لأن محبة المسيح تحصرنا

 

“لأن محبة المسيح تحصرنا” (2كو5: 14)

الإنسان الروحي ينبغي أن يسمو بكل شيء وبكل وضع ، لأنه مدعو من الله ليعيش حسب الروح . هذه الحقيقة جديرة بأن ينقشها كل إنسان على قلبه وفكره وكافة حواسه ، ليضبط بها كل حركة تصدر منه ويقيس عليها كل حركة تصدر إليه . فلا يحيد عن مطلب الروح القدس الواحد أي تقديس كل شيء لله.

علماً بأن هدف المسيح الأسمى لا يقف عند مجرد إسعاد الإنسان على الأرض ، ولكن على اكتمال إيمان الإنسان بالله بالمحبة الصادقة التي ينبغي أن يرفعها فوق كل مصلحة ذاتية أو عائلية أو اجتماعية أو عالمية.

وهدف الإنجيل دائماً أن ينمو الإنسان بهذه المحبة ، فوق كافة الاعتبارات وبالرغم من كل الضعفات والخطايا ؛ لأن في اكتمال الإيمان بالله ومحبته يكمن سر تحرر الإنسان من كافة عيوبه ، وسر اتحاده بالآخرين في روح واحد وجسد واحد .

وإن كان الإنسان مدعواً للجهاد لبلوغ هذه الحرية وهذه الوحدة العظمى بواسطة المحبة ، فأول جهاد يضعه المسيح على الإنسان هو أن يجاهد ضد نفسه ، لأن النفس في وضعها الطبيعي الغريزي تطلب محبة الآخرين لذاتها وتحب الآخرين أيضاً لذاتها ، فهي أعدى أعداء المحبة لأنها تحصر المحبة وتغلق عليها.

في الحقيقة إن كمال الإنجيل الذي يسعى الإنسان نحوه يتوقف على صحة حركة الحب داخل القلب ، سواء في دوافع هذا الحب أو أهدافه حتى تنطلق المحبة وتُكمل عملها الإلهي .

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى