يو3: 27 …لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئًا، إن لم يكن قد أُعطى من السماء

 

25وَحَدَثَتْ مُبَاحَثَةٌ مِنْ تَلاَمِيذِ يُوحَنَّا مَعَ يَهُودٍ مِنْ جِهَةِ التَّطْهِيرِ. 26فَجَاءُوا إِلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ:«يَا مُعَلِّمُ، هُوَذَا الَّذِي كَانَ مَعَكَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ، الَّذِي أَنْتَ قَدْ شَهِدْتَ لَهُ، هُوَ يُعَمِّدُ، وَالْجَمِيعُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ» 27أجَابَ يُوحَنَّا وَقَالَ:«لاَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ السَّمَاءِ. 28أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ. 29مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ، وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحًا مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذًا فَرَحِي هذَا قَدْ كَمَلَ. 30يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ. 31اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، 32وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. 33وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ اللهَ صَادِقٌ، 34لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ اللهِ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْل يُعْطِي اللهُ الرُّوحَ. 35اَلآبُ يُحِبُّ الابْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ. 36الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ».” (يو3: 25-36)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

“أجاب يوحنا وقال:

لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئًا،

إن لم يكن قد أُعطى من السماء“. (27)

لم يرتبك يوحنا ولا اضطرب، بل بروح الفرح والتهليل أعلن أن ما يمارسه يسوع المسيح إنما هو من السماء. لقد وجد الفرصة سانحة لتأكيد وتوضيح شهادته للسيد المسيح مرة أخرى.

اسمع ما قاله يوحنا المعمدان لتلاميذه، لأنه لم يوبخهم توبيخًا شديدًا خشية أن ينفصلوا عنه ويعملوا عملاً آخر رديئًا، بل قال لهم: “لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئًا إن لم يكن قد أُعطى من السماء“… أراد أن يضربهم إلى حين بالخوف والرعب، وأن يظهر لهم أنهم إنما يحاربون الله وحده، عندما يحاربون المسيح. هنا أسس هذه الحقيقة بطريقة خفية، هذه التي أكدها غمالائيل:” إن كان من الله فلا تقدرون أن تنقضوه، لئلا توجدوا محاربين الله أيضًا” (أع 5: 39). فإن القول: “لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئًا إن لم يكن قد أعطى من السماء” ليست إلا أعلانًا عن أنهم يحاولون المستحيلات، ويوجدون محاربين الله.. لاحظوا أيضًا كيف أنهم إذ قالوا: “قد شهدت له”‘ (26) انقلب ضدهم إذ ظنوا أنهم يحطون من قدر المسيح، وأبكمهم مظهرًا أن مجد المسيح لم يقم على شهادته. إذ يقول: “لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئا إن لم يكن قد أعطى من السماء (27). “إن كنتم تتمسكون بشهادتي وتحسبونها صادقة، فلتعلموا بهذه الشهادة. يلزمكم ألا تفضلوني عنه، بل تفضلونه عني. لأنه بماذا شهدت له؟ إني أدعوكم أنتم شهودا لذلك (28).

القديس يوحنا الذهبي الفم

يرى القديس أغسطينوس أن يوحنا المعمدان يتحدث عنا عن نفسه أنه كإنسانٍ ينال من السماء، وأنه ليس المسيح. [كأنه يقول: لماذا تخدعون أنفسكم؟ انظروا كيف تضعون هذا السؤال أمامي، ماذا تقولون لي؟… لأني قد نلت شيئًا من السماء لكي أصير شيئًا، أتريدون مني أن أفرغ نفسي منه بأن أنطق بما هو ضد الحق؟… إني المذيع، وهو الديّان].

فاصل

تفسير الأب متى المسكين 

 

27:3- فَقَالَ يُوحَنَّا: «لاَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئاً إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ السَّمَاءِ.

في إجابة المعمدان نلمح ثلاثة مبادىء هامة يرد بها على غيرة التلاميذ الغاضبة:
‏أولاً: يضح المعمدان المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه الاستعلان النبوي بصفة عامة (الآية27 ‏).
ثانياً: يطبق المبدأ الإلهامي على عمله الذي كُلف به، سواء فيما شهد به سابقاً (الآية28) أو ما يشهد به لاحقاً (الآية29).
‏ثالثاً: استنباط النتيجة الحتمية للتطبيق الأمين (الآية30‏).
‏وهو يبدأ الحديث لا رداً على تلاميذه، ولكن كتوعية عامة ترفع من مستوى تفكيرهم كمعلومة عامة وأساسية, مفادها أن أي معلم صادق لا يأخذ إلا ما منحته السماء له. وهذا يقدح بهدوء وبساطة أساس العلاقة التي تربطه بالمسيح كسابق يعد له الطريق. فسواء هو أو المسيح، فلا يأتي بشيء إلا كما استلمه من مخازن النعم (السماء). هذا الرد يضع حدا لتفكير التلاميذ وينهي على روح المنافسة التي عصفت بهم. كما أن هذا الرد بعينه يوضح أن ما اشتكى منه تلاميذه قد وقع منه موقع الإستحسان بل وصار له كإكليل فرح.
‏ويلاحظ أن المعمدان وضع المسيح موضع نفسه على المستوى من جهة الأخذ والعطاء، فيقول:
«أنا لا أدعي لنفسي سلطة لم آخذها، أما هو الذي تتكلمون عنه فلا يمارس سلطة ويكون لها اعتبارها إذا لم يكن قد تلقاها من الله.
‏هنا المعمدان ينفي أن يكون لإرادة الإنساذ عمل يُحاسب عليه إذ كان هو قد أعطى في حدود ما أخذ.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

(آية27): يضع المعمدان هنا مبادئ هامة. فيقرر أن كل معلم لا يأخذ إلاّ ما أعطته له السماء. وعلى كل واحد أن يؤدي رسالته في حدودها المعينة له من السماء. وهذا الرد ينهي روح المنافسة بينه وبين المسيح في نظر تلاميذه، بل أنه هو فرح إذ أن الناس بدأت تتبع المسيحلا يأخذ أحد شيئاً..= هذا مبدأ عام (سواء لي أو للمسيح).

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى