًا إسمانجوني، فالتابوت السائر في البرية يرمز لحياة المسيح في العالم. والحجاب هو رمز لجسد المسيح (عب20:10) أي شخص ابن الله في ناسوته. وجلد التخس للوقاية فهو يحمي من شرور العالم، والإسمانجوني لأن حياته سماوية. وكان الشعب في حركته يتقدمهم عمود السحاب نهارًا وعمود نار ليلًا وكان متى حملوه يقال “قم يا رب فلتتبدد أعداؤك ويهرب مبغضوك من أمامك” وعند حلوله كان يقول “ارجع يا رب إلى ربوات ألوف إسرائيل” (عد33:10-36) وعندما عبر الشعب نهر الأردن حملوا التابوت أمامهم فانشق النهر (يش14:3-17).
غطاء تابوت العهد يشير إلى الله في مجده. والتابوت يشير للمسيح بجسده الممجد عن يمين الآب، وقد حمل كنيسته فيه إلى المجد. وحين يغطون التابوت بالحجاب الذي يرمز لجسد المسيح (عب10: 19-20) فهذا يشير للمسيح الذي أخفى لاهوته في ناسوته حال وجوده بجسده الإنسانى على الأرض. ثم يوضع جلد التخس فوق الحجاب، وهذا يشير للحماية الإلهية لجسد المسيح بينما كان على الأرض. فكم حاول اليهود رجمه وقتله والله لم يسمح بذلك حتى أنهى مهمته. وفوق كل هذا ثوب إسمانجونى أي لونه سماوي، فالمسيح أتى من السماء ويذهب إلى السماء وهو دائما في السماء بلاهوته (يو3: 13).
تابوت الشهادة:
هو أحد أسماء تابوت العهد فداخل تابوت العهد نجد لوحي الشهادة. واسم الشهادة ليكونا شهادة مستمرة لكونهما من الله ولوعد الشعب أنهم يطيعوا أقوال الله. وكلمة شهادة هي كلمة عبرية تحمل معنى التأكيد، فإن شهادات الله تحمل صفاته وإرادته وأغراضه التي تضمنتها الكتب المقدسة. والمسيح جاء ليشهد للآب. وكانت الشهادة في قلبه أما نحن فقد انحرفنا عنها، لذلك فهو لم يصنع خطية، راجع (يو34:4، 38:6، 29:8 ، 46). ووجود الكاروبين شهادة على قيمة عمل الكفارة. وكما كان هناك ملاكين للشهادة عن القيامة فهنا ملاكين كاروبين للشهادة أن ثمن الخطية قد دفع، وأنه لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع.. (رو1:8) ولكن بقية الآية “السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح. فالكاروبيم شهود علينا الآن هل نسلك حسب الجسد أم بحسب الروح بعد أن اشترانا المسيح بدمه.
والتأمل في عمل المسيح لنا بصليبه يبعث فينا مشاعر الحب ومن يحبه يحفظ وصاياه بل تكتب وصاياه على قلبه لا على ألواح حجرية. (أر33:31 + حز26:36 + رو5:5) ووجود الغطاء من خارج ولوحي الشهادة من داخل يشير لعدل الله ورحمته في وقت واحد. وتصوَّر عدم وجود الغطاء، لظهر لوحي الشهادة يدينون العالم كله فلا يوجد من لم يكسر وصية ويستحق اللعنة (يع10:2). لذلك يوجد من قال أن موسى قد كسَّر لوحي الشريعة حين إغتاظ من خيانة الشعب حتى لا يكونا شاهدين على الشعب ويموت الشعب بسبب خطيته فبدون ناموس لا يوجد تَعَدٍ (رو3:4) وظل لوحي الشهادة والناموس يحكمان علينا بالموت ويدينوا كل البشرية حتى جاء المسيح الذي حفظ الشهادة في قلبه وقدم كفارة (غطاء) لكل خطايانا.
ولكن لوحي الشهادة لهم نظرة أخرى فالله لم يعطنا الشريعة كنوع من التحريم والتجريم والتحكم ولكن لأن الله يعلم أن الالتزام بهذه الوصايا هو السبيل الوحيد حتى يحيا الإنسان لذلك في (حز11:20، 12) أشار الله هنا فقط كتدليل على محبته أنه أعطاهم الوصايا والسبت فمن يلتزم بها يحيا. إذًا لوحي الشهادة هم شهود أننا بعد أن تركنا الله لم يتركنا هو “بل أعطانا الناموس عونًا” كما يقول القداس الغريغوري حتى لا نهلك. كان الناموس مؤد بنا إلى المسيح (غل24:3).
إذًا معنى “لوحيّ الشهادة”:
1) هما شهادة أنهما من الله، ومن يلتزم بما فيهما يحيا (لا18: 5). وأن الشعب وعد بأن يلتزم بتنفيذ وصايا اللوحين. وصار كل ما في التابوت شهادة ضد الشعب على خطاياهم. هم كسروا الوصايا، وتذمروا على المن. وتمردوا على كهنوت هارون (عصا هارون التي أفرخت).
2) الكلمة تحمل معنى التأكيد، والمعنى أنها تحمل إرادة الله المعلنة في الكتاب.
3) التابوت يرمز للمسيح، والمسيح أتى ليشهد للآب. وكانت الشهادة في قلبه لم يحد عنها فكان الإنسان الكامل، الوحيد الذي بلا خطية. الوحيد الذي إلتزم بالناموس. لذلك نحن فيه نحسب كاملين.
4) المسيح إلتزم بالناموس أما البشر فقد حادوا عنه فماتوا. والله حدد شرط أن يحيا الإنسان وهو أن يلتزم بهذه الوصايا “فَتَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي، ٱلَّتِي إِذَا فَعَلَهَا ٱلْإِنْسَانُ يَحْيَا بِهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ” (لا18: 5). وصارا اللوحين شهادة أن الله حذر الإنسان من المخالفة.
5) خالف الإنسان فمات وكان دم المسيح الذي صالحنا مع الآب، ورمزه الدم المرشوش على غطاء التابوت. فصار التابوت شاهدًا على مراحم الله الغافرة.
6) الكاروبين الناظرين إلى الدم المرشوش صاروا شهودًا لمراحم الله.
7) اللوحين شهادة أن الله لم يتركنا بعد أن أخطأنا بل أعطانا الوصايا لنحيا بها. وليس فقط أن نحيا أبديًا، بل أن تكون لنا حياة فرحة هنا على الأرض إذ أن من يلتزم بالوصايا لا يخضع لعبودية الشيطان فيذله الشيطان.
8) التأمل في التابوت يثير فينا الشعور بمراحم الله الغافرة. فبدم المسيح غفرت خطايانا وتصالحنا مع الآب، فأرسل روحه القدوس يسكن فينا ويثبتنا في المسيح. والمسيح هو الذي يحملنا إلى أحضان أبونا السماوي. والروح القدس يثير فينا مشاعر الحب لله، وإذا دخل حب الله للقلب تكتب الوصية على قلوبنا بدلًا من أن تكتب على الألواح الحجرية (إر31: 33).
صنعة خراطة:
أي ليس بالسبك ولا بالطرق. ولكنهم صنعوا كتلة واحدة ثم صوروها بالإزميل والآلات الموجودة وقتئذ. إذًا كان الغطاء واحدًا مع الكاروبيم علامة على وحدة هذه المخلوقات السمائية الملائكية بالله. وكان الله يريد أن يكون الإنسان أيضًا في وحدة معه لكن بسبب الخطية حدث الانفصال وجاء المسيح ليصيرنا واحدًا مرة أخرى (يو21:17) ومن هناك كان الله يكلم موسى أي على أساس الوحدة (راجع مقدمة خيمة الاجتماع).
ماذا في داخل التابوت:
يذكر بولس الرسول في (عب4:9) أن تابوت العهد كان يحوي لوحي الشريعة وقسط المن وعصا هرون التي أفرخت. وفي (خر21:25) لا نجد سوى لوحي الشريعة وهذا يعني أن عصا هرون وقسط المن أضيفا للوحي الشريعة بعد ذلك ولكنهما لم يكونا هناك طول الوقت. ولنرى كيف يشير كل هذا لعمل المسيح.
- لوحيّ الشريعة: فلكوننا عجزنا عن أن نلتزم بالناموس جاء المسيح الذي حفظ هذه الشريعة في قلبه وحفظها هو. ومن يثبت فيه يحسب كاملا وبلا لوم ويخلص (كو1: 28 + أف1: 4)، ولذلك يطلب المسيح أن “إثبتوا فيَّ وأنا فيكم”. ومن يثبت فيه يحيا. والدم الذي يرشه رئيس الكهنة على الغطاء فنقبل أمام الآب هو دم المسيح الذي برحمته قدَّم لنا الفداء. هذا الدم على الغطاء يغطى لوحيّ الشهادة اللذان يطالبان بموت كل من يخطئ والله برحمته يغفر.
- قسط المن: يشير للمسيح الذي قدم نفسه لنا لنأكله: “يُعْطَى غفرانًا للخطايا وحياة أبدية لِمَنْ يتناول منه”.
- عصا هرون: هي تمثل البشرية بدون المسيح، ميتة لا رجاء فيها، وبالمسيح صار لها حياة “لى الحياة هي المسيح” (فى1: 21) وبالتالي صارت لنا ثمار.
إذًا التابوت يرمز للمسيح ويرمز للكنيسة التي هي جسده الثابت فيه فيصير له حياة، والتابوت يشير للعذراء فهي أم الكنيسة. وهي التي حوت المسيح بلاهوته المتحد بجسده الذي أخذه من بطنها. وهي عصا هرون التي أفرخت بدون زرع بشر. وتسربلت بمجد اللاهوت داخلها (الذهب من داخل) وكانت حياتها مثمرة وبارة وقديسة (ذهب من خارج) وكما رقص داود أمام تابوت العهد هكذا ارتكض الجنين بابتهاج في بطن أليصابات حينما زارتها العذراء مريم، التابوت الذي يحمل المسيح داخله.
وكل ما في التابوت أيضًا شاهد على كسر وصية أو مخالفة (لوحي الشريعة) فمن ذا الذي لم يكسر أي وصية. ويذكرهم بخطية العجل الذهبي التي جعلت موسى يكسر اللوحين الأولين. وطاس المن يشير لتذمرهم في الصحراء على المن عطية الله. وعصا هرون تذكرهم بتمرد قورح “خطيتي أمامي في كل حين”.
وكل ما في التابوت أيضًا شاهد على كسر وصية أو مخالفة (لوحي الشريعة) وعلى العجل الذهب. وطاس المن يشير لتذمرهم في الصحراء على المن عطية الله. وعصا هرون تذكرهم بتمرد قورح “خطيتي أمامي في كل حين”.
إذًا كان كل ما في التابوت يذكر بخطية أي شاهد على خطية. لكن شكرًا لله فهو غطَّى على كل خطية بدمه وأعطانا المن الحقيقي جسده ودمه فصارت فينا حياة مقامة بدلًا من الموت ووهبنا روحه القدوس يعيننا على حفظ الوصية.
ولاحظ أن العصا التي أفرخت تشير للقيامة من بعد الموت ولذلك فحينما أفرخت العصا أفرخت لوزًا واللوز هو أول الثمار التي تظهر في الموسم، لذلك يطلقون على شجرة اللوز الشجرة المتعجلة. وهذا يشير إلى المسيح باكورة الراقدين (1كو20:15).
تابوت العهد والمذبح في الكنيسة:
- قدس أقداس الهيكل يشير للسماء وهكذا الهيكل في الكنيسة.
- وفي قدس الأقداس يوجد التابوت، وفي الهيكل يوجد المذبح.
- وعاء المن يشير له الجسد والدم على المذبح والوعاء يشير للصينية والكأس.
- عصا هرونيشير لها الصليب على المذبح فبدون عمل الصليب لا حياة.
- الكاروبيم يشير لهم وجود شمعدانين حول الذبيحة.
- وعصا هرونالتي أفرخت تشير للكاهن فهي تشير للكهنوت المعين من قبل الله (عب4:5).
- لوحا العهد تشير لهما البشارة أي الإنجيل الموضوع دائمًا على المذبح حاملًا بشارة الخلاص التي نتقبلها خلال العمل الذبيحي الذي يغفر الخطايا ولكن طالما ذكرنا غفران الخطايا فلا غفران خطية لمن لا يعترف فمن يكتم خطاياه لا ينجح (أم13:28 + مز3:32، 5).
يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد (عب13: 8)
- ما بين خيمة الاجتماع والكنيسة والسماء(رؤ4)
الرؤيا السماوية |
الكنيسة |
خيمة الاجتماع |
الله جالس على العرش |
جسد ودم المسيح على المذبح |
تابوت العهد في قدس الأقداس والمن داخله |
7 مصابيح نار متقدة |
الروح القدس يعمل في الكنيسة |
منارة ذات 7 شعب |
بحر زجاجي |
المرحضة |
|
24 قسيسًا |
كهنة |
كهنة |
القسوس لهم ثياب بيض |
القسوس لهم ثياب بيض |
الكهنة لهم ثياب بيض |
القسوس يقدمون بخورًا |
الكهنة يقدمون بخورًا |
الكهنة يقدمون بخورًا |
الكاروبيم (4 حيوانات) |
4 بشائر نرمز لها بأربع وجوه |
كاروبيم فوق تابوت العهد |
ملائكة في السماء |
شموع مضاءة رمزًا للملائكة |
كاروبيم نقش في كل مكان |
تسابيح كثيرة |
تسابيح كثيرة |
تسابيح كثيرة |
حقًا أن من يعيش في الكنيسة لن تكون السماء غريبة عليه، فالله ليس عنده تغيير أو ظل دوران. لقد كان العهد القديم ظلًا للعهد الجديد “لأن الناموس، إذ له ظل الخيرات العتيدة..” (عب1:10). والعهد الجديد هو ظل أو صورة أيضًا لما في السماء.
تأملات:
- لا يوجد أي مصدر للضوء داخل قدس الأقداس، فهو يمثل السماء. وفي السماء هناك لا توجد شمس لأن الرب الإله ينير (رؤ5:22). فقدس الأقداس رمز لعرش الله في السماء. لذلك فالنور الوحيد داخل قدس الأقداس هو نور الشكينه.
- هدف أي إنسان روحي عاقل أن يدخل ليرى الله في مجده = عرشه في السماء، وهذا يمثله تابوت العهد، وحتى نصل للعرش علينا أولًا أن ندخل للقدس.
- أما القدس فيشير للكنيسة في غربة هذا العالم، يشير لجسد المسيح خلال رحلة غربته. ولدخول القدس يلزم المرور من باب الخيمة = المسيح هو الباب = الإيمان بالمسيح المخلص.
- مذبح المحرقة = الإيمان بصليب المسيح.
- المرحضة = التوبة لغفران الخطية، والمعمودية أولًا.
ولا يدخل القدس سوى الكهنة أي المؤمنين الذين لهم الكهنوت العام الذين يقدمون ذبائح روحية، صلوات وتسابيح ويقدمون أنفسهم ذبائح حية.
- أما الدار الخارجية فتشير لمن دخل المسيحية لكنه لا يريد أن يدخل للأعماق واكتفى بالقشور راجع (رؤ1:11، 2).
- وجد ثلاث أبواب في الطريق إلى قدس الأقداس وكل باب يشير للمسيح الذي قال لا أحد يأتي إلى الآب إلا بي (يو6:14).
- إن رئيس الكهنة ينضح من دم الكفارة سبع مرات للغرب ومرة واحدة للشرق (لا14:16). والغرب إشارة للأقداس الأرضية وهذه تحتاج لتكرار الرش حتى يتأكد الشعب من كمال الغفران (7 مرات). والشرق يشير للأقداس السماوية الحقيقية وهذه لا تحتاج للرش إلا مرة واحدة وهكذا فعل المسيح بدخوله للأقداس السماوية مرة واحدة (عب12:9).
- كان لا يمكن إلا لرئيس الكهنة أن يدخل إلى قدس الأقداس سوى مرة واحدة يوم الكفارة، ومَنْ دخل غير ذلك يموت، وذلك رمزًا للمسيح الذي دخل مرة واحدة للأقداس. وكان يحجب قدس الأقداس الحجاب الذي هو رمز لجسد المسيح. لذلك وقت أن صلب المسيح على الصليب تمزق الحجاب وصار قدس الأقداس مفتوحًا لنا جميعًا.
حجاب الهيكل الأرثوذكسي:
هو مُغْلَق دائمًا إن لم يكن هناك صلاة، وهذا ليس إعلانًا عن أن السماء مغلقة!! إنما حين يفتحه الكاهن الذي يشير لكهنوت المسيح الذي قدم ذبيحة نفسه على الصليب، لذلك يكون ممسكًا بصليبه إعلانًا عن أنه بالصليب فتح الحجاب. هذا جمال الطقس القبطي. هذا يرسم في ذهن الحاضرين يوميًّا عمل الصليب الذي فتح لنا السماء.
ترتيب ذكر القطع كما جاء بالكتاب المقدس:
يبدأ بالتابوت حيث قدس الأقداس الذي يشير للسماء، هناك الله على عرشه وفي مجده. ثم نجد المسيح يعبر الهوة السحيقة التي تفصل بين السماء والأرض، ثم يأتي ذكر المائدة ليشير لأن المسيح أتى لتكون لنا شركة معه. ثم يأتي دور المنارة لتشير أن المسيح أرسل روحه القدوس كسر استنارة لنا. كل ذلك ليحملنا فيه، بعد أن نكمل رحلة غربتنا على الأرض، ليدخل بنا للأقداس السماوية.
الآيات (23-30):
“«وَتَصْنَعُ مَائِدَةً مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ طُولُهَا ذِرَاعَانِ، وَعَرْضُهَا ذِرَاعٌ، وَارْتِفَاعُهَا ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ. وَتُغَشِّيهَا بِذَهَبٍ نَقِيٍّ، وَتَصْنَعُ لَهَا إِكْلِيلًا مِنْ ذَهَبٍ حَوَالَيْهَا. وَتَصْنَعُ لَهَا حَاجِبًا عَلَى شِبْرٍ حَوَالَيْهَا، وَتَصْنَعُ لِحَاجِبِهَا إِكْلِيلًا مِنْ ذَهَبٍ حَوَالَيْهَا. وَتَصْنَعُ لَهَا أَرْبَعَ حَلَقَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَتَجْعَلُ الْحَلَقَاتِ عَلَى الزَّوَايَا الأَرْبَعِ الَّتِي لِقَوَائِمِهَا الأَرْبَعِ. عِنْدَ الْحَاجِبِ تَكُونُ الْحَلَقَاتُ بُيُوتًا لِعَصَوَيْنِ لِحَمْلِ الْمَائِدَةِ. وَتَصْنَعُ الْعَصَوَيْنِ مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ وَتُغَشِّيهِمَا بِذَهَبٍ، فَتُحْمَلُ بِهِمَا الْمَائِدَةُ. وَتَصْنَعُ صِحَافَهَا وَصُحُونَهَا وَكَأْسَاتِهَا وَجَامَاتِهَا الَّتِي يُسْكَبُ بِهَا. مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ تَصْنَعُهَا. وَتَجْعَلُ عَلَى الْمَائِدَةِ خُبْزَ الْوُجُوهِ أَمَامِي دَائِمًا.”
مائدة خبز الوجوه:
أبعاد المائدة 2 × 1 × ½1 ذراع
[1] المسيح استوفى مطاليب العدالة الإلهية، لكن من يستفيد من دم المسيح هو من آمن بالمسيح وجاهد ضد الخطية حتى الدم.
هي من خشب مغشى بذهب إذًا هي تشير للمسيح المتجسد، الذي قدم نفسه بصفته خبز الحياة من يأكله يحيا به (يو6). ولاحظ الطقس. أن الكهنة يضعون الخبز ساخنًا على المائدة يوم السبت ويبقى أسبوعًا ويأتي الكهنة بخبز ساخن جديد يوم السبت التالي ليضعوه على المائدة ويأكلوا الخبز الذي كان موضوعًا. فمن هو هذا الخبز الذي يوضع على المائدة الذي يقدمه الكهنة ثم يأكلونه إلا رمز المسيح خبز الحياة في العهد الجديد.
كلمة مائدة في العبرية SHULMAN مشتقة من الفعل يرسل أو يمد ومن نفس المصدر اشتقت كلمة سلوام SILOAM أي مرسل (يو9) فهو المرسل الذي أرسله الآب ليجمعنا (أف4:2-6). وهذه المائدة هي مكان يوضع فيه الخبز وراجع (مز23) “هيأت قدامي مائدة تجاه مضايقيَّ” + (يو32:6).
الأبعاد 2 × 1 × ½1 = 2 × 1 × 2/3 = فتكون النسبة 4: 2: 3.
رقم 4 هو كل العالم ورقم 2 يشير للتجسد، ورقم 3 يشير لله مثلث الأقانيم وللحياة، ورقم3 يشير للقيامة، والمسيح قام بحياة أبدية. إذًا شركة جسد المسيح أي التناول هي لكل إنسان، هي شركة في جسد المسيح (رقم2 يشير للتجسد). وهي عطية مقدمة لكل العالم (رقم4 يشير للعمومية). وهي تعطي لمن يتناول إتحاد وشركة مع المسيح. وتعطي الشركة مع المسيح غفرانًا للخطايا (رقم 3 يشير للقيامة من موت الخطية) وبالتالي حياة وإستنارة وإعلان. والحياة كانت نور الناس (يو1: 4). لذلك عند كسر الخبز عرف تلميذيّ عمواس المسيح إذ إنفتحت أعينهما.
على الأرض هنا المعرفة جزئية وبالإيمان. أما في السماء من يغلب ويصل للسماء سيأكل من شجرة الحياة ومن المن حسب وعد الرب (رؤ2: 7 + رؤ2: 17) وهذا يعني الإتحاد مع المسيح. وهذا يعطينا الإستنارة الكاملة التي بها نعرفه. أي أن في السماء الله سيعطينا أن نعرفه، ومعرفته ستكون لنا حياة، فالمعرفة هي اتحاد مع المسيح. (في9:3 ، 10) “وأوجد فيه.. لأعرفه” وأعرفه هي كلمة تشير للإتحاد (راجع تفسير مت11: 25-30) . “وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحي ويسوع المسيح الذي أرسلته” (يو17: 3) .
