2كو 22،21:1 ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله

 

21وَلكِنَّ الَّذِي يُثَبِّتُنَا مَعَكُمْ فِي الْمَسِيحِ، وَقَدْ مَسَحَنَا، هُوَ اللهُ 22الَّذِي خَتَمَنَا أَيْضًا، وَأَعْطَى عَرْبُونَ الرُّوحِ فِي قُلُوبِنَا.

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

“ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح،

وقد مسحنا هو اللَّه” [21].

في دفاع الرسول بولس عن نفسه أنه لم يتصرف بخفةٍ وجه أنظار القارئين إلى عمل الثالوث القدوس: الآب الذي قدم الوعود الإلهية الفائقة، والابن الوحيد الجنس الذي فيه تتحقق هذه الوعود، وأخيرًا الروح القدس الذي يثبت الشعب مع الرسل في المسيح، حيث ينالون مسحة التقديس والختم الإلهي المقدس لحمايتهم. 

يمسح اللَّه مؤمنيه بمسحة روحه القدوس للثبات فيما ينالونه في المسيح يسوع من تحقيق للوعود الإلهية. 

يضم الرسول بولس نفسه مع الشعب لكي يتمتع الكل بمسحة الروح القدس التي يهبها اللَّه لمؤمنيه كي يثبتوا في المسيح، الابن الوحيد الجنس، ويتمتعوا بقوته الإلهية، وينالوا روح النصرة علي العدو إبليس.

v يقول بولس أن المسيح يثبت الأمم في الإيمان الموعود به لليهود، إذ جعلنا واحدًا.

أمبروسياستر

v إن كان الأصل والينبوع قد تأسسا بطريقة لائقة، فكيف يمكننا ألا نتمتع بالثمار النابعة منهما؟ الواحد حتمًا يقود إلى الآخر.

القديس يوحنا الذهبي الفم

v بعد هذه الكلمات، بعد جحد الشيطان وإقامة عهدٍ مع المسيح، فإنه بقدر ما قد صرت له تمامًا، ولم يعد لك شيء مشترك مع ذاك الشرير، يأمرك أن تُختم (تُمسح) ويوضع علي جبهتك علامة الصليب. 

لا يخجل ذاك الوحش الكاسر. فإنه إذ يسمع هذه الكلمات يزداد وحشية بالأكثر، كما نتوقع، ويود أن يهاجمك في مشهدٍ. لذلك فإن اللَّه يمسح ملامحك، ويختم عليها علامة الصليب. بهذه الطريقة يكبح اللَّه جنون الشرير، فلا يعود يتجاسر إبليس أن يتطلع إلى هذا المشهد. فيكون كمن يرى أشعة الشمس فيثب بعيدًا، إذ تُصاب عيناه بالعمي عندما يتطلع إلى وجهك فيهرب. 

خلال الميرون يختم الصليب عليك… ويلزمك أن تعرف أنه ليس بإنسان بل اللَّه نفسه هو الذي يمسحك بيد الكاهن. اصغ إلى القديس بولس وهو يقول: “اللَّه هو الذي يثبتنا نحن وأنتم في المسيح، وقد مسحنا ]21[.

القديس يوحنا الذهبي الفم

المعمودية ختم Sphragis

“الذي ختمنا أيضًا،

وأعطى عربون الروح في قلوبنا” [22].

كان الختان في العهد القديم أشبه بختمٍ مطبوعٍ علي الجسد، بدونه يفقد الإنسان انتسابه لشعب اللَّه، ويُحسب خائنًا للعهد الإلهي، ويسقط تحت الهلاك، لأنه “ختم لبرّ الإيمان” (كو 11:2، 12). أما في العهد الجديد فدُعيت المعمودية ختمًا Sphragis به يحمل الإنسان علامة العضوية الكنسيَّة الداخلية والاتحاد مع السيد المسيح، وقبول ملكوت اللَّه. وترجع هذه التسمية “ختم” ربما إلى الرسول بولس القائل: “ولكن الذي يثبّتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو اللَّه الذي ختمنا أيضًا وأعطى عربون الروح في قلوبنا” (2 كو21:1، 22). “الذي فيهِ أيضًا إذ آمنتم خُتِمتم بروح الموعد القدّوس” (أف 13:1).

v المعمودية ختم مبارك.

القديس اكليمنضس الاسكندري

v أثناء العماد، عندما تأتي إلى حضرة الأساقفة أو الكهنة أو الشمامسة… اقترب إلى خادم العماد ولا تفكر في الوجه المنظور، بل تذكر الروح القدس، هذا الذي نتكلم عنه الآن، لأنه حاضر ليختم نفسك.

إنه سيهبك الختم الذي يرعب الأرواح الشريرة، وهو ختم سماوي مقدس كما هو مكتوب: “الذي فيه أيضًا (إذ آمنتم) ختمتم بروح الموعد القدوس”.

v عظيمة هي المعمودية المعدة فداء عن المأسورين… وختمًا مقدسًا لا ينفك.

القديس كيرلس الأورشليمي 

v المعمودية هي شركة في اللوغوس، هلاك للخطيئة، مركبة تحملنا إلى اللَّه، مفتاح ملكوتالسموات، ثوب عدم الفساد، حميم الميلاد الجديد، ختم.

القديس غريغوريوس النزينزي 

هكذا تحدث آباء كثيرون عن المعمودية كختمٍ للنفس، مثل القديس اكليمنضس الروماني وهرماس والعلامة ترتليان والقديس يوحنا الذهبي الفم.

v اقترب وتَقبَّل الختم السرائري لكي يعرفك سيدك، وتُحسب بين القديسين وقطيع المسيح المعروف، فتُوضع عن يمينه.

القديس كيرلس الأورشليمي 

v العلامة التي تتسمون بها الآن إنما هي علامة أنكم قد صرتم قطيع المسيح.

الأب ثيؤدور أسقف المصيصة

v (الختم) هو ضمان للحفظ وعلامة الملكية.

v إن كنتم تحصنون أنفسكم بالختم، فتُوسم نفوسكم وأجسادكم بالزيت (المسحة) والروح، ماذا يُمكن أن يحدث لكم؟! القطيع الموسوم بالعلامة لا يُسلب بمكرٍ بسهولة، أما القطيع الذي لا يحمل العلامة فهو غنيمة للصوص… 

يمكنكم أيضًا أن تموتوا في سلام. 

لا تخافوا من أن تُحرموا من عون اللَّه الذي يهبه لكم لأجل خلاصكم.

القديس غريغوريوس النزينزي 

v النفس التي لم تستنر ولا تحلت بنعمة الميلاد الجديد، لا أعرف إن كانت الملائكة تتقبلها بعد تركها الجسد!

حقًا انهم لا يستطيعون أن يتقبلوها مادامت لا تحمل الختمAsphragiston ، ولا أية علامة خاصة بمالكها. 

حقًا أنها تصير محمولة في الهواء وتتجول بغير راحة دون أن يتطلع إليها أحد، إذ هي بلا مالك. 

إنها تطلب الراحة فلا تجدها، تصرخ باطلاً، وتندم بلا فائدة.

القديس غريغوريوس أسقف نيصص 

v الآن يُنقش اسمك وتُدعي للدخول إلى المعسكر (الروحي).

v يأتي كل واحدٍ منكم ويقدم نفسه أمام اللَّه في حضرة جيوش الملائكة غير المحصية، فيضع الروح القدس علامة على نفوسكم. بهذا تُسجل أنفسكم في جيش الملك العظيم.

القديس كيرلس الأورشليمي 

v تطبع العلامة التي الآن هي علامة أنك قد صرت من قطيع المسيح، جندي ملك السماوات… الجندي الذي يُختار تفحص نفسيته وصحة جسده، ثم يتقبل علامة علي يده تُظهر الملك الذي يخدمه.

والآن قد أُخذت لملكوت السماوات ويمكن التعرف عليك، إن فحصك أحد يجدك جنديًا لدى ملك السماء!

الأب ثيؤدور أسقف المصيصة 

v المعمودية هي ختم اللَّه، وكما خُلق الإنسان الأول علي صورة اللَّه ومثاله، هكذا الذي يتبع الروح القدس يُختم منه ويأخذ صورة الخالق.

القديس إيرونيموس 

v الذين يستنيرون يتقبلون ملامح المسيح… فإنه حتما يُطبع علي كل واحد منهم شكل الكلمة وصورته وملامحه، حتى يُحسب المسيح مولودًا في كل واحدٍ منهم بفعل الروح القدس… ويصير الذين يتعمدون مسحاء آخرين.

الأب ميثوديوس

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية 21 :- ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله.

بولس يدافع عن نفسه بأنه لم يستعمل الخفة بل هو مثلهم ثابت فى المسيح بالروح القدس. هنا يوجه الرسول نظرهم لعمل الثالوث. الآب قدم الوعود الإلهية، والإبن تحققت فيه الوعود والروح القدس يثبت الجميع (الرسول وشعب كورنثوس) فى المسيح للثبات فيما ينالونه فى المسيح يسوع. فالله نفسه هو الذي يمسحنا بالروح القدس فى سر الميرون وليس الكاهن. مرة أخرى نرى عمل الثالوث (راجع في المقدمة، عقيدة الثالوث الأقدس). فبعد أن سقط الإنسان فقد البنوة لله. وها نحن نرى أن الله يريد أن يعيدنا للبنوة، فالآب يريد، والإبن ينفذ عمل الفداء، والروح يثبتنا فى المسيح الإبن فنصبح أبناء. وهذا يكون فى سر المعمودية الذي هو موت وقيامة فى اتحاد مع المسيح (رو 6 : 3 –6).  وبالميرون يحل فينا الروح القدس، الذي يبكتنا لو أخطأنا ويعيننا أن نتوب لنظل ثابتين فى الإبن. ونلاحظ أن التثبيت فى الإيمان لم يعطه الرسل للمؤمنين بل أعطاه الله للرسل والمؤمنين معاً. فلا قوة لنا شخصياً على أي شئ، ولكن الله يثبتنا فى المسيح بأن أعطانا الروح القدس. وهو قال هذا بعد أن قال فى آية 20 بواسطتنا. والمعنى أن الكرازة كانت بواسطة بولس ولكن الثبات فى المسيح هو عمل الله (الله الذي ينمى 1كو 3 : 7) وقد مسحنا = عمل المسحة الذي يتم الآن فى سر الميرون لحلول الروح القدس للتثبيت كان يقابله فى العهد القديم مسحة الدهن الذي به كان يمسح الأنبياء والكهنة والملوك. والمسيح سمى هكذا إذ هو ممسوح بالروح القدس يوم العماد.

 

آية 22 :- الذي ختمنا ايضا واعطى عربون الروح في قلوبنا.

ختمنا = كانوا يختمون الماشية والعبيد علامة الملكية. ونحن قد صرنا قطيعاً للمسيح وملكاً له، ملكاً لسيدنا المسيح الذي اشترانا. وهو ختم صورته فينا. واضعاً علينا علامة لا تمحى، عبارة عن نار فى داخلنا لكنها غير مرئية ” إضرم موهبة الله التي فيك بوضع يديَّ (2تى 1 : 6)”. 
 عربون الروح = إذاً نحن فى إنتظار كل الملء. الله أعطى فى قلوبنا روحه القدوس كعربون وكضمان بأننا سوف  نستكمل فيما بعد كل ما وهبه لنا من مواعيد فى إنجيله. وبمعنى آخر أن المؤمنين، بواسطة الروح القدس، قد حصلوا فى هذا العالم أو فى حياتهم الحاضرة على عربون أي على جزء مما سوف يحصلون عليه فيما بعد. فكلمة عربون كما نستعملها عادة تشير إلى جزء من كل. فالروح القدس وهبنا جزءاً مما سوف يوهب للمؤمنين فيما بعد فى الحياة الأخرى. وهبنا الإنتصار والسلطان على الخطية كعربون للإنتصار الكامل على الخطية فيما بعد. وحينما يحدث الإنتصار النهائى على الخطية سننتصر نهائياً على الموت. كل ما حصلنا عليه هنا هو عربون (الفرح / السلام / البنوة…) لكن ما نأخذه الآن يعطينا أن نشتاق للسماويات. وهذا الختم الذي نأخذه هو علامة إن كانت موجودة فينا، ولم تنطفئ، تأخذنا الملائكة للسماء كقطيع للمسيح. أمّا لو إنطفأ الروح فينا، لا يكون الختم موجود، أي العلامة غير موجودة وهذه العلامة دليل على مالك النفس. تكون النفس ليست من قطيع المسيح.

فاصل

زر الذهاب إلى الأعلى