تفسير سفر أيوب أصحاح 16 للقديس يوحنا ذهبي الفم
الإصحاح السادس عشر
رد أيوب
سهل تصنع الحكمة عندما يتعلق الأمر ببلايا الآخرين
۱ – ” فأجاب أيوب وقال: قد سمعت كثيراً مثل هذا. معزون متعبون كلكم!” (16: 1، 2)
إن أليفاز تكلم هكذا كما لو كان الأمر يختص بشيء شهير، وتكلم كما بحديث يأتي من الشيوخ راجعاً ثانية إلى كلامه منذ البداية.
قال أيوب: أليس ما تقولونه واضح ؟ ولكن حيث أنكم تتكلمون بطريقة سطحية وتقولون ما يخطر على بالكم دون وزن لكلماتكم، فلا تعودوا تثورون علي إن كنت أُعبر عن خواطر نفسي.
2- قال أيوب: “هل يوجد شيء منطقى فى الكلمات الفارغة ؟ أو ما الذى يمنعكم عن الإجابة ؟ أنا أيضاً سأتكلم كما تفعلون. آه لو كانت نفسكم مكان نفسي، لكنت حينئذ هاجمتكم بكلمات وهززت رأسى عليكم. ولو كانت توجد فى فمى قوة لما كنت أحجمت عن تحريك شفتی (تهكماً)” (16: 3 – 5).
قال أيوب: أريدكم أن تكونوا في موقفى وموضعى، لكنت هززت رأسي أيضاً عليكم ولعملت ما تعملونه ولصار حينئذ رأيكم ألا تتصنعوا الحكمة من جهة بلايا الآخرين. لكنني سأتكلم الآن أيضاً، لأن التكلم يجلب لى تعزية، لأنه لو تكلمت سأسكن أوجاعي، بينما لو صمت لن تضعف آلامى وتقل قيمتها أى نوعيتها الشديدة.
احتاج إلى قول : إن الله قام علي
3- ” إن تكلمت فلن أتألم من جرحى، لكن إن صمت ما الذى يخفف جرحى؟”(6:16)
أو أيضاً هو يريد القول: لو كنت مكانكم وخالٍ من البلايا، حينئذ كنتم ستفهمون، لأنى عندما تكلمت لا أتألم. ثم يذكر أيوب بليته من جديد.
4 – “لكن الآن هو جعل منى أحمقاً مكسوراً من التعب، وبجسد متحلل. وأنت (يا رب) وضعت يدك على كذبي صار شهادة ضدى تجيبنى فى وجهى. إنه ضربني في غضبه وجز أسنانه عليّ وسهام تجاربه سقطت عليّ وهاجمني متسلحاً بقوسه وضربنى بسهامه في وجهى وطرحنى أرضاً بضربة صاعقة، وباتفاق تام هجم الأقوياء عليّ، لأن الرب أسلمني ليدي الظالم، وفى أيدى الأشرار طرحنى وعندما كنت في سلام زعزعنی (حرفياً شتتني)، وأمسكنى من شعرى ونزعه وجعل منى هدفاً. أحاطوا بی بحرابهم وضربونی فی کلیتی دون إشفاق وسفكوا إلى الأرض حياتى ضربني ضربة تلو ضربة، الأقوياء هجموا عليَّ” (7:16 – 14).
قال أيوب: أنه لم يكف أننى عوقبت، بل ينبغى أيضاً أن أبدو كأحمق!
أو أنه يريد القول: إنني خرجت عن اتزان عقلى الطبيعي. بعد ذلك يقدم أيوب الله بطريقة بشرية كمن هو يحارب ضده بشراسة.
5 – قال أيوب: ” إنهم خاطوا مسحاً على جلدى وأهدروا قوتى في الأرض” (16: 15).
أى أن الله سوده. سواء كان السبب الآلام التي حلت به أو المسح الذي أحاط به.
أصرخ إلى الله : أريد أن أترافع في محضرك
6- ” أحشائي (حرفياً بطني) يبست بسبب التأوه، وعلى أجفاني امتد ظل الموت، ولم يوجد في يدي ظلم، وصلاتي كانت نقية. ليت الأرض لا تغطى دمى” (16:16-18)
إنها عادة عند من يتألمون ألا يكتمون شكواهم (حرفياً .بلاياهم). وأيوب يقول: مع أننى لا أشعر أننى اقترفت إثماً ، فأنا بالمقابل أريد أن يرى الجميع ما أتألم به.
7- “لیت صرختي لا تجد موضعاً تختفى فيه” (16: 18)
أي لا تكتم يا رب صرختی.
“والآن هوذا في السموات شهيدى ولى مُجيب فى الأعالى ليت طلبتى تصل إلى الرب وليت عينى تدع دموعها تسقط قطرة قطرة في محضره” (16: 19، 20).
إنه كاد أن يقول: ليت الله يسمع هذا، ليت الله يرى هذا!.
8- “ليتني أستطيع أن أترافع عن قضيتى فى محضر الرب كترافع الإنسان عند صاحبه”(21:16)
أى أنني في خصام مع الله.
ومن جديد عاد أيوب إلى نفس الموضوع.
تفسير أيوب 15 | سفر أيوب 16 | تفسير سفر أيوب | تفسير العهد القديم | تفسير أيوب 17 |
القديس يوحنا ذهبي الفم | ||||
تفاسير سفر أيوب 16 | تفاسير سفر أيوب | تفاسير العهد القديم |