تفسير المزمور 133 للقمص أنطونيوس فكري
في المزمور السابق رأينا عمل المسيح الخلاصي لكنيسته، وهنا نرى الكنيسة كشعب يحيا في حب فينسكب الروح القدس على هذه الكنيسة. رأينا في المزمور السابق المسيح يرتاح في كنيسته لذلك فالروح القدس الذي انسكب عليه وهو رأس الكنيسة، ينسكب على كل الكنيسة. ولكن الروح القدس ينسكب إذا توافر شرط المحبة، فهذا المزمور دعوة للمحبة بيننا جميعًا.
- هناك رأيان في المناسبة التي كتب فيها هذا المزمور:
الأول: أنه كُتب ليصلوا به في الأعياد السنوية التي يجتمع فيها كل الشعب (3 مرات سنويًا) في الأعياد الكبيرة في أورشليم.
الثاني: أنه كتب لتشجيع العائدين من السبي. ليسكنوا في أورشليم.
- كان رئيس الكهنة يُمسَح بسكب زيت المسحة على رأسه وكان هذا الزيت من زيت الزيتون (رمز للروح القدس) مخلوطًا ببعض العطور. وكل هذه العطور تشير لشخص السيد المسيح. وحين ينسكب الزيت على رأس هرون رئيس الكهنة (رمز للمسيح رئيس كهنتنا) ينسكب على لحيته (اللحية ترمز بشعرها الكثيف حول الرأس للكنيسة الملتفة حول المسيح رأسها) فيفيح من اللحية (الكنيسة) رائحة المسيح الزكية. فالكنيسة رائحة المسيح الزكية (2كو15:2). والروح القدس حين يملأ شخص مؤمن يحوله إلى صورة المسيح (غل19:4). وبشرط أن نسكن في محبة.
آية (1): “هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا!”
الإخوة حين يسكنون في محبة يشبهون بثمرة التين. ففيها بذور كثيرة تسكن متآلفة بجانب بعضها داخل غلاف واحد. وطعمها حلو. فالله يحب أن نسكن في محبة في الكنيسة.
آية (2): “مِثْلُ الدُّهْنِ الطَّيِّبِ عَلَى الرَّأْسِ، النَّازِلِ عَلَى اللِّحْيَةِ، لِحْيَةِ هَارُونَ، النَّازِلِ إِلَى طَرَفِ ثِيَابِهِ.”
انسكاب الدهن رمز للروح القدس (1صم13:16). وقد حل الروح القدس على المسيح يوم عماده، وكان ذلك لحساب الكنيسة. واللِّحْيَة= الشعر الكثير يشير للمؤمنين، وراجع تفسير حز5 لنجد أن الله حين أراد أن يعبر عن غضبه عن الشعب يأمر حزقيال بحلق شعره وضرب البعض بالسيف وهكذا. وعكس هذه الصورة التي في (حزقيال 5) نجد أن المسيح في سفر الرؤيا له شعر أبيض كالصوف، فهو برر شعبه بدمه (رؤ1: 14 + رؤ7: 14).
الدُّهْنِ الطَّيِّبِ = الزيت + العطور. وهذه اللحية نازلة على طَرَفِ ثِيَابِهِ. وثياب المسيح هي كنيسته، الكنيسة ملتفة حول المسيح وملتصقة به كما تلتف الثياب بالجسم وتلتصق به). فلا انفصال بين جماعة المؤمنين والكنيسة. ولا معنى لوجود جماعة منشقة على الكنيسة.
آية (3): “مِثْلُ نَدَى حَرْمُونَ النَّازِلِ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ. لأَنَّهُ هُنَاكَ أَمَرَ الرَّبُّ بِالْبَرَكَةِ، حَيَاةٍ إِلَى الأَبَدِ.”
هذه الجماعة التي إنسكب عليها الروح القدس تغمرها البركات. نَدَى حَرْمُونَ النَّازِلِ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ = والندى ينعش النبات ويحافظ عليه من حرارة الشمس (التجارب). وهذا عمل الروح القدس المعزي للنفس المتألمة. ونلاحظ أن الندى يأتي من على جبل حَرْمُونَ الشاهق العلو وينزل على التلال المجاورة مثل جَبَلِ صهيون (صهيون ترجمة غير دقيقة والأصح سيئون وهو جبل منخفض بجانب جبل حرمون وحينما تذوب الثلوج على قمم حرمون تنزل المياه على سيئون فجبل صهيون في أورشليم أي في الجنوب أما جبل حرمون ففي الشمال ولا يمكن أن ندى حرمون ينزل على جبل صهيون فالمسافة بينهم عشرات الكيلومترات) وهكذا تنهمر البركات من السماء على الكنيسة التي تسكن في محبة. فحيثما كانت المحبة تنزل بركات الله ويكون هناك حياة.