يو3: 20 لأن كل من يعمل السيئات يبغض النور، ولا يأتي إلى النور، لئلا تُوبخ أعماله
“14«وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ، 15لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 16لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 17لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ. 18اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ الْوَحِيدِ. 19وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. 20لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. 21وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ، لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللهِ مَعْمُولَةٌ».”(يو3: 14-21)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“لأن كل من يعمل السيئات يبغض النور،
ولا يأتي إلى النور،
لئلا تُوبخ أعماله”. (20)
يحب الأشرار الظلمة، لأنها أفضل لممارسة شرهم، ويبغضون النور لأنه يفضحهم. الإنجيل مرعب بالنسبة للعالم الشرير، الذي يتطلع إليه كعدوٍ يفضحه ويبكته. من يمارس العادات السيئة لا يطيق النور فيرتمي في الظلمة عوض أن يعترف بها ويطلب النور. “لأن الأمور الحادثة منهم سرًا ذكرها أيضًا قبيح، ولكن الكل إذا توبخ يظهر بالنور، لأن كل ما أظهر فهو نور. لذلك يقول استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح” (أف 5: 12-14).
يوجد اختلاف بين الذين يدركون اللوغوس (كلمة اللَّه)، فالبعض يدركه مصباحًا والآخرون يدركونه نورًا… العذارى الجاهلات كان لهن مصابيح منطفئة (مت 2:25)، “لأن كل من يعمل السيئات يبغض النور، ولا يأتي إلى النور، لئلا توبخ أعماله” (يو 20:3). كذلك يوبخ يسوع الذين لا ينتفعون دائمًا من النور، الذي معهم إلى ساعة أو لحظة (يو 35:5) عند استخدامهم هذا السراج. يقول ربنا يسوع: “كان هو السراج الموقد المنير، وأنتم أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة” (يو 35:5).
v اجروا يا اخوتي لئلا تمسك بكم الظلمة. تيقظوا لخلاصكم، تيقظوا ما دام يوجد وقت… تيقظوا مادام الوقت نهار، النهار يشرق، المسيح هو النهار. إنه مستعد أن يغفر الخطايا، ولكن للذين يعرفونها. إنه مستعد أن يعاقب المدافعين عن أنفسهم والمفتخرين بأنهم أبرار، الذين يظنون أنهم شيء وهم لا شيء.
v إذ جاء المسيح، لا لينقض الناموس والأنبياء، بل ليكمله (مت 17:5)، أرانا ما هو الفصح الحقيقي، “العبور” الحقيقي من مصر. جاء في العبارة أنه يكون بداية الشهور، عندما يحل الشهر الذي حدث فيه العبور. كما أنه أيضا بداية ميلاد آخر. إذ تبدأ طريقة حياة جديدة بالنسبة لمن يترك خلفه الظلام، ويأتي إلى النور (يو 3: 20-21)، متكلمين بأسلوب يليق بالسرّ المقدس، من خلال الماء المُعطى لأولئك الذين لهم رجاء في المسيح، المسمى “بغسل التجديد” (تي 5:3) فماذا يعني الميلاد الثاني، إن لم يكن بدءً لميلادٍ آخر؟
تفسير الأب متى المسكين
20:3- لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلَّا تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ.
«يَعْمَلُ السَّيِّآتِ»: هنا كلمة «سيئآت» تختلف عن الكلمة مثيلتها التي جاءت في الأية السابقة «أعمال
شريرة», التي تفيد الضلوع في الخطية. أما السيلآت فهي التي تعني «أعمال بطالة» (Bad) أي أعمال خسيسة وحقيرة. وهي بدء الدخول في أعمال الظلمة الغير مثمرة، التي قد يستهين بها الإنسان لأنها ليست خطايا ثقيلة ولكن خطورتها هي في أنها تجعله يهرب من النور ويبغض الدعوة إليه، خشية أن توبخ أعماله من أحبائه وأصدقائه الذين يخلصون إليه: «إني كل من أحبه أوبخه وأؤدبه. فكن غيوراً وتب» (رؤ19:3). «لأن الأمور الحادثة منهم سراً ذكرها أيضأ قبيح، ولكن الكل إذا توبخ يظهر بالنور, لأن كل ما أُظهر(اُعترف به) فهو نور، لذلك يقول: «استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح» (أف12:5-14). هنا الكلام كله موجه نحو أصحاب العادات السيئة التي تتصل بالحياة الداخلية للانسان والتي يحاول أن يخفيها.
لاحظ أن المتكلم هنا هو المسيح كاشف أستار القلوب، وهو يحدث اليهود والرؤساء والمعلمين ومدعي الفضيلة الذين انغمسوا في السيئات، وكانت النتيجة أنهم احتجوا جزيعين من كلام المسيح، متأففين من تسليط النور عليهم، وبالنهاية صاروا هاربين ورافضين.
فمن يرفض المسيح، تقف وراءه إما السير السيئة والإنغماس في الخطية أوكبرياء الأخلاق والذات.
إذن، فرفض المسيح والهروب من النور ليس مسألة اختيار فقط, بل أن العوامل النفسية المبنية على السلوك الإرادي السييء, هي صاحبة الكلمة فيه وعليه.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (20): “لأن كل من يعمل السيئات يبغض النور ولا يأتي إلى النور لئلا توبخ أعماله.”
السيئات= هنا هي الأعمال البطالة الحقيرة (العادات الخاطئة والأفعال الخاطئة أي السلوك الأخلاقي) هذه تؤثر على الضمير فيبغض النور. وهذه خطورتها في أنها تجعل الإنسان يهرب من النور ويبغض الدعوة إليه خشية أن توبخ أعماله من أحبائه أو أصدقائه المخلصين إليه (رؤ19:3+ أف12:5-14). هذا مثل العين المريضة تبغض النور وتهرب منه.