موسى النبي
المراحل التى مر بھا موسى فى حیاته وخدمته:-
تنقسم إلى ثلاث أقسام كل قسم ٤٠ عاماً :-
المرحلة الأولى:-
وھى أول أربعین عاماً ، تثقف فى بیت فرعون بكل حكم المصریین لكنه رضع من لبن أمه الإیمان وكان یظن فى ھذه المرحله أنة قادر بقوته الذاتیة أن یخلص شعبه فلم یفلح.
المرحلة الثانیة :-
ھى قضائه أربعین عاماً فى مدیان یرعى غنم حماة یثرون ، وفیھا تعرف على نفسه أنه ضعیف وثقیل الفم واللسان(خر ١٠:٤).
المرحلة الثالثة :-
وھى بعد ٨٠ عام حیث شاھد العلیقة ومن خلالھا كلمة الله ، وھو یخلص شعبه وتعرف على الله الذى یخلص.
طفولة موسى النبى وما تحمله من رموز:-
اخفاء والدیه لھ لمدة ٣ أشھر :-
كما تكلم معلمنا موسى عن أبطال الإیمان فى (عب ٢٣:١١) إن أبواه أخفیاه عندما رأیا إن الولد جمیلاً ولم یھبا أمر الملك ، وھذا یعكس روح إیمان والدیه فالجمال الذى رأیا فیه ابنھما ھو انعكاس لمجد ربنا یسوع علیه لھذا كان ذلك إیمان تحدى أوامر فرعون ، وإخفاءه ٣ أشھ رإشارة إلى إخفاء الفضائل عن إبلیس الذى یمثله فرعون حتى نصیر فى أمان.
موسى النبى فى سفط البردى:-
عندما لم یستطعا أبواه أن یخفیاه أكثر من ذلك وضعته أمه فى سفط بردى وطلته بحمرة وزفت ووضعته عند حافة النھر .
یشیر ھذا إلى التعلیم المقدس والشوق إلیه ھو بمثابة الحمرة ، والزفت وسفط البردى الذى یحفظ الإنسان من تیارات العالم المھلكة فیكون فى أمان.
كما تشیر إلى المعمودیة إن موسى كان حیاً وسط الموت المحیط بھ من تیارات النھر من كل الجوانب فكما إن المعمودیة ھى موت وحیاة أو موت وقیامة مع ربنا یسوع ھكذا كان موسى فى وضع الموت لكنه حیاً بل وضعه فى سفط البردى على حافة النھر یشیر إلى موت ربنا يسوع وقیامته فكما كان موسى حیاً فى السفط ھكذا كان جسد ربنا یسوع متحداً بلاھوته فلم یفسد.
دموع أمه :-
كان موسى النبى محفوظ فى السفط مع دموع أمه علیه أشارة إلى أن الحفاظ على الفضیلة یلزمھا دموع التوبة معھا.
موسى وابنة فرعون :-
ابنة فرعون تمثل كنیسةالأمم التى أبوھا وثنى وھى عاقر لكنھا جاءت الماء لتغتسل من خطایا بیت أبیھا فتأخذ موسى من خلال النھر أى تتقبل ربنا یسوع خلال المعمودیة الذى احتقره الیھود.
وموسى أیضا یمثل الناموس الذى كان مغلقاً علیه فى السفط أى خلال فكر الیھود الجسدانى لكن لما قبلته ابنة فرعون وأرضعته أمه كبر ولبس ثوب الكرامة وصار بمفھوماً جدیداً قویاً .
وابنة فرعون تمثل فلسفات العالم وعلوم التى تخدم كلمة الله وتؤكدھا ھكذا لم تعادى المسیحیةالفلسفة ولا العلوم بل استخدمتھا وھذا ھو فكر مدرسة الإسكندریة .
أما معنى كلمة موسى:-
حسب اللغة الھیروغلفیة ھو ابن الماء ، حسب القدیس إكلیمندس السكندرى ھو المنتشل من الماء ، سُمى عند ختانه یھویاقیم.
موسى النبى یخدم معتمداً على ذاته:-
أراد موسى أن یخدم معتمداً على ثقافته فتعرض لحربین شمالیة وقد انتصر فیھا ویمینة لكنه ھزم فیھا وھذا بسماح من الله لكى یھرب ویدخل مرحلة البریة ومعرفة نفسه:-
الحرب الشمالیة:-
ھى عندما رأى مصرى یصارع مع عبرانى فقتل المصرى وطمرة وھنا أشارة إلى طرد الخطیة ودفنھا كشئ غریب الجنس عنا ونلاحظ ھنا إن موسى التفت ھنا وھناك إذ كان یخاف الناس ونظرتھم رغم مخافته من الله.
الحرب الیمینیة:-
ھو عندما رأى اثنین عبرانیین یتصارعا وھى تمثل حرب الإنسان ضد ذاته وھى تمثل ثورة المریض ضد الطبیب عندما یراه یظھر مشرط لكى یشفى الجرح.
موسى النبى فى أرض مدیان:-
التصق موسى بحماه رعوئیل التى تعنى الله صدیق وتزوج صفوره التى تعنى عصفورة وأنجب جرشوم الذي یعنى غریب، ففى البریة تعرف على الله كصدیق والتصق بالفكر السماوى (صفورة) وأحس بالغربة (جرشوم)، وسمى رعوئیل بیثرونفى (٩ : ١٠) وھو ابن حوباب الذى من نسل أبراھیم وقطورة ، أما عملھ فى رعایة الغنم تمثل ضبط حركات نفسه الداخلیة ویشیر إلى ربنا یسوع الراعى الصالح.
دعوة موسى النبى من خلال الله فى العلیقة (خر٣) :-
العلیقة المتوھجة بالنار:-
رموز العلیقة:-
كلمة علیقة فى العبریة تعنى شجرة ذات أشواك ومنھا حمل الیھود كما المسیحین ھذا الفكر.
العلیقة ترمز لإسرائیل التى أحاط بھا مجد الله وعمل معھم لكنھ لم یكسر شوك قساوة قلوبھم وتشیر العلیقة إلى الاضطھادات التى أحاطت بإسرائیل خلال تاریخھا، من ھѧذا الفكر ذكر العلامة ترتليان أن الشجرة تشیر إلى الكنیسة التى بھا أشواك الاضطھادات لكن مجد الله أحاط بھا وعمل الروح القدس یوم الخمسین.
تشیر العلیقة إلى دوام بتولیة العذراء كما ذكر العلامة اكلیمندس السكندرى إذا أحاط بھا اللاھوت لكنه لم یمس بتولیتھا التى تشیر إلى العلیقة التى لم تشتعل، واختیار الرمز العلیقة لأنھا شئ مادى ملموس مثل جسد العذراء.
تشیر العلیقة الغیر مشتعلة إلى التجسد الإلھى حسب ما قاله القدیس كیرلس الكبیر فالنار تشیر إلى اللاھوت والعلیقة تشیر إلى الناسوت فاللاھوت لم یحرق العلیقة لكن كل منھا احتفظ بطبیعته ومن خلال الرمز أن التجسد دعى موسى إلى الخدم خلال ظلال التجسد الذى للمخلص.
یقول الكتاب المقدس أن”كلمه ملاك فى العلیقة” وبعد ھذا یقول “نداه الله من وسط العلیقة”، وكلمة ملاك تعنى مرسل والذى یرسله الآب ھو ابنه الأقنوم الثانى.
خلع نعلى موسى ورموزھم:-
يرى العلامة أوريجانوس أن
النعال تصنع من جلد الحیونات المیتة فھذا معناه من أرادأن یتقابل مع الله ویخدمه یخلع عنه الأعمال العالمیة الردیئة وأعمال الموت والخطیة.
أیضا من النعال تصنع جلود الطبول آى حب الظھور فنخلعھا وتشیر إلى خلع حب الظھور والتوشح بالأتضاع .
أيضًا أن خالع النعلين مرتبط بما ورد في العهد القديم، أنه إن رفض إنسان أن يتزوج أرملة أخيه كوصية الله ليقيم لأخيه الميت نسلاً، تأتي الأرملة إليه في حضرة الشيوخ وتخلع حذاءه من رجليه، ويسمى “بيت مخلوع النعلين” (تث 25: 5-10)، هكذا إذ خلع موسى نعليه أعلن أنه ليس بعريس الكنيسة. وفي كل مرة يخلع الأسقف أو الكاهن أو الشماس حذاءه عند دخوله الهيكل إنما يدرك حقيقة نفسه أنه ليس عريس الكنيسة الحقيقي بل صديق العريس وخادمه.
ربط القدِّيس غريغوريوس أسقف نيصص بين خلع الحذاء الجلدي وثوبيّ الجلد اللذين لبسهما آدم وحواء (تك 3: 21) بعد سقوطهما في العصيان، إذ يقول: [يعلمنا هذا النور(الذي للعُلِّيقة) أنه يليق بنا أن نقف أمام النور الحقيقي. لكن الأقدام التي بها أحذية لا تقدر أن ترتفع إلى العلو الذي من خلاله ترى الحق. لهذا يلزمنا أن نخلع عن قدمي النفس الغطاء الجلدي الأرضي الميت، الذي وُضع حول طبيعتنا في البداية حين تعرينا بسبب عصياننا للإرادة الإلهية. بهذا تكون لنا معرفة الحق التي تعلن عن ذاتها لنا، فنتحقق كمال المعرفة للأمور الموجودة (الحق)، بتطهير أفكارنا عن الأمور غير الموجودة (غير الحق أو الشر).
دعوة موسى ومحاولة اعتذاره :-
دعى الله موسى من خلال العلیقة المشتعلة لكى یلھب قلبه بالمحبة الإلھیة والعمل والغیرة المقدسة ولكى یكسر أشواك نفسه فلا ییأس إذ یرى الله یعمل خلال علیقة فھو یعمل مع الإنسان مھما كانت طبیعته، فالدعوة والقوة والعمل ھو من الله.
فى دعوة موسى تمتع بكون الله كان معه وقال له أكون معك(خر ١٢:٣) .
اعتذر موسى لأنهمن ھو حتى یذھب إلى فرعون وذلك بسبب محاولته السابقة التى بائت بالفشل لاعتماده على ذراعه البشریة.
قدم موسى اعتذارات والله یجیب ، فعندما قال : عندما یسألوني عن اسمك ، فأجابه الله : إن اسمه اھیه الذى اھیه، وھو إله أبراھیم وأسحق ویعقوب، فقال له : عندما لا یصدقوني، فأعطاه الله ٣ عجائب لكى یعملھا وعندما اعتذر بأنه ثقیل الفم واللسان قال له: أكون فماً لكَ وعندما حاول أن یرسل الله أحد غیره جعل ھارون شریك له!!!
اسم الله بین اھیه الذى اھیه وبین إله أبراھیم وأسحق ویعقوب:-
اھیه الذى اھیه:-
تحمل معنى الذى لا یقارن مع أى شئ فى الوجود، وتحمل معنى أنه ھو الموجود الوحید أما باقى الموجدات جواره ھى كأنھا غیر موجودة لأنھا تفنى أما ھو باقى إلى الأبد وھو الذى یوجد الموجدات ، وھو نفس اللفظ الذى استخدمه ربنا یسوع فى الإنجیل بتعبیر أنا ھو ( الطریق ، الحق ، الحیاة ، نور العالم) .
إله أبراھیم وأسحق ویعقوب :-
أى نسب نفسه للبشر فھو صدیق ھؤلاء وفى ملئ الزمان سیأتى متجسد من نسلھم حسب الناسوت.
معنى الاسمین معاً ھو اتحاد اللاھوت وھو اھیه الذى اھیه مع الناسوت الذى أخذه من العذراء مریم من نسل أبراھیم وظھر لنا ربنا یسوع الاله المتجسد.
سر الثلاث أیام :-
ھو طلب الله من موسى أن یقول لفرعون أن یذھبوا ثلاث أیام فى البریة لیذبحوا للرب إلھھم:-
كان فرعون یرید أن یذبحوا فى مصر لأن فرعون ھو رمز إبلیس یرید أن نقوم لله ونحن لن نخرج من دائرة الشر.
الـ ٣ أیام أشارةإلى قیامة السید المسیح.
الـ ٣ أیام أشارةإلى تقدیس النفس والجسد والروح.
الـ ٣ أیامأ شارةإلى تقدیس الفكر والعواطف والعمل.
أما الذبح فھو علامة الحب والتسبیح لربنا یسوع.
ید الله القویة :-
“فأمد یدى واضرب مصر بكل عجائبى التى اصنع فیھا وبعد ذلك یطلقكم”
ید الله كانت لخروجھم للعدل : إذ طلب بنى إسرائیل منھم أمتعة وذھب وفضة عوضاً عن الذل وعن الظلم تعویضاً عن ما تعرضوا إلیه فى مصر .
تشیر أخد الذھب والفضة والأمتعة إلى حمل الإنسان وتكریس كل طاقته : من ذھب أى كل ما ھو سماوى ، وفضة كلمة الله لحساب الله ، والأمتعة الجسد لكى یدخل بھا أورشلیم السمائیة .
الأرض التى سوف یسكنون فیھا تفیض لبنلاً وعسلاً وتشیر إلى الشبع والتلذذ بالروحیات.
موسى النبى یلتقى بشعبه (خر ٤) :-
معجزات موسى النبى الثلاثة ورمزیتھا:-
تحول العصا إلى حیة ثم عودتھا فھى ترمز إلى :-
تجسد كلمة الله ربنا یسوع حیث أخذ جسداً من القدیسة العذراء مریم ، بھذا الجسد صلب إذ حمل خطایا العالم لھذا تحولت العصا إلى حیة لكنھا لیست مثل أى حیة التى ھى أساس الخطیة لكنھا تبتلع حیات المصریین أى تبتلع الخطیة وھذا ما أشارإلیه ربنا یسوع فى (یو ١٦:٣) وأیضا معلمنا بولس الرسول فى (٢ كو ٢١:٥) حتى لو كان الصلیب لیھود عثرة وللیونایین حماقة لكنه ابتلع فلسفتھم وعثة الیھود.
تشیر أیضا للقیامة والصعود حیث تحولت الحیة إلى عصا مرة أخرى وانتصرت على حیات فرعون ، فربنا یسوع بقیامته انتصر على الموت والشیطان ورجع بعد ٤٠ یوم إلى حیث كان أولاً فى الملكوت.
كما تشیر العصا إلى الإیمان بربنا یسوع الإله المتجسد المصلوب القائم من الأموات والصاعد إلى السموات.
معجزة إدخال یده الیمنى إلى عبه ثم أخارجھا برصاء ثم دخولھا ثانیاً فتعود إلى وضعھا الأول :-
الید الیمنى لموسى ترمز للید الیمنى لله وھى ربنا یسوع المسیح الذى كان فى السماء ثم نزل وتجسد وحمل خطایانا وھذا یرمز إلیه بالبرص لأنه رمز أنه حمل خطایا العالم وبعد ھذا قام وصعد فرجعت طبیعته كما كانت لأنه قدوس إذ قتل الخطیة ھكذا عادت ید موسى إلى عبه ثانیة وصارت كما كانت أولاً .
تحول الماء إلى دم :-
فتحول الماء إلى دم ھو تحول الخطیة التى یشربھا الخاطئ كالماء إلى الدم الذى بدونه لا تحصل مغفرة (عب ٩ :٢٢).
أنا ثقیل الفم واللسان :-
لماذا قال موسى النبى أنا ثقیل الفم واللسان؟
رغم إن موسى النبى متعلم بكل حكمة المصریین وكان البلیغ فى القصر وصاحب الصوت المجلجل لكنه عندما تقابل مع الله قال أنا ثقیل الفم واللسان ، لأنه عندما یقارن الحیوان الذى لیس لھ نطق مع أقل إنسان مثقف یكون الحیوان لا شئ ھكذا قال داود اجعلنى كبھیمة عندك، وھكذا عندما یتقابل الإنسان العادى مع العلماء یحسب نفسه ثقیل الفم واللسان ھكذا حسب موسى نفسھ ثقیل بالنسبة لله صاحب الفم والكلمة .
بین المعتذرین عن الدعوة وبین المستعدین لھا :-
المعتذرین نظروا إلى ضعفھم مثل موسى وأرمیا لأنه صغیر السن (إر ٦:١) ، أما المستعدین فھم نظروا إلى قدرة من دعاھم وإلى طاعته مثل إشعیاء (إش ٦:١)وھارون (خر ٢٧:٤).
فتح الله للفم والعین والأذن والأعماق الداخلیة :-
الله ھو الكلمة ذاته فھو یعطى فماً لموسى ویفتحه ، الله یفتح العین لتنظر ما لم تكن تراه مثل ھاجر لما فتح عینھا لترى بئر الماء وتحیا ھى وابنھا وكما فتح الله بطلبه ألیشع عینى جیحزى لیرى جیش الملائكة (٢مل ١٥:٦) ، وھكذا یفتح الله الأذن لكى تسمع الله مثل صموئیل النبى (١ صم ١) ، ویفتح الله كل طاقتنا الداخلیة علیه أماإذانفتحا لإنسان بذاته على شئ من العالم فأنه یھلك مثل یھوذا الاسخریوطى لم یفتح عینه إلا على المال فھلك.
بین موسى وھارون:-
ھم یمثلوا ربنا یسوع عندما ارسل تلامیذه اثنین اثنین إذ سقط واحد الأخر یقیمه مثلما قال سفر الجامعة”واحد یتكلم والأخر یصلى لأجله” ویمثل ھارون لموسى الملاك الحارس كما قال القدیس أغریغوریوس أسقف نیصص الذى یحض الإنسان على الخیر والفضائل ، ویمثل موسى وھارون التحام الوصیة (موسى) مع العبادة (ھارون) ترك مدیان ، وختان ابن موسى ، وخضوع الشعب له:-
كما ترك مدیان بأمر الله لموسى وھارون و قد اعلن الله لموسى الصعوبات لكنه أمده بالعجائب لكى لا یخورفى الطریق وبھذا ترك فرعون لیقسوا قلبه لشھوات نفسه حتى یتمجد ھو بالأكثر .
اختتنت صفوره ابنھا إذ لاقاه الملاك وھو رمز لѧخول الأمم إلى الكنیسة خلال المعمودیة ورمزاً لعزل الفلسفات الغریبة التى لا تتفق مع كلمة الله ، وعندما سمع الشعب كلام موسى وھارون سجدوا علامة ورمز لخضوع كل طاقات الإنسان لله.
لقاء موسى النبى مع فرعون (خر ٥- ٦) :-
عدم معرفة واتھامات باطلة:-
عندما دخل موسى وھارون إلى فرعون طلبا أن یأخذ الشعب ٣ أیام فى البریة لیذبحوا للرب فقال فرعون أنه لا یعرف الرب لكى یطیع أمره، وھنا جھل فرعون بالله وھو یتكرر بذات الفكر من جیل إلى جیل لأن الشیطان من عادته أن یكرر الحروب والتجارب كما ھى مراراً وإن كانت تأخذ أشكال مختلفة فقد أنكر الیھود على ربنا یسوع المسيح أنه المسیا وعندما عمل رؤساء الكھنة مجمع لمعلمنا بطرس ویوحنا طالبوا عدم ذكر ھذا الاسم (أع ٤: ٨) فالعداوة ھى لاسم الله وھذا ما بعث به الفیلسوف أثیناغورس للإمبراطورأنه یضطھد المسیحیین لیس إلا دعوة اسم المسیح علیھم.
أما الاتھام الباطل أن بھذا الطلب بجعل موسى وھارون الشعب لا یشتغل ٣ أیام فھماً ببطلان الشعب لأن فرعون ھم فى عمل الطین واللبن ، ھكذا یرى فى العصر المسیحى إن الرھبنة والتكریس ھى أضاعه عمل الإنسان ووقته
وطاقته.
عناء فرعون وتشدید السخرة واتھام ثابت:-
فرعون إذ رفض طلب موسى وھارون لم یكتف بالرفض لكنه أذل شعب الله بالسخرة فى صنع اللبن واتھمھم اتھام أخر ھو إن شعب الله متكاسل!!!
ویفسر العلامة اوریجانوس ھذا بقوله أنه دائماً عند إعلان بوق الكرازة یعلن الشیطان حربه ضد الكنیسة، وعندما یعلن الإنسان غضبه ضد نفسه ویحاسب نفسه على رذائله تقوم حرب ضده بلا ھوادة ، إذ كانت الرذائل فیما مضى تعیش فى سلام.
تذمر الشعب وصراخ موسى النبى وتأكیدات الله بخلاصه:-
تذمر الشعب بسبب قسوة فرعون التى كانت كالسیف وصبوا تذمرھم على موسى مع رجائھم فى موسى وھارون أنھم رائحتھم أمام فرعون.
فصرخ موسى النبى لله وقال : لماذا اسأت لھذا الشعب؟ وھى صرخة الخادم الذى یفشل فى خدمته ویقدم حسابا عنھا لكى یلقى المعونةالعلویة ، فأكد له الله أنه یخلص شعبه وأنه یحفظ عھده مع أبراھیم وأسحق ویعقوب وأنه یورثھم أرض المیعاد.
ذكر الله لرؤساء بیت آبائھم :-
وقد جاءت عقب تأكید الله لموسى النبى أسماء رؤساء بیت آبائھم لیؤكد حب الله الشخصى كما الجماعى لھم فھم كنیسة العھد القدیم!!!
ومن ضمن ما ذكرھم بنى قورح الذین نظموا تسبیحاً منسجماً (مز ٤٢) وھم “أسیر” التى تعنى تعلیم “وألقانة”التى تعنى الله ملكى “وابیأساف”التى تعنى مجمع الآب أى الله الذى یعرفھم سیجعل منھم أمة واحدة متجمع بین التعلیم الواحد والملكیة له ھكذا كل نفس أیضا تحمل فیھا وحدة مع الله وحب التعلیم والملكیة لله.
غلفة شفتى موسى:-
حاول موسى النبى أن یعتذر عن عمله لكن الله أكد له أنه یخلص وقد جاء اعتذاره أنه أغلف الشفتین فھو یرجع الفشل فى الخدم لیس للظروف أو الناس بل لخطایاه وللسان مثلما علم الآباء ومثلما عمل نحمیا إذ اعتبر نفسه أخطاء ھو وبیت أبیه ، والأمر أیضا ذاته تكرر مع أرمیا النبى إلى غلفة القلب (إر ٤ : ٤) وغلفة الاذنین (إر ٤:٦) وھذا الختان اعتبره معلمنا بولس رمزاً للمعمودیة أنھا الختان الروحى .
الضربات العشر
قبل أن یبدأ الله بالضربات أكد لموسى عدة حقائق ھي :-
“أنا جعلتك إلھاً لفرعون” (خر١:٧) أي جعلتك سیداً علیه فلا تخافه ولا ترھب قسوة قلبه :-
“أخوك یكون نبیك” (خر ١:٧) أي المتكلم عنك
غایة الضربات أن “یعرف المصریون إني أنا الرب” (خر ٥:٧) ، لا بھدف إلقاء الرعب في قلوب الحاضرین بل لیبدد ظلمة الجھل التي طمست عیني الإنسان في شره وتكون سنداً للخلاص .
ولم تكن الضربات ھي نوع من الصراع بين شعب مُستعبَد وظالمیه بقدر ما كانت بین الإله الواحد وعبادة الأوثان المتأصلة في مصر “وأصنع أحكاماً بكل آلھة المصریین أنا الرب” (خر ١٢ : ١٢) ، فیلاحظ في الضربات العشر أن الله كان یوجھھا ضد آلھة المصریین نفسھا لیكشف ضعفھا .
استدعى فرعون ساحرین “ینیس ویمبریس” (٢ تي ٨:٣) قاما بمقاومة موسى وھارون خلال حرب خطیرة ھي حرب التمویه بین عمل الله وعمل إبلیس بإبراز بعض أعمال تحمل صورة ما فعله موسى وھارون وذلك بفعل السحر لكنھم كانوا في ضعف وسقطا تحت الضربات كغیرھما (خر ١١:٩) ولم یكونا قادرین على إبطال الضربات واضطرا أن یعترفا بقوة أصبع الله.
كانت الضربات الثلاث الأولى قد عمت على بني إسرائیل كما حلت بالمصریین ولكن حینما تقسى قلب فرعون كانت رسالة الله في الضربة الرابعة “أمیز في ذلك الیوم أرض جاسان حیث شعبي مقیم” (خر ٢٢:٨) .
والضربات العشر هي
تحویل الماء إلى دم : تم تحویل میاة النیل إلى دم دنس وھذا أوقع المصریون في حیرة إذ رأوا معبودھم قد صار دنساً . إذ أن ھذه الضربة كانت ضد المعبود الأعظم (حابي) أصل الخیر ومصدر الرخاء.
ضربة الضفادع : في ھذه الضربة سقطت الآلھة (ھكت) رمز الإخصاب (إله الولادة) والتي لھا رأس ضفدع زوجة (خنوم) العظیم ، وقد كانت الضربة شدیدة لأنه كان محرماً علیھم إبادتھا لذلك صرخ فرعون إلى موسى لكي یخرج الضفادع (خر ١٨:٨).
ضربة البعوض : لقد كانت كارثة على المصریین إذ أنھا لم تصر فقط على أجسام الكھنة الذین یھتمون جداً بالنظافة الشخصیة ویحترسون من التدنس بالقمل والبعوض بل صارت أیضاً على أجسام البھائم تلك المعبودات المقدسة أمثال (حتحور) البقرة المقدسة والإله (أبیس) الذي له شكل العجل.
ضربة الذباب : وھنا سقط الجُعل المصري المقدس الذي صورونه بذبابة ذات رأس كبیر ، والذباب یأتي من الأماكن القذرة ویسبب أمراضاً التي تشیر إلى مصدر الخطیة ومثیراتھا كأصدقاء الشر وأماكن الدنس التي یجب الھروب منھا حتى لایصاب المؤمن بالضعف .
ضربة الوباء الذي أصاب الماشیة : كان المصریون یعتقدون بالقداسة في بعض الحیوانات وخاصة العجل (أبیس) الذي یحسبون أن فیه روح إلھھم أوزوریس وكذلك البقرة المقدسة (حتحور) فبھذه الضربة صار خزیاً شدیداً لھذه المعبودات .
ضربة البثور: وفیھا سقطت آلھة الطب والشفاء ، والبثور والقروح تشیر إلى فساد الجسد وعدم تقدیسنا له.
ضربة البرد والرعد والنار : كانت لطمة على وجه (رشبو) إله العواصف والریاح فالبرد كان عظیماً ، وأصوات الرعد تشیر إلى إعلانات الله وإنذاراته ، والبرد یشیر إلى قتل الزرع الرخیص (العشب) الذي أقامه العدو في القلب ، والنار تحرق الأشواك الخانقة للنفس لیلتھب القلب بمحبة الله .
ضربة الجراد : لقد أفسد الجراد الزرع وأباد كل نبات أخضر لذلك كانت خیبة عظیمة للإله (ست) المسببة لخصوبة الأرض ووفرة المحاصیل .
ضربة الظلام : كانت مخزیة للإله (نوت) إله السماء الذي رتب الكواكب في أبراجھا ونظم دورانھا بین اللیل والنھار ، كذلك سقطت آلھة الشمس العظیمة بأنواعھا (رع ، أتون ، أتوم ، حورس) فلم یعد لھا عمل في ھذا الظلام ، وأیضاً الإله (سخمت) آلھة النار والضوء المقدس إذ أن النار لم تكن لھا فائدة إذ كان الظلام دامساً كثیفاً.
أعلنت ھذه الضربة عن الحاجة لمجئ شمس البر الذي یشرق على الجالسین في الظلمة ، وقد بقي الظلام ٣ أیام لعل ذلك إشارة إلى انتظار النفس للدخول في نور قیامة الرب یسوع .
ضربة موت أبكار المصریین : ھي الضربة الأخیرة التي حسمت الصراع إذ كان قلب فرعون یزداد قسوة وعناد رغم أنه دون شك قد أدرك منذ الضربة الأولى بأنه أمام قوة إله أعظم من آلھته. كانت موجھه مباشرة ضد (رع) عظیم الآلھة الذي كان یمنح القوة لكل من یعبده وكان یھب الحیاة لفرعون ، لقد سُحق رع ومعه الآلھة واھبة الحیاة ایزیس واوزوریس أمام إله إسرائیل .
وبذلك تساقطت آلھة فرعون الواحد تلو الآخر تلك التي قال عنھا بولس الرسول “آلھتھم أصنام” (رو ٢٠:٩ ، مز٥:٩٦).
لماذا تمت باللیل؟
یقول الرب لموسى “إني نحو نصف اللیل أخرج في وسط مصر” (خر ٤:١١) ویؤكد في سفر التثنیة “لأنه في شھر أبیب أخرجك الرب إلھك من مصر لیلاً” (تث ١:١٦) .
لأن اللیل حیث یسكن الشیطان في الظلمة یقتله الرب في عرینه بینما ھم مطمئن لیس من یقاومه فیھلك وكل أعماله معه ، لقد أسلم الرب (فصحنا الجدید) روحه في آخر النھار ودخل باللیل إلى الجحیم لیفك قیود المأسورین في الظلمة وینطلق بھم إلى نور الفردوس الذي بلا ظلمة .
یمثل الفصح صلب ومركز العھد القدیم كله إذ یحمل الخلاص والخروج من مصر للجماعة والأفراد بل كل عید فصح یحمل نفس قوة الفصح الأول كما ذكر كتاب الحجادة الیھودیة، كما یمثل الحقیقة فى العھد الجدید لصلب وقیامة ربنا یسوع وھو صلب ومركز وحجر زاویة العھد الجدید.
موقف فرعون من الضربات :-
حاول فرعون أمام ھذه الضربات أن یدخل في مفاوضات مع موسى وھارون مقدماً أنصاف حلول غیر مجدیة :-
في البدایة اتھم موسى وھارون أنھما یبطلان الشعب وأن الشعب متكاسل یھرب من العمل (خر ١٧:٥) إذ بدأت الضربات صرخ فرعون إلیھما ولما حدث الفرج غلظ قلبi ولم یسمع لھما (خر ١٥:٧) .
إذ اشتدت الضربات قال لھم “اذھبوا اذبحوا لإلھكم في ھذه الأرض” (خر ٢٥:٨) أي یتعبدوا لله دون أن یعتزلوا الشر ودون تغییر في حیاتھم ، ولكن أصر موسى وھارون على موقفھما فقال لھما “أنا أطلقكم لتذبحوا للرب إلھكم في البریة ولكن لا تذھبوا بعیداً صلیا لأجلى” (خر ٢٨:٨) تظاھر بالورع والحاجة إلى صلاتھما لكنه لا یریدھما أن یسیرا الثلاثة أیام كاملة أي لا یتمتع الشعب بقوة القیامة مع السید المسیح المخلص .
إذ اشتدت الضیقة سمح لھم بالخروج كما یریدون أي یسیرون ٣ أیام ولكن الرجال فقط دون نساءھم وأولادھم ومواشیھم (خر ١١:١٠) أي یسمح لنا العدو أن نتعبد لله بدون نسائنا (أجسادنا) ولا أولادنا (ثمار الروح)وبدون المواشي (تقدیس الحواس والعواطف) أي عبادة منفصلة عن كل حیاة الإنسان العملیة حتى عن تقدیس جسده وعواطفه.
وأخیراً سمح لھم أن یخرجوا بالنساء والأولاد دون المواشي (خر ٢٤:١٠) وكانت الإجابة “لا یبقى ظلف” (خر٢٦:١٠) أي لا نترك لإبلیس موضعاً في حیاتنا مقدمین كل شئ للرب حتى لا یكون للعدو مجال للعمل الشریر في داخلنا .
بعد ضربة موت الأبكار استدعى فرعون موسى وھارون وقال لھما “قوموا اخرجوا من بین شعبي … واذھبوا واعبدوا الرب كما تكلمتم خذوا غنمكم وبقركم كما تكلمتم واذھبوا وباركوني أیضاً ” (خر٣١:١٢-٣٢) وكان المصریون یلحون علیھم بالخروج ، ھكذا یعمل الله في حیاتنا لیس فقط یدعونا للعبور إلیه ولیس فقط یلھب الحنین في القلب للعبور وإنما أن ثابرنا حتى النھایة یجعل حتى المقاومین لنا یدفعوننا للعبور دفعاً “وكان عند نھایة أربع مئة وثلاثین سنة أن جمیع أجناد الرب خرجت من أرض مصر”(خر ٤١:١٢) .
من ھو فرعون الاضطھاد؟ ومتى حدث الخروج من مصر؟ وفي أي عھد من حكم الفراعنة؟ !
من أكثر المواضیع التي أثارت الجدل بین الدارسین واختلفت فیھا الآراء ، فقد أغفل الكتاب المقدس أسماء ملوك مصر واكتفى بلقب فرعون وھو اصطلاح ولیس اسم لشخص وقد لُقب به ملوك مصر .
كما أن سجلات المصریین لم تذكر شیئاً صریحاً عن تواجد الشعب الإسرائیلي في مصر فقد كان ینظر إلیھم على أنھم فئة من قبیلة رعویة ولم تكن ذات شأن ، أما بخصوص الخروج فلیس جیداً أن یسجل المصریون ھزیمة لھم مثل غرق فرعون وجنوده في البحر الأحمر .
وھنا تكمن الصعوبة في تحدید تاریخ الخروج ، وقدم الدارسون في ذلك عدة آراء وكان أھمھا والأكثر احتمالاً ھو واحد مѧن رأیین : ففي أحدھما یرون أن الاضطھاد حدث في نھایة حكم رمسیس الثاني ویكون بذلك فرعون الخروج ھو خلیفته مرنبتاح ، والرأي الآخر أن الخروج حدث في زمن مبكر عن ذلك وأن فرعون الاضطھاد ھو تحتمس الثالث وأن الخروج حدث في عھد خلیفته أمینوفیس الثاني.(أقرأ المزيد عن فرعون الخروج).
بعد ذلك يقود موسى النبي الشعب في رحلة الخروج، وقد سجل لنا موسى النبي “٤٢” محطة تنتھي بدخولھم أرض الموعد ھذا یذكرنا بقول الإنجیلي :” فجمیع الأجیال من أبراھیم إلي داود أربعة عشر جیلاً ، ومن داود إلي سبي بابل أربعة عشر جیلاً ، ومن سبي بابل إلي المسیح أربعة عشر جیلاً ” (مت ١٧:١) وكأن الأجیال من أبراھیم أب الآباء إلي السید المسیح “٤٢” جیلاً مطابقاً عدد المحطات التي عبر بھا الشعب قدیماً في انطلاقه من مصر إلي أورشلیم وكأن ھذه المحطات تمثل الخلاص وتاریخه خلال البشریة .
لقد خرج بنى إسرائیل من مصر بجنودھم آي یحملون قوة للجھاد الروحي وھذه القوة في حقیقتھا ھي السید المسیح الذي عبر بالبشریة خلال التاریخ كسر قوتھم حتى ظھر بتجسده بعد إثنین وأربعین جیلاً ھذا من جھة العدد.
أما من جھة أسماء المحطات فتحمل عملاً رمزیاً مستمراً یرفع النفس من حالة العبودیة للعبور بھا إلي أعالي السموات لھذا یسمیھا العلامة أوریجانوس “مركبة من كلمات غامضة “ھذه المركبة تعبر بنا من قوة إلي قوة” (مز ٨٤ :٧) ومن مجد إلي مجد یتخللھا آلام كثیرة وتجارب تزید من قوتنا الروحیة وأمجادنا .. (أقرأ المزيد عن رحلة الخروج)
يوسف | تاريخ العهد القديم | فرعون الخروج | |
الخروج | |||
تاريخ الكنيسة |