الإيمان هو الثقة بما يرجى

 

الإيمان هو الثقة بما يُرجي والإيقان بأمور لا تُری” (عب ۱:۱۱)

إيماننا المسيحي الذي نترجاه من الله ليلاً ونهاراً هو أن يكون لنا نصيب في ميراث الله في شخص يسوع المسيح، أما إن انحصر رجاؤنا في أمور هذا العالم، فيا لخيبة رجائنا ويا لبؤس مصيرنا !! وبقياس النصيب الصالح في هذا الدهر نكون قد خسرنا كل ما اقتنيناه وما نريد أن تقتنيه، فقنية هذا الدهر تراب في تراب، ونهايتها الفساد والزوال، وتبقي لنا خيبة الأمل، ويضيع الرجاء الحقيقي الذي ليس من هذا الدهر. 

علماً أيها الصديق المحبوب، أن ميراث الأرض كله هو تحت وصاية السوس واللصوص والحظ العاثر، ثم حياة الحسرة والندم و النهاية. 

أما إذا كانت لنا ثقة بربنا يسوع المسيح، وتمسكنا بما ترجّاه لنا، من شركة في مجده، وحياة في حضرته، ومصالحة مفرحة مع أبيه؛  فنحن نكون قد فرَّحنا قلب الله، ونلنا میراثنا مع المسيح في ملكوته.

فالرجاء الحقيقي مقصور على ما أُعد لمحبيه في أمجاد الدهر الآتي و كذلك فالإيمان بالمسيح منحصر فقط في الأمور السمائية التي لا تُري.

فلا يخطئ أحد ويعتقد أن الإيمان بالمسيح هو مجرد الاعتراف والتبعية العامة والتفاخر بالاسم دون إنكار الذات والانخراط في صفوف المومنين  والقديسين الذين باعوا هذا العالم وقبلوا الاضطهاد من أجل اسم يسوع. فالإيمان بالمسيح يقابله جحد هذا العالم بكل ما فيه، لأن العالم بكل ما فيه ليس من المسيح في شيء، كما يقول المسيح: “إنه ليس من هذا في العالم” (يو8: 23)، وأضاف: وانتم أيضأ لستم من هذا العالم، وكل من لا يؤمن بالمسيح ليس من هذا العالم.

بولس الرسول يفتخر أنه خسر كل شيء في هذا العالم لكي يربح المسيح ، بل ومستعد أيضا أن يخسر كل شيء من أجل فضل معرفته . وهكذا يضع بولس الرسول قانون ربح المسيح بأنه المقابل لخسارة كل شيء في العالم والاستعداد لخسارة كل شيء .

فإن ظننا أن الرجاء الذي أسسه المسيح لنا ينحصرفي أرباح العالم ؛ نكون بذلك قد خسرنا المسيح نفسه وكل ما أعده لنا في الدهر الآتي . فليس هناك شيء وسط : إما خسارة ومعها المسيح ؛ وإما ربح ومعه ضياع كل أمجاد السماء.

ولاحظ أنه مستحيل أن نجمع ما للعالم وما للمسيح معاً؛ فالمسيح مات عن العالم ومتنا معه عن العالم ، فكيف نعيش بعد للعالم ؟ أليس هذا يكون إنكاراً للصليب والمصلوب عليه ؟ لذلك يقول الكتاب : ” اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجساً فأقبلكم” فلا خلطة للنور مع الظلمة ، والنور والظلمة هما إما مع المسيح أو الضد للمسيح ، ولا يمكن الجمع بينهما . فنحن مدعوون لرجاء حي في نصيب المسيح الذي نهايته میراث في الحياة الأبدية محفوظ لنا في السموات .

فانتبه ، لئلا يغرك العالم وتستدرجك الحية القديمة بمكرها وتسرق نصيبك السماوي من أجل أمور تافهة مآلها الفناء والزوال ۔

حاذر لئلا يكون رجاؤك في المسيح محصور في احتياجاتك الدنيوية ، أو أن تتلهى بعطايا الأرض ثم تعتقد بعد ذلك أنك تؤمن بالمسيح عندئذ ستواجه أتعس نصيب وهو حرمان من ملكوته.

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى