غل13:3 المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا

 

اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». (غل13:3 )

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 لعنة الناموس 10-14

يشهد الناموس ذاته (تث 26:27) أن الذين يسعون أن يتمموه هم تحت اللعنة، لأنه يطالبنا أن نعمل به مُفترضًا أن ننال البرّ بذلك بينما في الواقع تقودنا هذه الأعمال إلى الكبرياء عندما نُتممها، وهذا هو جوهر الخطية.

لا يقدر الناموس أن يهب البرّ بل يجلب موتًا على كل من لا يحفظونه (10:3). اللعنة هي حكم صادر ضد كل كاسرٍ للناموس بينما تحل البركة على كل من يعيش بالنعمة. بمعنى آخر من يحسبون أنفسهم أبرارًا بسبب أعمال الناموس يسقطون في الكبرياء، ويصيرون تحت اللعنة، والذين يعجزون عن تحقيق كل أعماله هم أيضًا تحت اللعنة، والآن كيف ينتشلنا السيد المسيح من هذه اللعنة؟

يمكننا القول بأننا خلال الخطية صرنا تحت اللعنة، بينما صار مخلصنا الذي بلا خطيه لعنة لأجلنا [13]، لا بارتكابه خطية ما، وإنما بتعليقه على خشبة، وهكذا احتضننا ونحن تحت اللعنة، وأنقذنا منها بنعمته. خلصنا المسيح المصلوب من اللعنة، إذ حقق في شخصه كل متطلبات الناموس بالكامل، وفي الوقت نفسه صنع كفارة كاملة وتامة عن كل تعديات اليهود (والبشرية بوجه عام) ضد الناموس. هكذا صار الناموس مرضيًا لا يطالب السيد المسيح ولا بقية الجنس البشري بشيء ماداموا متحدين معه بالمعمودية.

يقول القديس يوستين في حواره مع (تريفو اليهودي) أن العائلة البشرية كانت في حاجة أن تُفتدى من اللعنة بواسطة الصليب. [إن ظهر الذين هم تحت الناموس أنهم تحت اللعنة لعدم ملاحظتهم كل متطلباته، كم بالأكثر تكون كل الشعوب التي تمارس الوثنية ويُغوون الشباب ويرتكبون جرائم أخرى؟ إن كان أب الكل قد أراد لمسيحه أن يحمل لعنة الكل من أجل كل البشرية، عالمًا أنه يقيمه بعد صلبه وموته، فلماذا تجادلون بخصوصه هذا الذي خضع للأمم هكذا حسب مشيئة الآب وقبل اللعنة عوض أن تبكوا على أنفسكم؟]

v ها أنتم ترون كيف يبرهن أن الذين يلتصقون بالناموس هم تحت اللعنة، إذ يستحيل عليهم أن يتمموه [10-11]؛ ثم كيف جاء الإيمان يحمل قوة التبرير هذه…

مادام الناموس عاجزًا تمامًا عن أن يقود الإنسان للبر، فالإيمان هو العلاج الفعّال الذي يجعل ما كان مستحيلاً بالناموس ممكنًا (رو 8: 3)…

استبدل المسيح هذه اللعنة بلعنةٍ أخرى، “ملعونّ كل من عُلِّق على خشبة”. إن كان مَنْ يُعلَّق على خشبة ومن يتعدّى الناموس كلاهما تحت اللعنة، وإنه كان من الضروري لذاك الذي يحرر من اللعنة أن يكون هو حرًا منها، إنما يتقبل لعنة أخرى (غير لعنة التعدي)، لذلك قُبِل المسيح في نفسه هذه اللعنة الأخرى. (خلال التعليق على خشبة) لكي يحررنا من اللعنة… لم يأخذ المسيح لعنة التعدي، بل اللعنة الأخرى، لكي يَنتزع اللعنة عن الآخرين. “على أنه لم يعمل ظلمًا ولم يكن في فمه غش” (إش 9:53). إذ بموته خلص الأموات من الموت، هكذا بحمله اللعنة في نفسه خلصهم منها.]

القديس يوحنا الذهبي الفم

v عند سماعنا “المسيح قد صار لعنة لأجلنا” [13]، و”لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا” (2 كو 5: 21)، لا نفهم من هذا ببساطة أن المسيح بكُليته صار خطية أو لعنة، إنما حَمل اللعنة التي علينا (إش 53: 4؛1 بط 2: 24).

v كما أن المسيح بذاته لم يصر لعنة، إنما قيل هذا لأنه أخذ على عاتقه اللعنة لحسابنا، هكذا صار جسدًا لا بتحوله إلى جسد، إنما اتخذ جسدًا من أجلنا وصار إنسانًا.

v إنه يُرشد اليهود وأهل غلاطية أن يضعوا رجاءهم لا في الناموس بل في الرب مُعطى الناموس.

البابا أثناسيوس الرسولي

v صار خطية ولعنة لا لحسابه بل لحسابنا… صار لعنة لأنه حمل لعناتنا.

القديس أمبروسيوس 

v كيف يمكن أن يكون خطية ذاك الذي يحررنا من الخطية؟ وكيف يمكنه أن يكون لعنة ذاك الذي يفدينا من لعنة الناموس؟ حدث هذا ليمارس تواضعه إلى هذه الدرجة، ولكي يُشكِلنا نحن بالتواضع الذي يجلب مجدًا.

v دُعي لعنة من أجلي، هذا الذي حطم لعنتي… صار آدم الجديد ليحتل مكان آدم الأول، وبهذا فقط يجعل عصياني عصيانه هو بكونه رأس الجسد كله.

القديس غريغوريوس النزينزي

v صار مطيعًا ذاك الذي “أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا” (راجع مت 8: 17)، فشفي عصياننا؛ إذ بجلداته شَفي جراحاتنا وبموته طرد الموت العام الذي سيطر على كل البشرية. من أجلنا أطاع حتى صار “خطية” و”لعنة” بتدبيره لحسابنا؛ لم يكن هكذا بالطبيعة، إنما صار كذلك من أجل حبه للإنسان.

القديس غريغوريوس النيسي

v بالناموس صرنا تحت اللعنة، بينما بنعمة المسيح خلصنا منها.

v النعمة عادةً تُعلِن عما يفعله الله لأجلنا (1 كو 15: 3- 4)؛ أما الناموس فيُعلن عما يطلبه الله منا (خر 20: 1- 7).

v النعمة تهبنا حياة وقوة لكي نطيع الوصية ( يو 14: 23 ) ونتقدس ( رو 6: 14-22 )، أما الناموس فيأمر بالطاعة والقداسة الكاملة (تث 6: 24- 25) وإلا سقطنا تحت الموت (يع 2: 10).

v النعمة غالبًا ما تكشف عن حب الله لنا ( يو 3: 16)، أما الناموس فغالبًا ما يأمرنا بحب الله (مت22 : 37).

v بالنعمة أُعلِن لنا عن البركات الإلهية (غل 4:3)، بينما أُعلِنت اللعنة ونحن تحت الناموس (غل 3: 10).

v النعمة تهبنا الحرية في المسيح (غل 5: 1)، أما تحت الناموس فكنا عبيدً للخطية (غل 4: 1-3).

v النعمة هي قوة الله (رو 1: 16)، أما الناموس فقوة الخطية (1 كو 15: 56). 

v بالنعمة نلنا البنوة للآب (غل 4)، أما الناموس فيحرم الإنسان من الحضرة الإلهية (خر 18: 12-24).

v تُعِلن النعمة عن صورة الصالحات عينه، أما الناموس فله ظل الخيرات العتيدة (عب 10: 1).

v بنسل إبراهيم (يسوع المسيح) تصير البركة للأمم (14) (تك22: 18؛ 26: 4).

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

غل13:3: ” المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة”.

فى (غل10:3 + تث26:27) نرى أن من لا يلتزم بكل الناموس يكون تحت اللعنة. وفى (غل12:3+لا5:18) من يفعلها يحيا بها. وهذا ثبت استحالته. لذا صار الكل تحت اللعنة. وهذا ما اعترف به الرسل فى أع 10:15. والمسيح افتدانا من هذه اللعنة لما حمل خطايانا فى جسده ومات تحت اللعنة على الخشبة (تث22:21و23) وبنفس المفهوم قيل إنه صار خطية لأجلنا (2كو21:5). فالكهنة اليهود حكموا على المسيح بأنه مخالف للناموس أى خاطئ وأوقعوا عليه لعنة الناموس وحكموا بموته معلقًا على خشبة رمزًا للعنة والعار. والمسيح رضى بالحكم ولم يعترض فهو الحكمالصادر على البشرية التى يحملها فى جسده معتبرًا جسده ذبيحة خطية. واللعنة هى لعنة الله نفسه التى تأكل بنار متقدة المضادين ولقد قبلها المسيح فى نفسه إذ صار هو لعنة وقبل أن تشتعل فيه نار الغيرة الإلهية لتحمل لعنتنا.

ويقول البابا أثناسيوس الرسولى إن القول بأن المسيح صار لعنة وصار خطية يشير إلى أنه قَبِلَ اللعنة والخطية (صار المنظر على الصليب، والمسيح خاطئ مدان فهو حمل لعنتنا وحمل خطيتنا ليميتها بموته) وذلك كقولنا صار جسدًا (يو14:1) فهذا لا يشير لتحوله إلى جسد بل أنه لبس جسدًا (اتخذ له جسدًا) مع احتفاظه بلاهوته بلا تحول ولا تغيير. وهكذا هو صار له منظر الخطية واللعنة مع احتفاظه ببره وقداسته. وهو حمل خطيتنا لنأخذ نحن بره .

وقوله صار خطية يوسع دائرة تحمل المسيح لخطايا البشرية لتتعدى الزمان والمكان بمعنى أنه صار كفارة أبدية. وهو لحمله خطايا كل البشر صار لعنة بحسب الناموس وصار خطية (1بط24:2) وبموته قتل الخطية لينقذنا منها.

فدانا: قارن مع (1بط18:1ـ20) فهى فدية على مستوى الذبيحة للكفارة + أع28:20 + إش1:43، 3، 4، 14، 25 +6:44، 22ـ24، فالرب اشترانا لنفسه لمحبته. ويمكن أن نقول عن إنه صار خطية وصار لعنة أن  المسيح ظهر فى شكل جسد الخطية ومات بجسده ميتة ملعونة ناموسيًا أى الصلب.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى