1كو 19:1-20 لانه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء وارفض فهم الفهماء

 

19لأَنَّهُ مَكْتُوبٌسَأُبِيدُ حِكْمَةَ الْحُكَمَاءِ، وَأَرْفُضُ فَهْمَ الْفُهَمَاءِ». 20أَيْنَ الْحَكِيمُ؟ أَيْنَ الْكَاتِبُ؟ أَيْنَ مُبَاحِثُ هذَا الدَّهْرِ؟ أَلَمْ يُجَهِّلِ اللهُ حِكْمَةَ هذَا الْعَالَمِ؟

+++

تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم

“فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلَّصين فهي قوة الله . لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء . أين الحكيم أين الكاتب أين مباحث هذا الدهر ألم يجهل الله حكمة هذا العالم” ( ع ۱۸ -۲۰)

إن الصليب كان يُستهزئ به من اليونانيين لمقاومته لحكمتهم ولا تتعجبوا من أن قوة الصليب لا تُعرف عند الهالكين إذ يعادی باغضوها الأدوية الخلاصية.

ماذا تقول يا إنسان لأجلك صار المسيح إنساناً ، أخذ صورة العبد وصُلب وقام ، فمن الواجب إذ قد قام أن تسجد له لأن الذي صنعه من أجلك لم يصنعه أبوك أو صديقك وهذه جميعها صنعها من أجلك أنت العدو والمقاوم ، إنه ليس بمستعجب هذا ، لأن من خاصية الهالكين ألا يعرفوا ما يأتي بهم إلى الخلاص ، فلا تضطربوا إذاً لأنه ليس بأمر غريب أن يستهزئ بالأشياء العظيمة من قبل المذهولين.

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء،

وأرفض فهم الفهماء” [19].

هذه العبارة مقتبسة من إشعياء النبي 14:29، وقد جاءت في الترجمة السبعينية: “سأبيد حكمة الحكماء، وأخفي فهم الفهماء“. يبيد اللَّه حكمة الحكماء، بمعنى أن خطته الخلاصية لا تقوم عليها، وأما الذين يظنون أنهم فهماء فإن فهمهم لا قيمة له. يحمل الإيمان المسيحي “الحق” الذي يفوق الفكر البشري.

v يتحدث بولس عن حكمة هذا العالم وليس على البلاغة ذاتها، فإن اللَّه أيضًا يعطيها. اللَّه هو الذي قسم اللغات وأعطى لكل لغةٍ سمتها الخاصة. هو الذي وهب اللغة اليونانية سموها. أما الذين يفسدون هذه العطايا فيعدون طعامًا للخداع ويكرزون بقصصٍ باطلة. 

ما يعترض عليه بولس ليس بلاغتهم هذه بل تعليمهم الباطل الذي وراء هذه البلاغة.

ثيؤدورت أسقف قورش

v إن كانت هذه الحكمة (البشرية) في حرب ضد الصليب وصراع ضد الإنجيل، فإنه لا يليق الافتخار بها بل الانسحاب منها في خجلٍ. لهذا السبب لم يكن الرسل حكماء، ليس خلال أي ضعف في العطية، وإنما لئلا تتعطل الكرازة بالإنجيل.

القديس يوحنا ذهبي الفم

 

أين الحكيم؟ أين الكاتب؟ 

أين مباحث هذا الدهر؟

ألم يجهل الله حكمة هذا العالم؟” [20].

أين هم؟ إنهم لا يوجدون إذ جعلهم اللَّه كلا شيء [19]. يقصد بالحكيم الفيلسوف اليوناني، وبالكاتب الرجل اليهودي المتعلم، أما مباحث هذا الدهر فيشمل المحبين للحوار النظري العقيم سواء كانوا يهودًا أو أمميين.

يرى البعض أن الحكيم والكاتب ومباحث هذا الدهر يشيرون إلى اليهود كما ورد في (إش 14:29؛ 18:33؛ 25:44). فالحكيم عند الرسول هو chataam عند إشعياء النبي، ويعني به من يمارس التعليم. والكاتب يقابل copeer عند إشعياء النبي وهو الشخص المتعلم والمتميز عن عامة الشعب، خاصة في معرفة التقاليد اليهودية. والمباحث هو deroshأو dorshan الذي يجيب على الأسئلة ويعطي فهمًا رمزيًّا للكتاب المقدس. هؤلاء الثلاثة كانوا معروفين لليهود.

ألم يجهل الله حكمة هذا العالم؟” يجعل اللَّه حكمة هذا العالم جهالة، إذ ينقصها الإيمان بالمسيح المصلوب، وبالتالي تعجز عن تقديم الخلاص للناس. 

جاء في التقليد اليهودي أنه لا يكون أحد حكيمًا أو قويًا أو غنيًا بدون اللَّه. فيرون أنه يوجد حكيمان في العالم هما أخيتوفل الإسرائيلي (2 صم 15-17) وبلعام الأممي (عدد 22-24)، وكلاهما كانا بائسين في العالم. ويوجد رجلان قويان هما شمشون اليهودي في لحظات سقوطه (قض 13-16) وجليات الأممي (1 صم 17)، وكلاهما كانا بائسين في العالم. ويوجد غنيّان في العالم هما قورح الإسرائيلي (عدد 16) وهامان الأممي (إس 5-7)، وكلاهما كانا بائسين. لماذا؟ لأن هؤلاء جميعًا حسبوا مواهبهم ليست من عند اللَّه.

حيث تُعلَن حكمة اللَّه تذبل كل حكمة بشرية مجردة، وتُحسب أمامها كلا شيء. فإنه إن اجتمعت كل الكواكب معًا لا تقدر أن تجعل من الليل نهارًا، لكن الشمس وحدها تفعل ذلك. وهكذا لا تقدر أن تقيم كل مواهب الإنسان منه قديسًا مهما بلغت، إنما هو عمل المسيح المصلوب، شمس البرّ.

v نسمع ابن اللَّه يقول: “اعترف لك أيها الآب، رب السماء والأرض”. بماذا يعترف له؟ بماذا يمتدحه؟ “لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال الصغار” (مت 25:11). من هم الحكماء والفهماء؟ ومن هم الأطفال الصغار؟ يعني بالحكماء والفهماء الذين يقول عنهم بولس: “”أين الحكيم؟ أين الكاتب؟ أين مباحث هذا الدهر؟ ألم يجهل اللَّه حكمة هذا العالم؟” ربما لا تزال تسأل من هم هؤلاء؟ هؤلاء هم المتجاسرون في حوارهم بخصوص اللَّه وينطقون بالباطل عنه، وينتفخون بتعاليمهم الذاتية.

v إنه يحقق ما تنبأ عنه بحق الأنبياء: “أبيد حكمة الحكماء وأنزع فهم الفهماء“. فإنه لا يبيد عطيته فيهم ولا ينزعها عنهم بل ما ينسبونه لأنفسهم وما لم ينالوه منه… هذا محتقر كأمرٍ ضعيفٍ وغبيٍ موجود في الحكماء والأقوياء من أنفسهم. ولكن هذه هي النعمة التي تشفي الضعفاء الذين لا ينتفخون في كبرياء بطوباوية من عندياتهم بل بالأحرى في تواضعٍ يعرفون بؤسهم الحقيقي.

القديس أغسطينوس 

v حكمة العالم غير حكمة اللَّه. حكمة اللَّه هي حق بدون إضافات تفسدها، وأما حكمة العالم فغبية، وإن كانت بساطة حكمة اللَّه تجعل الذين يقتنونها يظهرون كجهلاء في أعين العالم.

v لا تقتات بطعام الفلسفة المخادع، فإنه قد يبعدك عن الحق.

v أستطيع القول بكل ثقة أنه ليس محبة البلاغة الدنيوية، ولا سفسطة الفلاسفة، ولا أخطاء المنجمين الخاصة بدورات الكواكب، ولا تأليه الشياطين الكذبة، ولا أي علم آخر خاص بالمستقبل مستخدمًا خداعات شريرة، يقدر أن يفصلنا عن محبة اللَّه التي في المسيح يسوع ربنا.

العلامة أوريجينوس

v يصمت الحكيم والعاقل في هذا الأمر، لأنهما يزدريان بحكمة اللَّه.

القديس هيلاري أسقف بواتيية

v هنا يعدد بولس نوعين أو ثلاثة أنواع مختلفة من الحكمة. الأول هو ما يدعوه العالم جهالة، الحكمة التي هي أعظم من الأنواع الأخرى. بعد ذلك توجد حكمة تُعطى للبشر بها نتعقل ونعمل، وبواسطتها نتقدم ونخترع أشياء، وبها يمكن أن نعرف اللَّه. يوجد نوع ثالث من الحكمة, يوجد خلال التأمل في الخليقة.

الحكمة التي يحسبها العالم جهالة يهبنا إياها المخلص، حتى أن الذين يعرفون اللَّه بالحكمة الطبيعية والذين ينقادون إليه بالتأمل في نظام الخليقة يمكنهم أن ينالوا الخلاص، الأمر الذي لا يستطيع النوعان الآخران من الحكمة أن يقدماه بدون خطأ.

ثيؤدورت أسقف قورش

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية 19 :- انه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء وارفض فهم الفهماء.

لأنه مكتوب = (أي 5 : 12، 13 + أر 8 : 9 + أش 29 : 14). سأبيد حكمة = الله ليس ضد الحكمة ليبيدها، بل هو الذي أعطى الحكمة للإنسان، ولأن الإنسان أساء إستخدام ماوهبه الله من حكمة وفهم فإنتفخ بحكمته أراد الله كعقاب للإنسان أن يزدرى بحكمة الإنسان. ويبيد هنا بمعنى أن الله أظهر عجزها عن أن تخلص، فهي قد فشلت في خلاص الإنسان، وخلص البشرية بجهالة الكرازة أي كرازة البسطاء والجهلاء وبمنطق ضد حكمة العالم الذي يعبد القوة والعظمة. فالله خلص العالم بالمسيح المصلوب في ضعف ولكنه قام بقوة. ولكن ما ظهر للناس هو ضعف المسيح المصلوب. والقوة، قوة القيامة ظهرت في حياة الذين آمنوا. الحكماء = حكماء هذا العالم الذين رفضوا الطاعة لكلمة الله (رو 1: 21، 22). وأرفض فهم الفهماء = أكثر الناس ذكاءاً لن يدرك سر الصليب بل يدركهُ المؤمن المتضع. نعم إن كلمة الصليب قد بدت للهالكين جهالة لأنهم لم يستطيعوا أن يدركوا قوة الكرازة ومع ذلك يَدَّعون أنهم حكماء، ومثل هذه الحكمة المزعومة التي لا تحمل أي نفع للبشرية والتي تعطل الإيمان قد سبق ووعد الله أنه سيبيدها. الله يرفض الحكمة البشرية التي تنفخ ويكون هو نفسه مصدراً للحكمة للمتضعين والبسطاء.

 

آية 20 :- أين الحكيم أين الكاتب أين مباحث هذا الدهر ألم يجهل الله حكمة هذا العالم.

هذا سؤال استنكاري أراد منه الرسول أن يعلن فشل كل عظماء اليهود والأمم في تخليص الإنسان من خطاياه وإصلاح أثار الخطية أي الألم الذي تعانى منه البشرية عموماً، هم فشلوا أيضاً في إصلاح فساد البشرية. أين الحكيم = الفيلسوف اليوناني. أين الكاتب = الكتبة هم دارسي الكتاب المقدس. أين مباحث هذا الدهر =المجادل والعالم في الطبيعيات فهي محل بحث دائم. ألم يجهل الله حكمة هذا العالم = حكمة الله التي أعلنت في الخلاص بالصليب كشفت جهل حكمة هذا العالم بالطريق الحقيقي للخلاص. الله كشف جهل كل حكمة بشرية وعجزها عن أن تخلص. كل كتب أفلاطون وغيرها هي لا شئ، فلم نعرف الله سوى بالمسيح. ولم تكن هناك قوة لتغيير طبيعة البشر سوى قوة الصليب. الأمم بفلسفاتهم واليهود بتمسكهم بطقوس ناموسهم وإنتفاخهم ببرهم الذاتي عجزوا عن أن يدركوا الحقائق المعلنة، وأن يصلحوا من حال البشرية وبؤسها. أما قوة المسيح فحولت الخطاة إلى قديسين (موسى الأسود).

 

فاصل

زر الذهاب إلى الأعلى