المسيح يُعلم تلاميذه الصلاة الربانية

 وقانون الصلاة إنجيل يوم الجمعة من الأسبوع الأول من الصوم المقدس

المزمور: «أَمَّا أَنَا فَعَلَى رَحْمَتِكَ تَوَكَّلْتُ. يَبْتَهِجُ قَلْبِي بِخَلاصِكَ أُغَنِّي لِلرَّبِ لأَنَّهُ أَحْسَنَ إِلَيَّ» (مز 13: 5، 6).

الإنجيل: « وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ، لَمَّا فَرَغَ، قَالَ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: “يَارَبُّ، عَلِّمْنَا أَنْ نُصَلِّيَ كَمَا عَلَّمَ يُوحَنَّا أَيْضًا تَلاَمِيذَهُ”. فَقَالَ لَهُمْ:”مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ، لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ، لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ، وَاغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا لأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا نَغْفِرُ لِكُلِّ مَنْ يُذْنِبُ إِلَيْنَا، وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ”. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ:”مَنْ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ صَدِيقٌ، وَيَمْضِي إِلَيْهِ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُولُ لَهُ يَاصَدِيقُ، أَقْرِضْنِي ثَلاَثَةَ أَرْغِفَةٍ، لأَنَّ صَدِيقًا لِي جَاءَنِي مِنْ سَفَرٍ، وَلَيْسَ لِي مَا أُقَدِّمُ لَهُ. فَيُجِيبَ ذلِكَ مِنْ دَاخِل وَيَقُولَ: لاَ تُزْعِجْنِي! اَلْبَابُ مُغْلَقٌ الآنَ، وَأَوْلاَدِي مَعِي فِي الْفِرَاشِ. لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ وَأُعْطِيَكَ. أَقُولُ لَكُمْ: وَإِنْ كَانَ لاَ يَقُومُ وَيُعْطِيهِ لِكَوْنِهِ صَدِيقَهُ، فَإِنَّهُ مِنْ أَجْلِ لَجَاجَتِهِ يَقُومُ وَيُعْطِيهِ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ. وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اسْأَلُوا تُعْطَوْا، اُطْلُبُوا تَجِدُوا، اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ.» (لو 11: 1- 10)

بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد، آمين

إنجيل القدَّاس:

+ «يا ربُّ، علِّمنا أن نُصلِّي كما علَّم يوحنا أيضاً تلاميذه».

كانت الصلوات في الهيكل اليهودي وفي المجمع كثيرة جداً. وكانت تُتلَى كل يوم 18 صلاة، يسمُّونها ”البراكوت“ في منتهى القوة والجمال. كل الصلوات الطقسية تُقدَّم لله لشُكره وتسبيحه، ولكن يوحنا المعمدان لما جاء يُعلِّم بالتوبة، حرَّك النفوس من الداخل. فابتدأت النفوس تشعر بقُرْبها من الله أو قُرْب الله منها وهو إحساس التوبة، ولكن لم تُسعفها صلوات ”البراكوت“ بدون المسيح.

كل الصلوات الطقسية تنحَّت جانباً، إذ كانت النفوس تُريد مخاطبة الله. ولذلك ابتدأ يوحنا المعمدان يُعلِّم تلاميذه: كيف يُصلُّون صلاة مباشرة أمام الله، فيها إحساس بالاعتراف والتوبة! لأن هذه كانت وظيفة المعمدان، إذ جاء «ليردَّ كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم. ويتقدَّم أمامه بروح إيليا وقوَّته، ليردَّ قلوب الآباء إلى الأبناء، والعُصاة إلى فكر الأبرار، لكي يُهيِّئ للرب شعباً مستعدّاً» (لو 1: 17،16).

وظيفة يوحنا المعمدان:

هذه هي وظيفة يوحنا المعمدان، أن يُعلِّم الجموع كيف يتوبون! وكيف يرفعون قلوبهم بالصلاة! أما تلاميذ الرب فقد غاروا حينما ابتدأوا يرون الرب يُصلِّي في موضع خلاء، بالرغم أنهم لا يعلمون ما هي كلمات الصلاة التي يُصلِّيها الرب! ولكن الرب كان يُصلِّي صلاة مباشرة للآب. وعندما تحرَّكت قلوب التلاميذ، قالوا للرب: «علِّمنا أن نُصلِّي»، ولكن صلاة على مستوى صلوات يوحنا المعمدان، لأنهم أحسُّوا بالقوة، فابتدأ المسيح يُعلِّمهم الصلاة الربانية.

الصلاة الربانية:

الصلاة التي علَّمها المسيح لتلاميذه هي: «أبانا الذي في السموات…»، وهي صلاة تحتوي على عنصرَين يختصَّان بالتوبة: العنصر الأول: ”ليأتِ ملكوتك“؛ والعنصر الثاني: ”اغفر لنا خطايانا لأننا نحن أيضاً نغفر لكل مَن يُذنب إلينا“.

أما المحور الأول، أو العنصر الأول: ”ليأتِ ملكوتك“، وقد وُضِعَت بعد ذلك كأساس عام لمنهج الصلاة، الذي يُحدِّد قوة كل صلاة، وإمكانية الاستجابة لها.

”ليأتِ ملكوتك“، وضعها المسيح في صيغة أخرى: «اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرَّه، وهذه كلها تُزاد لكم» (مت 6: 33). هنا جاء طلب الملكوت في البداية ليقطع على كل صلاة أخرى؛ أي إذا طلبتَ الملكوت، تُستجاب كل طلباتك ”بدون طلب“.

بهذه الصلاة: ”ليأتِ ملكوتك“، تُلغَى كل الصلوات الخاصة بالأمور الأرضية، ويحل محلها طلب الملكوت، لأن بني الملكوت لا يُعوزهم شيء من الأمور الأرضية. فيستحيل أن يترك الأب أولاده في احتياج لشيء من أمور هذا العالم، ولذلك قال الرب: «اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرَّه، وهذه كلها تُزاد لكم».

المحور الثاني، أو العنصر الثاني: «اغفروا إن كان لكم على أحدٍ شيء، لكي يغفر لكم أيضاً أبوكم الذي في السموات زلاَّتكم» (مر 11: 25). المقايضة هنا ضعيفة جداً، لأننا نغفر التوافه، توافه الأخطاء؛ لكن الله يغفر كبائر الخطايا، تلك التي تئنُّ تحتها الجبال. ولكن حينما وضع الرب: ”أن نغفر للآخرين خطاياهم“، أصبحنا أمام واقع بالنسبة لأنفسنا. فلابد لكي نغفر للآخرين أن نحسَّ بحاجتنا للغفران. حاجتنا للغفران تُعطينا التزاماً بأن نُصلِح حياتنا وحالنا مع الله، وهذه هي التوبة. من العسير عليَّ جداً أن أغفر لِمَن أخطأ إليَّ، دون أن أشعر بأني أنا كلِّي خطايا، هذا من المستحيل. ولكن الرب وضع لنا المحكَّ: لكي أغفر للآخرين، يلزم أن أرجع لنفسي أمام الله، وأعرض نفسي أمام الله، وأطلب الغفران أولاً؛ لأنه من غير الممكن أن أغفر للآخرين خطاياهم، إلاَّ إذا قدَّرتُ فداحة خطيتي، ثم بعد ذلك أقدر أن أعرف أنَّ خطية الآخرين الموجَّهة لي، هي بسيطة، ولذلك يمكنني أن أغفر لمَن أخطأ إليَّ. ولكن الذي لم يُقدِّر خطاياه في ضوء الله وفي نور النعمة، تكون أخطاء الآخرين بالنسبة له كبيرة جداً.

عندما تنفتح عينا الإنسان على خطاياه ويقف أمام الله ويطلب المغفرة ويشعر بعِظَم خطاياه؛ يلوم نفسه جداً إزاء إساءة الآخرين له. هنا الدخول إلى أعماق النفس لمعرفة وقياس خطايانا، هو الذي يُعطينا الفرصة والإمكانية أن نغفر للآخرين.

فهذان العنصران في صلاة: «أبانا الذي في السموات»، يُدْخِلاننا إلى حياة التوبة. وهنا المسيح علَّم تلاميذه الصلاة على مستوى صلاة يوحنا المعمدان، ولكن بصورة أكبر.

وبخصوص الصلاة الربانية لم يذكر المسيح اسمه واضحاً، بينما نذكر نحن في هذه الصلاة ”اسم المسيح“؛ ولكن المسيح وهو على عتبة الصليب قال لتلاميذه: «إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي. اطلبوا تأخذوا» (يو 16: 24). هنا الأَخْذ مرتبط باسم ”المسيح“، وبدون ذِكْر اسم المسيح لا يمكن أن تُستَجَاب صلاة: «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً» (يو 15: 5)، «كل ما طلبتم من الآب باسمي يُعطيكم» (يو 16: 23).

أما بخصوص الصلاة كوصية، فقد ركَّز المسيح أكثر من جميع الوصايا، على الصلاة، وأعمق صلاة هي ما قدَّمها المسيح للآب في (يو 17)، وعلى مستواها في الأناجيل الثلاثة الأخرى: ”صلاة جثسيماني“؛ هذا نموذج الصلاة الذي قدَّمه لنا المسيح.

وقد أشار المسيح إشارات واضحة بخصوص الصلاة: «ينبغي أن يُصلَّى كل حين ولا يُمَلَّ» (لو 18: 1)، «اسهروا وصلُّوا» (مت 26: 41). وكل هذا تعبيرٌ واضح عن ضرورة الصلاة، أو لزومية الصلاة في حياتنا.