التجسد = إتحاد اللاهوت بجسد إنساني. ونحن نتناول جسد المسيح المتحد بلاهوته، فنأخذ منه ما نحتاجه من حياة أبدية وقداسة ونتمجد بجسدنا في السماء والعربون هنا ونحن على الأرض ونأخذ سكنى الروح القدس فينا…..
خبز الوجوه:
ويسمى خبز الحضرة לחם הפנים والترجمة الحرفية للكلمة العبرية “خبز وجه الله” وهذا يشير إلى وجود الخبز أمام الله وفي حضرته = أمام وجه الله، الله عينه على شعبه كل الأيام. ووجوه شعبه نحوه. كأن الله ملتزم بإشباع شعبه. لذلك كان عدد الخبز 12 بعدد أسباطهم وكأن الله ملتزم بإشباع الـ12 سبطًا طوال الـ12 شهرًا أي إشباع الكل دائمًا ولذلك يسمى الخبز الدائم. راجع (رؤ2:22) وكان يقدم بلا انقطاع فهذا عهد دائم بين الله والشعب (لاحظ نفس الشيء فنحن نعطى لله والله هو الذي أعطانا لنعطيه). فهي شركة. والخبز بعد أن يوضع أمام الله لمدة أسبوع يسمى الخبز المقدس، لأن الله بارك هذا الخبز وقدسه ولأن الذي يأكله هم الكهنة المقدسين للعمل ويأكلونه في الخيمة يوم السبت (يوم الراحة) فهو لا يشير للشبع الجسدي بل لشبع روحي يليق بحياة القداسة. وهو يؤكل يوم الراحة لذلك يشير أو يخص الراحة الأبدية (رؤ7:2، 17:2).
وفى العهد الجديد = رقم 12 يشير للأسباط وللتلاميذ أي لشعبه أو للكنيسة. إذًا هذا الخبز يرمز إلى جسد المسيح الذي يعطيه للكهنة (كل المؤمنين بالمفهوم العام) ليأكلوه في العهد الجديد. وعمومًا فالمائدة تشير للشركة. فهنا نجد أن للمؤمنين شركة مع الله في لذته وشبعه بإبنه الوحيد (1يو3:1). فالله لا يريد فقط أن يقيم وسط شعبه بل أن يُعِّدْ في بيته وليمة. وحيث أنه يقدم جديدًا دائمًا فهذا يشير أنه دائما لنا جديد في المسيح. وأما اللبان فهو إشارة لرائحة المسيح الزكية. واللبان هو أحد مواد البخور الأساسية. والبخور يشير للشفاعة، فالمسيح شفيعنا لدى الآب بذبيحته التي يقدمها عنا على المذبح. نقدم له خبزا ويعيده لنا جسده ودمه غفرانا لخطايانا وحياة أبدية لمن يتناول منه. ويشير البخور أن هذا الخبز مرفوع كصعيدة مقدمة إلى الله، ويعيدها الله وقد تقدست وتقدس من يأكلها.
طقس الدقيق: (لا5:24-9) يصنع يوم السبت حيث لا يجوز أي عمل، السبت هو يوم الراحة. لذلك هو يشير للخبز السماوي (يو6: 58)، الذي ليس من هذا العالم أي المسيح نفسه الذي فيه راحتنا.
تقديمه ساخنًا: إشارة لقلبه الملتهب حبًا لإشباعنا.
كان الخبز يوضع في صفين: رقم 2 يشير للتجسد الذي جمعنا كلنا كجسد واحد، والمسيح هو الذي جعل الاثنين واحدا، والجسد الواحد هو جسده. وراجع (1كو16:10، 17) “فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد. إذًا نحن في المسيح خبز واحد”.
العصوين: إشارة لأن المسيح معنا دائمًا كخبز سماوي. فالعصوين كانوا لحمل المائدة في الطريق أثناء الترحال، والمعنى أن المائدة (أو أن المسيح) في وسطنا دائما.
المائدة لها إكليلان ذهب وحاجب على شبر حواليها: الحاجب هو حائط أو سور يحيط بالمائدة. فالله هو سور وحصن لشعبه. وهو شبر إشارة ليد الله التي تحفظ شعبه. قارن مع (حز15:42-20) فالله يحيط بشعبه ويحفظهم من العالم الخارجي، من الذين يحاولون أن يعتدوا على شعبه وقارن مع (زك5:2) فهذه اليد قوتها لا نهائية ونعمتها لا نهائية وتعطي بسخاء ولا تعير. ويد الله تشير للمسيح “قَدْ شَمَّرَ ٱلرَّبُّ عَنْ ذِرَاعِ قُدْسِهِ (المسيح تجسد) أَمَامَ عُيُونِ كُلِّ ٱلْأُمَمِ، فَتَرَى كُلُّ أَطْرَافِ ٱلْأَرْضِ خَلَاصَ إِلَهِنَا” (إش52: 10) + “اِسْتَيْقِظِي، ٱسْتَيْقِظِي! ٱلْبَسِي قُوَّةً يَا ذِرَاعَ ٱلرَّبِّ! ٱسْتَيْقِظِي كَمَا فِي أَيَّامِ ٱلْقِدَمِ، كَمَا فِي ٱلْأَدْوَارِ ٱلْقَدِيمَةِ. أَلَسْتِ أَنْتِ ٱلْقَاطِعَةَ رَهَبَ، ٱلطَّاعِنَةَ ٱلتِّنِّينَ” (إش51: 9). “المسيح هو قوة الله وحكمة الله” (1كو1: 24) الذي يحمى ويخلص شعبه.
وهناك إكليلان للمائدة:-
- إكليل منهم يشير للمسيح في مجده الأزلي. ولكونه إكليل فهو يشير للمسيح في مجده الأزلي (عب9:2 + يو4:17 ، 5). لذلك الإكليل كله من ذهب فهو يشير لمجد المسيح الأزلي قبل تجسده.
- والإكليل الآخر يحيط بالحاجب ليحمي الخبز من السقوط. والمعنى أنه يحفظ شعب المسيح في علاقة معه. هو إكليل للحاجب. هو يشير للمسيح الذي في طاعته أتى وأكمل عمله وأتى بالبشر الذين كانوا قد تمردوا على الله، هو مجد نعمته المتمثل في أرغفة الخبز التي وحدنا بها فيه فأمسك بنسل إبراهيم (عب16:2) وسيَّج حوله حتى لا يخطفهم أحد منه (يو28:10).
والحاجب يذكرنا بأن نمتحن أنفسنا قبل أن نقترب لنأكل (1كو28:11) .
وكانت الصحاف تستخدم في إحضار الخبز إلى المائدة ورفعه عنها. أما الصحون ففيها البخور (لا7:24) ويوضع في الكاسات الخمر للتقدمة. وتستخدم الجامات في صب الخمر. فما كان يوضع على المائدة الخبز والخمر والبخور. والأدوات كلها ذهب. أي لا يمكن التمتع بالبركات الروحية إلا بالروح القدس فالذهب هنا يرمز للروح القدس الذي يأخذ مما للمسيح ويخبرنا.
والسكيب يشير لسكب حياته ودمه على الصليب فكان موضع سرور وفرح الآب.
*خبز الحضرة كرمز للإفخارستيا
بعد أن أعطى الله لموسى الوصايا (خر20-23) قدَّم موسى ذبيحة. وبعد ذلك صنع الرب مأدبة لموسى ولشيوخ إسرائيل على الجبل “ثُمَّ صَعِدَ مُوسَى وَهَارُونُ وَنَادَابُ وَأَبِيهُو وَسَبْعُونَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، وَرَأَوْا إِلَهَ إِسْرَائِيلَ، وَتَحْتَ رِجْلَيْهِ شِبْهُ صَنْعَةٍ مِنَ ٱلْعَقِيقِ ٱلْأَزْرَقِ ٱلشَّفَّافِ، وَكَذَاتِ ٱلسَّمَاءِ فِي ٱلنَّقَاوَة . وَلَكِنَّهُ لَمْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى أَشْرَافِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَرَأَوْا ٱللهَ وَأَكَلُوا وَشَرِبُوا” (خر24: 9-11). الله حاضر والشيوخ يرونه وقد أعد لهم الله مأدبة ليأكلوا ويشربوا أمامه.
*مائدة خبز الوجوه: يوضع عليها خبز وخمر الحضرة وأوعية البخور. والخبز والخمر يأكلونه ويشربونه في حضرة الله في محفل مقدس(خر25: 29 + لا24: 5-9 +عد15: 5-7 +28: 7) وهذا ميثاق دهرى، أي رباط أبدي بين الله وشعبه إسرائيل (خر24: 5-9) والترجمة الدقيقة لعبارة خبز الوجوه هي “خبز وجه الله” ويصير المعنى هو نفس ما حدث يوم أكل الشيوخ وشربوا أمام وجه الله وهم يرون الله (خر24) ويصير الأكل من خبز الوجه هو تذكار لتلك المأدبة السماوية. الخبز كان 12 خبزة يمثلون شعب إسرائيل الذين هم أمام وجه الله دائما يذكرهم ويرعاهم. وكان الخبز بعد أن يباركه الله يأكله الكهنة فقط. وفي العهد الجديد كل المؤمنين صاروا كهنة بالمفهوم العام. والكل الآن يأكل من المأدبة التي أعدها الله لشعبه، مائدة الإفخارستيا. وفي القداس نكون جميعًا مدعوون لهذه المأدبة في حضرة الله.
*وكان رئيس الكهنة هو الذي يرتب الخبز على المائدة “فِي كُلِّ يَوْمِ سَبْتٍ يُرَتِّبُهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ دَائِمًا، مِنْ عِنْدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِيثَاقًا دَهْرِيًّا” (لا24: 8). وبعد أن يُترك على المائدة لمدة أسبوع كان رئيس الكهنة والكهنة يأكلونه في مكان مقدس بعد أن يكون الرب قد باركه
*في هيكل حزقيال (حز40-8) الذي هو رمز للكنيسة هيكل جسد المسيح، ذكر الوحي صراحة أن ما يقدم على المذبح المسيحي هو ذبيحة لتأكل، فقال عنه مذبح وقال عنه أيضا أنه مائدة. المذبح يقدم عليه ذبيحة، والمائدة يقدم عليها طعام يؤكل “اَلْمَذْبَحُ مِنْ خَشَبٍ ثَلَاثُ أَذْرُعٍ ٱرْتِفَاعًا، وَطُولُهُ ذِرَاعَانِ، وَزَوَايَاهُ وَطُولُهُ وَحِيطَانُهُ مِنْ خَشَبٍ. وَقَالَ لِي: «هَذِهِ ٱلْمَائِدَةُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ” (حز41: 22). وهذا هو مذبحنا الآن نقدم عليه ذبيحة الإفخارستيا التي نأكلها.
عقيدة اليهود في خبز الوجه
في الهيكل كان هناك مائدتان خارج القدس إحداهما رخامية والأخرى ذهبية. وكانوا يقدمون الخبز على مائدة رخامية قبل وضعه على مائدة خبز الوجوه. ثم ينقلونه إلى مائدة خبز الوجوه ويوضع البخور على كل خبزة. وبعد أسبوع يعتبرون أن الخبز صار مقدسا فينقلونه إلى مائدة ذهبية وليست الرخامية ويضعوا مكانه الخبز الساخن الجديد. وقالوا أنه بعد التقديس تصير له خواص فائقة للطبيعة supernatural وقالوا أنه في أيام سمعان البار كانت قطعة صغيرة من هذا الخبز في حجم الزيتونة تشبع تماما ويتبقى منها. وفي أيام المسيح كان الكهنة يخرجون بالمائدة وعليها الخبز بعد أن تقدس ليباركوا الشعب.
- ولنرى مقارنة بين خبز الحضرة على مائدة خبز الوجوه، وبين خبز وخمر مائدة العشاء الرباني فهناك تشابه كبير.
خبز الحضرة |
العشاء الأخير (لو22: 19 – 29) |
12 خبزة يمثلون 12 سبط هم شعب الله |
12 تلميذ يمثلون كنيسة المسيح |
خبز وخمر الحضور الإلهي (عد 15: 5) |
خبز وخمر حضور (حضرة) المسيح |
هو عهد أبدي (لا 24: 8) |
عهد جديد |
كتذكار (لا 24: 7) |
تذكار يسوع “إصنعوا هذا لذكرى” |
يقدمه رئيس الكهنة ويأكله الكهنة |
قدمه المسيح رئيس كهنتنا وأكله التلاميذ |
يؤكل على مائدة ذهبية في هيكل أورشليم |
مائدة المسيح في الملكوت |
إذًا العشاء الأخير ليس هو فقط الفصح الجديد ولا إعطاء المن الجديد (جسد المسيح) بل هو تأسيس خبز وخمر الحضرة الجديد (خبز حضرة المسيح).
*نحن نقدم على المائدة خبزا وخمرا فيقدمه لنا المسيح في مأدبة سماوية – جسده ودمه كمنحة إلهية نحيا بهما أبديًّا. ما حدث ليلة العشاء الرباني هو معجزة بكل المقاييس وليس رمزًا أو علامة.
فهم المسيحيون دائما أن الخبز والخمر ليسا خبزًا وخمرًا عاديين بل هما جسد ودم المسيح حقيقة. وفي هذا السر يكون المسيح حاضرا مع كنيسته، كما كان حاضرا وسط شعبه في العهد القديم. وكما كان الخبز والخمر علامة محبة الله وعهد أبدي. هكذا الإفخارستيا هي علامة محبة الله وعهد أبدي مختوم بدم المسيح. وكما كان خبز الحضرة هو خبز وجه الله، هكذا الإفخارستيا هي خبز وجه المسيح.
ملكي صادق
هو أول مَن قيل عنه أنه كاهن وذبيحته كانت خبز وخمر (تك14) فمعنى كلمة كاهن أنه يكهن، ويكهن تعني يقدم ذبيحة لله. وقال عنه اليهود أنه هو نفسه سام البار ابن نوح البكر وهو أبو اليهود. وأن إسمه سام لكن ملكي صادق هو إسم وظيفته كملك (ملكي) وكاهن (صادق = بر) فهو بذلك ملك البر، وأن ساليم هي أورشليم مدينة داود بعد ذلك. وواضح إرتباط تقدمة ملكي صادق بالخبز والخمر على مائدة خبز الوجوه.
وقال الربيين أن الله عَلَّمَ آدم، وآدم علَّم أولاده، حتى وصلت إلى ملكي صادق (الذي هو سام بحسب الربيين اليهود) تقدمة مائدة خبز الوجوه، أي خبز وخمر الحضرة. وكشف له الله معاني التوراة وراجع قول الوحي “الحكمة …. وَٱلنَّاقِصُ ٱلْفَهْمِ قَالَتْ لَهُ.. هَلُمُّوا كُلُوا مِنْ طَعَامِي، وَٱشْرَبُوا مِنَ ٱلْخَمْرِ ٱلَّتِي مَزَجْتُهَا (أم9: 1- 5). وأن ملكي صادق شرح لإبراهيم وعلمه هذه التقدمة. وكان فكر اليهود أن الذبائح الدموية والكهنوت اللاوي جاءوا بعد حادثة سقوط إسرائيل في موضوع العجل الذهبي. لكن العبادة الأصلية كانت كهنوت الخبز والخمر أي أن تقدماتهم كانت من الخبز والخمر. وكان هذا تفسير الربيين اليهود على قول المزمور “كاهنا إلى الأبد على طقس ملكي صادق” (مز110: 4). وقال الربيين اليهود أن المسيا المنتظر سيعود بالكهنوت إلى كهنوت الخبز والخمر بدلا من كهنوت الذبائح الدموية.
سؤال للأحباء الذين ينكرون تحول الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه.
- هل بعد أن عاش اليهود مئات السنين يؤمنون بتقديس الخبز والخمر، وأنه بعد تقديسهم يتحولون إلى خبز وخمرsupernatural ولهم القدرة على التقديس.
- هل بعد أن فهموا من قصة ملكي صادق أن المسيا المنتظر سيأتي بكهنوت الخبز والخمر ويلغى كهنوت الذبائح الدموية.
- هل بعد أن أقام الله مأدبة لشيوخ اليهود ليأكلوا ويشربوا في حضرة الله.
- هل بعد إيمانهم بأن المائدة التي عليها الخبز المقدس تبارك الشعب ويصير الشعب كما لو هم في حضرة الله، والله يباركهم ويقدسهم.
هل بعد كل هذا … يأتي المسيح ويقول لهم أن الخبز والخمر مجرد رموز ولا يوجد فيهما تقديس ولا أي بركة بل فقط لنتذكر ما حدث ليلة خميس العهد!!!
قوس نصر تيطس بروما:
وجدوا منقوشًا عليه شكل المنارة والمائدة وصحافها وقد نقشهم تذكارًا لانتصاره سنة 70 م. ومن هذه الأشكال تصورنا أشكال القطع.
الآيات (31-40):
“«وَتَصْنَعُ مَنَارَةً مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. عَمَلَ الْخِرَاطَةِ تُصْنَعُ الْمَنَارَةُ، قَاعِدَتُهَا وَسَاقُهَا. تَكُونُ كَأْسَاتُهَا وَعُجَرُهَا وَأَزْهَارُهَا مِنْهَا. وَسِتُّ شُعَبٍ خَارِجَةٌ مِنْ جَانِبَيْهَا. مِنْ جَانِبِهَا الْوَاحِدِ ثَلاَثُ شُعَبِ مَنَارَةٍ، وَمِنْ جَانِبِهَا الثَّانِي ثَلاَثُ شُعَبِ مَنَارَةٍ. فِي الشُّعْبَةِ الْوَاحِدَةِ ثَلاَثُ كَأْسَاتٍ لَوْزِيَّةٍ بِعُجْرَةٍ وَزَهْرٍ، وَفِي الشُّعْبَةِ الثَّانِيَةِ ثَلاَثُ كَأْسَاتٍ لَوْزِيَّةٍ بِعُجْرَةٍ وَزَهْرٍ، وَهكَذَا إِلَى السِّتِّ الشُّعَبِ الْخَارِجَةِ مِنَ الْمَنَارَةِ. وَفِي الْمَنَارَةِ أَرْبَعُ كَأْسَاتٍ لَوْزِيَّةٍ بِعُجَرِهَا وَأَزْهَارِهَا. وَتَحْتَ الشُّعْبَتَيْنِ مِنْهَا عُجْرَةٌ، وَتَحْتَ الشُّعْبَتَيْنِ مِنْهَا عُجْرَةٌ، وَتَحْتَ الشُّعْبَتَيْنِ مِنْهَا عُجْرَةٌ إِلَى السِّتِّ الشُّعَبِ الْخَارِجَةِ مِنَ الْمَنَارَةِ. تَكُونُ عُجَرُهَا وَشُعَبُهَا مِنْهَا. جَمِيعُهَا خِرَاطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. وَتَصْنَعُ سُرُجَهَا سَبْعَةً، فَتُصْعَدُ سُرُجُهَا لِتُضِيءَ إِلَى مُقَابِلِهَا. وَمَلاَقِطُهَا وَمَنَافِضُهَا مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. مِنْ وَزْنَةِ ذَهَبٍ نَقِيٍّ تُصْنَعُ مَعَ جَمِيعِ هذِهِ الأَوَانِي. وَانْظُرْ فَاصْنَعْهَا عَلَى مِثَالِهَا الَّذِي أُظْهِرَ لَكَ فِي الْجَبَلِ.”
المنارة:
قوس نصر تيطس بروما:
وجدوا منقوشًا عليه شكل المنارة والمائدة وصحافها وقد نقشهم تذكارًا لانتصاره سنة 70م ومن هذه الأشكال تصورنا أشكال القطع.
المنارة هي المصدر الوحيد للإضاءة داخل القدس. وحيث أنها من ذهب خالص فهي لا تشير للمسيح، فلا توجد إشارة لخشب السنط وبالتالي لا إشارة للتجسد. وحيث أنها مملوءة زيتا فهي ترمز للروح القدس.
في المائدة رأينا الشركة في جسد المسيح، وفي المنارة نجد الروح القدس يعطي استنارة لذلك فطقس كنيستنا الرائع يحدد قراءة فصل المولود أعمى يوم عيد أحد التناصير فالمعمودية وبعدها الميرون يعطي استنارة ويفتح الأعين لتدرك أسرار السماويات.
الكأسات والعجر والأزهار:
غالبًا هي ثلاثة أطوار لنبات اللوز. والأجزاء الثلاثة هي برعم النبات (أي وهو يبدأ في النمو) ثم الزهرة ثم الثمرة. في شكل عنقود واحد. وبالتالي فالمنارة تصبح كأنها شجيرة لوز. وهي تشير للحياة المقامة من الأموات. وقد رأينا في (عد8:17) عصا هرونوقد أفرخت الثلاث أشياء (فروخًا وزهرًا ولوزًا أي نفس مراحل الحياة لشجرة اللوز الموجودة في المنارة) والعصا مقطوعة من شجرة إذًا هي ميتة. وهذه العصا قد أفرخت، أي الموت تحول إلى حياة، وهذا دليل الحياة المقامة. ولاحظ أن كل فرع به 3 وحدات وكل وحدة تشتمل على الكأس والعجرة والزهرة. ورقم 3 يشير للقيامة، قيامة المسيح من بين الأموات بعد أن كان قد قطع من أرض الأحياء (أش 53). ورقم 3 هو رقم الأقنوم الثالث فهو الذي يعطي الحياة الآن لكل من مات بالخطية.
وكلمة لوز في العبرية تعني المستيقظ WAKEFUL أو يقظ أو أرق وتعني أيضًا المتعجل HASTENER أو المسرع فهي أول شجرة تستيقظ بعد الشتاء وتظهر براعمها في شهر يناير. والمسيح يسميه بولس الرسول باكورة الراقدين (1كو20:15) ولاحظ أن عمل الروح القدس أن يجعلنا في حالة يقظة.
والثلاث المراحل تشير لعمل الروح القدس في الأحداث والشباب والرجال (1يو13:2) أو لثلاث مراحل النضج الروحي. ومعنى ظهور الثلاثة مراحل معًا شاملة عدم النضج وشاملة الثمر والزهر يشير أن الروح يعمل في الجميع ويعمل على نمو الجميع، فحتى المسيح كان ينمو في القامة والحكمة والنعمة. فعدم النضج في مفهومنا يعني النقص. ولكن في مفهوم الله أنه مرحلة تعقبها مرحلة حتى يكون للشخص ثمار في حالة نضجه والروح القدس له ثمار (غل22:5). وأيضًا لأن شجرة اللوز تعني التيقظ فعلى كل مؤمن أن يظل في حالة سهر على خلاص نفسه حينئذ سيكون له ثمر.
لا مقاسات للمنارة
لأن المنارة تشير للروح القدس والروح القدس لم يتجسد فلا تُعْطَى أبعاد للمنارة هكذا للمرحضة وهكذا للغطاء، إلا أن الغطاء له بعد واحد فقط مُعْطَى وهو ½ 2 × ½ 1 ليشير أن المسيح بعمله الفدائي استوفى المطالب الإلهية لمن يجاهد ويظل بنعمة الروح القدس ثابتا في المسيح، وأننا نحمل في المسيح إلى حضن الآب. وهي قد صنعت من وزنة واحدة من الذهب أي حوالي 4 كجم صنعة خراطة.
الفتائل والأسرجة
هي إشارة للمؤمنين الأواني البشرية الضعيفة التي يستخدمها الروح القدس ليظهر نور المسيح “ولكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا” (2كو7:4) ولكي يظهر النور فلا بُد من وجود فتائل “أنتم نور العالم”. وكانت الأدوات المستخدمة هي الملاقط وهذه تستخدم في إصلاح فتائل المنارة والمنافض كانت توضع فيها الأشرطة أو الفتائل المحترقة. والأدوات كلها ذهب فهي تشير لأن العمل هو عمل الروح القدس وكان عمل هرون هو إيقاد السرج السبعة والاعتناء بها. وهرون رمز للمسيح رئيس كهنتنا الذي قدم ذبيحة جسده. وهنا نرى كيف أن عمل الروح القدس مرتبط بعمل المسيح على الأرض وبعمله في السماء وأيضًا نرى أن العناية والرعاية الكهنوتية لازمة لخدمة أولاد الله. والمؤمن حين يحترق لينير للآخرين يصير فتيلة في سراج منير. ولاحظ عمل الخدمة في إزالة ما احترق وتجديده حتى يستمر في عمله كنور للعالم “يجدد كالنسر شبابك”.
ولاحظ أنه لم يذكر أية أداة لإطفاء السرج فالله يريد أن يكون النور دائم والله لا يطفئ حتى الفتيلة المدخنة (مت20:12). إذًا عمل الخدمة هو لحفظ نور الفتائل (المؤمنين) لامعًا. ولاحظ أن الفتائل التي تحترق تجمع أيضًا في أواني ذهبية. لذلك فحين مات العازر الفقير حملته الملائكة ونحن نصلي في صلاة الغروب للعذراء بقولنا “وعند مفارقة نفسي من جسدي احضري عندي” هذا عن نفس الإنسان، لكن حتى أجسادنا حين تموت فالله يهتم بها. وتنقية الفتائل يتمشى مع قول المسيح كل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر. والفتائل لا تضئ من نفسها بل هي تنقل الزيت خلال فتائلها فالفتيلة لو تعرضت للنار وحدها لاحترقت. ولكن وجود الزيت هو الذي يجعلها تنير. فالمؤمن هو مجرد قناة توصيل، يصل إليها الزيت فتنير. لكن الفتيلة المحترقة تشير للإعجاب بالذات. والمقصود الفتيلة التي بلا زيت، أي إنسان غير مملوء من الروح القدس.
النور:
النور يذكرنا بالله الذي أوجده كأول أعمال خليقته (تك3:1) والمسيح كان نورًا للعالم يضيء وسط الظلمة (أش2:9 + 6:42 + 6:49) والمسيح جعلنا نورًا للعالم. والكنائس في سفر الرؤيا ظهرت كسبع منائر فالروح القدس يعمل فيها ليجعلها تنير للعالم. والكنيسة كانت تصلي القداس في وجود أنوار كثيرة (أع8:20) والكنيسة تضع شموع أمام صور القديسين فهم بالمسيح صاروا نورًا للعالم والشمعدانات تشير للملائكة النورانيين. والكاهن في صلاة عشية ورفع بخور باكر يبارك الشعب بصليب وثلاث شمعات وأثناء الإنجيل تضاء كل أنوار الكنيسة ويقف حول الإنجيل اثنين من الشمامسة يمسكون بشمعة مضيئة. ولاحظ أن المنارة وحدها هي التي كانت تضئ داخل القدس فلا يوجد نور غريب في الداخل بل الروح القدس وحده سر الاستنارة. وهذا النور الداخلي يسطع على الذهب (الألواح الذهبية) وعلى الشقق الملونة فيظهر جمالها ويسطع على المائدة ويجعلها تبرق بلمعان ذهبي. وهذا كله له معنى واحد أن نور الروح القدس أو أن الاستنارة التي يعطيها الروح القدس تجعلنا نمجد المسيح ونراه كإله سماوي (ذهب) ونرى حياته النقية وفداؤه وملكه (الشقق الملونة) فنحبه ونمجده ونراه في شركته معنا (المائدة). أي نرى مجد المسيح ومحبته وعظمته في نور واستنارة الروح القدس. فالمنارة إذًا هي النور الإلهي الكامل بقوة الروح القدس في القدس. وهي تشير لكمال ونور وتأثير الروح القدس المؤسس على عمل المسيح الكامل والمقترن به اقترانًا تامًا. ولاحظ أن ذكر المنارة جاء بعد ذكر المائدة فالروح القدس لم يعطي إلا بعد أن تمجد يسوع أي قدَّمَ نفسه ذبيحة والإفخارستيا هي نفسها ذبيحة الصليب) (يو39:7) وكان يستعمل للإضاءة زيت نقي جدًا والزيت إشارة للروح القدس الذي مُسِحَ به المسيح (أش1:61 + 2كو21:1، 22).
سبعة سُرُج:
المنارة مكونة من 6 شعب + ساق (به شعبة) + قاعدة. الكل سبع أسرجة، والسبعة أسرجة تشير لعمل الروح القدس الناري الذي يحرق الخطية ثم يضئ ويلهب الكنيسة بنار الحب الإلهي. عاملًا في أسرارها السبعة، كما قيل في إشعياء النبي “إِذَا غَسَلَ ٱلسَّيِّدُ قَذَرَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ (المعمودية)، وَنَقَّى دَمَ أُورُشَلِيمَ مِنْ وَسَطِهَا بِرُوحِ ٱلْقَضَاءِ وَبِرُوحِ ٱلْإِحْرَاقِ (عمل الروح القدس الذي يسكن فينا في سر الميرون)” (إش4: 4). بل وفي كل عمل روحي تمتد إليه الكنيسة لكي يعيش المؤمنين في استنارة دائمة. وفي (رؤ1:3) نسمع أن المسيح له سبعة أرواح الله هذا يشير لعمل الروح القدس الكامل في المسيح فرقم 7 يشير للكمال.
(إش2:11) يحل عليه روح الرب/ روح الحكمة والفهم/ روح المشورة والقوة/ روح المعرفة ومخافة الرب. هنا السبعة أرواح المذكورة على نسق تركيب المنارة الذهبية. أي ساق رئيسية وثلاث مجموعات زوجية والساق هنا تمثل المسيح الذي حل عليه الروح القدس أقنوميًا (روح الرب) .
روح الرب: إنسكب الروح القدس على المسيح يوم معموديته. وبعدها إنسكب على الكنيسة يوم الخمسين. وروح الرب الذي حل على المسيح يوم معموديته هو نفس الروح الذي سكن في الكنيسة = الزيت الذي في الساق هو نفسه يسرى في الأفرع الستة. لكن نقول أن الروح الذي حلَّ على المسيح حلَّ عليه أقنوميا” (يو3: 34)، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْلٍ يُعْطِي ٱللهُ ٱلرُّوحَ” (يو3: 34)، وكان التعبير عن ذلك بأن حلَّ الروح القدس على المسيح على هيئة متكاملة غير منقسمة (الحمامة). أما على التلاميذ فقد حلَّ عليهم على شكل ألسنة نار منقسمة على كل واحد منهم. فنحن يسكن فينا الروح القدس بكيل، أي على قدر العمل المطلوب من كل واحد منا، يعطيه الله القوة والموهبة والنعمة المطلوبة ليكمل عمله (الوزنات والأمناء تختلف من شخص إلى آخر).
وَفِي الْمَنَارَةِ أَرْبَعُ كَأْسَاتٍ لَوْزِيَّةٍ بِعُجَرِهَا وَأَزْهَارِهَا = الساق بها أربع مجموعات، كل مجموعة تتكون من كأس وزهرة وعجرة وراجع الرسم. ثلاث مجموعات في الساق يمثلون المسيح، والمسيح هو الواحد + 6 فروع. والمجموعة الرابعة لها نفس التركيبة أي كأس وزهرة وعجرة وهذه تمثل قاعدة المنارة.
روح الحكمة والفهم: الحكمة هي المعرفة وهي مرتبطة بالفهم أي بالحكم الصحيح وكلمة فهم في أصلها تعني إفراز أي تمييز الغث من الثمين (هذا يمثل حلول الروح على المسيح ثم على الكنيسة) .
روح المشورة والقوة: هذه نفسها = ” الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح ” (2تى1: 7) فالروح يعين ضعفاتنا ويعطينا بصيرة ونصحا وقرارا سديدا في كل مواقف حياتنا . هو شريك لنا في كل عمل . (النصح = sound mind) .
روح المعرفة ومخافة الرب: المعرفة التي بها حاول الإنسان أن يعرف بالإنفصال عن الله كانت مدمرة (شجرة معرفة الخير والشر). والإنسان يحتاج أن يعرف لكن ليس بالإنفصال عن الله لأن هذه هي الخطية ، فالإنفصال وعدم الطاعة نتيجتهما عالم مخرب. أما الحكمة الحقيقية فهي من الله (1كو20:1) والحكمة العالمية سدت منافذ حكمة الله (1كو21:1) وكبرياء الإنسان يطرد مخافة الله. أما خوف الله هو بدء الحكمة (أم57:1) وسقوط آدم كان نتيجة أنه ظن أنه يريد أن يعرف مثل الله. ولننظر للمسيح الذي يعرف كل شيء ولكنه يطيع الآب حتى الموت. ولاحظ قول القديس بولس الرسول لنفهم أن المعرفة الفائقة هي عطية من الروح القدس “وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْفَائِقَةَ ٱلْمَعْرِفَةِ” (أف3: 19) وإلى أي مدى تصل هذه المعرفة الفائقة “بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ ٱللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ. فَأَعْلَنَهُ ٱللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لِأَنَّ ٱلرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ ٱللهِ” (1كو2: 9-10).
ولاحظ رقم 7 = 6+1 = الإنسان الناقص (6) + المسيح (1). والروح حل على المسيح الرب (1) ثم على كنيسته (6)، إنسكب على الرأس ثم على اللحية (مزمور133). فنفهم أن ستة فروع المنارة تشير للإنسان الناقص، أما الساق فيشير للمسيح. وهناك رأى بأن الزيت كان يوضع من فتحة في الساق وبهذا يسرى في كل الأفرع وبهذا نفهم المعنى الروحي أن الروح القدس إنسكب على المسيح أولًا يوم معموديته. ثم بعد ذلك على الكنيسة كلها كقول المزمور “هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ ٱلْإِخْوَةُ مَعًا. مِثْلُ ٱلدُّهْنِ ٱلطَّيِّبِ عَلَى ٱلرَّأْسِ (الرأس هو المسيح)، ٱلنَّازِلِ عَلَى ٱللِّحْيَةِ، لِحْيَةِ هَارُونَ، ٱلنَّازِلِ إِلَى طَرَفِ ثِيَابِهِ (اللحية والثياب إشارة للكنيسة)” (مز133: 1-2). وهذا الرأي يتفق مع رؤيا زكريا النبي (زك4: 1-7) وفيها نجد أن مصدر الزيت الذي يملأ فروع المنارة هو كوز يُملأ بالزيت فيغذى الساق والستة أفرع.
فَتُصْعَدُ سرجها لتضئ إلى مقابلها = ونرى في (خر26: 35) وهكذا في (خر 24:40) “وَتَضَعُ ٱلْمَائِدَةَ خَارِجَ ٱلْحِجَابِ، وَٱلْمَنَارَةَ مُقَابِلَ ٱلْمَائِدَةِ عَلَى جَانِبِ ٱلْمَسْكَنِ نَحْوَ ٱلتَّيْمَنِ” أن المنارة مقابل المائدة. وربما يشير هذا لأن:- 1*المنارة تضئ للمائدة لتظهر أن المسيح هو سر الشبع الحقيقي. 2*أو أن الأسرجة تضئ للساق بمعنى أن المسيح جعلنا كمؤمنين نورًا للعالم. ويكون نور الفتائل الذي يضئ ساق المنارة هو تنفيذ لوصية المسيح “فلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ ٱلنَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ ٱلْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ” (مت5: 16)، فالفتائل تشير للمؤمنين.
وهناك رأى بأن كل سراج له فتحتان واحدة للفتيلة والأخرى ليملأ منها الزيت. والمطلوب أن تكون الفتائل كلها في اتجاه الساق. والساق يرمز للمسيح. إذًا المقصود إعلان مجده. والرأي الأول هو الأرجح.
القاعدة:
نجد أن المنارة لها قاعدة والمرحضة لها قاعدة. وهذا من الطبيعي أن يكون لهما قاعدة يستندان عليها. ولكن روحيا فإن هذا له معنى. فالمنارة تشير لسكنى الروح القدس فينا فيعطينا إستنارة، والمرحضة تشير لعمل الروح القدس فينا في سر المعمودية وسر التوبة والإعتراف. ولكن هناك أساس لعمل الروح القدس فينا هو فداء المسيح الذي به تصالحنا مع الآب فأرسل لنا الروح القدس “لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ ٱلْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لَا يَأْتِيكُمُ ٱلْمُعَزِّي، وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ” (يو16: 7). فبصعود المسيح للسماء يتم الصلح ويرسل الآب الروح القدس.
قاعدة المنارة:
تشمل الجزء السفلى من الساق بالإضافة للقاعدة. والجزء السفلى (كأس وزهرة وعجرة). فكما رأينا أن الثلاث مراحل تشير لعمل لمسيح الذي أعطى حياة لجسد الكنيسة الميت وأقامها من موت الخطية فأثمرت، وصار الروح القدس يسكن فيها. والقاعدة تشير لعمل الروح القدس المبنى على فداء المسيح.