تفسير إنجيل متى ١٧ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح السابع عشر
(مت 1:17-8 + مر 2:9-8 + لو 28:9-36):- التجلى
(مت 1:17-8):-
وبعد ستة أيام اخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم إلى جبل عال منفردين. وتغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور. وإذا موسى وايليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه. فجعل بطرس يقول ليسوع يا رب جيد أن نكون ههنا فان شئت نصنع هنا ثلاث مظال لك واحدة ولموسى واحدة ولايليا واحدة. وفيما هو يتكلم إذا سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت له اسمعوا. ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جدا. فجاء يسوع ولمسهم
وقال قوموا ولا تخافوا. فرفعوا أعينهم ولم يروا أحدا إلا يسوع وحده.
(مر 2:9-8):-
وللوقت اجتمع كثيرون حتى لم يعد يسع ولا ما حول الباب فكان يخاطبهم بالكلمة. وجاءوا إليه مقدمين مفلوجا يحمله أربعة. وإذ لم يقدروا أن يقتربوا إليه من اجل الجمع كشفوا السقف حيث كان وبعدما نقبوه دلوا السرير الذي كان المفلوج مضطجعا عليه. فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج يا بني مغفورة لك خطاياك. وكان قوم من الكتبة هناك جالسين يفكرون في قلوبهم. لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده. فللوقت شعر يسوع بروحه انهم يفكرون هكذا في أنفسهم فقال لهم لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم
(لو 28:9-36):-
وبعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام اخذ بطرس ويوحنا ويعقوب وصعد إلى جبل ليصلي.
وفيما هو يصلي صارت هيئة وجهه متغيرة ولباسه مبيضا لامعا. وإذا رجلان يتكلمان معه وهما موسى وايليا. اللذان ظهرا بمجد وتكلما عن خروجه الذي كان عتيدا أن يكمله في أورشليم. وأما بطرس واللذان معه فكانوا قد تثقلوا بالنوم فلما استيقظوا رأوا مجده
والرجلين الواقفين معه. وفيما هما يفارقانه قال بطرس ليسوع يا معلم جيد أن نكون ههنا فلنصنع ثلاث مظال لك واحدة ولموسى واحدة ولايليا واحدة وهو لا يعلم ما يقول. وفيما هو يقول ذلك كانت سحابة فظللتهم فخافوا عندما دخلوا في السحابة. وصار صوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا. ولما كان الصوت وجد يسوع وحده وأما هم فسكتوا ولم يخبروا أحدا في تلك الأيام بشيء مما أبصروه.
1) فى الآية السابقة وعد السيد تلاميذه أن منهم من سوف يرون إبن الإنسان آتياً فى ملكوته، ها هو هنا يريهم عربون المجد الأبدى فى الملكوت.
2) أخذ السيد معه 3 تلاميذ ليشهدوا على ما حدث، ورقم 3 كافى جداً كشهود بحسب الناموس. وكان الثلاثة دائماً يرافقونه فى الأحداث الهامة مثل إقامة إبنة يايرس وفى بستان جثسيمانى، وهم بطرس ويعقوب ويوحنا. وبطرس لم ينسى ما رآه وسجله فى رسالته (2 بط 16:1-18) وهكذا يوحنا (يو14:1).
3) يقول تقليد الكنيسة أن الجبل كان هو جبل تابور. وهو جبل عالٍ يشير للسمو، سمو قدر المسيح الذى سيرونه الآن متجلياً
4) التجلي هو إعلان لمجد المسيح ولا هوته بخروجه عن مستوى الأرض والزمن. فيه أعطى السيد لتلاميذه أن يتذوقوا الحياة الأخروية، معلناً أمجاده الإلهية بالقدر الذى يستطيع التلاميذ أن يحتملوه وهم بعد فى الجسد.
5) السيد حدث تلاميذه عن آلامه وموته، فكان لابد له أن يظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، وإذ رأوا مارأوه كان هذا قوة لهم وسنداً على إحتمال الآلام والاضطهادات التى سيواجهونها دون أن يتعثروا فيه. والله دائماً يعزى كل متألم ليحتمل ألمه.
6) صعدوا أولاً على جبل لكى يتجلى أمامهم. ولكى نعاين نحن مجد الرب يجب أن ندرب أنفسنا أن نحيا فى السماويات، وتكون لنا خلوة هادئة باستمرار نتأمل فيها فى الكتاب المقدس، ونرتفع فوق شهوات العالم ورغبات الذات لنحقق وصية بولس الرسول ” فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق.. إهتموا بما فوق لا بما على الأرض.. اميتوا أعضاءكم التى على الأرض (كو1:3-5″). وتأملنا فى كلمة الله المكتوبة فى الكتاب المقدس تكشف لنا عن كلمة الله أى المسيح، وكلما عاشرناه نحيا فى السماويات كمن يرتفع فوق جبل.
7) التجلي محسوب للإنسان، فنحن سنحصل على جسد ممجد (فى 21:3 + 1يو 2:3).
آيه (1):-
وبعد ستة أيام اخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم إلى جبل عال منفردين.
وبعد ستة أيام.. ويقول لوقا وبعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام وحل هذه المشكلة بسيط فالقديس لوقا أحصى اليوم الذى فيه أعلن الرب وعده وأحصى يوم التجلى، أما متى ومرقس فأحصوا الأيام الستة التى بين يوم الوعد ويوم التجلي. ولكن وجود رقم 6، رقم 8 له معنى فرقم 6 هو رقم النقص الإنساني، فالإنسان خلق فى اليوم السادس ورقم 8 هو رقم الأبدية. لذلك نجد أن رقم الوحش 666 ورقم إسم يسوع 888. والمعنى أن الإنسان الناقص صار له بالمسيح مجد أبدى وما بين اليوم السادس واليوم الثامن يوم الأبدية المجيد يأتى اليوم السابع يوم الراحة. فمن ينتقل الآن يذهب للراحة فى إنتظار المجد. ولكن يمكننا أيضاً أن نقول أن رقم 6 التصق بالمسيح الذى صلب فى اليوم السادس والساعة السادسة وكانت البشارة به فى الشهر السادس، فهو الذى بلا خطية صار خطية لأجلنا. هو الذى له كل المجد (8) صار له جسد إنسان (6). هو الحى الأبدى (8) صار له جسد ليموت (6).
آية (2):-
وتغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور.
تغيرت هيئته = هذا التغير هو كشف لأمجاده المختفية وراء الجسد، لقد إضطر أن يخفيها حتى يمكننا أن نراه ونسمعه دون خوف، ودون أن نموت وأضاء وجهه كالشمس = هو شمس البر ( ملا 2:4) ينعكس نوره علينا فننير لذلك تشبه الكنيسة بالقمر. نوره هو نور لاهوته وكان يشع من جسده صارت ثيابه بيضاء = الثياب تشير للكنيسة الملصقة به. ويقول مرقس لا يقدر قصار على الأرض أن يبيض مثل ذلك = الثياب بيضاء لأن المسيح برر كنيسته، غسلها بدمه ( رؤ 14:7 + 1يو7:1) وهذا التبرير لا يستطيع أحد أن يعطيه للكنيسة. المسيح فقط بدمه يبرر الكنيسة فتقول تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج + (أش 18:1) “قصّار= مبيض ثياب” ولاحظ أن المسيح إحتفظ بملامح وجهه وجسده فهو لن يتخلى عن جسده أبداً، وجسده هو الذى تمجد. وهو جلس بجسده عن يمين الآب. وهذا يعنى أيضاً أننا سنتمجد بجسدنا، إذ يقوم الجسد ولكن يكون جسد نورانى له نفس ملامح الجسد القديم. وبياض ثيابه ولمعانها إشارة لبر جسده وليس مجد لاهوته فمجد لاهوته ظهر فى وجهه الذى أضاء كالشمس، أما برناسوته فظهر فى بياض ثيابه، وناسوته أى جسده الذى هو الكنيسة (أف 30:5). برناسوته أى أنه كان بلا حظية.
تأمل أخر فى (مت 6،8):- نلاحظ أنه قبل حادثه التجلى تكلم المسيح مع تلاميذه عن صليبه (مت 21:16) وبعد حادثة التجلى تكلم ثانية عن صليبه (مت 12:17)والصليب كان فى اليوم السادس والساعة السادسة، والقيامة كانت يوم الأحد أى اليوم الثامن (بداية الأسبوع الجديد). فالصليب (6) هو طريق المجد (8). ومن يتألم معه يتمجد أيضاً معهُ (رو 17:8). وكان قول لوقا وبعد ثمانية أيام من حديث المسيح فى قيصرية فيلبس عن صليبه وصليبنا. فبعد الصليب لابد وسيكون هناك مجد. ولاحظ أنه حتى فى لحظات التجلى كان موسى وإيليا يتكلمان معه عن “خروجه الذى كان عتيداً أن يكمله فى أورشليم آية (31). هكذا يلتحم الصليب بالمجد، والصليب سيكون موضوع تسبيحنا فى المجد. ونحن لا يمكننا أن ننعم بمجد المسيح فينا وتجليه فينا الآن ما لم نقبل وصية الصليب معه، ولن ننعم بالمجد الأبدى بدون صليب. خروجه = مغادرة أورشليم للمرة الأخيرة حاملاً صليبه.
ولاحظ أيضاً لوقا آية(29) وفيما هو يصلى صارت هيئة وجهه متغيرة يتميز إنجيل لوقا بالتركيز على الصلاة. ولوقا لاحظ من قبل أن المسيح كان يصلى قبل أن يسألهم ” من يقول الناس إنى أنا إبن الإنسان ” وها هو يلاحظ أنه كان يصلى قبل التجلى. فالبنسبة للمسيح فالصلاة هى حديث الشركة مع الآب الواحد معهُ فى اللاهوت، وأن هذا المجد الظاهر فى التجلى ناشىء عن الوحدة بين الآب والإبن فى اللاهوت. أما أهمية الصلاة لنا نحن البشر، فعن طريق الصلاة يتغير شكل الإنسان. وبها ننفذ الوصية تغيروا عن شكلكم (رو2:12)
التجلى عيد سيدى = الكنيسة تهتم بالتجلى، وتحتفل به كعيد سيدى بكونه شهادة حق للاهوت السيد المسيح المختفى فى حجاب الجسد، أعلنه السيد لبعض من تلاميذه قدر ما يحتملوا ليدركوا ما تنعم به الكنيسة فى الأبدية بطريقة فائقة لا ينطق بها.
· موسى وإيليا آية (3):-
هنا نرى صورة رائعة للملكوت، فالله ليس إله أموات بل إله احياء. وفى المجد سننعم كلنا بهذه العشرة الحلوة مع المسيح، هو فى مجده ونحن معه فى المجد فى فرح أبدى، هو يفرح بالبشرية ونحن نفرح به. هناك حوار بين موسى وإيليا وبين المسيح، وهذا ما سيحدث لنا فى السماء، فلن نكون منعزلين عنه، بل فى علاقة حب وحوار ومعاملات حلوة وأبدية. وهذا ما يمكننا أن نختبره من الآن، فالحياة الأبدية تبدأ هنا والملكوت هو فى داخلنا، نحن نحصل الآن على العربون، عربون عشرة المسيح المفرحة.
1- إيليا لم يمت بالجسد بينما موسى مات بالجسد. ولكن كلاهما حول المسيح فليس موت لعبيدك يا رب بل هو إنتقال،هو نوم، ولكن العلاقة مع المسيح لا يقطعها موت الجسد الذى نتذوقة حالياً.
2- موسى ممثل الناموس وإيليا ممثل الأنبياء، وبهذا نفهم أن المسيح هو غاية الناموس ومركز النبوات
(رو 4:10 + رؤ 10:19) فكل طقوس الناموس الموسوى كانت رمزاً للخلاص الذى تم بالصليب وكل النبوات كان هدفها المسيح والخلاص الذى تممه.
3- موسى كان حليماً وإيليا كان نارياً فى غيرته، وملكوت المسيح هو ملكوت الوداعة ولكن بغيرة. ووجود موسى وإيليا امام التلاميذ الآن يعطيهم صورة لما يجب ان تكون عليهم خدمتهم ى المستقبل.
4- لاحظ إجتماع المسيح مع ممثلى العهد القديم موسى وإيليا ومع ممثلى العهد الجديد بطرس ويعقوب ويوحنا، فالكل صار واحداً فيه (أف 14:2-16).
5- قال بعض الناس عن المسيح انه إيليا أو أحد الأنبياء والتلاميذ الآن رأوا الفارق بين إيليا وموسى وبين المسيح الرب.
6- ظهور موسى مع المسيح يظهر أن المسيح ليس بناقض للناموس.
7- كان موسى فى غلبته على فرعون وتحرير الشعب من عبودية فرعون وكان إيليا فى غلبته على أخاب وعبادة البعل رموزاً للمسيح فى غلبته على الشيطان والوثنية، وتحريره لأولاده من سلطان الشيطان.
8- رفض السيد المسيح تقديم آية للفريسيين لأنهم لا يستحقون، أما لتلاميذه، فها هو يريهم آية سمائية ليثبت إيمانهم فهم يستحقون.
9- موسى الآن روح وقد ظهر بشكل نورانى، أماّ إيليا فقد ظهر بجسده لأنه لم يمت. وهذ1 يظهر سلطان المسيح فهو رب الأحياء والأموات. ولاحظ أن موسى مات بالجسد لكن الروح موجودة.
10- ويقول لوقا أنهما ظهرا بمجد. وهذا ما سيحدث لكل الكنيسة فى الأبدية أنها ستكون فى مجد لأنه سينعكس عليها مجد المسيح الذى ستراه ممجداً.
11- ألا تتكرر هذه الصورة يومياً فى المخدع حين نقف لنصلى ونتشفع بالقديسين، وكأننا نعقد اجتماع صلاة بيننا وبين القديسين، وحسب وعد المسيح إذا إجتمع إثنين أو ثلاثة بإسمى أكون فى وسطهم.
آية (4):-
فجعل بطرس يقول ليسوع يا رب جيد أن نكون ههنا فان شئت نصنع هنا ثلاث مظال لك واحدة
ولموسى واحدة ولايليا واحدة.
يا رب جيد أن نكون ههنا = إذا تجلى الرب للنفس البشرية فإنها تود لو ظلت متمتعة به للأبد تاركة الدنيا وما فيها. وهذا يتذوقه من يتقابل مع المسيح فى الصلاة ( لا يصلى بروتينية وسرعة) فإنه يود ألاّ تتوقف الصلاة.
ثلاث مظال= لقد تصوّر بطرس أن المسيح سيؤسس ملكوته الآن على الجبل، فأراد ان يصنع ثلاث مظال للمسيح ولموسى ولإيليا، وربما تصوّر أن هذه المظال، وأن يمكثوا فى الجبل أمام هذا المنظر البهى ستمنع المسيح من النزول ليتألم كما أخبرهم، ولكن كما قال مرقس أن بطرس ما كان يعلم ما يتكلم به، وهكذا قال لوقا. لقد إنبهر بطرس بما رآه فدخل فى حالة تشبه الهذيان، فهل الأرواح مثل موسى تحتاج لمظال. وهل يتساوى المسيح وموسى وإيليا فيكون لكل واحد مظلة، وهل مظلة واحدة لا تكفى، وهل بعد ان أخبرهم المسيح بأنه يجب أن يتألم ويموت، هل سيغير المسيح خطته ويقبل أن يهرب إلى مظلة فى الجبل؟
والمظلة عادة لتقى الإنسان من نور وحرارة الشمس، ولكن النور يخرج الآن من جسد المسيح فما فائدة المظلة. واضح أن كلام بطرس بلا معنى والسبب إنبهاره بما رأى.
ونلاحظ أن المسيح نزل معهم بعد ذلك لميدان الخدمة، فالخدمة ليست هى البقاء فى الجبل للتمتع بالمسيح فى مجده فقط، بل هى تمتع بالمسيح للإمتلاء ثم نزول للعالم للخدمة، هكذا قالت عروس النشيد
(نش 11:7،12) نزول للعالم حاملين صليب الخدمة والكرازة. لقد إشتهى بطرس ان يبقى على الجبل، لكن السيد الزمهم بالنزول ليمارسوا الحب العامل الباذل.
آية (5):-
وفيما هو يتكلم إذا سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت له اسمعوا.
إذا سحابة نيرة ظللتهم= هى الحضرة الإلهية، لقد تصور بطرس أنه سيقيم مظلته من قش وبوص للمسيح. ولكن الآب بمجده يظلل عليه وها هو يعلن هذا. فكما ملأ مجد الرب الهيكل أيام سليمان وخيمة الإجتماع أيام موسى على شكل سحاب، ها هو بمجده يظلل على المسيح.
هذه الصورة ستتكرر فى المجىء الثانى حين يأتى المسيح فى مجد أبيه وهذه السحابة ظللت أيضاً على التلاميذ وعلى موسى وإيليا، فالآب يود لو يشعر كل أولاده بأنه يرعاهم ويظللهم ويشملهم بدفء محبته.ولكن الآب يوصى أولاده هذا هو إبنى الحبيب.. له إسمعوا إذاً حتى نتمتع بهذه المحبة الأبوية علينا أن نسمع وننفذ وصايا المسيح. موسى بظهوره يشهد للمسيح أنه هو النبى الذى تنبأ عنه، وإيليا بالنيابة عن الأنبياء بظهوره الآن يقدم المسيح على أنه هو محور النبوات، وها هو الآب يشهد بحقيقة المسيح أنه إبنه.
ولاحظ أن الله قاد شعبه فى البرية عن طريق سحابة فالله يحب أن يظلل على شعبه ويحميهم ويعزيهم من شمس التجارب، والسحابة نيرة لأن الله نور وساكن فى النور، ولكى يظلل علينا، يجب أن نترك الخطية فالخطية ظلمة ولا شركة للنور مع الظلمة.
آيات (6،7):-
ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جدا. فجاء يسوع ولمسهم وقال قوموا ولا تخافوا.
سقوط التلاميذ وخوفهم يعبر عن عجز البشرية عن الإلتقاء بالله بسبب خطاياها وفقدان سلامها. ولمسة يسوع لتلاميذه ودعوته لهم للقيام تشير أنه لهذا أتى وتجسد ليقيمنا من التراب الذى نحن فيه ويعطينا أن نتقابل مع الآب. لا تخافوا= هذه يقولها بسلطان أى أنه يعطى مع كلماته هذه سلاماً يملأ القلب. فالمسيح أتى ليعيدنا للأمجاد السماوية ولنتقابل مع الآب وليقيمنا من التراب الذى كنا فيه وليملأ القلب سلاماً فهو ملك السلام.
آية (8):-
فرفعوا أعينهم ولم يروا أحدا إلا يسوع وحده.
إختفاء موسى وإيليا وبقاء المسيح وحده يحمل معنى أهمية أن تتركز الأنظار على المسيح وحده كمخلص، فلا الناموس ولا الأنبياء يستطيعان أن يخلصا، ولكنها يقودان فقط للمسيح المخلص.
يقول لوقا وحده فى آية (32) أن التلاميذ تثقلوا بالنوم، ويبدو أنه ليس نوماً عادياً ولكن عدم إحتمال لهذا المجد الذى يرونه، وهم ناموا أيضاً فى بستان جثسيمانى فنحن فى جسد بشريتنا لا نحتمل الألم ولا المجد. لذلك سيلبس هذا الفاسد عدم فساد لنحتمل أن نرى مجد الله. عموماً حتى نشاهد مجد المسيح علينا أن نستيقظ من نوم الخطية (أف 14:5) ويقول لوقا أماهم فسكتوا ولم يخبروا أحداً… وكان هذا تنفيذاً لأوامر المسيح (مت 9:17 + مر 9:9).
(مت 9:17-13 + مر 9:9-13):-
(مت 9:17-13):-
وفيما هم نازلون من الجبل أوصاهم يسوع قائلا لا تعلموا أحدا بما رأيتم حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات. وسأله تلاميذه قائلين فلماذا يقول الكتبة أن ايليا ينبغي أن يأتي أولا. فأجاب يسوع وقال لهم أن ايليا يأتي أولا ويرد كل شيء. ولكني أقول لكم أن ايليا قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا كذلك ابن الإنسان أيضا سوف يتألم منهم. حينئذ فهم التلاميذ انه قال لهم عن يوحنا المعمدان.
آية (9):- السيد يوصيهم أن لا يعلموا أحد بما رأوه على الجبل لماذا؟
وفيما هم نازلون من الجبل أوصاهم يسوع قائلا لا تعلموا أحدا بما رأيتم حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات.
أ) حتى لا يظن الناس أن التجلى مقدمة لملك عالمى (وبعد القيامة لن يحدث هذا).
ب) حتى لا يتشكك الناس إذ تأتى ألامه، لذلك فليقولوا هذا بعد القيامة.
ت) عليهم بالتأمل فيما رأوه، حتى يقوم المسيح وويمتلئوا بالروح القدس، هنا سيروا أحداث التجلى فى قلوبهم وليس كمنظر خارجى فقط
ث) حتى لا ينشغلوا بالمجد عن أحداث الصليب والآلام القادمة.
ج) الناس لن تصدق أن هذا الإنسان المتواضع له كل هذا المجد وسيتهمهم الفريسيين بالكذب، أما بعد القيامة يمكن إثبات هذا المجد.وفيما هم نازلون = بعد الخلوة التى نستمتع فيها مع المسيح ننزل لنخدم موضوع أن إيليا ينبغى أن يأتى أولاً آيات (10:17-13).
تفسير هذه الآيات ورد تحت تفسير آيات (14:11،15). ولاحظ أن الكتبة كان لهم معرفة نظرية بالكتاب ولكن دون روح، فيوحنا أتى كسابق وبروح إيليا فى زهده وتقشفه وشهادته للحق أمام ملوك ولكنهم لم يعرفوه فعيونهم مغلقة. فإيليا قد جاء ليس بحسب الفكر الحرفى، ولكن هناك إعداد تم بواسطة المعمدان للناس فقداموا توبة إستعداداً لمجىء المسيح الأول، وسيأتى إيليا فعلاً قبل المجىء الثانى لإعداد الناس برد قلوب الأباء على الأبناء (ملا 6:4)= قال لهم أن أيليا يأتى أولاً ويرد كل شىء
آية(11). وكلام السيد هنا يعنى أنه المعمدان جاء بروح إيليا وقوته ليكون سابقاً للمسيح الذى هو إبن الإنسان الذى أتى هو أيضاً ولم يعرفوه بل سيتألم منهم. وكما لم يميزوا أن المعمدان هو السابق، لن يميزوا المسيح فهو ضد فكرهم الحرفى أن المسيح يأتى كملك زمنى. وكما قتل هيرودس يوحنا المعمدان سيقتلون هم المسيح.
(مر 10:9) لاحظ أن التلاميذ ما كانوا فاهمين معنى القيامة.
(مت 14:17-21 +مر 14:9-29 + لو 37:9 –43):-
(مت 14:17-21):-
ولما جاءوا إلى الجمع تقدم إليه رجل جاثيا له. وقائلا يا سيد ارحم ابني فانه يصرع
ويتألم شديدا ويقع كثيرا في النار وكثيرا في الماء. وأحضرته إلى تلاميذك فلم يقدروا أن يشفوه. فأجاب يسوع وقال أيها الجيل غير المؤمن الملتوي إلى متى أكون معكم إلى متى احتملكم قدموه إلى ههنا. فانتهره يسوع فخرج منه الشيطان فشفي الغلام من تلك الساعة. ثم تقدم التلاميذ إلى يسوع على انفراد وقالوا لماذا لم نقدر نحن أن نخرجه. فقال لهم يسوع لعدم أيمانكم فالحق أقول لكم لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل ولا يكون شيء غير ممكن لديكم. وأما هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم.
(مر 14:9-29):-
ولما جاء إلى التلاميذ رأى جمعا كثيرا حولهم وكتبة يحاورونهم. وللوقت كل الجمع لما رأوه تحيروا وركضوا وسلموا عليه. فسال الكتبة بماذا تحاورونهم. فأجاب واحد من الجمع وقال يا معلم قد قدمت إليك ابني به روح اخرس. وحيثما أدركه يمزقه فيزبد
ويصر بأسنانه وييبس فقلت لتلاميذك أن يخرجوه فلم يقدروا. فأجاب وقال لهم أيها الجيل غير المؤمن إلى متى أكون معكم إلى متى احتملكم قدموه إلى.فقدموه إليه فلما رآه للوقت صرعه الروح فوقع على الأرض يتمرغ ويزبد. فسال أباه كم من الزمان منذ أصابه هذا فقال منذ صباه. وكثيرا ما ألقاه في النار وفي الماء ليهلكه لكن أن كنت تستطيع شيئا فتحنن علينا وأعنا. فقال له يسوع أن كنت تستطيع أن تؤمن كل شيء مستطاع للمؤمن. فللوقت صرخ أبو الولد بدموع وقال أؤمن يا سيد فاعن عدم أيماني. فلما رأى يسوع أن الجمع يتراكضون انتهر الروح النجس قائلا له أيها الروح الأخرس الأصم أنا أمرك اخرج منه ولا تدخله أيضا. فصرخ وصرعه شديدا وخرج فصار كميت حتى قال كثيرون انه مات. فامسكه يسوع بيده وأقامه فقام. ولما دخل بيتا سأله تلاميذه على انفراد لماذا لم نقدر نحن أن نخرجه. فقال لهم هذا الجنس لا يمكن أن يخرج بشيء إلا بالصلاة
والصوم.
(لو 37:9 –43):-
وفي اليوم التالي إذ نزلوا من الجبل استقبله جمع كثير. وإذا رجل من الجمع صرخ قائلا يا معلم اطلب إليك انظر إلى ابني فانه وحيد لي. وها روح يأخذه فيصرخ بغتة فيصرعه مزبدا وبالجهد يفارقه مرضضا اياه. وطلبت من تلاميذك أن يخرجوه فلم يقدروا. فأجاب يسوع وقال أيها الجيل غير المؤمن والملتوي إلى متى أكون معكم واحتملكم قدم ابنك إلى هنا. وبينما هو آت مزقه الشيطان وصرعه فانتهر يسوع الروح النجس وشفى الصبي
وسلمه إلى أبيه. فبهت الجميع من عظمة الله وإذ كان الجميع يتعجبون من كل ما فعل يسوع قال لتلاميذه.
1) هنا يشفى السيد ولداً يصرعه الشيطان، أن يخرج منه هذا الشيطان وتأتى هذه المعجزة مباشرة وراء حادثة التجلى. فليس معنى أن يعطينا الله ونحن مازلنا على الأرض بعض التعزيات السماوية أن نكف عن الجهاد ضد الشيطان. ونلاحظ دعوة السيد لتلاميذه لأن يصوموا ويصلوا ليهزموا إبليس. إذاً الحياة الروحية هى جهاد ضد مملكة إبليس بصوم وصلاة وخدمة النفوس التى يعذبها الشيطان بل يستعبدها، وجَذْبَها للمسيح، وهى أيضاً تعزيات سماوية مفرحة. ولننظر لخادم مثالى هو بولس الرسول، وقارن تعزياته (2كو3:1-7) (كم مرة يذكر كلمة تعزية) مع جهاده فى خدمته (2كو 23:11-33). ولكن هناك من يخطىء ويظن أن الحياة الروحية هى خلوة مع الله فقط، وأيضاً هناك من يخطىء ويظن أنه قادر على الخدمة المتواصلة بدون خلوة مع الله.
2) يُصرع ويتألم شديداً = أصل الآية يُصرع فى رؤوس الأهلة وبعض الترجمات ترجمتها يُصرع بالقمر (رؤوس الشهور القمرية) وهذا خداع شيطانى ليوحى للناس علاقة صرع الولد بالكواكب. عموماً فلنلاحظ أن كل من يُستعبد لإبليس يفقد سلامه ويعيش فى ألام حقيقية.
3) يقع كثيراً فى النار وكثيراً فى الماء= وهذا ما يفعله إبليس مع كل واحد منها فهو يحاول أن يدفعنا لنيران الشهوات أو نيران الغضب أو يدفعنا لبرودة الفتور. إن يخضع للخطية يفقد سلامه ويتشتت فكره ويتألم جسده، ويندفع فى خصام بل قتال عنيف مع من حوله، أماّ عن حياته الروحية فهى فتور كامل.
4) تلاميذك لم يقدروا أن يشفوه = المسيح منع عنهم الموهبة حتى يفهموا أهمية الصلاة (الصراخ لله باستمرار) وأهمية الصوم (الزهد فى ملذات الدنيا ) ويكون لديهم شعور مستمر بالإحتياج. فيبدو أنهم بعد التجلى وما رأوه شعروا بنشوة وإكتفاء جعلهم ينسون الصلاة والصوم.
5) أيها الجيل غير المؤمن= 1) ضعف إيمان التلاميذ 2) ضعف إيمان الوالد وهو صرح بهذا أعن عدم إيماني (مر 24:9) 3) ضعف بل عدم إيمان الجمع، جلسوا يحاورونهم فى إستخفاف وقساوة قلب وعدم إيمان. هنا نلمس فى كلمات الرب رنة عدم الرضا ونفاد الصبر فالمسيح أراد أن يرى تلاميذه ولهم صلوات قوية وأصوام يصرع أمامها الشيطان.ولنعلم أن الإيمان ينمو حتى ولو كان مثل حبة خردل، لذلك فالتلاميذ طلبوا مرة من السيد قائلين زد إيماننا (لو 5:17) وبولس يمدح أهل تسالونيكى أن إيمانهم ينمو (2تس 3:1). والله يعمل مع كل واحد من أولاده ليزيد إيمانه، تارة بعطايا حلوة وتارة بتجارب نرى منها يد الله. ولكن من يأخذ عطايا حلوة فليشكر ويسبح، ومن تأتى عليه تجارب فليسلم الأمر لله ويصلى فيرى يد الله. أماّ من يأخذ عطايا فينشغل بها عن الله أو من تأتى لهُ تجارب فيتذمر ويترك صلواته، فمثل هذا لن ير يد الله ولن ينمو إيمانه. ونرى هذا الأب أتى للمسيح وإعترف بأن إيمانه ضعيف أو معدوم، لكن المسيح لم يرفضه إذ أتى إليه، بل شفى له إبنه وبهذا زاد إيمانه. فلنصرخ لله بدون تذمر شاكرين على كل حال فينمو إيماننا وما يساعد على نمو الإيمان. أيضاً الصلاة الكثيرة والأصوام المصاحبة لها.
6) تقولون لهذا الجبل إنتقل=الجبل هو أى خطية محبوبة او شهوة نستعبد لها أو عقبة مستحيلة أو أى صعوبة بحسب الظاهر تواجه المسيحى، كل هذا يمكن أن يتزحزح بالصلاة والصوم مع الإيمان. ولقد تم نقل جبل المقطم فعلاً بحسب هذه الآية
7) جاء المسيح للتلاميذ فى الوقت المناسب، فهم فشلوا فى إخراج الروح والكتبة والجمع يحاورونهم فى إستهزاء. ودائماً يأتى المسيح لكنيسته فى الوقت المناسب ليرفع عنها الحرج ويبكم المقاومين “الله فى وسطها فلا تتزعزع (مز 5:46). وهذا هو وعده (مت 19:10،20) فهو المسئول عن الكنيسة والمدافع عنها، فهى عروسه.
8) مفهوم السيد المسيح هنا عن الصلاة والصوم ولزومهم لطرد الأرواح الشريرة إلتقطته كنيستنا ووضعت أصواماً كثيرة مع صلوات وتسبيحات عديدة، حتى تعطى شعبها قوة فى حربه ضد إبليس. والله يعطى مواهب ( كما أعطى التلاميذ سلطان إخراج الشياطين ) لكن لنحافظ على هذه الموهبة لابد من الصلاة والصوم.
9) (مر 15:9):- تحيروا= رما لأنه كان نازلاً من الجبل مبكراً، أو لأنهم فوجئوا به، وهم أرادوا أن يستمر حديثهم السافر مع تلاميذه، وهم يعلمون انهم لا يستطيعون شيئاً أمامه هو شخصياً، فإن حضر لن يستطيعوا السخرية من عجز التلاميذ. أو هل كان وجهه مازال يشع نوراً من أثار التجلى !! عموماً فالسيد لاحظ تكتل الكتبة ضد تلاميذه فسألهم بماذا تحاورنهم (مر 16:9) فلم يجيبوا. ثم صرخ هذا الأب طالباً الشفاء.
10) (مر 20:9) للوقت صرعهُ الروح= إن طرد روح الشر من حياتنا يصحبه صراع شديد، ولكن بعد أن تتقابل النفس مع المسيح وتدخل فى عشرة معه يمسك بيدها ويقيمها فتقوم مستندة على ذراعه.
11) أومن يا سيد فأعن عدم إيماني= أعلن الوالد إيمانه = أومن.. ولكن خشى أن لا يكون كافياً فصرخ متذللا= أعن عدم إيمانى … فهو إعتبر إيمانه كالعدم، وطلب من الرب أن يعينه فى حالته. فمهما كان إيماننا فهو مازال ناقصاً، وإذا قيس بما يجب أن تكون عليه ثقتنا فى المسيح فهو عدم. ولكى يقوى إيماننا يجب أن نصرخ أؤمن يا سيد فاعن عدم إيمانى. والله دائماً يستجيب لهذه الصرخة وإستجابته تزيد إيماننا. ولاحظ أن السيد لم يرفضه إذ اعترف بعدم إيمانه بل شفى له ابنه وبالتالى شفى له إيمانه.
12) قول المسيح إلى متى أكون معكم= فيه إشارة لصعوده، فإن كان تلاميذه ضعفاء وهو فى وسطهم يسندهم، يرونه ويسألونه ويكلمونه، فماذا سيحدث لهم بعد الصعود إذ لا يجدوه.. هذا يحتاج لإيمان، لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان.
13) كم من الزمن منذ أصابه هذا(مر21:9) = هذا السؤال يوجه لكل من طال زمانه فى الخطية (زمان بقائه مستعبداً لها ) وطال زمان بقائة فى أسر إبليس. وسؤال المسيح معناه لماذا لم تأتى إلىّ لأشفيك منذ زمان. ويشير السؤال لتأثر المسيح لاستعباد الشيطان للبشر كل هذا الزمان.
14) (مر 26:9) فصار كميت = من يخرج منه روح شرير يصير كميت عن العالم (مر27:9) فأمسكه يسوع وأقامه= هو ميت عن العالم حى مع المسيح وهذين = مع المسيح صلبت فأحيا (غل 20:2).
15) السيد أعطى تلاميذه الموهبة على الشفاء وإخراج الشياطين ولكن يلزم إضرام أى موهبة بالصلاة والصوم (2تى 6:1).
16) نفهم من (لو 37:9) أن هذه القصة كانت فى اليوم التالى للتجلى.
17) إلى متى أكون معكم وأحتملكم= واضح تكرار الأناجيل الثلاثة لهذه الجملة. إن أكثر ما يحزن الرب يسوع هو أن يرى أولاده مهزومين أمام الشياطين. لقد أعطانا سلطاناً أن ندوس الحيات والعقارب (لو 19:10) فلماذا لا نستخدمه، لماذا نستسلم ونقول ” الشيطان شاطر ” هذه الجملة تحزن رب المجد جداً.
(مت 22:17،23 + مر 30:9-32 + لو 43:9-45):-
(مت 22:17،23):-
وفيما هم يترددون في الجليل قال لهم يسوع ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدي الناس. فيقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم فحزنوا جدا.
(مر 30:9-32):-
وخرجوا من هناك واجتازوا الجليل ولم يرد أن يعلم أحد. لأنه كان يعلم تلاميذه ويقول لهم أن ابن الإنسان يسلم إلى أيدي الناس فيقتلونه وبعد أن يقتل يقوم في اليوم الثالث. وأما هم فلم يفهموا القول وخافوا أن يسألوه
(لو 43:9-45):-
فبهت الجميع من عظمة الله وإذ كان الجميع يتعجبون من كل ما فعل يسوع قال لتلاميذه. ضعوا انتم هذا الكلام في آذانكم أن ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدي الناس. وأما هم فلم يفهموا هذا القول وكان مخفى عنهم لكي لا يفهموه وخافوا أن يسألوه عن هذا القول.
السيد يخبر تلاميذه بالصليب وهذا ياتى بعد 1) التجلى 2) إخراج الروح الشرير. وهذا يعنى 1) مع أهمية التجلى وأفراحه وتعزياته لكن حتى ننعم بهذا أبدياً لابد من الصليب.
2) حتى يُهزم عدو الخير نهائياً فلابد من الصليب (كو 14:2،15).
3) ولاحظ أن أحداث الصليب كانت تقترب لذلك كان السيد المسيح ينبه تلاميذه حتى لا يفاجئهم ما سوف يحدث. ولكن كون السيد يخبرهم بما حدث إذاً هو يذهب للصليب بسلطانه إذ هو آتى لذلك.
4) السيد لا يريد أن تلاميذه يذهب فكرهم إلى الأمجاد الزمنية خصوصاً بعد التجلى وبعد معجزة إخراج الروح النجس، فيعود ويحدثهم عن أهمية الصليب فالعالم هنا طالما كنا فى الجسد هو عالم ألم وصليب أماّ المجد فهناك.لم يفهموا = فهم فى ذهنهم الأمجاد العالمية، فما علاقة هذا بالصليب. ولم يفهموا أن الصليب هو طريق المجد.
5) لاحظ البعض أن السيد فى بعض الأحيان كان يطلب إخفاء أخبار مجده كما حدث فى موضوع التجلى، وهنا فى ( لو 44:9) يطلب من تلاميذه كتمان موضوع ألامه. فضعوا أنتم هذا الكلام فى أذانكم = فكلا الأمرين غير منفصل فالمسيح تمجد بقيامته وبتجليه وبصعوده.
(مت 24:17-27) إيفاء الدرهمين
الدرهمين=هى ضريبة تدفع لقيصر، وهذه هى الجزية التى تدفعها الشعوب المستعمرة لقيصر. وكان رئيس الكهنة والكهنة معافين من دفع هذه الجزية. وكان قد فات، أو قد حان ميعاد دفع الجزية فتساءل الناس هل يدفع المعلم الجزية أم لا. وكان السؤال حرجاً للمسيح، فقد عُرِفَ أن المعلم هو المسيا المنتظر، وكان بعض الناس يرددون هذا الكلام ولكن رسمياً فهو ليس بكاهن، والنظام السائد يلزمه بالدفع، فهل يدفع وهو المسيا أم لا ؟ وبطرس لهذا تحرج أن يسأله، ولكن العارف بما فى القلوب بادره بالسؤال، وسؤال المسيح يشير لأن النظام جائر فقيصر لاحق له أن يطالب أصحاب الأرض بدفع جزية. ولكن المسيح أظهر طاعة للنظام مهما كان جائراً.
وهذه المعجزة لها معنى فللرب الأرض وملكها، والرب اراد أن يقول لبطرس إدفع الجزية مهما كانت جائرة والله الذى له كل الأرض يعوضك من غناه. ولاحظ أن الرب لم يقل لبطرس إذهب إصطاد سمكاً وبعه وأوفى الدرهمين. ولكن طلب منه أن يصطاد سمكة واحدة، وهنا نرى مثالاً جديداً للجهاد والنعمة. فيا بطرس لأنك صياد إذهب وصِدْ (الصيد = جهاد) ولأنك خادم الله فستجد أعوازك مسددة بطريقة معجزية
(نقود فى بطن السمكة = نعمة). وحين يرعانا الله فلا يعوزنا شىء.
ولاحظ أن حرج موقف المسيح أيضاً فى ان الوطنيين كانوا يعارضون دفع الجزية للأجانب أى الرومان. ولكن المسيح فضل أن يخضع للنظام الموجود ولا يعثر أحد. ولكن لاحظ فقر المسيح وتلاميذه، إذ لا يمكلون مقدار هذه الجزية. فالدرهمين = ½ شاقل يهودى = تقريباً 6 قروش، ولكن الرب إفتقر ليغنينا (2كو 9:8) والأستار= شاقل يهودى. والسيد أعطى لبطرس من بطن السمكة ما يكفى تماماً لدفع الجزية عنه وعن بطرس، فقد كان النظام الرومانى يقضى بأن يدفع كل يهودى ½ شاقل = ½ أستار والأستار هو عملة.
إنجيل معلمنا متى : 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 – 15 – 16 – 17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24 – 25 – 26 – 27 – 28
تفسير إنجيل معلمنا متى : مقدمة – 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 – 15 – 16 – 17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24 – 25 – 26 – 27 – 28