يو6: 54 من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير

 

52فَخَاصَمَ الْيَهُودُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ:«كَيْفَ يَقْدِرُ هذَا أَنْ يُعْطِيَنَا جَسَدَهُ لِنَأْكُلَ؟» 53فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. 54مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، 55لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَق وَدَمِي مَشْرَبٌ حَق. 56مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. 57كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي. 58هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». 59قَالَ هذَا فِي الْمَجْمَعِ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كَفْرِنَاحُومَ.” (يو6: 52-59)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

“من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية،

وأنا أقيمه في اليوم الأخير”. (54)

v لم يقل صار في الجسد بل صار جسدًا، لكي يوضح الاتحاد. ونحن لا نقول إن الله الكلمة الذي من الآب قد تحول إلى طبيعة الجسد، أو أن التجسد تحول إلى الكلمة… لكن بطريقة لا يُنطق بها وتفوق الفهم البشري اتحد الكلمة بجسده الخاص، وإذ ضمه كله إلى نفسه… قد طرد الفساد من طبيعتنا وأزاح أيضًا الموت الذي ساد من القديم بسبب الخطية. لذلك فإن كل من يأكل من الجسد المقدس الذي للمسيح فله الحياة الأبدية، لأن الجسد له في ذاته الكلمة الذي هو للحياة بالطبيعة. لهذا يقول: “وأنا أقيمه في اليوم الأخير“. وبدلاً من القول “جسدي يقيمه” أي يقيم كل من يأكل جسدي، قد وضع الضمير “أنا” في عبارة “أنا أقيمه“، لا كأنه شيء آخر غير جسده الخاص به، لأنه بعد الاتحاد لا يمكن أبدًا أن ينقسم إلى اثنين. لهذا يقول: “أنا الله صرت فيه، من خلال جسدي الخاص نفسه، أي إنني سأقيم في اليوم الأخير ذاك الذي يأكل جسدي. لأنه كان من المستحيل حقًا أن الذي هو الحياة بالطبيعة ألا يقهر الفساد بشكلٍ أكيدٍ، وألا يسود على الموت.

القديس كيرلس الكبير

يرى القديس كيرلس الكبير أن السيد المسيح وهبنا جسده واهب الحياة كخميرة تُلقى فينا، فيصير العجين كله مخمرًا. وكما تصير الخميرة في العجين كذلك العجين في الخميرة، هكذا يثبت المسيح فينا ونحن فيه. مرة أخرى يقدم لنا جسده ودمه كبذارٍ في أعماقنا [هكذا يخفي ربنا يسوع المسيح الحياة فينا من خلال جسده الخاص، ويغرسها كبذرة خلود، فيبيد كل الفساد الذي فينا].

v لئلا يظنوا أن الوعد بالحياة الأبدية في هذا الطعام والشراب بطريقة بها لا يموتوا الآن جسديًا، تنازل وواجه هذا الفكر عندما قال: “من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية“، للحال أكمل: “وأنا أقيمه في اليوم الأخير” (54). بهذا فإنه حسب الروح تكون له حياة الأبدية في الراحة التي تنالها أرواح القديسين، أما بالنسبة للجسد فإنه لا تسلب منه حياته الأبدية، إنما على العكس سينالها في قيامة الأموات في اليوم الأخير.

القديس أغسطينوس

فاصل

تفسير الأب متى المسكين 

 

54:6- مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ.

‏أي أن يكون له حياة لا تزول من الآن وتستعلن في اليوم الأخير, وتتمجد بالقيامة إلى الأبد. وهكذا يصبح أكل الجسد وشرب الدم هو هو تحقيق مجد اللأخرويات التي ترقبها اليهود على أساس أن الجسد والدم هما طعام الحياة الأبدية النازل من السماء لحياة عتيدة لا تزول إلى أن يجيء الرب: «كل مرة تأكلون من هذا الخبز وتشربون من هذه الكأس تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي وتذكرونني إلى أن أجيء» (القداس الإلهي).
‏وهنا يُلاحظ أن كلمة «يأكل» لم تأت في وضعها العادي ( )، بل جاءت في اليونانية ( ) بمعنى الأكل الدائم السرور والذي لا ينتهي بزمن معين, وكذلك الشرب بمعنى الشركة الدائمة بالفعل والكلمة والروح على أساس الإفخارستيا في مفهومها الفائق.
‏ويلاحظ هنا أن الرب لا يدخل في المحاجاة ولا النقاش بعقلية اليهود السلبية, ولكنه احتفظ دائما دائما بخط الإيجابية الواقعية في استعلان نفسه بالنسبة للآب وللإنسان على محور واحد وهو ذبيحة نفسه.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

آية (54): “من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير.”

أي أن تكون له حياة لا تزول من الآن وتستعلن في اليوم الأخير عند القيامة. ولذلك ففي كل مرة نتناول جسد المسيح ودمه نبشر بموته ونعترف بقيامته إلى أن يجئ. ويأكل ويشرب هنا في اليونانية تشير للأكل الدائم المسرور والشرب بمعنى الشركة الدائمة. ولاحظ أن الآيتين (40،54) فيهما تشابه، لكن آية (40) تتكلم عن الإيمان بينما أن آية (54) تتكلم عن سر الإفخارستيا بوضوح، الذي فيه نأخذ حياة الله لأن الجسد متحد باللاهوت. والأكل يتضمن الموت مع المسيح والقيامة معه.

فاصل

زر الذهاب إلى الأعلى