القديس غريغوريوس أسقف نيصص

 


لقد أنجبت ولاية كبادوكيا ( تركيا حالياً ) جيلاً من الآباء العظماء، هم القديس باسيليوس الكبير أسقف قيصرية وأخوه القديس غريغوريوس أسقف نيصص وصديقه القديس غريغوريوس النزينزي. هؤلاء الآباء العظام كان لهم أثرهم
الفعال على الفكر اللاهوتي المسيحي، إذ حسب فكرهم كامتداد لفكر وكتابات القديس أثناسيوس الرسولي الذي دافع عن الإيمان السليم أمام الآريوسيين.

نشأته

 ولد غريغوريوس ما بين 335 و 340 م، لأبوين مسيحيين تقيين،غريغوريوس أسقف نيصص وكان من بين أخوته القديس باسيليوس الكبير أسقف قيصرية والقديس بطرس أسقف سبسطية وأيضا القديسة ماكرينا التي أسست دیر رهباني شهير للفتيات اجتذب إليه الكثيرات. 

مات والد غريغوريوس وهو في سن صغيرة تاركاً أبناءه في رعاية جدتهم ماکرينا ووالدتهم إميليا وأيضا أخوهم الأكبر باسيليوس وأختهم ماکرينا التي تسمت باسم جدتها. ولم يكن غريغوريوس ميالاً إلى الحياة الدينية في البداية، إلى أن قبل – تحت الإلحاح- الاشتراك مع والدته وإخوته في الاحتفال بعيد شهداء سبسطية الأربعين. وإذ نام في الاحتفال بالكنيسة رأي بستاناً جميلاً أراد الدخول فيه فمنعه الشهداء الأربعون، فعندئذ استيقظ من نومه نادماً على العمر الذي قضاه بعيداً عن الله، وقرر أن يبدأ حياته مع الله مُتشفعاً بهؤلاء الشهداء الأربعين.

شبابه 

 كان القديس غريغوريوس في بداية حياته متعلقاً جداً بالبلاغة والأدب والفلسفات المختلفة، كما يبدو أيضاً أنه قد تزوج من امرأة تقية كما يظهر في مدح الكثيرين لها. وفي ذات يوم وصله خطاب من صديقه القديس غريغوريوس النزينزي يحثه فيه على ترك الانشغال بالفلسفة وتكريس حياته لله، كما فعل أخوه باسيليوس وأخته ماکرينا، فتأثر جداً بذلك الخطاب وقرر أن يكرس حياته بالكامل لله وقال البعض أنه أرسل زوجته للدير الذي أسسته القديسة ماكرينة أخته. وقال البعض الآخر أنها بقيت تخدم معه كأخت
شماسة عندما بدأ حياته الرهبانية والنسكية. 

رسامته أسقفاً

وفي عام ۳۷۰م رُسم القديس باسيليوس أسقفاً علی قيصرية وإذ كان الإمبراطور فالنس الآريوسي يشن حرباً ضد الأرثوذكسية، لجا القديس باسيليوس إلى رسامة أكبر عدد ممكن من الأساقفة الذين يثق في سلامة إيمانهم حتی يساعدوه في الدفاع عن الإيمان. فرسم أخوه القديس غريغوريوس أسقفا على نيصص التي كانت مدينة صغيرة وغير معروفة، حتى أن يوسابيوس الساموساطي وقد كان صديقاً لباسيليوس قد أرسل إليه يعاتبه لأنه بهذه الرسامة وبحسب قوله: “يدفن شخصاً مشهوراً في إيبارشية مجهولة” إلا أن القديس باسيليوس أجابه بأن “الإيبارشية ستنال شهرة بأسقفها وليس الأسقف بإيبارشيته”. وبالفعل تحققت كلماته إذ قد صارت نيصص شهيرة بفضل أسقفها القديس غريغوريوس.
 

مقاومة الآريوسيين

 كان القديس ميالاً للدراسة والهدوء، حتى أن الأريوسيين خافوا منه جدا إذ حسبوا كتاباته عدواً لا يقدرون على مقاومته. لذلك لجأوا إلى الدسائس حتى تم نفيه في عام ۳۷۵م إلى أن مات الإمبراطور فالنس الآريوسي وتولى بدلاً منه جراتيان الذي أعاد الأساقفة المنفيين عام ۳۷۸م.

وفاة القديس باسيليوس

في سنة 379 توفى القديس باسيليوس فكان على غريغوريوس أن يقوم بجميع مهام أخيه الرهبانية واللاهوتية والكنسية، فتألق نجمه، وظهر سياسياً كنسياً يُطلب في كل صغيرة وكبيرة، وخطيباً مُفوهاً، ولاهوتياً خبيراً حاذقاً في قضايا العصر العقائدية، وواعظاً مسموع الكلمة

نياحته

وظل القديس يرعی شعبه أحسن رعاية حتى تنيح على ما يبدو حوالي سنة 394م.


فكره وكتاباته: 

نال القديس غريغوريوس شهرة واسعة بسبب رجاحة عقله وعمق كتاباته اللاهوتية التي عبرت بصدق عن نقاوة التعليم الرسولي كما وضعه السيد المسيح في الكنيسة. لذلك نجده قد اشترك في الكثير من المجامع التي عقدت في عصره وساعد كثيرا في دحض الكثير من الهرطقات.
وكان أشهر المجامع التي حضرها هو مجمع القسطنطينية المسكوني سنة ۳۸۱م وكان له دور فعال فيه. 

تنوعت كتابات القديس ما بين العقائدية والتفسيرية والتعليمية. فنجد مثلا كتبه التي ألفها في مواجهة أنوميوس الأريوسي الذي أنكر لاهوت الابن والروح القدس، كذلك کتب ضد أبوليناريوس الذي أنكر كمال ناسوت السيد المسيح وضد مقدونيوس الذي اعتبر الروح القدس مجرد طاقة إلهية وليس أقنوما کاملاً مثل الأب والابن. 
 أما عن الكتب التفسيرية فنجد له مؤلفات عن تفسير أجزاء من سفر التكوين وعن سفر النشيد والمزامير والجامعة وأيضا تفسير أجزاء من الإنجيل ومجموعة من رسائل بولس ككورنثوس الأولى مثلاً. 
وله كتاب ” التعليم الكبير”، الذي يُعد بعد كتاب المبادي لأوريجانوس،أول محاولة لاهوتية شمولية.


عظاته:

اشتهر القديس غريغوريوس أيضا بعظاته التي عرفت ببلاغتها الشديدة وتنوع موضوعاتها وعمقها الروحي.

___

أنظر أيضاً: كتب القديس غريغوريوس أسقف نيصص

فاصل

القديس غريغوريوس النزينزي

الكنيسة الجامعة

أمفيلوخيوس

الآباء الكبادوك

تاريخ الكنيسة

 



اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى