رؤ1: 6 و جعلنا ملوكا و كهنة لله ابيه…
“وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.” (رؤ1: 6)
+++
تفسير ابن كاتب قيصر
3- (4) من يوحنا للسبع كنائس الكائنة في آسيا النعمة لكم والسلامة من قبل الكائن والذي كان والذي يأتي ومن قبل سبعة الأرواح الكائنين أمام العرش (5) ومن قبل يسوع المسيح الشهيد الأمين بكر الأموات ورئيس جميع ملوك الأرض الذي أحبنا وطهرنا من خطايانا بدمه (6) وصنعنا مملكة وكهنوتا لله أبيه الذي له المجد والعزة أبد الآبدين آمين
هذا الفص هو أول ما كتب به الرسول إلى السبع الكنائس التي من أعمال آسيا الصغرى . وهذه الأماكن كانت تابعة لكرسيه الذي بشر فيه هو وتلاميذه أساقفتها ، لأنه أمر في الوحي أن يكتب إليها على ما يأتي بيانه . فصدر المكتوب بهذا القول كما كتب في رسائله وكعادة بقية الرسل .
قوله : «الكائـن والذي كان والذي يأتي» قسم هذه الثلاثة أحوال بانقسام الزمان ، وهو الماضي والحاضر والمستقبل ، والمعنى أنه تعالى ثابت دائم لا يتحول أو يتغير في جميع أحوال الزمان ، لأنه عز وجل فوق متى وأين وسائر الأعراض . وأما «السبعة الأرواح الكائنة أمام العرش» ، فهي الأرواح السباحة الواردة بسفارتها بالأوامر والنواهي من العلي في أمر الدول وغيرها . فهي مترددة على الكون والفساد ، كما ذكر في سفر دانيال النبي وعين بعض أسمائها في أسفار الأنبياء في العهد القديم ، بل وفي العهد الجديد ، وهم ميخائيل ، غبريال ، روفائيل ، سوریال ، ساداکیال ، ساراتیال أمانيال.
ووجه آخر ، وهو أن الطغمات تسعة ، منها طغمتا الشاروبيم والسارافيم ، تبقى سبع طغمات، وهي الرؤساء والسلطات والكراسي والأرباب والقوات والملائكة ورؤساء الملائكة فمقدمو هؤلاء السبعة يجوز أن تكون الإشارة إليهم . وأما تقديمه ذكر هذه الأرواح السبعة على ذكر يسوع المسيح فلم يرد الترتيب ، لكن ذكر يسوع المسيح تبعه كلام كثير يتعلق به . فلو جاء ذكر الأواح بعده لبعد المعنى وتشتت شمله.
من وأما قوله الشهيد فصيغته من صيغ اسم الفاعل ، تقول في ذلك : شهد يشهد شهادة فهو شاهد . وشهيد يقال على معنيين : أحدهما الشهادة بقول مطلق . والثاني أخص منه ، وهو الشهادة مع دم الشاهد بسببها ، والمراد هنا المعنى الأخص . والأمين في اللغة القبطية يراد به ثلاثة الأمانة ، والثاني من الإيمان ، والثالث الخصى ، وكذلك في اللغة القبطية على ما ذكر الفاضل بشير بن سرى في شرحه لنبوة دانيال.
وأما قوله : «بكر الأموات» ، فلأنه أول من قام من الأموات قيامة لا يعقبها موت . فبالأولوية صار بكرا كأولوية الولادة للبكر . و رئاسته على جميع ملوك الأرض رئاسة الرب على العبد شاء العبد أو أبي.
وقوله : «الذي أحبنا وطهرنا من خطايانا بدمه» ، أما دليل محبته فقد بينه بقوله في الإنجيل : «ما من حب أعظم من هذا ، أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه». وأما تطهيره لنا من خطايانا فبثلاثة أوجه : أولها ما ذكره وهو تطهيره لنا بدمه وذلك أفضل من دماء الحيوانات التي كانت تطهر الخطايا بسفكها ، والثاني بالمعمودية ، والثالث بنهجه طريقا تعصمنا مراعاتها من الزلل.
بعد ذلك ، يأتى قوله : « وجعلنا مملكة وكهنة» كقول التوراة في الفصل الثاني من السفر الثاني لبني إسرائيل : «وأنتم تكونون لي مملكة وكهنة وشعبا »، فالمملكة لنفاذ أمرهم في المنافع والمضار كما حكم بطرس على حنانيا وامرأته وأبرأ المخلع بكلمة، وأبرأ بولس أعمى آخر بكلمة وأقام ميتا سقط من السطع بكلمة. وأما كهنوته فظاهر وكذلك بقية الفص .
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“ومن يسوع المسيح الشاهد الأمين” [5].
في هذه الافتتاحية يلقب الرسول شخص ربنا يسوع بألقاب تهييء روح القارئ للتلامس مع غاية هذا السفر، فيلقبه:
- الشاهد الأمين: يدور السفر كله حول شهادتنا لربنا على الأرض ليشهد لنا الرب أمام أبيه وملائكته. وكيف نكون شهودًا أمناء؟ بالرب يسوع “الشاهد الأمين“، إذ يقول عن نفسه “لهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق” (يو 18: 37). هذه الشهادة لم تقف عند حد الكلام بل قدم شهادة عملية باذلة أوضحها بالتجسد، ونقشها على الصليب، وأكدها بموته وأعلنها بقيامته!
يقول الأسقف فيكتوريينوس: [لقد قدم شهادة في العالم بأخذه ناسوتًا حتى تألم فيه أيضًا، محررًا إيانا من الخطية بدمه، منتصرًا على الهاوية، قائمًا من الموت بكرًا، لا يسود عليه الموت بعد (رو 6: 9) بل بملكه هدم مملكة العالم.]
- البكر من الأموات: ما يؤكده لنا هذا السفر هو أن الرب بكرنا، وكما قام الرأس هكذا تقوم معه وبه كل الأعضاء، “المسيح باكورة ثم الذين في المسيح” (1 كو 15: 23).
يقول البابا أثناسيوس الرسولي: [لم يُدعَ هكذا لأنه مات قبلنا بل لأنه كابد عنا الموت وأبطله… فإذ هو قد قام نستمد قيامتنا منه، وبسببه نقوم حتمًا من الأموات.]
وكما يقول ذهبيّ الفم إن الرب بكرنا لأنه قدم ذاته ذبيحة مقبولة بلا عيب، تسلمها الآب برضا، فصارت البشرية مقبولة فيه ومقدسة فيه.
فخلال البكر نرث في “كنيسة الأبكار”، ونتمتع بالمجد السماوي الموصوف في الرؤيا.
- “الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه. وجعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين. آمين” [5-6].
وهنا نستطيع بكل جرأة أن نقول إننا إذ لبسنا “ربنا يسوع” صرنا منتسبين لملك الملوك ورب الأرباب رئيس الكهنة الأعظم، وبهذا “جعلنا ملوكًا وكهنة“. فنحن ضعفاء بذواتنا جدًا لكننا به أقوياء للغاية. نحن كلا شيء نخور أمام أقل الخطايا، وبه ندوس على الحيات والعقارب وكل قوات العدو.لا مطروحين في ضعف أمامه، لكننا بسلطان روحي نترجى ونفرح. ليس لنا ما نقدمه، لكننا به نرفع تقدمات روحية مقبولة أمام الله.
لقد صرنا “ملوكًا وكهنة” بمعنى روحي فلا نخلط بين السلطان العام الموهوب للمسيحي، وبين الذين عينوا من قبل الله أو بسماح منه ملوكًا ورؤساء. نخضع لهم ونقدم لهم الكرامة التي تليق بهم كما أوصانا الكتاب. ويجدر بنا ألاّ نخلط بين الذين تقدسوا وتكرسوا مفروزين للخدمة والكرازة بسرّ الكهنوت وبين الكهنوت العام الذي يسميه القديس إيرونيموس (الكهنوت العلماني Laic Priesthood) الذي يناله المؤمن بسر المعموديّة.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية 6 “و جعلنا ملوكا و كهنة لله ابيه له المجد و السلطان الى ابد الابدين امين”.
جعلنا ملوكاً = الله أعطانا طبيعة جديدة متحررة من حتميات الإنسان العتيق وعبوديته المرة، فصرنا ملوك ذواتنا بنعمة المسيح ولا يسيطر علينا الجسد الذى أماته الرب على الصليب.
(وبالمعمودية متنا معه) ولا العالم الذى فضحه الرب وكشف زيفه ولا الشيطان الذى أسقطه الرب مثل البرق من السماء. فصرنا نسيطر على ذواتنا فلا تستعبدنا الخطية ولا يقتادنا الشيطان لنخالف إرادة الله ولا يستهوينا العالم فنحن نراه فانياً. ونحن صرنا ملوكاً لأننا أولاد ملك الملوك، والمسيح يملك علينا كملك الملوك. ونحن كأولاد الله سندين العالم (1 كو2:6) ونحن نملك وعوداً بميراث سماوى فى عرش المسيح سنمتلكه فى الدهر الآتى. وكهنة = هناك كهنوت عام يشترك فيه كل المسيحيين، وبهذا المفهوم فكل المسيحيين كهنة. والكاهن يقدم ذبائح، فما هى الذبائح التى يقدمها المؤمنين.
- ذبيحة التسبيح (عب 15:13).
- ذبيحة فعل الخير (عب 16:13).
- ذبيحة الإنسحاق (مز 17:51).
- أجسادنا كذبيحة حية (رو 1:12).
- الصلاة (مز 2:141).
ولكن هناك كهنوت خاص يُسام فيه الأساقفة والكهنة لخدمة الأسرار وهناك من فهم هذه الآية خطأ وإعتبر أن كل مؤمن هو كاهن بالمفهوم الخاص والعام وهذا خطأ.. فكيف يفهمون قوله ملوكاً إذاً بالمفهوم الخاص والعام. فالكتاب يطلب الخضوع للملوك (رو1:13) + (1بط13:2).
هل نطبق الآية خطأ ونقول كلنا ملوك فلا تخضع للملوك والرؤساء بلا شك فهذا الفهم متعارض مع الكتاب كما قلنا وما يثبت الكهنوت الخاص:
- (أش 21:66) فيها يتكلم عن إيمان الأمم ويقول “وأتخذ منهم أيضاً كهنة ولاويين قال الرب” ولم يقل يكون الكل كهنة.
- (أش 19:19) “يكون مذبح فى مصر” والمذبح يخدمه كهنة.
- حديث بولس الرسول عن الأساقفة والكهنة والشمامسة (أع 3:13) + (2 تى6:1) + (1 تى14:4) + (1 تى22:5) + (تى5:1).
- نرى فى (رو16:15) بولس مباشراً لإنجيل الله ككاهن.
- سلطان الحل والربط ومسحة الزيت للمرض والمعمودية وحلول الروح القدس أعطى للرسل فقط وخلفاؤهم من رجال الكهنوت. والسيد المسيح أعطى هذا السلطان لتلاميذه عندما نفخ فيهم الروح القدس (يو23:20).
- ثم صار فى الكنيسة بعد ذلك بوضع اليد والنفخة المقدسة من الأسقف للكاهن ومن الكاهن للمعمد وهكذا (مر13:16) + (مت19:28) + (مت19:16) + (مت18:18).
- قول بولس الرسول ” لنا مذبح لا سلطان للذين يخدمون المسكن (أى هيكل اليهود) أن يأكلوا منه” (عب10:13).
- وهذا واضح من تاريخ الكنيسة لمدة 1500 سنة، ولم يعترض أحد إلا مع بداية الكنيسة البروتستانتية فكانت ثورتهم على الكهنوت كثورة قورح.
تفسير كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
ع6: وجعلنا -المسيح- ملوكًا روحيين نملك على إرادتنا التي كانت سابقًا مغلوبة، وكهنة نقدم له أنفسنا ذبائح حية مرضية أمامه بالجهاد في الوصية وتقديم ذبائح الصلاة والتسبيح أيضًا لله صاحب كل مجد وكرامة وسلطان.
† ليتنا نراجع أنفسنا قبل كل تصرف، هل يصح أن يصدر هذا الأمر من ملك أو كاهن؟!
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 1 للأنبا بولس البوشي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 1 لابن كاتب قيصر
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 1 للقمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 1 للقمص أنطونيوس فكري
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 1 كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
رؤ1: 5 | سفر الرؤيا | رؤ1: 7 | |
الرؤيا – أصحاح 1 | |||
تفسير رؤيا 1 | تفاسير سفر الرؤيا |