مي 2:5 أما أنت يا بيت لحم أفراته
«أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمَِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ». “مي 2:5”
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمَِ أَفْرَاتَةَ،
وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا،
فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِيّ الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ،
وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ. [2]
إذ يعجز الملك عن حماية أورشليم فلا يقدر أن يخلصها، يقوم ملك عجيب في قرية صغيرة يُظن أنها غير مُعتبرة بين ألوف قرى يهوذا، ملك أزلي يدخل التاريخ البشري، قادر أن يخلص إلى التمام، الأول يموت ويزول في عارٍ وخزي، والثاني يملك إلى الأبد في السماويات، ملكوته لا يزول.
تعبير “مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل” ينفرد به السيد المسيح وحده، بكونه المولود أزليًا كابن الله الوحيد الجنس. لهذا يقول: “قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن” (يو 8: 58). ويقول المرتل: “منذ الأزل إلى الأبد أنت الله” (مز 90: 2).
ربما يتساءل البعض: كيف يقول: “يكون متسلطًا على إسرائيل” بينما حكمت عليه إسرائيل بالصلب، ولم يقم نفسه ملكًا على إسرائيل؟ لقد قال: “مملكتي ليست من هذا العالم” (يو 18: 36)، فقد ملك على إسرائيل الجديد، الكنيسة المقدسة، بكونه “رأسًا فوق كل شيء للكنيسة” (أف 1: 22). لقد أبرز سلطانه على الطبيعة، وعلى الموت والأمراض، فهل كان يعجز عن أن يملك على إسرائيل؟ لقد أرادوا أن يقيموه ملكًا، فاجتاز من وسطهم ولم ينظروه!
إن كان كلاً من إسرائيل ويهوذا يسقطان في السبي، إلا أن الإصلاح الحقيقي يتم على يد مولود بيت لحم أفراثه، ربنا يسوع المسيح. إنه يولد في هذا الموضع المتواضع، في قرية لسلفه داود العظيم.
حاول البعض أن ينسب هذه النبوة لزربابل، لكن القديس يوحنا الذهبي الفم يوضح أنها لا تنطبق عليه. فمن جهة لم يقل النبي “يسكن في بيت لحم” بل “منك يخرج“، ومن جهة أخرى فإن زربابل مخارجه ليس “منذ القديم منذ أيام الأزل“، إنما تنطبق على يسوع المسيح كلمة الأزلي[80].
في حوار العلامة ترتليان مع اليهود يستند على هذه النبوة التي تحققت حرفيًا في شخص يسوع المسيح، وانه الآن لم يعد أحد من سبط يهوذا من بيت لحم لكي تتحقق النبوة في آخر[81].
v السلام لبيت لحم، بيت الخبز، الذي فيه وُلد الخبز النازل من السماء (يو 6: 51).
السلام لأفراتة، أرض الإثمار والخصوبة، التي ثمرتها هي الرب نفسه.
تنبأ عنكِ ميخا في القديم: “وأنتِ يا بيت لحم لستِ الصغرى بين ألوف يهوذا…” (مت 2: 6). ففيكِ وُلد الرئيس، المولود قبل لوسيفر. هذا الذي مولده من الآب قبل الزمن، ومهد جنس داود استمر فيكِ حتى أنجبت البتول ابنها، والبقية من الشعب الذي آمن بالمسيح عادوا إلى أبناء إسرائيل يكرزون لهم بحرية بكلمات كهذه: “كان يجب أن تُكلموا أنتم أولاً بكلمة الله، ولكن إذ دفعتموها عنكم وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية، هوذا نتوجه إلى الأمم” (أع 13: 46)[82].
v لقد أظهر الحق كما هو مكتوب عن يسوع المسيح “وهو الغني افتقر”، لهذا اختار أمًا فقيرة وُلد منها، ووطناً فقيراً[83].
v ليس اللاهوت هو الذي آتى من بيت لحم بل الناسوت، لكنه لم يقف عند هذا الحد، بل بالحري انطلق من هناك بلاهوته كما جاء في الكلمات “مخارجه منذ القديم منذ الأزل“[84].
v بتعيين موقع بيت لحم، كان (اليهود) مثل الذين بنوا فلك نوح، يمدُّون الآخرين بوسائل الهروب، أمَّا هم أنفسهم فهلكوا في الفيضان. ومثل المعالم التي تُظهر الطريق، لكنَّها عاجزة عن السير فيه. لقد سُئلوا: أين يولد المسيح؟ أجابوا: “في بيت لحم اليهوديَّة، لأنَّه هكذا مكتوب بالنبي” (مت 2: 5). لقد كرَّروا من الذاكرة ما قد كُتب عن هذا بميخا: “وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا، لستِ الصغرى بين رؤساء يهوذا، لأن منكِ يخرج مدبِّر يرعى شعبي إسرائيل” (مت 2: 6)[85].
v ذاك الذي قبل الأزمنة، هذا الذي كان مع اللَّه من البدء، الذي هو اللَّه الكلمة، أصله منذ البدء، تقبَّل ميلادًا حسب الجسد فيكِ (يا بيت لحم) فجعلكِ مشهورة وبرَّاقة، مع أنَّك لستِ بذات أهميَّة بين ألوف يهوذا[86].
v يذكرنا الرسول الطوباوي ببركة يهوذا، مشيرًا كيف بلغت كمالها: “فإنه واضح أن ربنا قد طلع من سبط يهوذا” (عب 7: 14). هكذا أيضًا النبي والإنجيلي متى. فالأول تكلم متنبأً والأخير ربط النبوة بقصته. أي شيءٍ غريب هو هذا، إذ يقول إن الأعداء الظاهرين ضد الحق أخبروا بوضوح هيرودس أن المسيح يُولد في بيت لحم، إذ هو مكتوب: “وأنتِ يا بيت لحم أرض يهوذا لستِ الصغرى بين رؤساء يهوذا، لأن منكِ يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل” (مت 2: 5-6). لنضف ما حذفه اليهود بسبب حقدهم فجعلوا الشهادة غير كاملة (إذ لم يذكروا هيرودس تكملة النبوة). لأن النبي بعد قوله: “يخرج ليّ الذي يكون متسلطًا على إسرائيل“، أضاف “ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل” (مي 5: 2) [87].
v بقوله: “فمنك يخرج مدبرًا يوضح تدبير التجسد، وبإضافته: “ومخارجه منذ القديم من الأزل” يعلن عن لاهوته، وأنه مولود من الآب قبل الدهور[88].
تفسير القمص أنطونيوس فكري
في الإصحاح السابق تكلم عن مجد أورشليم الجديدة أي الكنيسة وهنا نجد سر مجدها وهو المسيح المولود فيها. في آية (1) لقد أخطأت أورشليم فسمح الله بأن تقوم عليها جيوش لتأديبها. وهي حاولت أن تقيم جيوش لتحارب هؤلاء الأعداء. ولكن كان هؤلاء الأعداء أقوى منها كثيرًا فحاصروها وأذلوها بل ضربوا قاضي إسرائيل على خده بقضيب = وقد يقصد بقاضي إسرائيل ملكها أو قضاتها أو رؤساءها، وهؤلاء أهينوا جدًا من قبل الجيوش المحاصرة مثل أشور وبابل.. إلى أن انتهي هذا بالرومان. وهذه الجيوش قد أقامت حربًا شديدة ضد أورشليم = قد أقام علينا مترسة = أي حاصروا أورشليم حصارًا مرًا قاصدين إهلاكها. وكل هذا رمزًا للشيطان الذي حاصر الإنسان بسبب خطيته وأهانه، والشيطان هو عدو قوى جدًا. وقد حاولت أورشليم أن تقيم جيوشًا لتحارب = الآن تتجيشين يا بنت الجيوش = هذه للتعجب، هل تقيمين الآن جيوشًا ولماذا؟ ألم تسألي نفسك يا أورشليم من الذي أعطى هذه الجيوش المعادية قوة وسلطانًا ضدك؟ أنها خطيتك. وماذا صنعت لك هذه الجيوش؟ لا شيء فليس في استطاعتها الوقوف في وجه هذه الجيوش القوية. بل لقد صارت أورشليم مملوءة من جيوش الجوعى والخائفين. ونحن قد سقطنا تحت عبودية العدو القوى إبليس بسبب خطيتنا. وليس في قوة إنسان أن يقف في وجه العدو القوى = الشيطان. وهذه الحال استمرت حتى مجيء المسيح الذي قبل العار ليمحو عار أورشليم، هو قاضي إسرائيل وملكها الذي قبل أن يلطم على خده ليمحو عار إسرائيل شعبه، كان ذلك حين ضربوه على خده قائلين “تنبأ من ضربك” وبقبوله لهذا العار هزم عدونا القوي المتكبر. وفي (2) كيف يزول العار عن أورشليم أو من يزيل هذا العار؟ هو هذا الذي يخرج من بيت لحم أفراتة = وبيت لحم لها اسم آخر هو أفراتة (تك19:35 + تك7:48 + را 11:4). وهذه نبوة بمكان ميلاد هذا المخلص (مت6:2 + يو42:7). فقد كان معروفًا أن المسيح سيأتي من بيت لحم مدينة داود فهو الملك ابن داود. ولأنه من بيت لحم فهو في نظر اليهود داود آخر؛ أي مؤسس مملكة لكنهم هم حسبوها مملكة مادية زمنية. وبيت لحم = تعني بيت الخبز وهي أنسب مكان يولد فيه ذاك الذي هو خبز الحياة. وإفراتة = تعني مثمرة فمنها خرج الحبة التي سقطت للأرض فأتت بثمر كثير (يو24:12). وهي مدينة صغيرة بين مدن يهوذا = ألوف يهوذا. لكن المسيح المتواضع يسكن ويولد في مكان متواضع فيرفعه، فهو يرفع المتضعين. وأنت صغيرة = في ترجمات أخرى رغم أنك صغيرة يخرج منك الذي يكون متسلطًا على إسرائيل= فهو كان له سلطان على البحر والهواء والأموات والأمراض والشياطين. وهو ملك على قلوب شعبه بصليبه وداس الموت والشياطين. ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل = تشير لأزلية المسيح أي لاهوته، فليس أزلي أي بلا بداية سوي الله ولكنه ولد بالجسد في بيت لحم. هذه الآية تثبت لاهوت المسيح. ولذلك قال “قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن” (يو58:8). وكلمة مخارج استخدمت في (تث3:8) عند التحدث عن خروج كلمة من فم الرب. ولذلك فهي تليق بأن تستخدم للإشارة إلى الولادة الأزلية لمن دعي كلمة الله (يو1:1، 2) وكونه يتسلط على إسرائيل فهذا يعني أنه سيكون رأسًا للكنيسة إسرائيل الروحي (أف22:1). وآية (3) لذلك يسلمهم = أي يسلمهم للضيق والتأديب والتعب، بل للعبودية في يد إبليس وراجع (رو20:8) “إذ أخضعت الخليقة للبطل، ليس طوعًا بل من أجل الذي أخضعها على الرجاء” وما هو هذا الرجاء الذي انتظرته الخليقة = إلى حينما تكون قد ولدت والدة = هذه الوالدة هي العذراء أم النور مريم. وهذا الخلاص هو للجميع يهودًا وأمم. ثم ترجع بقية إخوته إلىبني إسرائيل = في المسيح أصبح الكل واحدًا ورجع الأمم الذين ضلوا طويلًا. وصار الكل إخوة، بل لقد دعي الجميع إخوة المسيح “فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم إخوة” (عب11:2) + (رو29:8). ولقد صارت العذراء مريم أمًا لنا جميعًا بهذا المفهوم. وآية (4) ويقف ويرعي = أي سوف يعلم ويحكم ويرعى شعبه كراعٍ صالح. وهو يفعل هذا، ليس كإنسان عادي بل بقدرة الرب، فلاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين.بعظمة اسم الرب إلهه = ظهر في المسيح بكل وضوح، في أعماله وقدرته وسلطانه أن اسم الله فيه. كان يُعلِّم كمن له سلطان وليس كالكتبة (مت29:7) ويثبتون = هذه بمعنى يكونون ساكنين أي آمنين ومستريحين وفي سلام، ويظلوا هكذا للأبد، إنهم سوف يحيون لأنه هو حيّ (راجع يو19:14). لأنه الآن يتعظم إلى أقاصي الأرض = طالما كان شعبه ممتدًا لأقاصي الأرض فسيتعظم هو إلى أقاصي الأرض. فالأرض كلها ستمجده. وآية (5) الله هنا يضمن سلام كنيسته = ويكون هذا سلامًا. إذا دخل أشور في أرضنا = كان ملك أشور أقوى ملك في ذلك الوقت، والله يضمن سلام كنيسته ضد أقوى الأعداء. وقد تم هذا فعلًا حينما هاجم أشور يهوذا ووصل إلى أسوار عاصمتها أورشليم وهلك هناك. وكان هذا رمزًا لنجاة كنيسة المسيح من هجوم قوات الظلمة عليها، إبليس وكل قواته. وكان للأعداء بعض الانتصارات = وإذا داسوافي قصورنا = الملك يسكن في قصر والله يسكن فينا، فنحن المؤمنين قصور لله. ولكن ينجح إبليس مع بعض المؤمنين ويُسقطهم فيدوس قصورنا. ويتكرر هذا دائمًا حينما يهجم الشيطان على شعب الله محاولًا نزع سلامه، وذلك بأن يسقطه في خطية، ومن يسقط يدوسه إبليس فيفقد سلامه. وسيتكرر هذا في (رؤ9:20) في آخر الأيام. وكانت عطية المسيح لشعبه هي السلام “سلامي أترك لكم سلامي أنا أعطيكم” لأنه بالمسيح غفرت خطايانا فصار لنا سلام مع الله، وسلام في قلوبنا وسلام على الأرض. وبالخطية نفقد هذا السلام. والشيطان دائم الحرب ضد أولاد الله ليسقطهم في الخطية ويدوسهم، لكن الله يقيم خدام ورعاة ليخدموا شعبه فيكون للشعب سلام. وعدد هؤلاء الرعاة والخدام سبعة رعاة وثمانية من أمراء الناس= هذا أسلوب عبري في التعبير ويعني الكمال، وعمل الله دائمًا كامل (راجع عا3:1، 6.. إلخ + أم16:6). ورقم (7) يشير للكمال في هذه الحياة الزمنية. ورقم (8) يشير للحياة الأبدية. وكأن هجوم إبليس المرموز له بأشور يواجهه الله بعمل في الخدام الذين يرسلهم لرعاية شعبه، وليحمي شعبه سواء هنا أثناء حياتنا على الأرض أو في السماء، وليعطيهم خلاصًا على الأرض وحياة أبدية. وقد يعني رقم (7) خدام الكنيسة المجاهدة ويعني رقم (8) السمائيين الذين يساندوننا كما ساعد الملائكة ملوك فارس ضد رئيس فارس أي إبليس. ونعلم أن للأطفال الصغار ملاك حارس. فنحن لنا خدام من الكنيسة المجاهدة وأرواح سمائية تخدمنا (عب14:1) راجع (دا 13:10 + 20:10، 21 + 1:12). وفي (6) وعد بأن الكنيسة لها سلطان أن تدوس الحيات والعقارب = فيرعون أرض أشور = أي يخربونها حسب الترجمات الأخرى. وهنا السيف= سيف روحي فأسلحتنا ضد قوات الظلمة أسلحة روحية (اف6). وقد تم تمثيل قوات الظلمة هنا بأشور وبابل = أرض نمرود فأشور أسقطت إسرائيل المملكة الشمالية، وبابل أسقطت يهوذا المملكة الجنوبية. وقد أرسل الله بابل لتخريب أشور وأرسل فارس لتخريب بابل. وكان كورش الفارسي رمزًا للمسيح حين حرر شعب الله. وتخريب أشور وبابل رمز لجعل أعداء المسيح موطئًا لقدميه. وبعمل المسيح الخلاصي تم خلاص شعبه من إبليس = فينفذ من أشور أي يخلص ويتحرر حتى إذا دخل تخومنا.
تأملات أ. بولين تادري
نبوءة عن مجيء المخلص:
” بيت لحم” أي ” بيت الخبز”، وهو اسم على مُسمى، لأن منها يخرج “خبز الحياة” ربنا يسوع المسيح. بيت لحم هذه قرية صغيرة بين ألوف عشائر يهوذا وليس لها اعتبار سواء من جهة عدد السكان أو من جهة مظهرهم، لكن من هذه البلدة الصغيرة “يخرج لي الذي يكون مُتسلطًا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل”. فالله يُدبٍر خلاصًا لبنى إسرائيل، أما المخلص فيصفه ميخا النبي بعدة صفات:
–يُولد في بيت لحم، القرية الصغيرة، يخرج منها الذي يكون مُتسلطًا على إسرائيل. إنه ملك، لكنه يُحب أن يتراءى في القلوب المتضعة، كما يقول المرنم: “لأن الرب عال ويرى المتواضع. أما المتكبر فيعرفه من بعيد” (مز 136:6).
ويقول أيضًا بطرس الرسول: ” تسربلوا بالتواضع. لأن الله يُقاوم المستكبرين. وأما المتواضعون فيُعطيهم نعمة. فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه. مُلقين كل همكم عليه. لأنه هو يعتني بكم” (1 بط 5: 5- 7). لذلك قيل عن العذراء مريم، الفتاة الصغيرة الوحيدة، “أنه (الرب) نظر إلى اتضاع أمته” (لو 1: 48)، وصارت مُطوبة من كل الناس. وساعتها سبحت العذراء قائلة: ” شتت المستكبرين بفكر قلوبهم. أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين” (لو 1: 51، 52).
–والمخلص أيضًا: “مخارجه منذ القديم. منذ أيام الأزل”. أي أن الذي سيولد في ملء الزمان ليُخلص بنى إسرائيل، هو موجود منذ الأزل، هو الابن المولود من الآب قبل كُل الدهور، وبه كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان. الذي قال عنه بولس الرسول: “الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه. الذي جعله وارثًا لكل شيء. الذي به أيضًا عمل العالمين” (عب 1: 1، 2).
-“ويكون مُتسلطًا على إسرائيل”، إنه ملك ولكن مُلكه ليس من هذا العالم، فهكذا أجاب يسوع على بيلاطس حينما سأله “أنت ملك اليهود”، فأجابه “مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يُجاهدون لكي لا اُسلم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا” (يو 18: 36). فهو ملك الملوك ورب الأرباب، كما قال بولس الرسول: “لا أزال… ذاكرًا إياكم في صلواتي. كي يُعطيكم إله ربنا يسوع المسيح، أبو المجد، روح الحكمة والإعلان في معرفته. مُستنيرة عيون أذهانكم. لتعلموا ما هو رجاء دعوته…. الذي عمله في المسيح. إذ أقامه من الأموات. وأجلسه عن يمينه في السماويات. فوق كل رئاسة وسلطان وقوة وسيادة. وكل اسم يُسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضًا. وأخضع كل شيء تحت قدميه. وإياه جعل رأسًا فوق كل شيء للكنيسة. التي هي جسده. ملء الذي يملأ الكل في الكل” (أف 1: 16- 23).
- تفسير سفر ميخا 5 للقمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير سفر ميخا 5 للقس أنطونيوس فكري
- تأملات في سفر ميخا 5 – أ. بولين تادري