ولكني أقول: إنَّ كل الصلوات الطقسية إذا أنت أدَّيتها بمثابة فرض، فليس لك فضل في هذا، وإنْ لم تؤدِّها تكون مُقصِّراً في حقِّ المسيح وفي تسبيحه وشُكره. كل الصلوات الطقسية تدخل في حيِّز التسبيح والشُّكر، وليس لها علاقة بالندامة والتوبة. الندامة والتوبة لها صلوات تُقدَّم إلى الله بدموع وحرارة، ولذلك قال الرب: ”صلُّوا كل حين“، ”صلُّوا ولا تملُّوا“، ”اسهروا وصلُّوا“؛ وبعد ذلك قدَّم لتلاميذه مثلاً عن الصلاة بدون ملل (لو 18: 1-8). فالذي يوقِف صلواتنا هو الملل، والذي لا يجعلنا رجال صلاة هو الملل، والذي ضيَّع حياتنا هو الملل، الملل في الصلاة.

اختبار الصلاة، وكسر حاجز الملل:

يوجد اختبار صغير أُريد أن أقوله لكم: إذا أردتَ أن تدخل في الصلاة، وتعرف الصلاة، وتكون رجل صلاة؛ لابد أن تكسر حاجز الملل الذي ضيَّع عليك كل خبرات الصلوات السابقة. عندما تقف للصلاة، ثم تبدأ تشعر بالملل، فلا تتوقَّف، ولكن استمِر في الصلاة؛ وبهذا تكون قد انتصرتَ على الملل، وتشعر أنك لا تريد أن تتوقَّف بل تريد أن تصلِّي المزيد من الصلوات. هنا أنت قد كسرتَ حاجز الملل. إذا كسرتَ حاجز الملل مرة واحدة في حياتك، ستعرف قيمة الصلاة، وتدخل صلاتك في حيِّز القوة، لأن الملل ضيَّع علينا معرفة قوة الصلاة. المسيح قال لتلاميذه أنه «ينبغي أن يُصلَّى كل حين ولا يُمَلَّ» (لو 18: 1)، ثم أعطاهم مثلاً وهو ”قاضي الظلم“.

استجابة الصلاة:

استجابة الصلاة عنصر مهم جداً، وإنْ بَدَت أحياناً سهلة، ولكن على أيِّ أساس هي سهلة؟ ولِمَن؟ كل التعبيرات السهلة التي قُدِّمت لمفهوم الصلاة والاستجابة لها، كانت بالنسبة للتلاميذ، تُشجِّعهم على الصلاة، وتدفعهم للصلاة لكي يُعطيهم المسيح عطاياه. ولأن المسيح يريد أن يُعطيهم فعلاً، لذلك شجَّعهم على الصلاة: «كـل ما طلبتم من الآب باسمي يُعطيكم» (يو 16: 23)، «اسألوا تُعْطَوْا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يُفتح لكم. لأن كل مَن يسأل يأخذ، ومَن يطلب يجد، مَن يقرع يُفتح له» (مت 7: 8،7). كانت الاستجابة حاضرة، لأن قلوب التلاميذ قد تطهَّرت وتقدَّست بالإيمان والخلاص والخضوع والطاعة والروح القدس. ولكن عندما نبحث عن استجابة الصلاة بالنسبة للإنسان عامةً، نجدها ليست سهلة.

صديق نصف الليل:

+ المثل الذي نحن بصدده في إنجيل هذا الصباح، هو أن رجلاً جاءه صديق من سَفَر، وليس له ما يُقدِّمه، فذهب لصديق له في نصف الليل قائلاً له: «أقرضني ثلاثة أرغفة»، لكن هذا الصديق اعتذر لصديقه بعدم مقدرته إعطاءه طَلَبَه، هنا يقول الرب يسوع: «وإن كان لا يقوم ويُعطيه لكونه صديقه، فإنه من أجل لجاجته يقوم ويُعطيه قَدْر ما يحتاج». هنا المسيح وضع نفسه على مستوى الصداقة، ووضع الطالِب أو السائل على مستوى الصديق، وهذا مستوى عالٍ جداً من الصداقة.

ولكن هناك أمثلة للمستوى العادي يتعذَّر فيها الاستجابة، بالنسبة لله، بالنسبة للمسيح، حينما يكون الإنسان ليس على مستوى الإيمان، وليس على مستوى المسيح في الأَخْذ.

المرأة الكنعانية:

+ هناك مثل ذُكِر في الإنجيل، وهو مثل ”المرأة الكنعانية“ (مت 15: 21-28؛ مر 7: 25-30). هناك جوانب في هذا المثل نُحيط بها، ولكن هناك جانب لم نتبيَّنه جيداً. هذا الجانب هو أنها ليس لها الحق في طلب ما تطلبه، فهذه امرأة أُممية وثنية، ليس لها إله، ليس لها خلاص (في مفهوم اليهود آنذاك)، ليس لها إيمان، «ليس حسناً أن يؤخَذ خبز البنين ويُطرح للكلاب». هنا ”الكلاب“ بمفهوم ”غير المؤمنين“ ”مَن هم ليسوا بنينَ“. ولكن هذه المرأة كانت ماهرة جداً، استطاعت أن تفهم ردَّ المسيح الذي كان بمثابة صدمة لها ما حوَّلها إلى استجابة، استطاعت أن تفهم مَن هي بالنسبة لشعب إسرائيل! استطاعت أن تفهم مَن هي بالنسبة للمسيح! «فأجابت وقالت له: نعم يا سيد! و(”لكن“ – وهي كلمة موجودة في الأصل اليوناني) الكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها».

هذه المرأة رفعت من مستوى أُمميتها إلى مستوى البنوَّة في الإيمان، وهنا يقول بطرس الرسول عن الأمميين الذين آمنوا بالرب، ومنهم هذه المرأة الكنعانية: «طهَّر (الله) بالإيمان قلوبهم» (أع 15: 9)، فأصبح للأمم ما لليهود تماماً. وفي الحال أخذت هذه المرأة من المسيح شهادة قَلَّ أن يأخذها أحدٌ، إذ قال لها: «يا امرأة، عظيمٌ إيمانك! ليكن لكِ ما تُريدين». هنا صحَّح المسيح وضع هذه المرأة الكنعانية، من امرأة ”أُممية“ تطلب، إلى ”ابنة“ تطلب، لأن الإيمان رفعها إلى مستوى البنين.

المرأة السامرية:

+ هناك مثل آخر شبيه بمثل المرأة الكنعانية، وهو مثل ”السامرية“ (يو 4: 7-30). فقد تحدَّث معها المسيح عن ”الماء الحي“ إلى أن قالت له: «يا سيد، أعطِني من هذا الماء»، هذا الماء الحي (و”الماء الحي“ أي ”ماء الحياة“ في المفهوم المسيحي هو ”الحياة الأبدية“). «قال لها يسوع: اذهبي وادْعي زوجكِ». أجابت المرأة وقالت: «ليس لي زوج»، أي أنا امرأة خاطئة. فكانت النتيجة أنها اقتحمت مجال المسيح، وأخذت الخلاص والماء الحي، وخلَّصت مدينة بأكملها. هذه الإجابة من المسيح هي بمثابة صدمة كان يقصدها المسيح، وهو يعلم تماماً ما وراءها.

هذه الصدمة تأتينا فنتراجع ونتقهقر. لابد أن نفهم أننا حينما نقف لنصلِّي سيُختَبَر إيماننا، سيُختَبَر موقفنا من المسيح ومن الأبناء الحقيقيين للملكوت. إنْ كنتَ ابن الملكوت ستأخذ، وبدون سؤال ستأخذ، وأَزْيَد مما تطلب ستأخذ؛ ولكن إنْ لم تكن ابن الملكوت: «اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرَّه، وهذه كلها تُزاد لكم» (مت 6: 33)، فيستحيل أن يُستجاب لك. الرب يصدمك بالرفض، تماماً مثلما صدم السامرية، وكذلك المرأة الكنعانية، فتظن أنه ليس لك نصيب، وأنك إنسان خاطئ لابد أن تتوب وتسلك في منهج التوبة وتُصلِّي، وتُصارعك الأفكار أنه ليس لك علاقة بالله، وهو غير راضٍ عنك.

ولكن، انظر إلى الكنعانية، استطاعت بإيمانها أن يستردَّ لها المسيح موقفها، وهي استردَّت موقفها بالنسبة للمسيح في الحال: «فأجابت وقالت له: نعم يا سيد! و”لكن“ الكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها».

وعلى غرار موقف الكنعانية، يستطيع الإنسان في الحال أن يقتحم مجال المسيح:

– ”يا ربُّ، أنا أعلم أنك لم تسمعني، لأنني فعلتُ أشياء لا يمكن أن تضعني أمامك في موضع الاستجابة. ولكن، يا سيد، أنتَ وعدتَ، أنتَ قلتَ، أنت عملتَ مع فلان وفلان. أنا يا رب أكثر منهم خطية، لكن أنت عطاياك لا يمكن أن تقف وتتعثَّر بسبب خطية إنسان جاهل مثلي“.

وهكذا تُحاجج وتُلاجج، ليس أقل من الكنعانية ولا من السامرية؛ ولكن انتظر الاختبار، انتظر الصدمة وراء الصدمة، إلى أن تستردَّ موقفك أمام المسيح.

ولربنا المجد الدائم إلى الأبد، آمين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى