تفسير المزمور 21 للقديس أغسطينوس
عظة في المزمور العشرين
(بحسب السبعينية)
إنتقام الآلام
يبدو موضوع هذا المزمور شبيهًا بالمزمور السابق، وبتطبيقه على يسوع المسيح نرى، بسهولة مجد القيامة والصعود الذي يُعوّض مهانة الجلجلة .
للغاية، لإمام الغناء، مزمور لداود.
1- العنوان بات معروفًا : النبي يُنشِد يسوع المسيح.
2 – «يا ربّ بقوّتِك يفرحُ الملك» (21: 1) يا ربّ، إنّ المسيح الإنسان يفرح بتلك القوة التي ألبستِ الكلمة الأزلي جسداً. «وبخلاصك يبتهج ويُهلل» (21: 1). يجد فرحه في تلك القوة التي تهب الحياة لكلّ خليقة.
3 – «أعطيته بُغيةَ قلبه» (21: 2) ابتغى أن يأكل الفصح، ويبذل حياته ساعة يشاء، ليعود فيستردَّها أيضًا (يو 10: 18)، فأنلته بغيَّتَه. «ولم تُبطل التماس شفتيه» (21: 2) . قال: «سلامي أستودعكم» (يو 14: 27). وهكذا كان.
– «تسبغ عليه بركاتِك العذبة» (21: 3). وبتذوّقه حلاوتها، لم تخنقه مرارة خطايانا. «سلاه». «وجعلت على رأسه إكليلا من إبريز». عند بدء كرازته، أحطته بتلك الحجارة الكريمة، بتلاميذه الذي طافوا العالم يُبشرون به.
5- «سألك الحياة فأعطيتها له» (21: 4). وهبته القيامة التي سألها في صلاته هذه : «يا أبتاه، مجدِ ابنك» (يو 17: 1). «أعطيته طول الأيام إلى الأبد»، مدى دهور هذه الحياة التي تقيس طول عمر كنيسته، ووهبته طول الأجيال الأبدية .
6- «مجده بخلاصك عظيم» (21: 5). بإقامته من بين الأموات جعلته في ذورة المجد. «مجدًا وجَلالًا تُلقي عليه». تزيده مجدا وبهاء فتُقيمه في السماء عن يمينك.
7- «عليه تُسبغ بركاتِك الأبدية» (21: 6). وبركاتك الأبدية التي تسبغها عليه تملأه فرحًا أمام وجهك. رؤية وجهك تغمر بفرح لا يوصف تلك البشريّة القدّوسة التي أعادها إليك.
8- «لأنّ الملك على الربّ يتوكل»، ذاك الملك الخالي من الكبرياء، المتواضع القلب، يتوكل على الربّ. «وبرحمة العلي لا يتزعزع» (21: 7) : وتلك الرحمة اللامتناهية لن تزعزع التواضع الذي جعلته طائعا حتى الموت، موت الصليب.
9 – «لتظفر يدك بجميع أعدائك» (21: 8). عندما تأتي لتديننا، بجميع فلتبسط سلطانك، أيّها الملك على جميع أعدائك، الذين خفي عن فهمهم، في اتضاعِك. ولا ينجُوَنَّ مبغضوك من يمينك». فليلْقَ مجدك، الذي به تجلس ديانا عن يمين الآب، مبغضيك، يوم الدين ويُنزل العقاب بهم لأنهم لم يعرفوه على الأرض.
10- «تُشعِلُهم كتنور نار» ضمير رجسهم يصير لهم مثل جمرٍ داخلي. حين يتجلّى نور وجهك، أي عندما تُظهرُ بهاء مجدك.
«الربّ بغضبه يُرعبهم، فتأكلهم النار» (21: 9) يُرهبهم انتقام السماء، فيغدون فريسة للندم، وتأكلهم النار الأبدية.
11- «تمحو ثمارهم من الأرض» تلك الثمار الأرضية التي ينبغي أن تمحي عن وجه الأرض. «وذرِّيَّتهم من بين بني البشر» (21: 10). أي تفني أعمالهم ولا تُحصي الناس الذين تمكنوا من إغوائهم بين الذين دعوتهم إلى الميراث الأبدي.
12- «لأنهم أنزلوا عليك شرورهم» (21: 11) ذاك هو القصاص الذي تسبّبوا به في سعيهم إلى أن يُحوّلوا عنهم، بموتك، الشرور التي كانوا ليرهبوها لو كنت ملكهم «ودبّروا مكائد لم يتمكنوا من تحقيقها». كانوا يدبّرون تلك المكائد عندما قالوا : «خير لنا أن يموت رجل واحد عن الكل» (يو 11: 50). مكيدة لم يتمكنوا من تحقيقها لأنهم ما كانوا يعرفون ماذا يقولون.
13- «تردّهم على أعقابهم» (20: 12)، لأنك تضعهم وسط الذين تشيح عنهم بازدراء. وفي فضلاتِك، تُهيء وجوههم: وتُخلّف لهم شهواتهم في مملكة أرضيّة، وتهيّئ لهم خزي وجوههم في آلامك .
14- «إرتفع يا ربّ بعزّتِك» (21: 13). أنت أيها الربّ الذي لم يعرفوك في اتضاعك، ارتفع بعزتك التي رأوها هوانا. «نشيد لجبروتك، ونُرنّم على القيثار». حبّنا وأعمالنا الصالحة سوف تُشيد بمعجزاتِك، وسنذيعُها لتُعرَف في الأرض كلها .