يو10: 7 …الحق الحق أقول لكم إني أنا باب الخراف

 

“فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا بَابُ الْخِرَافِ.” (يو10: 7)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

“فقال لهم يسوع أيضًا:

الحق الحق أقول لكم إني أنا باب الخراف”. (7)

إنه باب المرعى، باب الكنيسة. يَغلق لا ليحبس القطيع، وإنما ليحميه من الذئاب واللصوص، فلا يهلكون. إنه الحكمة والقوة والبرّ من يدخل منه يدخل إليه، وينعم بهذا كله. إنه باب مغلق في وجه الذئاب، لكنه باب الحب للخراف كي تدخل وتخرج وتلتقي معًا في شركة الحب الأخوي. لذا يدعو نفسه “باب الخراف“، لن يقدر ذئب أن يدخل منه ما لم يتحول إلى حملٍ حقيقيٍ.

إنه الباب الملوكي الإلهي، بل ندخل إلى العرش الإلهي وننعم بالحياة السماوية.

والعجيب أن راعي الخراف عومل كلصٍ، فخرجوا عليه بسيوفٍ وعصيٍ للقبض عليه (مت ٢٦: ٥٥)، لأنه لم يدخل من خلال هؤلاء اللصوص والذئاب الخاطفة، ولم يكن يستأذنهم في خدمته لشعبه. عوض التلمذة له ليسلكوا بروحه كانوا ينتظرون تلمذته لهم، ليسلك بروحهم المعادية للحق الإلهي وللحب الرعوي الحقيقي.

v عندما يحضرنا إلى الآب يدعو نفسه “بابًا“، وعندما يرعانا يدعو نفسه “راعيًا“. فلكي لا تظنوا أن عمله الوحيد أن يحضرنا إلى الآب لذلك دعا نفسه راعيًا.

القديس يوحنا الذهبي الفم

v يسوع هو كل شيء، كل الأسماء تناسبه. إنه كل شيء يعلنه.

العلامة أوريجينوس

v للمحتاجين إلى البهجة يصير لهم كرمة، وللمحتاجين إلى الدخول يقف كبابٍ.

القديس كيرلس الأورشليمي

v هو نفسه الباب؛ لنأتِِ فيه ونعرفه. لندخل أو لنفرح أننا بالفعل فيه.

v جاء قبله الأنبياء، فهل كانوا سراقًا ولصوصًا؟ حاشا. إنهم لم يأتوا منفصلين عنه، بل جاءوا معه. عند مجيئه أرسل رسلاً لكنه احتفظ بقلوب رسله. أتريدون أن تعرفوا أنهم جاءوا معه ذاك الذي هو حاضر على الدوام؟ بالتأكيد هو أخذ جسدًا بشريًا في الوقت المعين. لكن ماذا يعني: “على الدوام”؟ “في البدء كان الكلمة” (يو ١: ١). جاء معه من جاءوا مع كلمة الله. لقد قال: “أنا هو الطريق والحق والحياة” (يو ١٤: ٦). إن كان هو الحق، فقد جاء معه من هم صادقون. لكن كثيرين إذ انفصلوا عنه هؤلاء هم سراق ولصوص، أي جاءوا ليسرقوا ويدمروا.

v “ولكن الخراف لم تسمع لهم” هذه نقطة أكثر أهمية. قبل مجيء ربنا يسوع المسيح، حيث جاء في تواضع في الجسد، سمعه أناس أبرار، آمنوا به أنه سيأتي بنفس الطريقة التي لنا أنه قد جاء.

الأوقات تتغير لكن ليس الإيمان… في أوقاتٍ متغيرةٍ حقًا لكن الدخول من باب واحد للإيمان، أي المسيح، فنرى كليهما قد دخلا…

يقول (الرسول): “جميعهم شربوا شرابًا واحدًا روحيًا، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، الصخرة كانت المسيح” (١ كو ١٠: ٤). انظروا بينما بقي الإيمان تغيرت العلامات. هناك الصخرة كانت المسيح، أما بالنسبة لنا فالمسيح على مذبح الله… كثيرون في ذلك الوقت آمنوا، سواء إبراهيم أو اسحق أو يعقوب أو موسى أو البطاركة الآخرون والأنبياء الذين تنبأوا عن المسيح، هؤلاء هم خراف سمعوا المسيح. سمعوا صوته وليس صوت آخر.

القديس أغسطينوس

فاصل

تفسير القمص متى المسكين

 

7:10- 10 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا بَابُ الْخِرَافِ. جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ وَلَكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ. أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى. اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ.

 

‏بعد أن رسم الرب الشرط الأساسي للراعي الحقيقي ومؤهلاته، ثم نوعية عمله، وذلك بناء على رسم الوحي على فم الأنبياء، بدأ يطبق ذلك على نفسه، حتى يستعلن لهم وللعالم أنه جاء, كما هو مكتوب عنه, ليكمل عمل الله ويتمم مقاصده.
«أنا باب الخراف»: لا يقول هنا «باب الحظيرة»، بل «باب الخراف» بصورتها المفردة. لقد انتقل الرب من كنيسة أمة إلى كنيسة أفراد؛ من عهده مع شعب إلى عهده مع النفس, لأن ليس المطلوب بعد قائدا كموسى، أو قائدا كيشوع، ليفدي أمة من عبودية الأمم، أو ليملك أسباطا ميراث الأرا ضي, بل قائدا يفدي النفس من عبودية الخطية ويقربها إلى الآب ليملكها ميراث السماء.
«الباب» ‏هنا ليس لحفظ أنظمة وحدود وتدابير ووصايا تختص بهيئة الشعب العامة أو بشكل الحكومة أو بقوانين ترابط الأفراد، بل الباب هو الإيمان بابن الله. هذا هو باب الحياة لتدخل به ومنه النفس البشرية، لتجد حياة «سماوية» مع الآب، وهذا هو المرعى الدسم الحقيقي.
‏فالمسيح أعلن نفسه أنه ابن الله، هذا هو الباب الحقيقي المرسل إلى السماء: «الحق الحق أقول لكم، من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان» (يو51:1)، السماء المفتوحة يعني «الباب».
‏وبهذه المعاني, يتبين أنه يستحيل أن يكون للآب أو للسماء إلا هذا الباب الوحيد, كما رآه الحارس القديم الذي يمنع من الدخول إل السماء: «الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة» (تك24:3)، حتى لا «يمد (الإنسان) يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً، ويأكل، ويحيا إلى الآباء» (تك22:3)؛ وحل محله باب مفتوح في السماء مسنود عليه رأس سلم موصل بين الأرض والسماء، سلم أمان عليه ألوف وربوات الملائكة يحرسون ويخدمون الداخلين في باب السماء ليجدوا المرعى الدسم والحياة الأفضل. وواضح أن المسيح هو هو الباب السماوي المفتوح، وهو هو السلم المرتكز على الأرض ورأسه في السماء: «لأنه هكذا يقدم لكم بسعة دخول إلى ملكوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الأبدي.» (2بط11:1)
«جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص ولكن الخراف لم تسمع لهم»: الحق كل الحق للمسيح أن يقول هذا، والكلام هنا منصب أولاً على كل الذين جاء وادعواة أنهم قادرون بتعلمهم على تخليص إسرائيل ومُصالحته مع الله، معتمدين على حساب نبوات الأنبياء فيما يختص برجاء إسرائيل كأمة. لهذا, فقد اتخذوا اسم ومؤهلات المسيا اختطافاً وزيفوا عمله. فبدل أن يكونوا طريقاً وباباً للحياة, بتعليمهم الصحيح عن الله والحياة الأبدية, صاروا طريقاً لسفك الدماء بالثورات والحروب, وبابا للهلاك والموت. وبذلك حٌسبوا في نظر المسيح: أنهم سرقوا الاسم وتلصصوا على النبوات والتعليم.
‏وثانياً, كذلك فإن أولئك الفريسيين الذي تجاهلوا هذا الباب السماوي الوحيد المفتوح، والموصل إلى الله والسماء، والمستعلن بالآيات والمعجزات والأعمال والتعليم الصحيح، وادعوا أنهم هم وتعاليمهم وتقاليدهم ومدارسهم الطريق الوحيد والباب الوحيد لمعرفة الله والخلاص، اعتبرهم المسيح سراق اسم وطريق، ولصوص نبوات وعهود ومواعيد: «والخراف لم تسمع لهم».
‏كان الشعب قد تزيفت عليه التعاليم الصحيحة، وتزيف عليه الطريق والحق والحياة: «كان شعبي خرافا ضالة قد أضلتهم رعاتهم. على الجبال أتاهوهم، ساروا من جبل إل أكمة، نسوا مربضهم» (إر6:50). وبالرغم من ذلك, وحينما بدأ الرب يسوع يعلم ويتكلم، انتبه الشعب في الحال, وأدركوا أن كلام الكتبة والفريسيين كلام ميت ومزيف: «فبهتوا من تعليمه لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة» (مر22:1). بل شهد له من أعدائه أمام السنهدريم، بأنه لم يتكلم إنسان قط مثله: «أجاب الخدام لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان.» (يو46:7)
‏والخراف قسمها الإنجيل إلى «خراف خاصة» و «خراف ضالة».
فالخراف الخاصة هي التي لها أذن للسمع، فتسمع لراعيها، لأنه يتكلم بكلام الله. ولا تسمع لصوت الغرباء عن الله أو السراق واللصوص، الذين سرقوا وظيفة الراعي والمعلم، وهم ليسوا رعاة ولا معلمين، وتلصتصوا على أقوال الأنبياء والقديسين, وهم غرباء عنهم وعن روحهم ومنهجهم: «ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون, لأنكم تأكلون بيوت الأرامل ولعلة تطيلون صلواتكم ، لذلك تأخذون دينونة أعظم.» ‏(مت14:23)
‏وقد شهد المعمدان للفرق بين صوت المسيح وكلامه، وبين صوت الآخرين وكلامهم: «الذي يأتي من فوق, هو فوق الجميع؛ والذي من الأرض, هو أرضي, ومن الأرض يتكلم. الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع؛ وما رآه وسمعه, به يشهد وشهادته ليس أحد يقبلها. ومئ قبل شهادته فقد ختم أن الله صادق. لأن الذي أرسله الله يتكلم بكلام الله.» (يو31:3-34)
‏وهذا يؤكده القديس يوحنا في رسالته الأولى: «هم من العالم، من أجل ذلك يتكلمون من العالم والعالم يسمع لهم: نحن من الله، فمن يعرف الله يسمع لنا؛ ومن ليس من الله لا يسمع لنا. من هذا نعرف روح الحق وروح الضلال.» (ايو5:4-6‏)

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

الآيات (7-10): “فقال لهم يسوع أيضاً الحق الحق أقول لكم أني أنا باب الخراف. جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص ولكن الخراف لم تسمع لهم. أنا هو الباب إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى. السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم افضل.”

هنا المسيح يطبق ما قاله من قبل على نفسه. باب الخراف= ولم يقل باب الحظيرة، فالمسيح يهتم بخروف واحد ليدخله، لقد إنتقل من عهد مع شعب لعهد مع نفس، فهو يبحث عن الخروف الواحد الضال، ومن يؤمن يدخل من الباب، باب الحياة ليجد حياة سماوية مع الآب في مرعى دسم، وبهذا ألغى عمل الكاروبيم الماسك سيفاً الواقف على باب الجنة. لن يدخل أحد للكنيسة أو للسماء إلاّ بالمسيح (يو6:14) المسيح حين يأتي بنا للآب يسمى نفسه (باباً) وحين يرعانا يسمى نفسه (راعي). أنا هو الباب= أي قبول المسيح شخصياً.

سرّاق ولصوص= (مثل الكرامين يفسر من هم السراق واللصوص). الفريسيين الذين تجاهلوا المسيح بأعماله وأقواله ليفرضوا عوائدهم وليستمروا في مكاسبهم فهم يريدون أن يسرقوا شعب المسيح، وينطبق لفظ سراق ولصوص علىمن إدَّعوا أنهم مرسلين من الله ليقودوا ثورات دموية ضد الرومان مثل يهوذا الجليلي وثيوداس. وهؤلاء إدعى كل منهم أنه المسيا. جميع= هنا يقصد بها من قال عنهم سابقاً “من يطلع من موضع آخر” (1:10).

لم تسمع لهم= لأن لهم أذن يميزوا بها صوت الراعي (يو31:3-34+ 1يو5:4،6). وهؤلاء مثل سمعان الشيخ وحنة النبية وزكريا والتلاميذ والرسل السبعين وبعض الشعب بل والجنود فرحوا بالمسيح بالرغم مما قاله الفريسيين.

إن دخل أحد= يدخل كالعذارى الحكيمات ولا يكون كالجاهلات ينتظرن حتى ينتهي الوقت. ومن يؤمن به يدخل ويجد الخلاص.

ويخرج= لينطلق إلى المراعي الحقة السماوية. يدخل للعمق ويخرج ليخبر الآخرين وفي الحالتين يتغذى فالمروِي هو أيضاً يُروَى= يجد مرعى= غذاء روحي للحياة. ويدخل ويخرج تشير للحرية، يخرج من الحظيرة للمرعى تابعاً الراعي أو داخلاً للحظيرة آخر النهار. وكلمة يخرج قيلت عن الأعمى إذ أخرجوه خارج المجمع، والمسيح يدعونا لنخرج من العالم وندخل إلى حظيرته. والمسيح أدخل الأعمى لحظيرة المؤمنين وهكذا يدخل كل من ترك العالم وفي نهاية رحلة حياتنا على الأرض نخرج من العالم فعلاً لندخل للسماء. والدخول يكون من خلال الباب الذي هو المسح والخروج يكون في الطريق الذي هو المسيح إلى السماء. فلا دخول للآب السماوي إلاّ بالمسيح (أف18:2،19). وكل راعي لا يقدر أن يدخل الغنم إلى المرعى الدسم يكون سارقاً لوظيفة الراعي. والمسيح يكرر نبوة زكريا (زك4:11،5). السارق لا يأتي إلاّ ليسرق ويذبح= يستغل رعيته. والشيطان ينطبق عليه أنه سارق ولص (2كو13:11-15). فهناك فارق شاسع بين راعي يعطي حياته لرعيته (كالمسيح) ورعاة هدفهم هو الإستفادة من رعيتهم.

أما أنا فأتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل= هو أتى لا ليأخذ بل يبذل نفسه عن الخراف ويعطيها حياة هي حياته هو. في مقابل الذبح والهلاك عند السرّاق واللصوص يقدم المسيح الحياة والأفضل، أي ملكوت الله (رو2:5) يأخذون الحياة بفيض وغزارة (حب الترجمة اليونانية) وهي صفة الملكوت. فالحياة التي يعطيها المسيح تنبع إلى حياة أبدية وليس حياة جسدية تموت بموت الجسد. هو يعطي حياة لها شبع السرور بالروح والنعمة وهي نفسها تبلغ إلى الملء هناك في الأبدية. حياتهم حياة روحية على الأرض ستكون لهم أفضل من الحياة المادية وحياتهم الأبدية هناك ستكون أفضل من الهلاك الأبدي. ولاحظ ماذا يعطي الراعي الصالح [1] حرية= يدخل ويخرج. [2] شبع= يجد مرعى. [3] خلاص= فيخلص. لذلك قال المسيح للمولود أعمى “أتؤمن بإبن الله” لأن هذا هو طريق الخلاص الوحيد.

صفات الرعي الصالح:

1-   يبذل نفسه عن الخراف                                                             آيات 11-13

 فهو الذي بذل حياته عن خرافه

2-   يعرف خرافه الخاصة وخرافه تعرفه                                               آية 14

 وهو يعرف إحتياجها فهو خروفاً مثلها. وهي تعرفه فهو يتعايش معها وفي وسطها وينتمي لها.(2تي12:1)

 

3-   يضع نفسه عن الخراف                                                            آية 15

 هو يضع نفسه مكاني في كل شئ(حياة/ موت/ ضعف/ عبودية/ ألم/ جوع وعطش/ فقر/ استهزاء/ لعنة/ دينونة)

4-   لا يلتزم بحظيرة معينة بل يجمع خرافاً أُخَر لتكون له رعية واحدة.                         آية 16

 هو أتي ليجعل الإثنين واحداً. يجمع الكل فيه (يهوداً وأمما)

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى