الفلسطينيون

 

موطنهم الأصلي جزر بحر إيجه في خليج اليونان، غزوا لبنان والساحل الشرقي لفلسطين وتركَّزوا في الجنوب وتمركزوا في خمس مدن حصينة : أشدود وعسقلان (أشقلون) وغزة وعقـرون وجـت بالقرب من الساحل. ويرى بعض المؤرخين، وعلى رأسهم العالم برايت، أنهم غزوا أرض فلـسطين ربما بعد غزو إسرائيل بقليل وعاشوا مع إسرائيل جنباً إلى جنب، ولكن في احتكاك من حين إلى حين في البداية، ولكن هذ الاحتكاك احتدم جداً طول عصر القضاة، ووصل بهـم الأمـر لمهاجمـة إسرائيل بتخطيط منظَّم بغرض الإبادة، وألحقوا بها خسائر فادحة.

لم يكن عددهم كبيراً، ولكنهم كانوا متمرسين في الحرب واستظهروا على الكنعانيين وحكمـوهم. ولكن إذ لم تكن هناك اختلافات جوهرية بين الشعبين الكنعاني والفلسط يني فقـد تـصاهروا والتحموا وعبدوا نفس الآلهة. والفلسطينيون ظلوا محتفظين بطابعهم العسكري المدرب والمؤهل بدرجة عالية جداً في القتال. وكان الفلسطينيون دائماً متحفزين للقتال، وعلى حذر شديد من إسرائيل، خوفاً علـى أمنـهم وســلامة طــرق تجــارتهم الــتي كانــت ممتــدة مــن داخل الــبلاد حتى الــساحل والحدود الغربية التي احتفظوا بها تحت قيادتهم وسيطرتهم .

وهكذا شكَّل الفلسطينيون منذ البدء عنصر تهديد لكيان شعب إسـرائيل، خاصـة وأن كيـان الفلسطينيين لم يكن محصوراً في قبيلة حتى يمكن مواجهتها، بل كانوا جماعةً متهيئة دائماً للحـرب، جنوداً هواةَ تسلُّحٍ وأسلحة – وجليات الجبار مثَل واضح – وقد ساعدهم على ذلـك احتكـارهم لصناعة الحديد في كل الأرض حتى اضطر شعب إسرائيل أن يشتري منهم السلاح.

وقد تفننوا في تطوير صناعة الرمح والدرع (١ صم ٤:١٧-٧) والعجـلات الحربيـة ذات الجوانب الثلاثة . وبالرغم من أنه لم تكن لهم حكومة أو ملك، إلاَّ أنهم كانوا شـعباً مؤتلفـاً متضامناً بنظام لم يعرفه لا الكنعانيون ولا إسرائيل.
وهكذا لم يقوَ شعب إسرائيل قط على مواجهة القوات الفلسطينية وجهاً لوجـه في معركـة مفتوحة. وعلى طول الزمن تغلَّب الفلسطينيون على كل مدن الساحل، وأخضعوا كل الشعوب القاطنة على الساحل سواء كانوا كنعانيين أو غيرهم . والتفتوا إلى الأسباط المجاورة لهـم، سـبط يهوذا وسبط دان، وبدأوا يضغطون عليهم حتى أجبروهم على الانسحاب من حدودهم، كما هو من حروب شمشون معهم، مما شجعهم على المزيد من الضغط والتعدي.

الحالة المرعبة لشعب إسرائيل خلال قرنين بعد الغزو (١٢٥٠ -١٠٥٠ ق.م )

لكــي نتعــرف عــن قــرب علــى حالــة إســرائيل بعــد أن عــبروا نهر الأُردن وقسَّموا الأرض كلها على الأسباط من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، واستولوا فعلاً على معظم البلاد سواء التي على الساحل أو التي في الوسط أو التي على حدود الغرب وما في عبر الأُردن مـن شرق، يكفي أن نلقي نظرة على ما سجله الكتاب المقدس نفسه عن حالة إسرائيل في هذه الحقبـة البائسة :
+ «وعاد بنو إسرائيل يعملون الشر في عيني الرب، وعبدوا البعليم والعشتاروت وآلهة أرام وآلهة صيدون وآلهة موآب وآلهة بني عمون وآلهة الفلسطينيين، وتركوا الرب ولم يعبدوه . فحمـي غضب الرب على إسرائيل وباعهم بيد الفلسطينيين وبيد بني عمون، فحطَّموا ورضضوا بـني
إسرائيل في تلك السنة إلى(إلى ) ثماني عشرة سنة . (وارتد) جميع بني إسرائيل الذين في عبر الأُردن (شرق) في أرض الأموري ين الذين في جلعاد . وعبر بنو عمون ( نهر) الأُردن ليحـاربوا أيـضاً يهوذا وبنيامين وبيت أفرايم فتضايق إسرائيل جداً.» (قض ٦:١٠-٩).
+ «ثم عاد بنو إسرائيل يعملون الشر في عيني الرب، فدفعهم الرب ليد الفلسطينيين أربعين سنة. » (قض١:١٣)
+ «وخرج إسرائيل للقاء الفلسطينيين للحرب، ونزلوا عند حجر المعونة. وأمَّا الفلسطينيون فنزلوا في أفيق . واصطف الفلسطينيون للقاء إسرائيل، واشتبكت الحرب فانكـسر إسـرائيل أمـام الفلسطينيين وضربوا من الصف في الحقل نحو أربعة آلاف رجل …» ( ١صم ٤ :١، ٢)
وهكذا انتهى عصر القضاة بحالة مرعبة بالنسبة لإمكانية بقاء إسرائيل، إذ نجح الفلـسطينيون في التخطيط وتسليح جيش ضخم صار مصدر تهديد خطير لبقاء إسرائيل في الوجود، حـتى جـاءت الضربة القاضية حوالي سنة ١٠٥٠ ق.م بالقرب من “أفيق” على حدود السهل الساحلي “شارون” (الأصـحاح الرابع من سفر صموئيل الأول ). وفي هذه الموقعة فرَّقوا جيش إسرائيل وقتلـوا حفـني وفينحـاس الكاهنين واستولوا على تابوت عهد االله (١ صم ١١:٤)، فارتد إسرائيل وامتد الفلسطينيون ليستولوا على الأرض حتى “شيلوه”، واحتفظ الفلسطينيون بالمواقع الحصينة (١ صم ٥:١٠ ).
+ «وتجمَّع الفلسطينيون لمحاربة إسرائيل. ثلاثون ألف مركبة وستة آلاف فارس وشعب كالرمل الذي على شاطئ البحر في الكثرة . وصعدوا ونزلوا في مخماس شرقي بيـت أون . ولمَّـا رأى رجال إسرائيل أنهم في ضنك، لأن الشعب تضايق، اختبأ الشعب في المغاير والغياض والصخور والصروح والآبار . وبعض العبرانيين عبروا الأُردن إلى أرض جاد وجلعاد . وكان شاول بعـد في الجلجال وكل الشعب ارتعد وراءه.»(١صم ١٣:٥-١٧).

وقد نجح الفلسطينيون في محاصرة قوة إسرائيل من الأساس إذ قاموا واستولوا على جميع أسلحتهم وأدواتهم الحديدية، هذا بالإضافة إلى كونهم أصلاً محتكرين لصناعة الحدادة وصنع الأسـلحة بوجـه عام:
+ «ولم يوجد صانع في كل أرض إسرائيل، لأن الفلسطينيين قالوا لئلاَّ يعمل العبرانيون سيفاً أو رمحاً، بل كان يترل كل إسرائيل إلى الفلسطينيين لكي يحدد كل واحد سكته (سلاح المحراث ) ومنجله وفأسه ومعوله … وكان في يوم الحرب أنه لم يوجد سيف ولا رمـح بيـد جميـع الشعب» (١صم ١٩:١٣- ٢٢).

فاصل

الكنعانيون تاريخ العهد القديم دبورة
الخروج
تاريخ الكنيسة

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى