تفسير رسالة تيطس أصحاح ١ للقمص أنطونيوس فكري
تفسير رسالة تيطس – الإصحاح الأول
آيات 1، 2 :- بولس عبد الله و رسول يسوع المسيح لأجل إيمان مختاري الله و معرفة الحق الذي هو حسب التقوى. على رجاء الحياة الأبدية التي وعد بها الله المنزه عن الكذب قبل الأزمنة الأزلية.
عبد الله = هو بحريته قبل العبودية لله، فالعبودية لله تحرر. وهو كخادم لله إستعبد نفسه لله لكي يصل بشعبه لحرية مجد أولاد الله. حمل نير الخدمة ليكون عبداً لله. وهو يكتب بهذا لتلميذه تيطس حتي لا تضيق نفسه من الفساد المنتشر في كريت، فعلي تيطس أن يعتبر نفسه عبداً لأجل إيمان مختاري الله = فالله له هنا مختارين، عليهم كخدام لله أن يعملوا علي إجتذابهم وقوله مختارى الله يجعل الخادم لا يتكبر إذا نجح في إجتذاب أحد، لأن الله هو الذى إختاره وعمل معه. وما هو موضوع الكرازة معرفة الحق = وهذه لا تعني نظريات فلسفية وعقائد مجردة بل بحسب التقوي = هي حياة يلمسها كل واحد في الخادم والمخدوم. وغاية الكرازة = رجاء الحياة الأبدية فالأيمان بدون رجاء يملأ النفس يأساً أما الرجاء فيعطى فرحاً وسط الآلام. المنزه عن الكذب = فيها إشارة لما سيأتي فيما بعد عن الكذب المنتشر فى كريت، والله وعد أدم بهذا الخلاص، بل الخلاص في فكر الله قبل الأزمنة الأزلية. والله يعد ويفعل ولا يكذب.
آية 3 :- و إنما أظهر كلمته في أوقاتها الخاصة بالكرازة التي أؤتمنت أنا عليها بحسب أمر مخلصنا الله.
كلمته = الكلمة هو الإبن يسوع. أظهر = تجسد = في أوقاتها الخاصة = حدث التجسد في ملء الزمان (غل 4 : 4). بالكرازة = هذا هو موضوع كرازاتي.
آية 4 :- إلى تيطس الإبن الصريح حسب الإيمان المشترك نعمة ورحمة وسلام من الله الآب والرب يسوع المسيح مخلصنا.
تيطس الإبن = فقد آمن علي يديه وله محبة خاصة في قلبه الإيمان المشترك = هو إيماني وإيمانك وإيمان الكنيسة كلها، الإيمان المسلم مرة للقديسين (يه 3) لا نستطيع أن نغير فيه شيئاً بل ندافع عنه.
الإبن الصريح my true son in our common faith أنت أبني فإيمانك هو مطابق لإيماني
آية 5 :- من أجل هذا تركتك في كريت لكي تكمل ترتيب الأمور الناقصة و تقيم في كل مدينة شيوخا كما أوصيتك.
الأمور الناقصة = لا بد وأنه كانت هناك أمور تسلم شفاهة من الرسل إلى تلاميذهم، وهذا ما تسميه الكنيسة التقليد، فالكتاب المقدس لم يشرح لنا كيفية إقامة الكهنة من أساقفة وقسوس وشمامسة ولا الصلوات التي ترفع في كل سر ولا ترتيب الصلوات الجماعية يقيم شيوخاً = المقصود قسوساً (أساقفة وقسوس)
آيات 6 – 9 :- إن كان أحد بلا لوم بعل إمراة واحدة له أولاد مؤمنون ليسوا في شكاية الخلاعة و لا متمردين. لأنه يجب ان يكون الاسقف بلا لوم كوكيل الله غير معجب بنفسه و لا غضوب و لا مدمن الخمر و لا ضراب و لا طامع في الربح القبيح. بل مضيفا للغرباء محبا للخير متعقلا بارا ورعا ضابطا لنفسه. ملازما للكلمة الصادقة التي بحسب التعليم لكي يكون قادرا ان يعظ بالتعليم الصحيح و يوبخ المناقضين.
سبق شرح معظم هذه الصفات في رسالة (1تي) بلا لوم = بحياته السماوية التقوية، فمن أشتهر عنه الخطية سيعجز عن أن يعلم. ولا حظ أن الرسول لم يقل ” بلا خطية ” وإلا استحال وجود من يستحق الأسقفية، لكن المطلوب أن لا تكون هناك تهمة موجهة له أو مشهور عنه إنحراف ما. كوكيل لله = الله وكّله علي رعاية نفوس أولاده. وعلي الوكيل أن يمثل موكله (الله). غير معجب بنفسه = غير مستبد، يسمع الرأي الآخر وينفذ الأحسن.
ولا مدمن الخمر = لاحظ أنه لم يقل ولا شراب خمر حتي لا تصير وصية. وهو سمح لتيموثاوس أن يشرب خمراً قليلاً في أسقامه أي للضرورة
ولا طامع في الربح القبيح = إشتهر الكريتيون بمحبة الغني فخشي بولس أن يتسلل أحد هؤلاء لكرسي الأسقفية بقصد الربح القبيح
متعقلاً = غير متسرع في كلماته وتصرفاته، وقوراً، رزيناً في إرشاداته لا يضطرب حتي في المواقف التي تثير الغضب، ولا تصغر نفسه في المواقف التي تثير الحزن = ضابطاً لنفسه = ولا يرتع مما يحدث من حوادث هائلة ولا يهزه الفرح. ملازما للكلمة الصادقة التي بحسب التعليم = أي بحسب ما تلقنه من تعليم وعقائد من الرسول بولس. ويوبخ المناقضين = من لا يعرف أن يعلم ويرد على الهراطقة لا يصلح للمنصب، والسبب موجود في آية 10 أن هناك متمردين كثيرين يقاومون الإيمان.
آية 10 :- فإنه يوجد كثيرون متمردين يتكلمون بالباطل و يخدعون العقول و لا سيما الذين من الختان.
المتمردين هم من الهراطقة وغالباً كان غالبيتهم من اليهود الذين يريدون الإرتداد للطقوس الناموسية.
آية 11 :- الذين يجب سد أفواههم فإنهم يقلبون بيوتا بجملتها معلمين ما لا يجب من أجل الربح القبيح.
سد أفواهم = هذا عمل الأسقف أن يفحمهم بمنطقه فيسد أفواههم، يقلبون بيوتا = بكلماتهم الباطلة حطموا سلام لبيوت وسببوا إنقسام الكنيسة. هدفهم الربح القبيح ليس الهدف هو مجد الله لكن الربح المادي أو اكتساب جماهير أكبر تؤيدهم، هدفهم حب الظهور وعمل أحزاب
أيات 12 – 14 :- قال واحد منهم. و هو نبي لهم خاص. الكريتيون دائما كذابون وحوش ردية بطون بطالة. هذه الشهادة صادقة فلهذا السبب وبخهم بصرامة لكي يكونوا أصحاء في الإيمان. لا يصغون إلى خرافات يهودية و وصايا أناس مرتدين عن الحق.
إشتهر الكريتيون بالكذب. وحيث وجد الكذب أي عدم الحق تتسلل الرذائل واحدة فواحدة. غير أن الرسول لم يرد أن يصفهم بهذا من عندياته حتي لا يكرهونه فلا ينصتون له، بل إستند علي قول أحد شعرائهم يدعي ابيمينيدس الذي عاش في حوالي القرن السادس قبل الميلاد، وكان الشعراء في نظرهم في مرتبة الأنبياء = وهو نبي لهم خاص = فكانوا يقولون أن ما يقوله الشعراء هو بالوحي وبمكاشفة ربانية. وقال أفلاطون أن الشعراء أبناء الآلهة.
والشاعر ابيمينيدس هو الذي أوصي بإقامة مذبح لإله مجهول كما فعلوا في أثينا وهذا الشاعر هو الذي قال مخاطبا الإله الأسمي ” لقد صنعوا لله قبرا أيها القدوس الأعلى والكريتيون دائماً كذابون وحوش ردية بطون بطالة (إشارة لشدة نهمهم في الأكل واللذات واللهو) ولكنك لست ميتاً إلي الأبد أنت قائم وحي لأنه بك نحيا ونتحرك ونوجد.
ولقد اقتبس بولس الرسول البيت الأخير في خطابه أمام الأريوس باغوس (اع17 :28) واقتبس البيت الثاني = الكريتيون دائما كذابون هنا. بل كان هناك مثل شعبي في كريت “تكرت مع الكريتي” أي كذب مع الكاذب أو عليه. وكان عمل تيطس أن يغير طبع هؤلاء بتعليمهم المسيحية. ونلاحظ هنا أن بولس لم يخجل من إستعمال شعر أحد الشعراء لكى يكسب على كل حال قوم ولأجل البنيان، أي لأجل أن يتركوا الخرافات اليهودية ووصايا المرتدين عن الحق = من يهود وغيرهم.
آية 15 :- كل شيء طاهر للطاهرين و أما للنجسين و غير المؤمنين فليس شيء طاهرا بل قد تنجس ذهنهم أيضا و ضميرهم.
حيث يكون الإنسان طاهراً يكون كل شئ له طاهراً، كل خليقة الله له طاهرة. ونحن نصير طاهرين بالإيمان (أع 15 : 9) ولكن غير الطاهرين فإن قلبهم يكون نجساً ويرون كل شئ نجسا بحسب نظرة قلبهم كمن يلبس نظارة سوداء فسيري كل شئ به سواد، فهم اعتبروا اللحوم نجسة بل حتي الكلمات الطاهرة لها معاني نجسة عند البعض، والتصرفات الطاهرة تؤول عند البعض ممن قلوبهم نجسة إلي نجاسة.
آية 16 :- يعترفون بأنهم يعرفون الله و لكنهم بالأعمال ينكرونه إذ هم رجسون غير طائعين و من جهة كل عمل صالح مرفوضون.
يحذر الرسول تلميذه تيطس من هؤلاء المضللين وهنا يضع شرطاً مهماً به نعرف المضللين، إذ نجد أنهم يعترفون بأنهم يعرفون الله ولكن معرفتهم معرفة نظرية عقلانية بلا خبرة حياة تقوية = لكنهم بالأعمال ينكرونه. هم لهم غيرة التدين ومظهره ولكنهم بأعمالهم وأفكارهم الغريبة عن عمل الله وفكره يرفضون الله، بهذا يصيرون رجسين لأنهم مناقضون لروح الله القدوس عاصين لفكره رافضين كل عمل صالح. مرفوضون = مترجمة غير مؤهلين
مقدمة | تيطس – 1 | تفسير رسالة تيطس | تفسير العهد الجديد | تفسير تيطس 2 |
القمص أنطونيوس فكري | ||||
تفاسير تيطس – 1 | تفاسير رسالة تيطس | تفاسير العهد الجديد |