تفسير سفر حزقيال أصحاح ٣٢ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح الثانى والثلاثون
هذا الإصحاح ينهى النبوات الخاصة بمصر. ولكن أن تطول النبوات الخاصة بمصر بهذا الشكل يدفعنا أن نفكر أن الآيات تنظر إلى أبعد من ذلك. فدينونة الرب لمصر وحكمه بهذا بدأت منذ زمن سحيق تك 15 : 14. بسبب إستعباد مصر لشعب الله، وقلنا أن هذا إشارة لإستعباد إبليس لشعب الله. ولكن يبدو أن الأمر يمتد للمستقبل أيضاً حين يطلق إبليس من سجنه ويعطى كل قدرته لضد المسيح فى الأيام الأخيرة رؤ 20 : 3 + رؤ 13 : 2 ونلاحظ أن مملكة ضد المسيح تدعى روحياً مصر (وذلك لأن مصر أيام موسى إشتهرت بالعناد، فالضربات تنهال عليها وهى تعاند، وهذا ما سيحدث لمملكة الدجال، فالضربات تنهال عليها لتتوب ومع هذا ترفض رؤ 9 : 20، 16 : 11 بالإضافة لما إشتهرت به مصر أى الكبرياء وإستعباد أولاد الله ). وهذا الإصحاح الذى يحدثنا عن خراب مصر يصبح خراب لمملكة ضد المسيح، أى يشير لنهاية الأيام. ولذلك نجد العبارات تتجه هذا الإتجاه الذى يشير لنهاية العالم وخراب نهائى لكل عدو متكبر سواء للمسيح أو الكنيسة جسد المسيح.
الآيات 1 – 3 :- و كان في السنة الثانية عشرة في الشهر الثاني عشر في اول الشهر ان كلام الرب صار الي قائلا. يا ابن ادم ارفع مرثاة على فرعون ملك مصر و قل له اشبهت شبل الامم و انت نظير تمساح في البحار اندفقت بانهارك و كدرت الماء برجليك و عكرت انهارهم. هكذا قال السيد الرب اني ابسط عليك شبكتي مع جماعة شعوب كثيرة و هم يصعدونك في مجزفتي.
إرفع مرثاة = فالله كان يود لو لم يكن هذا الهلاك والخراب والألم الذى سيحدث بسبب إطلاق الشيطان من سجنه، ولكن الله سيطلقه فى الأيام الأخيرة لأن الناس أصبحت لا تريد الله، بل تريد الخطية “والرب يعطيك حسب قلبك مز 20 : 4. والله سيطلقه للناس ليجربوا ما إشتهاه قلبهم من أنواع الخطايا، وسيتألمون لذلك، فنتائج الخطية دائماً مؤلمة، والله يسمح بهذا الألم لعلهم يدركوا بشاعة ما إختاروا فيتوبون. هى محاولة أخيرة من الله قبل نهاية الأيام، حتى لا تكون هناك فرصة لم يستغلها الله لخلاص البشر. وبذلك ينطبق قول المرنم لكى تتبرر فى أقوالك وتغلب إذا حوكمت مز 51 : 4 وقوله إرفع مرثاة = فهذا قطعاً لآن الله حزين على ما سيحدث للبشر وقتئذ أشبهت شبل الأمم = فرعون ظن فى نفسه أسداً يحمى من حوله، فوعد يهوذا بحمايتها وأنت نظير تمساح = أى حبيس نهرك لا تستطيع أن تخرج منه، إذاً لن تستطيع حماية من هم خارج بلدك. بل أنت تمساح تأكل الأسماك، أى أنت متوحش تأكل شعبك وتقودهم للدمار. وكدرت الماء = حين يتحرك التمساح يكدر الماء وفرعون هذا حين تحرك لمساعدة صديقه فى القيروان دمر جيشه وشعبه فأثار المياه وسبب قلقاً لشعبه. حين إندفقت بأنهارك = أى أندفعت بشده داخل أنهارك فهيجت الطين فيها إشارة للإضطراب الذى أحدثه بالمصريين. وهذا ينطبق على ما عملهالفرعون، وما سيعمله ضد المسيح، يثير الجو ضد الله، ويحاول أن يفرض حمايته على تابعيه، فيكون لهم سمة خاصة بها يشترون ويبيعون، والمقصود أن من له السمة يستطيع أن يتمتع بحماية الدجال رؤ 13 : 16، 17. وتكدير الماء إشارة للضيق الذى ستعانى منه كنيسة المسيح فى تلك الأيام مت 24 : 21، 22. والله لن يترك هذا الوضع طويلاً بل أبسط عليك شبكتى = فالله لا يترك الأشرار للأبد. وكان جيش بابل هو الشبكة التى وقع فيها هذا الفرعون، ولكل طاغية شبكة أعدها الله، وهكذا هناك شبكة لضد المسيح (راجع رؤ 16 : 1، 2 فهذه الضربات موجهة لأتباع ضد المسيح وله هو شخصياً) = عكرت أنهارهم = تصرفاته سببت الضيق الذى وقع فيه الناس. ولاحظ فمن خدعهم وساروا وراءه إذ يكتشفون ضلاله وأنه لم يسبب لهم سوى الألم يقومون عليه = وهم يصعدونك فى مجزفتى = أى شبكتى وبعد أن يخرج من أرضه يلقى كسمكة كبيرة على أرض جافة
الآيات 4 – 6 :- و اتركك على الارض و اطرحك على وجه الحقل و اقر عليك كل طيور السماء و اشبع منك وحوش الارض كلها. و القي لحمك على الجبال و املا الاودية من جيفك. و اسقي ارض فيضانك من دمك الى الجبال و تمتلئ منك الافاق.
هذه تشير لحرب شديدة يلقى فيها هو وجنوده مدوسين بدمهم فى البرية، متروكين لطيور السماء ووحوش الأرض، ودمهم يملأ أرضهم = أرض فيضانك (قارن مع رؤ 16 : 14 + رؤ 19 : 17، 18 + حز 39 : 4، 17 – 20)
الآيات 7، 8 :- و عند اطفائي اياك احجب السماوات و اظلم نجومها و اغشي الشمس بسحاب و القمر لا يضيء ضؤه. و اظلم فوقك كل انوار السماء المنيرة و اجعل الظلمة على ارضك يقول السيد الرب.
قارن مع مت 24 : 29 + رؤ 8 : 12 فهذه الظلمة تشير للأيام الأخيرة وهى من علامات النهاية، بعد أن تضرب دولة ضد المسيح وتملأ دماء أتباعه الجبال والوديان. وبالنسبة لفرعون تفسر هذه الآيات روحياً بأنها ظلمة النفس فلم يعد لهذا الشرير بصيرة ليرى نور الله، ولم يعد له رجاء فى خلاص من محنته التى وضع نفسه فيها، وستختفى منه كل حكمه إش 19 : 11- 16. وهذه الظلمة حدثت فعلاً فى أيام ضربات الله العشر على يد موسى.
الآيات 9، 10 :- و اغم قلوب شعوب كثيرين عند اتياني بكسرك بين الامم في اراض لم تعرفها. و احير منك شعوبا كثيرين ملوكهم يقشعرون عليك اقشعرارا عندما اخطر بسيفي قدام وجوههم فيرجفون كل لحظة كل واحد على نفسه في يوم سقوطك.
سيرتعب الباقون حين يضرب فرعون دولة ضد المسيح (قارن مع رؤ 18 : 9، 10). فبيتك يكون فى خطر حين تشتعل النيران فى بيت جارك. فالحزن سيعم الجميع على خراب دولة ضد المسيح، وسيرتعبون حين يروا هذه الضربات عندما أخطر بسيقى = أى أستعمل براعتى فى إستعمال السيف (الضربات) لأرعب الأخرين، فلربما يقودهم هذا للتوبة. والسيف كان ملك بابل بالنسبة لفرعون والسيف سيكون الضربات والجامات ضد دولة “ضد المسيح”
الآيات 11 – 16 :- لانه هكذا قال السيد الرب سيف ملك بابل ياتي عليك.بسيوف الجبابرة اسقط جمهورك كلهم عتاة الامم فيسلبون كبرياء مصر و يهلك كل جمهورها. و ابيد جميع بهائمها عن المياه الكثيرة فلا تكدرها من بعد رجل انسان و لا تعكرها اضلاف بهيمة. حينئذ انضب مياههم و اجري انهارهم كالزيت يقول السيد الرب. حين اجعل ارض مصر خرابا و تخلو الارض من ملئها عن ضربي جميع سكانها يعلمون اني انا الرب. هذه مرثاة يرثون بها بنات الامم ترثو بها على مصر و على كل جمهورها ترثو بها يقول السيد الرب.
السيف هو ملك بابل الذى سيخرب ملك مصر وقوتها وأبهتها التى تفتخر بها. حتى النهر سيشارك فى الحزن العام الذى خيم على الأمة وبدلاً أن تندفق مياهه تكون كالزيت = بطيئة وثقيلة، أى بلا فيضان، فالفيضان يجعل المياه تندفع بقوة ولا تكون هادئة. وهذا يعنى توقف مصادر الخير، فلأنهم إستخدموا خيراتهم بطريقة خاطئة وكانت سبباً فى كبريائهم، فالله يشفيهم من هذا الكبرياء بأن يحرمهم من الخيرات = فيسلبون كبرياء مصر آية (12)
الآيات 17 – 32 :- و كان في السنة الثانية عشرة في الخامس عشر من الشهر ان كلام الرب كان الي قائلا. يا ابن ادم ولول على جمهور مصر و احدره هو و بنات الامم العظيمة الى الارض السفلى مع الهابطين في الجب. ممن نعمت اكثر انزل و اضطجع مع الغلف. يسقطون في وسط القتلى بالسيف قد اسلم السيف امسكوها مع كل جمهورها. يكلمه اقوياء الجبابرة من وسط الهاوية مع اعوانه قد نزلوا اضطجعوا غلفا قتلى بالسيف. هناك اشور و كل جماعتها قبوره من حوله كلهم قتلى ساقطون بالسيف. الذين جعلت قبورهم في اسافل الجب و جماعتها حول قبرها كلهم قتلى ساقطون بالسيف الذين جعلوا رعبا في ارض الاحياء. هناك عيلام و كل جمهورها حول قبرها كلهم قتلى ساقطون بالسيف الذين هبطوا غلفا الى الارض السفلى الذين جعلوا رعبهم في ارض الاحياء فحملوا خزيهم مع الهابطين في الجب. قد جعلوا لها مضجعا بين القتلى مع كل جمهورها حوله قبورهم كلهم غلف قتلى بالسيف مع انه قد جعل رعبهم في ارض الاحياء قد حملوا خزيهم مع الهابطين في الجب قد جعل في وسط القتلى. هناك ماشك و توبال و كل جمهورها حوله قبورها كلهم غلف قتلى بالسيف مع انهم جعلوا رعبهم في ارض الاحياء. و لا يضطجعون مع الجبابرة الساقطين من الغلف النازلين الى الهاوية بادوات حربهم و قد وضعت سيوفهم تحت رؤوسهم فتكون اثامهم على عظامهم مع انهم رعب الجبابرة في ارض الاحياء. اما انت ففي وسط الغلف تنكسر و تضطجع مع القتلى بالسيف. هناك ادوم و ملوكها و كل رؤسائها الذين مع جبروتهم قد القوا مع القتلى بالسيف فيضطجعون مع الغلف و مع الهابطين في الجب.هناك امراء الشمال كلهم و جميع الصيدونيين الهابطين مع القتلى برعبهم خزوا من جبروتهم و اضطجعوا غلفا مع قتلى السيف و حملوا خزيهم مع الهابطين الى الجب. يراهم فرعون و يتعزى عن كل جمهوره قتلى بالسيف فرعون و كل جمهوره يقول السيد الرب. لاني جعلت رعبه في ارض الاحياء فيضجع بين الغلف مع قتلى السيف فرعون و كل جمهوره يقول السيد الرب
هنا نرى صورة متكررة فيها سيهلك الكل مهما كانت عظمتهم. وهذه نهاية مناسبة للإصحاح الذى يتكلم عن نهاية الأزمنة، ونرى هنا نهاية كل جبار متكبر بميتة بشعة تشير للموت فى نجاسة = كالغلف. ونهاية الكل سيهبطون للجب وللأرض السفلى أى الهاوية. ولذلك لم تكن أورشليم وسط هؤلاء، فليس موت لعبيدك يارب بل هو إنتقال. لاحظ تكرار جعلوا رعبهم فى أرض الأحياء = فهذه نهاية كل جبار عاتٍ. وهذه تعزية ويالها من تعزية أن فرعون يجد الكل معه، وسيكون معهم جميعاً ضد المسيح والشيطان نفسه فى بحيرة النار رؤ 20 : 10، 15