تفسير سفر راعوث أصحاح 2 للقمص مكسيموس صموئيل
راعوث في حقل بوعز ( 2: 1-3)
يهدف هذا الإصحاح إلى هدف محدد هو أن تتعرف راعوث ببوعز, الرجل ذو الثروة والغنى.
الفصح وعيد الباكورة والصلب والقيامة :-
دخلت نعمى وراعوث بيت لحم وقت حصاد الشعير الذي هو أول محاصيل السنة ثم ينضج بعده القمح ثم يليه كروم العنب (خر 31:9 ), ويتم حصاد الشعير في شهر أبيب وهو موعد الإحتفال بعيد الفصح وذبح الخروف, وبعد ذبحه يقدمون أول حزمة في الحصاد إلى الكاهن الذي يرددها أمام الرب للرضا ( لا 23: 11,10 ) ولما وصلت نعمى وراعوث كان الفصح قد ذبح وأحضر رجال بيت لحم باكوراتهم إلى الكاهن, بينما يرمز الفصح إلى ذبيحة الصليب, فإن تقديم باكورات الحصاد يشير إلى فرح القيامة إذ بعدما تمم السيد المسيح ذبيحة الصليب قام من الموت وصار لنا فرح قيامته.
مبادرة راعوث ومعرفتها بشريعة إله إسرائيل :-
قالت راعوث لنعمى ” دعيني أذهب لألتقط سنابل وراء الحصادين ” فقد أتت المبادرة من جهة راعوث مع أن نعمى هي الأولى بأن تطرح الفكرة لأنها على علم تماماً بما أوصت به الشريعة التي نصت على أن من جمع حصاده لا ينظف الأرض من ورائه بل عليه أن يترك البقايا لليتيم والغريب والأرملة ( خر 10,9:19 ), ويبدو أن راعوث عرفت الكثير عن شريعة إسرائيل من نعمى, لقد أظهرت صفات سامية من الشجاعة والشهامة والتضحية مع أنها كانت فتاة وثنية ترملت في ريعان شبابها.
راعوث في الحقل ( 2: 4-17 ) :-
كانت هناك حقول كثيرة في طريقها, لكن إيمانها بإله إسرائيل واتكالها عليه كان يقودها إلى حقل بوعز, ومعنى كلمة بوعز ” الذي فيه القوة “
صفات بوعز :-
- لقد حمل اسمه صفة القوة, كان غنياً.
- يملك ثروة .
- رجل نشيط يهتم بحقله إذ يأتي بنفسه إلى الحقل يراقب عمل الحصادين
- رجلاً تقياً ورعاً حيث نسمعه يتبادل التحية مع الحصادين .
صفات راعوث :-
لاحظ بوعز راعوث كفتاة غريبة في أرضه ربما بسبب ملابسها التي أتت بها من موآب أن بسبب لغتها الموابية, فسأل غلامه الموكل على الحصادين ” لمن هذه الفتاة” فشهد عنها بالآتي :-
- فتاة غريبة أتت من موآب مع حماتها نعمى.
- منسحقة النفس.
- نشيطة جاءت من الصباح ومكثت إلى الآن ( 7:2 ).
- أنها أتت إلى حقله ولم تذهب وراء الشبان
- دعاها ابنته ( 8:2 ).
- تحدث معها حديث المحبة والرفق,
فوجدت راعوث نعمى في عيني بوعز كما وجدت نعمة في عيني حماتها نعمى وفي عيني الغلام,
راعوث تقارن بين نفسها وبوعز :-
دهشت راعوث من معاملة بوعز لها وتساءلت كيف وجدت نعمة في عينيه وقالت له أنها غريبة فكيف ينظر إليها وهي بائسة بينما هو جبار بأس, هو غني وهي فقيرة هو ذو شأن وهي مهملة, هو من شعب الله وهي غريبة وأممية,
فأخبرها بوعز بأنه علم بكل ما فعلته مع حماتها وقال لها ليكافئ الرب عملك, إنها صورة رائعة للنفس التي تترك العالم خلفها وتأتي إلى المسيح, إنها حينما تضع العالم خلف ظهرها وتأتي إلى حقل بوعز ” الكنيسة ” فلابد أن تلتقي مع صاحب الحقل ” السيد المسيح ” لتنال منه البركة الكاملة ويصير لها حصناً تحتمي فيه وتسمع صوت الرب يسوع قائلاً لها أنها ابنته.
تأملات في حديث بوعز مع راعوث :- .
- قال لها ألا تسمعين : إنه صوت يسوع بشخصه فلا تستمع النفس لغيره لأن خرافه تسمع صوته وتتبعه ( يو 10: 4,3 ) .
- يا ابنتي :- فكما تركت راعوث أباها وأمها وأتت إلى بوعز, وصارت له ابنة, هكذا النفس التي تترك العالم خلفها وتلتقي بيسوع سوف تسمع صوته بأنها ابنته ” أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيتكم به ” ( يو 14:15 ).
- لا تذهبي لتلتقطي في حقل آخر : إنها دعوة الرب للنفس التي صارت له, ألا تفارقه أو تترك حقله إلى مكان آخر.
- لا تبرحي من ههنا, بل لازمي فتياتي : أي لا تبتعدي عن الكنيسة ثم وصيته لازمي فتياتي فيها دعوة للإلتصاق بقديسيه, فتياتي تعني البنات العذارى اللاتي يخدمن في حقل بوعز هؤلاء القديسات الطاهرات, فما ما أبعد بين بنات موآب وبين بنات بيت أبعد الفرق لحم.
- عيناك على الحقل : هي وصية لنا أن نثبت عيوننا على الحقل ولا ندعها تتحول عنه أو تنشغل بشئ آخر غير الكنيسة.
- اذهبي وراءهم : تصير حياة القديسين وجهادهم دليلاً لحياتنا لنتبع خطواتهم كما يقول سفر النشيد ” إن لم تعرفي أيتها الجميلة بين النساء فأخرجي على آثار الغنم ” ( نش 8:1),
- ألم أوص الغلمان أن لا يمسوك : لقد أوصى بوعز خدامه ألا يمسو راعوث أي لا يطردوها بل رفع شأنهم وأوصاهم بإكرامها ومساعدتها, وهذا كرم السيد المسيح الذي في محبته يوصي قديسيه وملائكته بنا.
- ثم قال بوعز لها ” إذهبي إلى الأنية واشربي مما استقاه الغلمان ” ( 9:2 ) لقد صارت النفس محبوبة من المسيح وما عليها إذا عطشت إلا أن تشرب من الماء الذي يهبه لها ( يو 37:7 ) .
- وفي آخر الحديث سجدت راعوث إلى الأرض وسقطت على وجهها, وفي هذا شعور النفس بضالتها وعدم استحقاقها أمام محبة السيد المسيح.
المكافأة التي من الرب :-
أي مكافأة هذه التي أخذتها راعوث من الرب حتى قالت ” يا سيدي لأنك قد عزيتني وطيبت قلب جاريتك وأنا لست كواحدة من جواريك ” ( 13:2 ), المكافأة هي أن النفس صارت تجلس وسط القديسين قريبة من الرب يسوع, ويدعوها لتجلس في مجلسه, فبعد أن صارت النفس ابنة له أصبح مكانها بجانب ووسط قديسيه وهو يدعوها لتأكل من خبز الحياة ” جسده المقدس ” وتشرب دمه الكريم, بل هو نفسه الذي يقدمه لها كما فعل بوعز إذ قدم لراعوث فريكاً فأكلت وشبعت وفضل عنها (14:2 ), هذه هي المكافأة التي قال بوعز عنها لراعوث ” ليكافئ الرب عملك وليكن أجرك كاملاً من عند الرب “.
فالتقطت في الحقل إلى المساء :-
قامت راعوث لتكمل جهادها وتجمع السنابل إلى المساء أي نهاية اليوم, لاشك أنها تعبت طوال اليوم وهي منحنية إلى الأرض تجمع السنابل التي تركها الحصادون وظلت تعمل من الصباح إلى المساء, لذلك جمعت قفة مملوءة بالشعير عادت بها إلى حماتها.
بوعز الولي الثاني ( 2: 18-23 ) :-
لقد كان بوعز هو الولي الثاني ” ثم قالت لها نعمى الرجل ذو قرابة لنا, هو ثاني ولينا” ( 20:2 ) وذلك حينما أخبرتها راعوث عن بوعز الذي كانت قد عملت في حقله, وأعلمتها أنه يستطيع أن يفك لأنه الولي الثاني, فإذا رفض الولي الأول أن يفك, فالثاني له حق الفكاك, ولابد أن يكون الولي له قرابة بالميت وأن يكون قادراً على أن يفك ” أي مقتدر في أن يدفع الثمن ليرد الحرية ” وذلك كما أوصت الشريعة منذ أيام موسى النبي بذلك ( لا 25: 48,47 ), فالمسيح هو ولينا الذي أعتقنا من الموت ووهبنا الحرية.
وظلت راعوث تعمل في حقل بوعز حتى انتهاء حصاد الشعير بعد 7 أسابيع في عيد الخمسين وهكذا تتلاقى نعمة بوعز مع إيمان راعوث, وذلك رمز لذلك اللقاء الأعظم حيث تلاقت نعمة المسيح مع إيمان الكنيسة في يوم الخمسين.
تفسير راعوث 1 | راعوث 2 | تفسير سفر راعوث | تفسير العهد القديم | تفسير راعوث 3 |
القمص مكسيموس صموئيل | ||||
تفاسير راعوث 2 | تفاسير سفر راعوث | تفاسير العهد القديم |