تفسير سفر حزقيال – المقدمة للقمص تادرس يعقوب

 حزقيال والمسيحي المعاصر

كُتب سفر حزقيال لبيت إسرائيل (3: 1)، لكي يعيشه كل مؤمن حقيقي يحيا في كنيسة الله، إسرائيل الجديد، يختبر معاملات الله، ويتفهم أسرار الملكوت ويمتلئ رجاءً في شركة المجد السماوي.

لقد كان إرميا النبي آخر الأنبياء في أورشليم قبل السبي… عاصر السبي لكنه لم يذهب معهم إلى بابل، إنما بقي مع البقية الباقية يشهد لإلهه بقوة، فحملوه معهم إلى مصر ورجموه! أما حزقيال النبي والكاهن فكان شابًا صغيرًا (25 عامًا) حُمل إلى السبي ليكمل رسالة إرميا النبي. كان يحمل الصوت الإلهي ليذكر الشعب المسبي بسبب سبيهم، مناديًا بالتوبة والرجوع إلى الله، يبث فيهم روح الرجاء، ويكشف لهم عن وعود الله وخطته الخلاصية… لقد كان آداة الله التي احتملت الآلام من أجل الشهادة للحق.

إن تطلعنا إلى سفر الرؤيا نشاهد حزقيال النبي وكأنه قد وضع يده في يد يوحنا الحبيب ليعبرا معًا عبر القرون، ويتطلعا إلى أورشليم العليا، مسكن الله مع الناس، إلى الهيكل السماوي.

سفر حزقيال هو سفر كل مؤمن حقيقي يريد أن يلتقي مع الله القدوس، مقدمًا توبة يومية عن خطاياه، فيختبر الحياة الجديدة في المسيح يسوع، وينعم بالوعود الإلهية الثمينة.

سفر حزقيال هو سفرك، يمس حياتك وأعماقك،

 

القمص تادرس يعقوب ملطي

مقدمة

“حزقيال” كلمة عبرية تعني الله يقوي“. لقد دُعي حزقيال لخدمة شعب قاسي الوجوه، صلب الرقبة، أمة متمردة (2: 3-4؛ 3: 7-8)، لهذا كان محتاجًا إلى قوة الله تسنده في مواجهتهم[1].

يرى العلامة أوريجينوس في عظته الأولى عن سفر حزقيال أن السيد المسيح هو حزقيال الجديد الذي يعني الله يقوي”، فإن كان قد نزل إلى أرضنا كما بين المسبيين، ودُعي ابن الإنسان كما دُعي حزقيال “ابن آدم”، فإنه هو بحق الذي يحررنا من السبي لنختبر “قوة الله” خلال صليبه.

الظروف المحيطة بحزقيال النبي:

سجل لنا سفر حزقيال القليل جدًا عن حياة هذا النبي، أهمها أنه عاش في أرض السبي نهر (قناة) خابور (1: 3) بجوار تل أبيب (3: 15)، وكان متزوجًا وله بيت، كما ذكرت وفاة زوجته (24: 16) المحبوبة لديه جدًا، فتنهد عليها في قلبه، وهي العبارة الوحيدة التي عبر فيها النبي عن أحاسيس تخص حياته. يرى التقليد أن حزقيال عاش في نفس الموضع الذي عاش فيه نوح، بجوار جنة عدن، لهذا السبب كثيرًا ما أشار إلى نوح وإلى جنة عدن (14: 14، 20؛ 28: 13؛ 31: 8، 9، 16، 18؛ 36: 35)[2]. ويمكننا تقسيم حياته إلى ما قبل السبي وما بعده.

حزقيال قبل السبي:

ولد حوالي 623 ق.م.، وكان والده بوزي كاهنًا من نسل صادوق. يرى بعض الحاخامات أنه ابن إرميا النبي الذي كان يُدعى “بوزي”، لأن اليهود كانوا يستخفون به (بوزي)[3].

اتسمت هذه الفترة بأمرين لا يمكن تجاهلهما: أولاً: حركة الإصلاح على يدَّي يوشيا الملك عام 621 ق.م، وثانيًا: حالة الانتعاش النبوي. وقد تأثر النبي بهذين الأمرين.

أولاً: بلا شك حمل حزقيال ذكريات طفولته المبكرة لهيكل أورشليم الذي اهتم يوشيا بإصلاحه، وفي أثناء الإصلاح أو ترميمه وُجد سفر الشريعة المفقود فقرأه الملك وتأثر به جدًا.

غالبًا ما كان حزقيال يقطن أحد بيوت الكهنة المقامة على السور الشرقي، وربما كان يلعب وهو طفل في الساحات الخارجية حول الهيكل، كما كانت مدرسته داخل هذا النطاق. ربما كان يساعد والده الكاهن، كخادم للهيكل يعد البخور أو يضئ الشموع في الموضع المقدس، ولما كبر صار يجلس بين معلمي الهيكل يسمع لهم ويسألهم، وكان ينتظر من يوم إلى يوم متى يحتفل بعيد ميلاده الثلاثين ليمارس العمل الكهنوتي داخل هيكل الرب.

ثانيًا: أما عن الانتعاش النبوي، فلابد أن يكون قد تأثر بالأنبياء السابقين له مثل عاموس وهوشع وإشعياء وميخا، خاصة هوشع الذي ترك بصمات على كل أصحاح في نبواته المبكرة. كما سمع عن الأنبياء المعاصرين له مثل إرميا ودانيال وناحوم وصفنيا وربما حبقوق وعوبديا. غالبًا ما كان يستعذب كلمات المرتل حبقوق الحلوة، وإن كان قد تأثر بالأكثر بإرميا النبي الذي رأى أن إصلاحات يوشيا قد مست مباني الهيكل وتقديم الذبائح وحفظ التابوت والشريعة وختان الجسد الخ. لكنها للأسف لم تمس إصلاح القلب الداخلي في حياة الناس.

وتأثر حزقيال بالأحداث السياسية في عصره، فإذ بلغ حوالي العاشرة من عمره سقطت نينوى عاصمة أشور فانهارت قوى أشور وسلطانها. وبعد خمس سنوات تقريبًا حشد فرعون نخو جيشه واحتل فلسطين وقتل الملك الصالح يوشيا في مجدو (2 مل 23: 29) لأنه حاول تقديم معونة عسكرية لملك أشور ضد فرعون. وبهذا انتهت فترة الإصلاح الهادئة التي استمرت حوالي أربعة عشر عامًا حيث كان والد حزقيال فرحًا بها. ومع أن فترة الحكم للملك الجديد يهوآحاز (شلوم إر 22: 11) بن يوشيا كانت قصيرة للغاية (3 شهور) لكنها كانت طويلة في عيني المؤمنين بسبب شره، وكان صوت إرميا النبي يدوي محذرًا ومنذرًا.

حُمل يهوآحاز إلى مصر وأقام فرعون نخو أخاه يهوياقيم أو ألياقيم عوضًا عنه. فإن فرعون مصر لم يرد أن يخرب أورشليم لكي يتمتع بالجزية التي يرسلها إليه يهوياقيم، كما أراد أن يترك علاقته بيهوذا طمعًا في إقامة إمبراطورية فرعونية متسعة في مواجهة مملكة بابل. وكان حزقيال في ذلك الحين شابًا ناضجًا يرى ويدرك ما حل بالشعب، فقد وردت أوثان جديدة إلى شوارع صهيون بلا خجل، وحل الشر في حياة الكهنة والمعلمين وتدهورت خدمة الهيكل. كان يرى النبي الشيخ إرميا وهو يوبخ الكهنة، وربما سمع باروخ الكاتب في الهيكل يقرأ ما قد سجله في درج من نبوات إرميا النبي علنًا أمام الشعب، وسمع أن الدرج قدم للملك الذي سمع القليل من فقراته وقام بتمزيقه وإحراقه بالنار (إر 36: 1-26). كانت نفس الشاب حزقيال مُرّة للغاية، احتدمت الثورة على الكهنة أصدقائه وكل القيادات الدينية في داخله، لكنه لم يكن قادرًا حتى أن يشير إلى اسم إرميا أو يعلق على كلماته.

في نفس السنة إذ غلب نبوخذنصَّر نخو فرعون مصر في معركة كرمشيش تحطمت أطماع فرعون لسنوات طويلة وتحول ولاء يهوياقيم إلى بابل ولو أن قسمًا كبيرًا من الشعب كان يفضل الخضوع لفرعون مصر ضد بابل حتى لا يحل بهم ما حل بمملكة الشمال (إسرائيل)، ويبدو أن الملك نفسه أيضًا كان يميل إلى ذلك قلبيًا، وقد حذر إرميا من ذلك. وفي حوالي عام 600 ق.م (أي بعد خمس سنوات) قام يهوياقيم بثورة ضد بابل، ولكن في خلال عام أو عامين حوصرت أورشليم بجيوش بابل لمدة 18 شهرًا، وكانت المدينة تقاوم الحصار ومات يهوياقيم بطريقة غامضة، لكنه كان يتحدى بابل حتى النفس الأخير. وإذ توج ابنه يهوياقين أصر على الاستسلام لبابل بلا شرط، فدخل نبوخذنصَّر المدينة المقدسة على رأس جيشه عام 597 أو 598 ق.م.

في هذه المرة عالج نبوخذنصَّر الموقف بطريقة لطيفة غير متوقعة، إذ لم يقم بتدمير المدينة ولا الهيكل ولا المنشآت العامة ولا حتى أسوارها الحربية إنما اكتفي بأخذ الملك الشرير يهوياقين الذي لم يدم ملكه سوى ثلاثة شهور، كما أخذ عائلته ورؤساء الشعب وخزائن بيت الرب إلى بابل (2 مل 24: 8-16). لقد انكسر قلب حزقيال الذي رأى الهيكل المحبوب لديه وقد نُهبت أدواته التي يرجع عمرها إلى حوالي 300 عامٍ منذ أيام سليمان وصهرت، ووضعت في زكائب البابليين، وقد قام الملك الجديد صدقيا ابن أخ يهوياقين (2 مل 24: 17) بتدنيس الهيكل، وصار الوثنيون الغرل يُنجسون المواضع المقدسة. هذا وقد نصب نبوخذنصَّر شباكه في بلاد يهوذا ليصطاد كل شاب له قدرة أو موهبة أو مركز وحملهم إلى بابل، وكان من بينهم حزقيال نفسه، لكي يضمن عدم حدوث أية ثورات ضده في يهوذا، تاركًا الفلاحين والمعدمين جدًا غير القادرين على الثورة (2 مل 25: 12).

 هذه هي أول مراحل السبي لشعب يهوذا، إذ سمح الله أن يتم على مراحل لكي يعطي الكهنة والشعب فرصة للتوبة والرجوع إليه فيصفح عنهم، أما هم فظنوا أن الله لن يسمح بهدم الهيكل وتسليم المدينة بالكامل كما لجأوا إلى طرق أخرى غير التوبة.

بجوار مياه خابور[4]:

ترك الكاهن الشاب حزقيال (في الخامسة والعشرين من عمره) أورشليم مسبيًا إلى بابل ليبقى فيها بلا عودة، وهناك أقام مع المسبيين من شعبه بجوار قناة خابور في تل أبيب أو بجوارها، وهي غير تل أبيب الحالية. على أي الأحوال كان حزقيال في سنواته الأولى يلاحظ ما يدور في حياة شعبه ويتأمل في صمت مع مرارة. فقد كانت بابل في ذلك الحين في أوج عظمتها ومع كل يوم جديد يضاف إلى تاج نبوخذنصَّر لآلئ جديدة. وكان هذا يمثل ضغطًا نفسيًا على اليهود، خاصة وأنهم قد حرموا من أورشليم “فردوسهم المفقود”. لم يكن السبي في ذاته قاسيًا في ذلك الحين إن استبعدنا الجانب النفسي لحرمانهم من وطنهم. فقد أعطيت لهم أرض في تل أبيب على ضفاف قناة خابور، ليست بعيدة عن العاصمة بكل إمكانياتها وملذاتها. وكان المسبيون يخضعون لشريعة حامورابي[5] Hammurabi التي تقترب من شريعتهم. لم توجد قيود على تنظيماتهم الدينية أو المدنية، فتستطيع الأسباط والعائلات أن تجتمع معًا حسبما تريد، ويقوم شيوخهم بالقضاء فيما بينهم، وكانت الدولة تشجعهم على التجارة وتسمح لهم بامتلاك بيوت خاصة بهم كما كان لحزقيال نفسه. ولعل من المؤسسات اليهودية الناجحة في بابل شركة ماراشو Marashu وأولاده التي اكتشفت مستندات أعمالها بواسطة علماء الآثار[6].

وكان البريد بينهم وبين إخوتهم في أورشليم ضخمًا ولا ينقطع.

وفي السنة الرابعة من السبي قام صدقيا الملك بزيارة بابل قادمًا من أورشليم وقد ازدحمت بابل ليروه قادمًا بمركبته.

وفي السنة الخامسة من السبي (حوالي عام592 ق.م) وقبل سقوط أورشليم في المرحلة التالية من السبي بسبع سنوات انفتحت السموات لأول مرة أمام حزقيال ليرى رؤى الرب، رأى المركبة الإلهية النارية كبدء انطلاقة لتسليم حزقيال العمل النبوي في هذا الجو المُرّ لمدة حوالي 22 عامًا (592-570 ق.م). وكان تاريخ نبواته هكذا:

السنة الخامسة للسبي                   (حز 1-7).

السنة السادسة للسبي                   (حز 8-19).

السنة السابعة للسبي                   (حز 20-23).

السنة التاسعة للسبي                   (حز 24).

السنة الحادية عشرة للسبي             (حز 18: 25-28؛30: 31).

السنة الثانية عشرة للسبي              (حز 32-39).

السنة الخامسة والعشرون للسبي        (حز 40-48).

السنة السابعة والعشرون للسبي        (حز 29: 17 الخ).

أما أهم الأحداث التي عاصرها النبي أثناء نبواته فهي:

في السنة السادسة للسبي سمع حزقيال النبي عن ارتباط الملك صدقيا بفرعون مصر ضد نبوخذنصَّر (17: 15) فكتب بوضوح له ضرورة الالتزام بالقسم الذي تعهد به، حتى وإن قُدم إلى ملك وثني، فإنه لا يليق أن يحنث به (17: 18)، وإلا سقط تحت العقاب الإلهي.

لقد أعلن أن مصير صدقيا سيكون كمصير يهوآحاز الذي أخذه فرعون نخو أسيرًا إلى مصر سنة 607 ق.م (19: 4) ويهوياقين الذي أسره الكلدانيون (19: 9). إن أهوليبة (أورشليم) يكون لها ذات مصير أختها الكبرى أهولة (السامرة) وذلك بسبب خطاياها التي تفاقمت (23: 1؛ 23: 23). في السنة الثامنة للسبي تولى فرعون جديد Apries الحكم، فدفع صدقيا دفعًا للثورة ضد بابل، وتم ذلك في السنة التاسعة للسبي.

وفي السنة العاشرة للسبي صارت أورشليم تحت حصار مُرّ، فتحققت نبوات إرميا وحزقيال، وقد حدد الأخير اليوم (24: 2). وفي العام التالي حاول صدقيا الهروب ليلاً فقُبض عليه في أريحا وقُتل أولاده أمام عينيه ثم فقأوا عينيه واقتادوه إلى بابل مقيدًا. هنا لم يترك ملك بابل شيئًا في مدينة داود أو هيكل الرب أو القصر الملكي إلا وقام بتخريبه. هرب البعض إلى مصر حاملين إرميا النبي وباروخ الكاتب بغير إرادتهما حيث رحب خفرع بالشعب. هنا شمتت البلاد الأممية فيهم، فجاءت النبوات (18: 25-29؛ 30، 31) تعلن حكم الله على جماعة الأمم الشامتة بشعبه.

وبالرغم من كل هذه الظروف لم يفقد النبي رجاءه (34: 13) وإن كان حزن قلبه لم ينقطع قط بسبب دمار الهيكل وفقدانه شهوة قلبه. لقد سمع عن نهاية أورشليم في أيامه ففتح له الرب رؤى جديدة لأورشليم جديدة وهيكل جديد وعبادة جديدة. حقًا كان نبوخذنصَّر في قمة مجده وعظمته، وكان يهوياكين داخل السجن، لكن الخلاص والعودة إلى أورشليم لم يفارقا عيني النبي (36: 11، 29، 30)، فقد رأى الله يقيم هذا الشعب كما يقيم الأموات واهبا للعظام الجافة روحًا وحياة (37). لقد قدم النبي صورة رائعة للإصلاح من جوانب متعددة، منها:

  • أن الله يغفر الخطايا (36: 11، 16، 19).
  • أنه يعيد مملكتي الشمال (افرايم) والجنوب (يهوذا) إلى وحدة كاملة تحت حكم من نسل داود الملوكي.
  • يدين الله رعاة الشعب الأنانيين وينزع عنهم عملهم ويقوم بنفسه بالرعاية (34).
  • التنبؤ عن العصر المسياني (34: 23) بالعودة الروحية من سبي الشيطان والخطيئة (36: 26).
  • جاءت الأصحاحات الأخيرة تمزج العمل الفني لبناء الهيكل الجديد بالرؤية النبوية والعمل الكهنوتي.

تأثيره[7]:

يبدو أن حزقيال النبي لم يكن له تأثير قوى على معاصريه، الذين كثيرًا ما يدعوهم “البيت المتمرد” (2: 5، 6، 8؛ 3: 9، 26، 27 الخ…)، مشتكيًا من أن كثيرين يأتون للاستماع إليه لكنهم ينظرون إلى أحاديثه بكونها تسلية تحمل نوعًا من الجمال الفني، ولا يطيعون كلماته (33: 30-33).

استشهاده:

كان بنو شعبه يتخذون منه موقف المتفرجين الساخرين، بل كانوا يكرهونه وينبذون كلماته لتعنيفهم على نجاساتهم وشرهم. وقد ذكر القديس ابيفانيوس عن تقليد قديم أن قاضيًا من شعبه قام بقتله، لأنه وبخه على كفره وعبادته للأوثان. ويقال إنه دفن في قبر سام وازمكشاد، في Kefil بالقرب من BirsNimrud، وكان الكثيرون يحجون إليه في أيام القديس، وصار المسلمون يحجون إليه إلى زمن طويل مع اليهود[8].

في أيام القديس يوحنا الذهبي الفم، اُحتفل بنقل أعضائه من بلاد بنطس إلى مدينة القسطنطينية في 22 ديسمبر، حيث ألقى القديس خطابًا رائعًا في هذه المناسبة، ويحتفل الأروام واللاتين بهذا التذكار. أما كنيستنا فتعيد بتذكار نياحته في الخامس من برمودة.

غاية السفر:

  1. في المرحلة الأولى من سبي يهوذا لم يقم نبوخذنصَّر بتخريب أورشليم أو هدم الهيكل، فظن الشعب ان المدينة والهيكل لن يصيبهما أذى، وأن الله يدافع عنهما، وأن مدة السبي لن تطول، وحسبوا كلمات إرميا النبي ونبواته غير صادقة، لهذا السبب إذ سُبي حزقيال استقر هناك وسط المسبيين واقتنى له بيتًا ليؤكد لهم طول مدة السبي، كما أكد لهم بطريقة أو أخرى صدق نبوات إرميا – دون أن يذكر اسمه – معطيا صورة للدمار الذي يحل بسبب الانحراف إلى عبادة الأوثان وارتكاب الشر. لقد أكد مفارقة مجد الرب الهيكل (10: 16-18؛ 11: 23)، وسقوط أورشليم (33: 21).
  2. في هذا السفر أوضح النبي “التوبة” كطريق لاستمالة مراحم الله (18: 27).
  3. كان البعض يشعر أنهم يُعاقبون ظلمًا بسبب خطايا آبائهم، وأنهم الضحايا البريئة لمسئولية الأمة اليهودية (ص 18، 33)، لهذا كشف النبي عما يرتكبه الشعب في ذلك الحين من رجال ونساء مع الكهنة من شرور حتى في دار الهيكل (9: 11). فالعقاب ليس عن خطايا سالفة عن جيل سابق وإنما بسبب الجيل المعاصر له. وقد أكد النبي أن كل نفس مسئولة عن خطاياها الشخصية لا عن خطايا الغير (18: 2) كما لا يخلص أحد على حساب آخر (14: 20). والإنسان أيضًا يطالب عن موقفه الحالي لا عن ماضيه.
  4. في الوقت الذي كان فيه الشعب يشعر بأن السبي أمر مؤقت وأنه لا تدمير للهيكل، كان يتنازعهم شعور آخر هو اليأس، خاصة كلما مر الزمن وازدادت الحالة سوءًا. فجاء السفر يعلن عن إمكانية الله لتقديم القلب الجديد والروح الجديد لأولاده، كما عزَّاهم بتحقيق رجوعهم المستقبل، ونزول القضاء الإلهي على أعدائهم البغاة.
  5. إذ أعطاهم هذا الرجاء دخل بهم إلى العصر المسياني، حيث يتقدم السيد المسيح كداود الجديد الذي يملك عوض الملوك الأشرار ويرد الكل إلى روح واحد. انطلق بهم السفر إلى هيكل جديد مغاير للهيكل القديم الذي اعتاد النبي أن يراه في صباه. عوض جبل صهيون الصغير يرى جبلاً عاليًا متوجًا بأبنية مقدسة جديدة وعظيمة. وكما ترك الله الهيكل القديم بسبب دنسهم (10: 18-19؛ 11: 22-24) يعود إلى الهيكل الجديد الذي يملأه بمجده (43: 1-6)، يقوم على نهر المياه المقدسة النابع عند عتبة البيت حيث المذبح المقدس (حز 47)، على ضفافه أشجار كثيرة ومتنوعة “جماعة القديسينً يرتوون بالروح القدس بلا انقطاع. ويلاحظ أننا لا نسمع في هذا السفر عن آلام السيد المسيح وموته كما في إشعياء النبي ولا عن رفض اليهود الإيمان به، بل أوضح أمجاد بيت الرب الجديد والهيكل المقدس ليعطي الشعب فرحًا ورجاءً بعد توبيخات كثيرة.
  6. تنبأ عن بعض الأمم مثل آدوم وصور وصيدا والفلسطينيين وفرعون مصر الخ.

فمن جهة صور يتحدث عن مصيرها وخرابها (حز 26) لأنها وقفت ضد أورشليم، إذ ظنت أن خراب أورشليم يؤول إلى ازدهارها.

لم يكن هذا الأمر متوقعًا، لأن صور مدينة عظيمة ظهرت سنة 2750 ق.م على الشاطئ، ولأسباب دفاعية نقلت إلى جزيرة صخرية مقابل لها، حملت نفس الاسم، مساحتها حوالي 142 فدانًا. كانت مدينة أو جزيرة تجارية ضخمة تستقبل المواد الخام التي تستهلكها فينيقية من سفن العالم المعروف في ذلك الحين والتي تعود محملة بكل أنواع البضائع.

فشل سنحاريب ملك أشور في الانتصار عليها بعد حرب دامت قرابة 13 عامًا، كما فشل نبوخذنصَّر ملك بابل بعد ذلك. لكن الله أعلن بواسطة نبيه حزقيال أنها تنهار وتسقط أسوارها في المياه. وقد تحقق ذلك على يدَّي الاسكندر الأكبر، إذ أقام ممرًا من الشاطئ حتى الجزيرة وهزمها… ولم تعد بالمدينة المشهورة.

زارها السيد المسيح (مت 15: 21) ومعلمنا بولس الرسول (أع 21: 3-7)، وصارت من أجمل مدن فينيقية.

في القرن الثالث عشر استولى عليها المسلمون وهُدمت. ولم تُبنَ بعد، إنما صارت مجموعة من الحجارة يلقي الصيادون شباكهم عليها فتحقق القول: “تكونين مبسطًا للشباك…” (حز 26: 14).

لقد تحققت كلمة الله حرفيًا فيها في تفاصيل دقيقة[9]!

  1. حوى السفر نبوات تخص انقضاء الدهر، والعصر السابق لنهاية العالم… الأمر الذي نعود إليه أثناء شرح السفر إن شاء الرب وعشنا.

سماته:

  1. سجل لنا حزقيال النبي رؤياه وعظاته النبوية التي نطق بها، وقد جاء كتابه يمثل وحدة واحدة في الكتابة بطريقة منظمة وضعها النبي بنفسه، مسجلاً لنا ما رآه وما تصرف به وما تكلم به.
  2. بما أن الله قد دعاه ليتنبأ وسط أناس متمردين وبين قساة القلوب وصلاب الوجوه (2: 3-4) لهذا أعده الله بروح جرئ غير مرتاب، فكان ذا إقدام وعزم وغيرة حارة على مجد الله، يواجه ببسالة كل المقاومات التي يتعرض لها، فجاء السفر يتميز عن سائر الأسفار بحماسه.
  3. أكثر من التمثيلات والرموز.

التمثيل هو التعبير عن حادثة ما بطريق التشبيه أو الاستعارة كأن يشبه نبوخذنصَّر وفرعون بنسرين كبيرين ويهوياكين بفرع أرز، ونقله إلى بابل بقصف رأس فروع الأرز ونقله إلى لأرض كنعان (حز 17: 1-10).

أما الرموز النبوية فهي نوعان:

أ. رموز عملية قام النبي بممارستها أمام الشعب كما في حزقيال (37: 16- 17) حيث يقرن النبي عصوين معًا إشارة إلى انضمام مملكتي إفرايم ويهوذا.

ب. رموز نظرية كالتنبؤ عن العظام اليابسة (37: 1-10) وقياس أورشليم الجديدة مع هيكلها (حز 40).

دعي حزقيال بصانع الرمزية[10]، وإن كان قد سبقه بعض الأنبياء في استخدامها مثل إشعياء وإرميا. وقد أكثر الأخير من استخدامها، مثل نزوله في بيت فخاري ليرى فيه مثالاً للعمل الإلهي الذي يخرج من الطين آنية للكرامة (إر 18)، ومثل كسرة إبريقًا فخاريًا أمام قومه نبوَّةً عن كسر الشعب والمدينة (إر 19).

  1. كان حزقيال نفسه رمزًا، يقوم بدور بيت إسرائيل رمزيًا (12: 6، 11؛ 4: 3؛ 24: 24، 27). كان يقوم بأدوار غريبة، فتارة يقضي أيامًا طويلة صامتًا لا ينطق بكلمة، وأخرى يمثل ما سيحل بشعبه من كوارث فينام على جنبه الشمال 390 يومًا ثم على الجنب الآخر أربعين يومًا، يأكل بوزن ويشرب بكيل. أحيانا يقص شعر رأسه ولحيته ليحرق ثلثه ويضرب الثلث بالسيف ثم يذري الثلث في الهواء. أحيانًا يقطع صمته لينشد على آلة موسيقية (33: 32). وفي موت زوجته المحبوبة لديه لا يذرف دمعة بل يتنهد في قلبه. هكذا ربط النبي حياته بمأساة شعبه. ولعل هذا هو السبب الذي لأجله دعاه الله “ابن آدم” حوالي تسعين مرة، إذ حمل صورة مرارة الخطيئة التي تثقل بها الإنسان ابن آدم. لقد استخدم هذا التعبير ليظهر الله له ضعفه وحاجته إليه كسند له وسرّ نجاحه[11]، هذا وقد دُعي السيد المسيح “ابن الإنسان” حوالي 80 مرة.

هذه التصرفات جعلت بعض المفسرين الحديثين يتهمونه بإصابته بأمراض نفسية، وحاول البعض تشخيصها، بينما رأى الآخرون فيه أعظم شخصية روحية ظهرت في التاريخ البشري[12]، كإنسان يحرص منذ بدء دعوته أن يقضي كل حياته بجميع تصرفاته لحساب الخدمة، مقدمًا كل طاقات ذهنه وقلبه وتصوراته لحساب كلمة الله. فكان إن تكلم أو صمت، إن تنهد أو نام، إن أكل أو شرب أو رسم أو ضرب على آلة موسيقية لا يفعل شيئًا لأجل نفسه بل لحساب العمل النبوي.

  1. كشف سفر حزقيال عن شخصية النبي ليس كرجل رؤى، وإعلانات فحسب، وإنما كرجل الكتاب المقدس، كثيرا ما استخدم أسفار موسى الخمسة وغيرها من الأسفار، فأشار إلى قصة الخلق (28: 11-19) والكاروبيم (حز 37: 7، تك 3: 24)، وتحدث عن نوح ودانيال وأيوب (14: 24، 28: 3)، وتنبأ عن جوج وماجوج (تك 10: 2، 1 مل 1: 5).
  2. جاء السفر يتضمن آراء متكاملة معًا، نذكر على سبيل المثال:

أ. يركز السفر في حديثه عن الله أنه إله غيور يخلص شعبه ويدخل معهم في عهد لأجل اسمه القدوس، يفعل كل شيء لأجل مجده، لكنه في نفس الوقت يتحدث عن محبته العميقة لشعبه، إذ يراه كفتاة مهملة ومرذولة من الجميع فيهتم بها ويغسلها ويجَّملها ويقيمها عروسًا له (حز 16). لايعمل لأجل اسمه فقط إنما أيضًا لأجل حبه لنا، وإن كان لا فصل بينهما.

ب. يعلن في هذا السفر عن اهتمامه بشعبه كأمة واحدة وعروس واحدة، جماعة تعبدية لرب واحد، وفي نفس الوقت لا يتجاهل الفرد، فلا يلتزم أحد بثمر أخطاء غيره (18: 4، 29).

ج. مع تعنيفه الشديد على الخطيئة كان مملوءًا رجاءً حتى في أحلك اللحظات وأظلمها.

د. يهتم هذا السفر بالطقس والعبادة الكهنوتية، وفي نفس الوقت يركز على الحياة الداخلية وتنقية القلب، فلا انفصال بين العبادة الجماعية والروحانية.

هـ. أخيرًا في هذا السفر يظهر حزقيال النبي ككاهن ابن الكاهن الذي يرتبط بالهيكل والذبيحة والليتورجيات، والنبي الذي يعلن بعض أسرار المستقبل، والرائي الذي يدخل به الروح إلى السموات ليتكشف أسرار العظمة الإلهية، وأيضًا الرجل اللاهوتي الذي يدرك أسرار الإيمان، والكارز المهتم بالتوبة، والأديب والشاعر الملهم والفنان الخ…

  1. إشعياء هو نبي الدولة يدعو للإيمان، وإرميا النبي الشهيد يدعو للحب، وحزقيال نبي السبي يدعو للرجاء. نبوات الأول تمجد الابن المخلص، والثاني تمجد الآب، وأما الثالث فتمجد الروح القدس[13].
  2. أكثر من أي نبي تسلم حزقيال رسائله من خلال الرؤى. يعتبر سفر حزقيال من أصعب الأسفار. قيل إن حاخامًا قد وعد بتفسيره بالكامل فخصص له المجمع 300 برميلاً من الزيت لسراجه حتى يستطيع أن يكتب التفسير، مفترضًا أنه لن ينهي عمله قط[14].
  3. يختلف نبي السبي العظيم حزقيال عن النبيين إشعياء وإرميا في أمرين هامين:

أ. لم يتعامل مع حكومة يهوذا، أي الملك ورجاله؛ إذ لم يكن مصلحًا سياسيًا أو اجتماعيًا، بل كان يهتم بخلاص كل إنسان كفرد وحثه على التوبة، دون تجاهل للجانب الجماعي.

كما كان بعيدًا عن القصر البابلي حيث عاش دانيال النبي.

ب. كان لذات السبب كاتبًا أكثر منه متحدثًا، وفي هذا كان فريدًا بين الأنبياء. كتب إلى “كل بيت إسرائيل” لكي تقرأه الأجيال المتعاقبة[15].

  1. يكشف السفر عن شخصية حزقيال بكونه نبيًا متعدد الجوانب[16]، ربما لا يوجد مثله في كل تاريخ إسرائيل من هذه الزاوية، فقد كان كاهنًا ونبيًا، وراعيًا (رقيبًا)، ورائيًا، ولاهوتيًا، ومخططًا دينيًا، وشاعرًا، وفنانًا.

ككاهن كان مهتمًا جدًا بطهارة الطقس جنبًا إلى جنب مع نقاوة الشخص، والعبادة الجماعية السليمة، والطاعة لشريعة الله. سيطرت قداسة الله على حياته وأفكاره.

وكنبي كشف عن خطايا إسرائيل ويهوذا والأمم وأعلن عن تأديب الله، مناديًا بالتوبة، كاشفًا عن وعود الله، خاصة في العصر المسياني.

وكراع كان يشارك شعب الله آلامهم، يحذرهم ويطلب راحتهم في الحق. كراءٍ فقد شاهد رؤى كثيرة.

كلاهوتي أوضح المفاهيم اللاهوتية وراء خراب أورشليم والتجديد…

كمخطط ديني وضع الأساس الروحي للمجتمع ما بعد السبي ليعيش كما يليق.

كشاعر سجل لنا قطعًا أدبية رائعة ومراثٍ مؤثرة للغاية.

كفنان رسم صورًا كثيرة غريبة للقارئين، مملوءة أسرارًا رهيبة، يصعب أحيانًا تخيلها[17].

حزقيال وتجديد القلب:

إن كان إرميا النبي قد ركز على الإصلاح الداخلي عوض الانشغال بالمظاهر الخارجية، وعلى ختان القلب والأذن عوض ختان الجسد الظاهري، فإن حزقيال النبي أيضًا يؤكد الحاجة إلى تجديد القلب.

“وأعطيكم قلبًا جديدًا،

وأجعل روحًا جديدة في داخلكم،

وأنزع قلب الحجر من لحمكم،

وأعطيكم قلب لحم،

وأجعل روحي في داخلكم،

وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها”

بالقلب الجديد ننعم بالهيكل الجديد والأرض الجديدة والحياة الجديدة (حز 40-48).

أما علامات القلب الجديد فهي:

  1. يتمتع بسكنى روح الرب فيه (36: 27).
  2. يحمل قوة السلوك في وصايا الرب وحفظ أحكامه (36: 27).
  3. يستريح في الوعود الإلهية (36: 28).
  4. يخلص من كل النجاسات (36: 29).
  5. يتمتع بحالة شبع (36: 29-30).
  6. يصير كجنة عدن عوض الخراب الذي حلَّ به (36: 35).
  7. يشهد الغرباء للثمر الإلهي المتكاثر فيه (36: 36).
  8. نمو دائم  (36: 37-38).

بين حزقيال وإرميا:

على خلاف إرميا النبي كان حزقيال النبي متزوجًا وله بيت وقد تأثر بإرميا كثيرًا، إذ تناول ملاحظاته التعليمية أو استعاراته التوضيحية أو خطاباته القصيرة وصار يوضحها ويوسعها، وكثيرًا ما كان يعطيها صورة أدبية نهائية، من ذلك[18].

                                            إرميا                حزقيال

  1. القدر                          (1: 13-15).     (11: 2-11، 24: 3-14).
  2. الأختان                        (3: 6-11).      (23).
  3. المغفرة للمذنبين                (18: 5-12).     (18: 21-32).
  4. الرعاة الأشرار          

ومجيء ملك جديد              (23: 1-6).      (34: 1-24).

  1. المسئولية الشخصية            (31: 29-30).   (18: 2-31).
  2. الخليقة الروحية                (31: 33-34).   (11: 19-20؛ 36: 25-29).
  3. رجاء المستقبل                 (24).             (11: 15-21؛ 37: 1-14).

اختلف إرميا النبي عن حزقيال النبي في أن الأول كان رقيقًا هادئًا في توبيخاته، كشف بالأكثر عن مرارة نفسه من أجل شعبه، حاسبًا آلامهم آلامه وخطاياهم خطاياه. أما حزقيال إذ جاء بعد إرميا وفي فترة حالكة الظلمة كما أدرك عنف موقف المسئولين تجاه إرميا وتشكك البعض في نبواته اضطر أن يكون قاسيًا في تعنيفه شديد اللهجة يقف كمن يحاكم ويدين، وإن كنا لا نستطيع تجاهل حبه الشديد ومرارة نفسه على شعبه. يعتبر سفره أكثر الأسفار النبوية إحساسًا بمدى جرم الشعب ضد الله حتى تبدو كلماته كأن الله سيدينهم أكثر من سائر الأمم.

بين حزقيال والرؤيا:

يرى الدارسون أن للقديس يوحنا دراية قوية بسفر حزقيال، حيث توجد عبارات متشابهة:

  1. راجع وحش (حز 1: 5، 10)               مع (رؤ 4: 5، 7).
  2. راجع العلامة على الجبهة في (حز 9: 4)   مع (رؤ 13: 16).

لقد ختم النبي حزقيال سفره بوصف الهيكل المقبل، الذي جاء صورة رمزية للهيكل السماوي أو أورشليم العليا كما ورد في سفر الرؤيا:

                             حزقيال                      الرؤيا

  1. الجبل المقدس            (40: 2)                    (21: 1).
  2. المدينة المقدسة           (37: 27)                  (21: 3).
  3. مجد الله فيها             (43: 2-5)                 (21: 11).
  4. المدينة مربعة            (48: 16، 30)             (21: 16).
  5. لها اثنا عشر بابًا         (48: 30-34)              (21: 12-13).
  6. فيها نهر الحياة           (47: 1)                     (22: 1).
  7. على ضفافه الأشجار     (47: 1، 7)                 (22: 2).

المسيح في سفر حزقيال:

  1. غصن الرب (17: 22، 24): جاء في إشعياء النبي: “في ذلك اليوم يكون غصن الرب بهاءً ومجدًا وثمر الأرض فخرًا وزينة للناجحين من إسرائيل… إذ غسل السيد قذر بنات صهيون” (4: 2، 4). ينزل الرب كغصن يغسل بدمه قذر خطايانا، فنحمل في داخلنا ثمر الروح، ونصير نحن به أغصانًا تأوي الطيور.
  2. الراعي المحب (34) يطلب الضال ويسترد المطرود ويجبر الكسير ويعصب الجريح… قائلاً: “هأنذا أسأل عن غنمي وأفتقدها” (34: 11).
  3. داود (34: 23) الذي يرعى غنمه، ويقطع عهد سلامٍ مع شعبه وينزع الوحوش الرديئة من الأرض، ويجعل مقدسه في وسطهم (34: 25-28).
  4. غرس لصيتٍ (34: 29)، ينزع عن شعبه العار ويجعل لهم صيتًا ومجدًا في داخلهم!
  5. المعمودية وعهد النعمة (36: 25-27)… تجديد الطبيعة البشرية، والتمتع بالإنسان الجديد.
  6. كنيسة العهد الجديد المقامة كما من العظام اليابسة (37: 1-10)؛ الهيكل الجديد(37).
  7. ميلاد المسيح من البتول وبقاؤها بتولاً (44: 2).

تحدث العلامة أوريجينوس عن حزقيال النبي نفسه كرمز ومثال للسيد المسيح[19].

  1. رأى حزقيال وهو في الثلاثين من عمره السموات مفتوحة، وكان عند نهر خابور، وعند نهر الأردن انفتحت السموات من أجل السيد المسيح أثناء عماده وهو في الثلاثين من عمره.
  2. دُعي حزقيال “ابن آدم”، ودعا السيد المسيح “ابن الإنسان” لتأكيد تأنسه، واحتماله الالآم والصلب لأجلنا.
  3. اسم حزقيال يعني “قوة الله العليا”… من يقدر أن يقدم قوة الله العليا سوى السيد المسيح نفسه؟!
  4. عاش وسط المسبيين، وجاء السيد المسيح وسطنا ليحررنا من سبي الخطية.
  5. انفتحت السموات أمام حزقيال ورأى المركبة السماوية، وفتح الرب لنا سمواته لنشارك السمائيين تسابيحهم، ويمتلئ العالم بالملائكة.

الله في سفر حزقيال[20]:

إذ دخل الشعب إلى المذلة في أرض السبي، عوض رجوعهم إلى أنفسهم، ونسبهم ما حلّ بهم إلى خطاياهم، تشككوا في إمكانية الله وقدرته، لهذا إذ جاء حزقيال النبي يدعوهم إلى التوبة كشف لهم عن عظمة الله وقدرته وبعضًا من سماته:

  1. الله ممجد ومهوب (1: 25-28؛ 3: 23).
  2. الله قدوس لا يطيق الخطية (5: 11؛ 36: 23).
  3. الله قوى في كل مكان (3: 12-27؛ 5: 5).
  4. الله صاحب سلطان على كل الأمم (25: 1، 32: 32).
  5. الله عادل (18: 25؛ 33: 20).
  6. الله يُعرف بأعماله القديرة (6: 7، 14؛ 20: 38).
  7. الله يرعى شعبه بنفسه (34: 11-16).
  8. الله يهب القلب الجديد والحياة الجديدة (36: 25-32).

لقد بدأ السفر بإعلان “مجد الله، وقد تكرر هذا التعبير مرات كثيرة في الأصحاحات الإحدى عشرة الأولى ليختفي ويظهر ثانية ابتداء من الأصحاح 43… وكأنه يؤكد أنه متى أُعلنت الخطايا والرجاسات يختفي مجد الله، بل يُجدف عليه بسببنا. الله في حبه خلقنا لننعم برؤية مجده فنفرح ونتهلل، ونحن بعصياننا فقدنا الرؤية… لكنه لم يتركنا إنما أرسل ابنه الوحيد ليقيم لنا الهيكل الروحي الجديد، ويدخل بنا إلى شركة المجد الإلهي في استحقاقات دمه.

هذه هي خبرة الكنيسة، وخبرة كل عضو فيها… عندما نسقط في الخطية نحزن روح الله، ونفقد مجده فينا… بالتوبة نعود إليه ويتجلى مسيحنا المصلوب والممجد فينا!

هذا ويرى البعض أن السفر قد بدأ برؤية مجد العرش الإلهي ليعلن لإسرائيل أن الله مُمجد في السماء، لا يحتاج إلى الهيكل الذي دنسوه. إنه يرفض الهيكل والتقدمات والعبادة مادامت ممتزجة بالرجاسات[21].

أقسام السفر:

يحمل هذا السفر ذات التقسيم الذي لبقية الأسفار النبوية، وهو ظهور قسمين متكاملين: الدينونة أو الحكم بالهلاك (1-24) ثم الخلاص بعد تأديب الأمم (25-48). غير أنه يمكننا تقسيم السفر إلى ستة أقسام رئيسية:

  1. دعوة حزقيال                                [ص1- ص3].
  2. تهديدات قبل سقوط أورشليم                  [ص4- ص 12].
  3. خطايا إسرائيل وأورشليم                    [ص 13- ص 24].       
  4. نبوات ضد الأمم                            [ص 25- ص 32].
  5. نبوات عن الرجوع من السبي                [ص 33- ص 39].
  6. إصلاح الهيكل وأورشليم                     [ص 40- ص 48].

محتويات السفر:

القسم الأول: دعوة حزقيال:

1-3  دعوة حزقيال للعمل النبوي بعد ظهور المركبة النارية، ثم استلامه كلمة الله كدرج يأكله فيشبع جوفه ويمتلئ فمه حلاوة.

القسم الثاني: تهديدات قبل سقوط أورشليم:

الحلقة الأولى من التهديدات

4-5    نبوات خلال أعمال وتصرفات رمزية (اللبنة المرسومة، النوم على جانب واحد، الأكل بوزن والشرب بكيل، حلق شعر رأسه ولحيته).

6-7    الحديث بوضوح عن ثمرة خطايا يهوذا.

8-11  انتقاله من بابل إلى أورشليم بالروح ليرى الرجاسات قد دخلت بيت الرب، فتحرق المدينة بالنار، ويفارق الرب بيته، معطيًا وعدًا بالعودة ونوالهم القلب الجديد والروح الجديد.

الحلقة الثانية من التهديدات

12     نبوات رمزية أخرى عن سقوط أورشليم والسبي مع الإشارة إلى مصير صدقيا الملك.

القسم الثالث: خطايا إسرائيل ويهوذا:

13     تأكيد تحقيق النبوة ونبذ الأنبياء الكذبة (تركه المكان إلى موضع آخر علامة الجلاء، نقب الحائط مع تغطية وجهه لكي لا يرى، يأكل طعامه وشرابه بارتعاد وغم).

14     المسئولية الشخصية عن أخطاء الإنسان.

15     إسرائيل وقد صارت كرمة بلا ثمر، كعود الكرم لا يصلح إلا للنار.

16     تشبيه شعبه بالفتاة المهانة المتروكة يخطبها الرب لنفسه ويجَّملها فتعود وتزني وراءه.

17     مسلك يهوذا، خيانته لملك بابل فيلتجئ إلى مصر، ويرسل الله ملك بابل للتأديب.

18     مسئولية الإنسان عن تصرفاته الشخصية.

 19    مرثاة على رؤساء إسرائيل.

20-24 على شكل شعر منظوم تفضح خطايا إسرائيل ويهوذا وإما خلال الرموز (صانع المعادن الذي يحرق المعدن بالنار لينقيه من المواد الغريبة، مثل الأختين، موت زوجته).

القسم الرابع: نبوات ضد الأمم لتأديبهم:

25-32  رؤى ضد عمون وموآب وآدوم والفلسطينين وصور ومصر لأنها شمتت في ذلك الحين في شعبه

القسم الخامس: نبوات عن الرجوع من السبي:

33-39  يتحدث عن استلامه رعاية شعبه (34) وإعادة بناء المدن (36) وإقامتهم كما من الموت (37) ووهبهم روح الوحدة (37)، وهلاك جوج وجيشه علامة نصرة الله على الأوثان (38-39).

القسم السادس: إصلاح الهيكل وأورشليم:

40-48 الهيكل الجديد والأرض الجديدة والنهر العظيم الذي يتعمد فيه كل قادمين إليه.

فاصل

  تفسير سفر حزقيال النبي
القمص تادرس يعقوب
 الأصحاح الأول
تفسير العهد القديم

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى