تفسير سفر إرميا ٢٨ للقمص أنطونيوس فكري

نجد هنا خصام أرمياء مع أحد هؤلاء الأنبياء الكذبة واسمه حنانيا. وحنانيا هذا تنبأ بنهاية نبوخذ نصر ورجوع المسبيين والآنية وكعلامة لذلك كسر النير من على عنق أرمياء.

 

الآيات 1-9:- 1- وحدث في تلك السنة في ابتداء ملك صدقيا ملك يهوذا في السنة الرابعة في الشهر الخامس أن حننيا بن عزور النبي الذي من جبعون كلمني في بيت الرب أمام الكهنة وكل الشعب قائلا. 2- هكذا تكلم رب الجنود اله إسرائيل قائلًا قد كسرت نير ملك بابل. 3- في سنتين من الزمان ارد إلى هذا الموضع كل انية بيت الرب التي اخذها نبوخذناصر ملك بابل من هذا الموضع و ذهب بها إلى بابل. 4- وارد إلى هذا الموضع يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا و كل سبي يهوذا الذين ذهبوا إلى بابل يقول الرب لأني اكسر نير ملك بابل. 5- فكلم إرميا النبي حننيا النبي أمام الكهنة وامام كل الشعب الواقفين في بيت الرب. 6- وقال إرميا النبي امين هكذا ليصنع الرب ليقم الرب كلامك الذي تنبات به فيرد انية بيت الرب وكل السبي من بابل إلى هذا الموضع. 7- ولكن اسمع هذه الكلمة التي اتكلم أنا بها في اذنيك وفي اذان كل الشعب. 8- أن الانبياء الذين كانوا قبلي وقبلك منذ القديم وتنباوا على اراض كثيرة و على ممالك عظيمة بالحرب والشر والوبا. 9- النبي الذي تنبا بالسلام فعند حصول كلمة النبي عرف ذلك النبي أن الرب قد ارسله حقا.

حكم صدقيا 11 سنة وفي السنة الرابعة لحكمه ذهب شخصيًا لملك بابل (59:51) إثباتًا لخضوعه وولائه. وهذا أعطى للناس أملًا أن الحرب ستنتهي مع بابل بعد هذه الزيارة وهذا شجع حنانيا على نبوته الكاذبة. وكان حنانيا هذا من جبعون مدينة الكهنة. فلم يكن من المستبعد أن يكون كاهنًا مثل إرمياء. وغالبًا ما قال هذه النبوة في الهيكل في احتفال مهيب أمام الكهنة ورؤساء الكهنة والشعب. وكان بنبوته يتحدى إرمياء فإرمياء قال أن الشعب سيعود من السبي بعد 70 سنة ولكنه يقول لا بل بعد سنتين (3) ولكن نبوته بلا حياة. هي ليست مثل نبوات الأنبياء الحقيقيين، فلا مشورة للناس ولا دعوة للتوبة ولا صلاة بل هو يَعد الناس بعطايا مادية ولا سيرة للعطايا الروحية مثل (7:24). وهنا يظهر أرمياء محبته للشعب في أنه يتمنى لو كان هذا الكلام صحيحًا ويكون هو أي أرمياء كاذبًا. وهو يصلى حتى لا يدخل شعبه هذه المحنة. لكن القرار هو قرار الله وليس قراره هو. ويالغباء الشعب فهم يتركون من يحبهم ويتشفع لأجلهم من أجل نبي كاذب يغشهم.

 

الآيات 10-16:- 10- ثم اخذ حننيا النبي النير عن عنق إرميا النبي و كسره. 11- وتكلم حننيا أمام كل الشعب قائلًا هكذا قال الرب هكذا اكسر نير نبوخذناصر ملك بابل في سنتين من الزمان عن عنق كل الشعوب وانطلق إرميا النبي في سبيله. 12- ثم صار كلام الرب إلى إرميا بعدما كسر حننيا النبي النير عن عنق إرميا النبي قائلا. 13- اذهب وكلم حننيا قائلًا هكذا قال الرب قد كسرت انيار الخشب وعملت عوضا عنها انيارا من حديد. 14- لأنه هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل قد جعلت نيرا من حديد على عنق كل هؤلاء الشعوب ليخدموا نبوخذناصر ملك بابل فيخدمونه وقد اعطيته أيضًا حيوان الحقل. 15- فقال إرميا النبي لحننيا النبي اسمع يا حننيا أن الرب لم يرسلك وانت قد جعلت هذا الشعب يتكل على الكذب. 16- لذلك هكذا قال الرب هانذا طاردك عن وجه الأرض هذه السنة تموت لانك تكلمت بعصيان على الرب. 17- فمات حننيا النبي في تلك السنة في الشهر السابع.

أنظر لروح الكذب في حنانيا فهو أراد أن يقدم علامة كما قدم إرمياء علامة فكسر النير عن عنق إرمياء وأهانه أمام الشعب. وانصراف إرمياء ساكتًا (11) كان من حكمته فلا داعي للوقوف في وجه هذا الكاذب الهائج المختال. ولأن الله لم يضع كلامًا بعد في فمه يقولهُ. فهو بذلك أعطى مكانًا للغضب. ولاحظ أنه لم يهتم بالإهانة ولم يثور بفعل مضاد فهو واثق من صحة موقفه. وهو ليس لهُ شيء يخسره لا كرامة ولا مركز فهو يثق أن الحق معهُ والله سيظهره في الوقت المناسب. وسريعًا ما وضع الله كلامًا في فمه. فصنع أنيارًا من حديد حتى لا يكسره أحد. والمعنى تأكيد الخضوع لملك بابل بل بصورة أقوى من الأول. ثم كانت هناك عقوبة لحنانيا. فهو غش الشعب فجعلهم يتقسون في طريقهم فلا يقدموا توبة وهذا يزيد من خرابه. وعقوبة حنانيا كانت موته ولنلاحظ أن بعض الناس الصالحين يموتون لكي يُضَمُّوا من وجه الشر مثل يوشيا (إش1:57) . ولكن هذا النبي الكاذب يموت كعقاب لهُ. وموتهُ كان شهادة بصدق نبوة إرمياء. ولكن لماذا لم يمت فورًا؟

لو حدث هذا لامتلأ أرمياء غرورًا أو ربما لحساسيته وبكائه على شعبه ربما يمتلئ حزنًا.

من محبة الله أنه يعطى هذا الشرير المنافق أيضًا فرصته للتوبة.

 

ملحوظة:-

نلاحظ في هذا الإصحاح أن الأنبياء الكذبة طالما تنبأوا بأن السبي لن يحدث والآن وقد حدث السبي فها هم يستمرون في كذبهم ببجاحة ويقولون أنه لن يستمر أكثر من سنتين.

زر الذهاب إلى الأعلى