الآباء الرسولين

من هم الآباء الرسولين

مضي الجيل الأول المعاصر للسيد المسيح والشهود العيان له، وتتلمذ كثيرون على أيدي رسله وتلاميذه، ولم تعد الكنيسة محصورة في بقعة ما، بل انطلقت في العالم تخمره بخميرة الحق وتلهبه بنيران الحب الإلهي، ووجدت كنائس محلية كثيرة في الشرق والغرب، لها إيمان واحد، ورجاء واحد، وحب واحد، صلوات واحدة ومفاهيم واحدة وليتورجيات وطقوس ذات هيكل واحد. حتى يحق لنا أن نقول إنها ليست كنائس كثيرة بل كنيسة المسيح الواحدة الرسولية.

 الآباء الرسوليون هم كتاب القرنين الأول والثاني، والذين ربما يعتبرون المعلمين الأولين بعد الرسل. و إن كانت هذه الكتابات للآباء الرسوليين ليست إلأ براعم الربيع الصغيرة، لكنها حية تحمل روح الكنيسة الواحدة، تكشف لنا ما تحمله من أوراق وزهور وثمار حملتها شجرة الكنيسة عبر الأجيال. لقد حملت إلينا صدى أصيلاً لكرازة الرسل، وإعلاناً حقاً لبساطة إنجيل الخلاص، وصورة صادقة للتقليد الكنسي في تلك الفترة الفريدة. قدمت لنا الإيمان الذي تقبله هؤلاء الآباء الرسوليون خلال اتصالهم المباشر بالرسل أو تسلموه عن طريق تلاميذهم.

 أما تسميتهم بالآباء الرسوليين فترجع إلى الدارس الفرنسي Jean B.Cotelier من رجال القرن السابع عشر، الذي قام بنشر مجلديه تحت اسم Patres aevi apostolici عام ۱۹۷۲م، واللذين شملا مجموعة الكتابات التالية:

كتابات الآباء الرسولين

  1.  الرسالة المنسوبة لبرناباس وهي أشبه بمقالات لاهوتية بسيطة تعالج الربط بين العهد القديم والمسيحية.
  2. كتاب “الراعي” لهرماس و هو مجموعة من الرؤى والوصايا والأمثال تعالج موضوع التوبة بعد المعمودية.
  3.  رسالتان : إحداهما لكليمندس الروماني، غرضها معالجة موضوع الشقاق الذي ساد في كنيسة كورنثوس، والرسالة الأخرى منسوبة له وهي عظة وليست رسالة.
  4. رسائل إغناطيوس السبع.
  5. رسالة لبوليكاربوس، ومقال عن استشهاده.
    في عام 1765م أضاف إليها Andres Gallandi في مجموعته Bibliotheca Veterum Patrum الأعمال التالية:
  6.  رسالة إلى ديوجنيتس Diognetus لا يعرف كاتبها فهي ليست إلا مقالاً يقدم مختصراً للمسيحية.
  7. مقتطفات لبابياس في جوهرها تعليقات على بعض منطوقات السيد المسيح، في عرض لطيف للتقليد الشفهي.
  8.  أما عمل Quadratus فهو دفاع موجه للإمبراطور هادریان (۱۱۷-۱۳۸م).
  9.  وفي عام ۱۸۷۳م اكتُشفت “الديداكية Didache” أو تعليم الرب للأمم كما نقله الاثنا عشر رسولا” وأضيفت إلى الكتابات الرسولية وهي أشبه بدلال کنسي.

وأخيرا فإن بعض الدارسين رأوا إضافة ما يسمی بـ “قانون الإيمان للرسل The Apostolic Creed” إلى الكتابات الرسولية، لكن الغالبية لم يقبلوا ذلك.

سمات كتابات الآباء الرسوليين:

  1. جاءت أغلب هذه الكتابات أشبه برسائل، لكنها في الحقيقة لا تمثل “وحدة في الطبع”. ولا نقدر أن نربط بين هذه الكتابات وبعضها البعض من جهة الطابع أو الموضوع، لكننا بشيء من التجاوز يمكننا القول إن هذه الكتابات في مجملها تعالج موضوعين:
    • وحدة الكنيسة الداخلية وسلام بنيانها الداخلي

    • الحفاظ على الإيمان الخالص حتى لا تشوبه وثنيات.
  2.  اتسمت هذه الكتابات بالبساطة مع الغيرة الملتهبة، دون الاعتماد على الفسلفة اليونانية أو البلاغة الهيلينية. فباستثناء الرسالة إلى ديوجني لا تحمل هذه الكتابات عملاً أدبياً.
  3. جاءت هذه الكتابات وليدة احتياجات عملية رعوية، وليس لغرض علمي دراسي؛ فلم تقدم لنا دراسات لاهوتية روحية، إنما أوضحت في بساطة الإيمان العملي حقيقة الإنجيل كما عاشته الكنيسة الأولى قبل أن تلتحم بسلطان زمني.
    و “الاهتمام الرعوي الأصيل” عامل مشترك في هذه الكتابات، فالآباء الرسوليون لم يكن يشغلهم إبراز أفكار معينة، بل الدخول بكل أحد إلى الحياة الإيمانية العملية، فلا ينتقون المصطلحات اللاهوتية الصعبة بل يقدمون قلوباً ملتهبة حباً نحو خلاص البشرية.
    لم يكن هؤلاء الكتاب جبابرة عقليين بل قديسين بسطاء، يحبون التقوى، ويكرسون حياتهم وقلوبهم لمخلص حي يحيا فيهم وهم يحيون به وفيه ومن أجله. عاشوا في جيل بطولات روحية عملية لا جيل بطولات براقة؛ لم يكن عصرهم عصر کُتَّاب بل جنود روحيين، ليسوا أصحاب کلام بل كانوا محتملي آلام.
  4.  اتسمت كتاباتهم بالصبغة الإسخاتولوجية (الانقضائية أو الأخروية) eschatological character. كان المجيء الثاني للسيد المسيح هو غاية “الحياة المسيحية”، خلال علاقتهم المباشرة مع الرسل، إذ كانوا يذكرون شخص السيد المسيح بحماس. فقد كشفت كتاباتهم عن شوق عميق نحو السيد المسيح المخلص الصاعد، وهو لا يزال قائما في وسطهم. ينتظرون مجيئه ليروه وجها لوجه. هذا الشوق حمل شكلاً قدسياً في حياتهم وكتاباتهم وعبادتهم.
  5.  اتسمت هذه الكتابات بالطابع الكنسي كما حملت روح الشركة، شركة الكنيسة في العالم كله في الإيمان والتقليد والعبادة، رغم بعد المسافات بين الكنائس وبعضها البعض مع اختلاف الثقافات وتفاصيل التقاليد.

أخيرا يليق بنا أن نفهم أن هذه الكتابات، مهما بلغت قيمتها، ومهما كانت قداسة كتابها، فهي ليست وحياً إلهيا نقدس كل عبارة فيها، إنما هي أنشودة الروح التي تتغنی بها الكنيسة ليمتد هذا اللحن الأبدي من جيل إلى جيل في توافق وانسجام تحت قيادة الروح القدس العامل في الكنيسة ليدخل بكل العالم إلى الاتحاد مع الأب في المسيح يسوع ربنا بالروح القدس.

الآباء الرسولين

  1. القديس كليمنضس الروماني
  2. القديس إغناطيوس الثيئوفورس
  3. القديس بوليكاربوس
  4. بابياس أسقف هيرابوليس
  5. كوادراتس
  6. رسالة برناباس
  7. كتاب الراعي لهرماس
  8. الديداكيه أو الديداخيه
  9. قانون الإيمان الرسولي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى