1كو 9:4 كأننا محكوم علينا بالموت لأننا صرنا منظراً للعالم للملائكة و الناس

 

فَإِنِّي أَرَى أَنَّ اللهَ أَبْرَزَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ آخِرِينَ، كَأَنَّنَا مَحْكُومٌ عَلَيْنَا بِالْمَوْتِ. لأَنَّنَا صِرْنَا مَنْظَرًا لِلْعَالَمِ، لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ. (1كو 9:4)

+++

تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم

“فإني أرى أن الله أبرزنا نحن الرسل آخرين كأننا محكوم علينا بالموت لأننا صرنا منظراً للعالم للملائكة و الناس » (ع۹).

لم يقل بولس الرسول نحن أخيرون ، وإنما قال : “إن الله أبرزنا نحن الرسل آخرین” ويقول أيضاً “كأننا محكوم علينا بالموت” وذلك عن المجرمين المستحقين الميتات الكثيرة.

ومعنى قوله “صرنا منظراً للعالم” لأننا ما أصابنا هذا في زاوية ولا في موضع صغير من العالم بل في كل مكان وعند الكل.

أما المقصود من قوله “للملائكة” أي أن مصارعتنا ليست هي مع البشر فقط بل ومع القوات الغير متجسدة.

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

إذ وبخهم الرسول علي كبريائهم وتشامخهم بدأ يكشف لهم عما يحتمله الرسل وخدام المسيح الحقيقيين من أجلهم.

فإني أرى أن اللَّه أبرزنا نحن الرسل آخرين،

كأننا محكوم علينا بالموت،

لأننا صرنا منظرًا للعالم، للملائكة والناس” [9].

اقتبس الرسول هذا الأمر مما كان يحدث في المسارح الدموية الرومانية حيث كان المجرمون المحكوم عليهم بالموت يُقدمون إلى الساحة ليصارعوا مع الوحوش المفترسة أو ليُقاتلوا بعضهم البعض. وكان الشخص الغالب لا ينجو من الموت إذ يدخل مع معركة ثانية وثالثة حتى ينتهي مصيره بسفك دمه. 

وكانوا أحيانًا يُلزمون بدخول الساحة عراة ليسخر الكل منهم، ويجد الكل مسرتهم في ما يعانوه من جراحات قاتلة. إذ كان الأباطرة الرومان يلقون المجرمين في الساحة كنوع من الترفيه عن الشعب الذي يجد لذته في هذه العروض العنيفة.

وصف سنيكا هذه المشاهد في رسالته السابقة بأنها كانت مجازر، وأن الذين كانوا يلقون للوحوش المفترسة الجائعة في الصباح يُحسبون أنهم يُعاملون بالرحمة والشفقة عن الذين يتركون إلى الظهيرة ليقاتل المحكوم عليهم بالموت بعضهم البعض.

حُسب الرسل كسيدهم ليسوا أهلاً أن يعيشوًا كمن حُكم عليهم بالموت لكي يتخلص العالم منهم. يرى البعض أن الرسول بولس يكتب هذا وفي ذهنه عادة عامة بين كثير من الدول الوثنية أن يقدموا ذبائح بشرية في وقت الكوارث الخطيرة وحلول الأوبئة. غالبًا ما يختاروا أشر الأشخاص وأدناهم في المركز الاجتماعي وأسوأهم خلقًا. هذا وكان البعض في العصور الأولى يتطلعون إلى المسيحيين كمصدر غضب الآلهة وعلة حدوث الكوارث الطبيعية أو الهزيمة أمام الأعداء، فكانت الجماهير تثور عليهم وتلقي القبض عليهم وتقدمهم ذبائح للآلهة كي يرفعوا غضبهم عنهم. كانوا يحسبونهم كأقذار العالم ووسخ كل شيء، ينبغي الخلاص منهم تمامًا. إنهم لا يستحقون الحياة.

يرى البعض أنه يقصد هنا “الملائكة الأشرار” حيث يجد إبليس وملائكته لذتهم في السخرية بالمؤمنين وتعذيبهم.

ولعل الرسول يعلن هنا بأن البشر جميعًا، حتى غير المؤمنين، لا يقدروا أن ينكروا طول أناة الرسل وقبولهم حكم الموت بفرحٍ، بل وتدهش الملائكة لعمل نعمة اللَّه فيهم. 

يسمح السيد المسيح لتلاميذه ورسله أن يعانوا هذه المتاعب لكي يصيروا منظرًا للناس والملائكة، حيث تتجلى أمانتهم وتُعلن نعمة اللَّه التي تهبهم قوة واحتمالاً وتدخل بهم إلى الأمجاد السماوية.

v كان بولس أهلاً أن يكون منظرًا للملائكة إذ جاهد لينال مكافأة المسيح, فقد صارع ليقيم حياة الملائكة على الأرض, وأن ينزع شر الملائكة في السماء, إذ صارع مع الشر الروحي. بحق كان العالم يتطلع إليه ليقتفي آثاره.

القديس أمبروسيوس

v كانت الملائكة تتعجب لاحتمال الرسل. أما بالنسبة للبشر فالبعض يفرحون بأحزان الرسل, بينما آخرون يشفقون عليهم ولكن ليس لهم ما يقدمونه من عون لهم.

ثيؤدورت أسقف قورش

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية 9 :- فاني ارى ان الله ابرزنا نحن الرسل اخرين كاننا محكوم علينا بالموت لاننا صرنا منظرا للعالم للملائكة والناس.

آخرين = أنتم تشعرون شعوراً زائفاً أنكم شبعتم وصرتم في المقدمة، أما نحن قد أظهرنا الله أمام أعين الناس كما لو كنا في المؤخرة (وكان الرومان يضعون الأسرى المحكوم عليهم بالموت في آخر موكب النصرة الذي يتصدره القائد المنتصر وجنوده) كأننا محكوم علينا بالموت = نظهر 

كمتهمين حُكِمَ عليهم بالموت ” نُمات كل النهار، حسبنا كغنم للذبح ” معرضين لأخطار رهيبة بسبب كرازتنا، أما أنتم فلا تواجهون هذه الأخطار. وهذا درس من الرسول أن الشبع الحقيقي ليس هو في المواهب بل في إحتمال هذه الضيقات والإضطهادات، بل درس في إتضاع الرسول إذ يضع نفسه في مؤخرة الصفوف كمن هو غير مستحق الوقوف معهم. وبهذا يعطيهم درساً. فهم تصوروا أنهم ملكوا وهو يقف في الآخِر لا ينتظر كرامة من أحد، صرنا منظراً للعالم للملائكة والناس = أعمالنا تنال تقدير الملائكة وألامنا تنال إشفاقهم وهم يتمنون ظفرنا، أما الناس فيحتقروننا ويتمنون فشلنا، هو قد صار منظراً رديئاً بالنسبة للأشرار، وصار منظراً مكرماً من الملائكة الأخيار.

فاصل

زر الذهاب إلى الأعلى