اليهودية تحت الحكم اليوناني
٣٣٣ -٦٣ق.م
بظهور الإسكندر الأكبر في بلاد اليونان بدأ نجم الدولة الفارسية في الأفول، وفي موقعة أسوس سنة ٣٣٣ ق.م سـقطت الدولة الفارسية وغزا الإسكندر الأكبر سوريا ومصر وأخضعهما، وبذلك دخلت إسـرائيل تحت حكم اليونان.
وبموت الإسكندر الأكبر سنة ٣٢٣ ق.م، حدثت اضطرابات وحروب محليـة بـسبب تنازع أربعة ضباط من جيشه على الحكـم. كما يصف ذلك سفر المكابيين الأول «: وبعد ذلك انطرح (الإسكندر) علـى فراشـه وأحس في نفسه بالموت . فدعا عبيده الكبراء الذين نشأوا معه منذ الصبا، فقسَّم مملكته بينـهم في حياته. وكان مُلك الإسكندر اثنتى عشرة سنة ومات . فتملَّك عبيده كل واحد في مكانه ولـبس كل منهم التاج بعد وفاته» . (١مك ١٠كل منهم التاج بعد وفاته ١(» . مك ٦:١-١٠)
وكان منهم بطليموس وسلُوقس، اللذان ظلاَّ يتنازعا ن على حكـم سـوريا ومصر.. وهذا التقسيم وقيام أربعة ملوك متنازعين يصفه دانيال النبي – كما رآه في رؤياه – وصفاً رائعاً بـالنبوَّة في (دا١١: ٣، ٤ و٨ :٥ -٨). وبقـي اليهود تحت حكم البطالسة حتى سنة ٢٠٠ ق.م
+ «ويقوم ملك جبار ويتسلَّط تسلُّطاً عظيماً ويفعل حسب إرادته، وكقيامه تنكسر مملكته وتنقسم إلى رياح السماء الأربع، ولا لعقَبـه (أي لـيس لنسله) ولا حسب سلطانه الذي تسلَّط به، لأن مملكته تنقرض وتكون لآخرين غير أولئك.» (دا ١١: ٣، ٤)
+ «وبينما كنت متأملاً إذا بتيسٍ من المَعزِ (الإسكندر الأكبر) جاء مـن المغرب على وجه كل الأرض، ولم يمس الأرض . وللتيس قرنٌ معتبر بين عينيه. وجاء إلى الكبش صاحب القرنين (مملكة مادي وفارس ) الـذي رأيته واقفاً عند النهر وركض إليه بشدة قوته، ورأيته قـد وصـل إلى جانب الكبش، فاستشاط عليه وضرب الكبش وكسر قرنيه فلم تكـن للكبش قوةٌ على الوقوف أمامه وطرحه على الأرض وداسه ولم يكـن للكبش منقذٌ من يده . فتعظَّم تيس المَعزِ جداً ولمَّا اعتز انكـسر القـرن العظيم وطلع عوضاً عنه أربعة قرون مُعتبرة نحو رياح السماء الأربـع . » (دا ٨ :٥ -٨)
وبالرغم من كثرة المنازعات بين حكَّام عائلة البطالسة وعائلة الـسلوقيين، فإن النشاط الديني كان على أشدَّه، واشتدَّ بأس رؤساء الكهنـة وظهـر أولاً سمعان البار رئيس الكهنة الذائع الصيت، هنة الذائع الصيت، وقد ذُكر خبره ومديحه في سفر ابـن سيراخ (٥٠: ١-٢٤ )، وفي زمانه أُضيفت بعـض المبـاني للـهيكل وازداد تحصينه، ومن أقواله المشهورة: «على ثلاثة دعائم يقف العـالم : التـوراة والهيكل والمحبة»
ومن أشهر رؤساء الكهنة الذين قاموا في نهاية هذه المدة من عائلة أونيـاس هو أونياس الثاني ابن سمعان البار. وفي هذه المدة جُمعت مجموعة المزامير الـتي تكون الكتاب الثالث من المزامير (من مزمور ٤٣ إلى مزمور٨٩ )، وبعـضها من إلهام الروح لكُتاب هذه الحقبة الناشطة. وفي منتصف القرن الثالث قبـل الميلاد (سنة ٢٥٠ ق.م) تُرجمت في الإسكندرية خمسة أسفار التوراة إلى اللغة اليونانية كأساس للنسخة السبعينية الكاملة بعد ذلك .
حكم أنطيوخس الثالث الكبير: (٢٢٣-١٨٧ق.م)
ظلَّت الحروب المحلية مستمرة بين السلوقيين والبطالسة وبين حكَّام سـوريا ومصر، والتنازع على التوسع والسلطان . فاستولى في بادئ الأمر أنطيـوخس الثالث على سوريا حوالي سنة ٢١٩ ق.م، وقد ظلت فلسطين تحـت حكـم السلوقيين ، ولكـن الجيش المصري تحت حكم البطالسة انتصر بقيادة بطليموس الرابع (فيلوبـاتير ) (ملك مصر من سنة ٢٠٣-٢٢١ ) م. ق في موقعة رفح (٢١٧ )م. ق ، وهـزم الجيش السوري الذي كان بقيادة أنطيوخس الثالث وتعقَّبه حتى لبنان، واستعاد البطالسة كل سوريا ولبنان (فينيقية) وفلسطين، وبموت أنطيوخس الثالث (١٨٧ق.م) ملك ابنه سلوقوس الرابع (١٨٧-١٧٥ق.م) ومن بعده اعتلى أخوه أنطيوخس إبيفانس الرابع العرش، ودخـل اليهود في حقبة جديدة من التاريخ وهي عصر المكابين وثوراتهم ١٧٥-٦٣ ق.م
العودة من السبي | تاريخ العهد القديم | الحكم الروماني |