تك ٢: ١- ٣ فاكملت السماوات والارض وكل جندها
1فَأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. 2وَفَرَغَاللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ[1] فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِالَّذِي عَمِلَ. 3وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُفِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا.
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
تقديس السبت ١- ٣:
“فأكملت السموات والأرض وكل جندها،وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذيعمل، فاستراح في اليوم السابع منجميع عمله الذي عمل، وبارك الله فياليوم السابع وقدسه، لأنه فيه استراح منجميع عمله الذي عمله الله خالقًا” [١–٣].
ماذا يعني “استراح في اليوم السابع“؟ بلا شكالراحة هنا لا تعني التوقف عن العمل، وإنمااستراح براحة خليقته، وكما يقول القديسأغسطينوس: [راحة الله تعني راحة الذينيستريحون في الله[79]]. راحته كأب سماويأن يجد محبوبيه ينعمون بالراحة الداخلية الحقة،لذلك يقول القديس أغسطينوس: [إننانستريح عندما نصنع أعمالاً صالحة. كمثاللذلك كُتب عن الله أنه “استراح في اليومالسابع“، وذلك عندما صنع كل أعماله وإذا بهاحسنة جدًا. إنه لم يتعب ولا احتاج إلي راحة،كما أنه لم يترك عمله حتى الآن، إذ يقول ربناالمسيح بصراحة: “أبي يعمل حتى الآن” (يو 5: 17)[80]].
لقد ختم الرب حديثه عن أعمال الخلق بإعلانراحته في خليقته التي حملت آثار محبته خاصةالإنسان الذي حمل صورته ومثاله، ويبقي اللهفي راحته مادام الإنسان أيضًا يستريح فيحضن أبيه السماوي. لهذا رأي كثير من الآباءأن وصية “حفظ السبت” والتي تعني فيالعبرية “الراحة” إنما هي رمز للثبوت في السيدالمسيح بكونه راحة الآب، فيه يجد لذته منجهتنا، وراحتنا نحن إذ فيه ندخل إلي حضنالآب. وكأن السيد المسيح نفسه هو سبتناالحقيقي[81]… هذا هو سر اهتمام الله بحفظوصية السبت، وجعلها خطًا رئيسيًا في خطةخلاص شعبه، من يكسرها يكون قد نقض العهدالإلهي وحرم نفسه من عضويته في الجماعةالمقدسة. لنحفظ إذًا السبت الحقيقي بقبولناالسيد المسيح القائم من الأموات كسر راحتناالحقيقية، لنقبله قائمًا من الأموات فنحفظ السبتكل أيام حياتنا خاصة في اليوم الأول منالأسبوع، كما كان الرسل يجتمعون معًا في أولالأسبوع (الأحد) يمارسون العبادة الجماعيةحول الأفخارستيا كموضوع راحتهم الحقة.
إن كان السيد المسيح هو “اليوم السابع” أو(السبت الحقيقي) الذي فيه تصالحنا مع الآببدم صليبه، فإننا إذ نثبت فيه نحمل سماته فيناونمتلئ ببره ونصير نحن أنفسنا موضع راحةفنحسب به “سبتًا” أو (يومًا سابعًا)، وكمايقول القديس أغسطينوس: [نصير نحنأنفسنا اليوم السابع عندما نمتلئ ببركات اللهوتقديسه ونفعم بها[82]].
هذا ويلاحظ أن الكتاب المقدس لم يقل عن اليومالسابع: “وكان مساء وكان صباح يومًا سابعًا“،وكما يقول القديس أغسطينوس: [لا نجد فيالسبت مساءً، لأن راحتنا بلا نهاية، إذ يضعالمساء نهاية[83]].
تفسير القمص أنطونيوس فكري
أية1: “فاكملت السماوات والارض وكل جندها “
أكملت: المعني أن بعد اليوم السادس لم يعد الله يخلق أجناساً جديدة، بل هو يخلق من نفس الأجناس التي سبق فخلقها وهو يحافظ علي خليقته وهذا معني أبي يعمل حتي الآن وأنا أعمل (يو 17:5) فهو يحفظ الخليقة حتي لا تهلك والكواكب في مداراتها.
جندها : الجند في العبراية صبا وجمعها صباؤوت ومعناها جمهور أو جيش عرمرم والله يسمَي لذلك رب الصباؤوت أي رب الجنود. والجنود تطلق علي الملائكة وعلي شعب الله الذي علي الأرض وعلي أفلاك السماء وكواكبها (2 أي 18:18 + أش 12:45 + مز 6:33) فالأولي تشير لجيش الملائكة والثانية تشير لأجرام السماء وقوات الأرض والثالثة تشير لكل المخلوقات. ويكون المقصود من الآية أن الله خلق كل شئ حسب جنسه ونظامه وترتيبه. السموات غير المنظورة بملائكتها والسموات المنظورة بنجومها والأرض وما عليها بكل زينتها. ولكن لماذا التسمية جنود؟! فالكواكب لنظامها البديع هي كجيش منظم وهي كثيرة جداً مثل الجيش لكن كل كوكب يعرف مكانه وهو تحت رياسة تضبطه وتضبط تحركاته. فالله ضابط الكل والكنيسة سميت أنها مرهبة كجيش بألوية (أش 4:6 ).
2 وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل 3 وبارك الله اليوم السابع وقدسه لانه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقا “
أكمل الله خليقته في اليوم السادس ورأي ذلك أنه حسن جداً والتطابق عجيب ففي اليوم السادس بل في الساعة السادسة أكمل الله فداء البشرية قائلا علي الصليب “قد أكمل” فبالصليب أعيدت خلقتنا من جديد وبالقيامة أخذنا الحياة. ومعني أن الله يستريح في اليوم السابع أي هو يفرح ويسر بالإنسان موضع حبه وحينما سقط الإنسان وفسدت طبيعته جدده الله روحياً وفتح له باب السماء، في خلال اليوم السابع (الذي بدأ بعد خلقة آدم وينتهي بمجئ المسيح الثاني)، ففي خلال اليوم السابع كان الفداء الذي به أنهي الله أعماله كلها للإنسان وإستراح الله لأنه قدم للإنسان طريق السماء. وراحة الإنسان الحقيقية أنه يكتشف أنه ليس تراباً فقط فيكون كل إهتمامه للعالم، بل هو خليقة روحية لا يستريح سوي في الله ومع الله، بل هو يقضي فترة خاطفة علي الأرض ويكمل بعد ذلك حياته الأبدية في السماء في حضن الله. وحتي يطبع الله هذه المفاهيم في الإنسان نري الله يطلب من الإنسان أن لا يعمل يوم السبت بل يخصصه لله وللعبادة. فالإنسان كجسد لابد ان يعمل وهذا هو ما طلبه الله من آدم ” لكن الإنسان كروح لن يرتاح وتكون له راحة إلا في الله.
فإستراح:
في العبرية لا تعني الكف عن العمل بل الراحة والإستقرار والرضي لأن الله لا يكل ولا يعيا. وراجع مز 31:104 + صف 17:3 لتري ان الله يفرح ويسر بأعماله. وما يتعب الله خطايانا أش 24:43. والإنسان كان سيظل في راحة لو لم يخطئ. ولكن الخطية والموت الذي إستتبعها كانا شيئاً عابراً وبعده ستعود الراحة. لذلك يعيش الإنسان مدة حياته علي الأرض يعمل ويشقي ويتعب (رمزياً مدة عمر الإنسان 6 أيام) وبعد الستة الأيام يذهب الإنسان للفردوس حتي يرتاح. وصارت راحة الله في إتحادنا بالمسيح القائم، وراحة الإنسان في المسيح القائم، لذلك إستبدلت الكنيسة يوم السبت بيوم الأحد يوم القيامة. وصار هذا اليوم هو راحة للجسد من التعب واهتمامات العالم لترتاح الروح في علاقتها بالله. فراحة الله= راحة الذين يستريحون في الله.
تفسير سفر التكوين 2 للقمص تادرس يعقوب ملطي
تفسير سفر التكوين 2 للقمص أنطونيوس فكري