الكنيسة التي في بيتك

 

 “وَأَمَّا أَنَا وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ الرَّبَّ” (يش 15:24) 
كل بيـت مسـيحى هـو كنيسـة صـغيرة تشـهد للمسـيح, والعائلـة هـى أيقونـة المسـيح, لأن الكـل يراها كما لو كانت أيقونة جميلـة تعبـر عـن الوحدانيـة فـى كيـان واحـد, وعـن عمـق الحـب الـذى يربط جميع أفراد الأسرة معاً وبالمسيح من خلال الحياة الكنسية المعاشة.

دعامات أساسية يقوم عليھا البيت المسيحى الذى يشھد للمسيح:

  1.  أن يكون الـرب يسـوع المسـيح هـو مؤسـس الأسـرة فـى سـر الـزواج المقـدس, ومـن خـلال طاعة الإنجيل طاعة عملية, سيسهل للجميع أن يروا الرب يسوع وسطهم, ويتحـول البيـت إلـى منارة يضئ نورها قدام الناس.
  2. تعاون الزوجين على الحياة معاً فى كـل الظـروف المحيطـة بهمـا بتفـاهم وحـب وحكمـة ممـــا لا شـــك يعطـــى نموذج للـــزواج المسـيحى الشاهد للمسـيح, الـذى لا يـــرتبط فيـــه الـــزوجين
    برباطات مادية فقط, بل يحاول كل شريك أن يسـعد الأخـر ويسـنده ويعاونـه, وبهـذا يصـبح كـل منهما سبب بركة وخلاص نفس شريكه.
  3. تعامــل كــل مــن الــزوجين مــع عائلــة الأخــر فــى احتــرام متبــادل, تحــت إرشــاد أبــاء اعتــراف العائلة, مع إمكانية تقديم المحبة بوعى أن كل تقديم وتسامح هو أكبر شهادة للمسـيح الـذى قـال:  “بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ” (يو35:13).

سمات البيت المسيحي

للبيــت المســيحى ســمات تؤكــدها لنــا الكنيســة كــل يــوم فــى أوشــية الاجتماعــات, إذ تصــلى:  “بيوت صلاة, بيوت طهارة, بيوت بركة”.


1- بيوت صلاة

إن وجود ركن فى البيت للصلاة هو سمة بيوت الصلاة, فوقوف الجميع أمـام االله وقـد نسـوا لبعضـــهم أى إســـاءة متعمـــدة أو غيـــر متعمـــدة أو جـــرح للمشـــاعر غيـــر مقصـــود، يجعـــل للبيـــت رائحــة المســيح الزكيــة التــى تشــهد للمســيح بالســلام الحقيقــى, والثقــة الحقيقيــة فــى تــدخل الــرب
ومعونته داخل البيت, فالعواصف لا تقوى على هذا البيت لأنـه بيـت تأسـس بنـاؤه علـى صـخر الدهور ربنا يسوع.

2- بيوت طھارة

 الطهارة التى تعلمنا المسيحية إياها بصفة عامة: هى نقاوة أعماقنـا “نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا نَقِيًّا. ”  (مت 26:23) وأيضاً العناية بظواهرنا “لا تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ. مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ النَّاسِ.” (رو 17:12).
إن طهارة الأعمـاق تعنـى طهـارة المشـاعر مـن انفعـالات الغضـب، أو الغيـرة أو التملك، وهذه كلها أسرار لا يحكم فيها غير الإنسان نفسه أمام االله الذي يعرف النيات.

أيضــاً إن طهــارة الأعمــاق ونقاوتهــا تعنــى أيضــاً خلــو بيتنــا مــن الشــهوة، فــالزواج لــيس بــديلاً للزنــا بالشــهوة، وإنمــا هــو محاولــة إســعاد كــل شــريك للآخــر بعطائــه جســده وعقلــه وروحــه. لــذا فالمضجع هو قدس الرب، نرفع فوقه الصليب لنتذكر الحب الذى يضع نفسه لأجل أحبائه.

3- بيوت بركة

نحــن نــؤمن أن بيوتنــا بالبركــة تؤســس، وبالبركــة تــدار، وبالبركــة تنمــو، فهنــاك إصــطلاحات يكثر تداولها فى بيوتنا المسيحية (المصاريف زادت – خليها بالبركة) (أنا مخليها بالبركـة، مـا أعرفش اللى فى جيبى كام.. اللى جاى رايح وأنا ماشى بالبركة).
فالبركـة فــى بيوتنــا تســتمر بإســتمرار حفاظنــا علــى حــق االله فــى مالنــا بتقــديم العشــور والبكــور والنذور بأمانة مهما كان احتياجنا، فالذى يعرف احتياجنا يباركنا أكثر عندما نقدم من أعوازنا كما فعلت الأرملة (مر2: 41-42).
فمفهومنا للبركة معناه: أن هنــاك إضــافه غيــر مرئيــة يمنحهــا الــرب تضــاف إلــى صــحتنا وأموالنا ورزقنا وأولادنا, نحن لا نراها ولكننا نحسها ونلمس فعلها.  ” بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلاَ يَزِيدُ مَعَهَا تَعَبًا. ” (أم 22:10).

 وجود هذه السمات الثلاثة فى أى بيت هو كرازة صامته تشهد للمسـيح دون وعـظ ولكـن الجميع يرى فيشهد للمسيح ويمجده.

أمثلة لبيوت شهدت للمسيح

 بيت أبونا ابراھيم:

  1.  بيت تأسس على طاعة الإيمان، وتصديق غير المرئى.. فذهب آبرام كما قال له الرب ( تك 4:12)
  2.  بيــت شــاهدنا فيــه المــذبح دائماً .. فــى كــل موضــع كــان ينــزل إليــه أبونــا إبــراهيم, أو يقــيم فيه، كان يبني مذبحاً للرب ويدعو باسم الرب (تك 12: 7). والمـذبح كـان يعنـى وجـود ذبيحـة  أى عطاء بسرور للرب، لا يرجى منه غير تذكار الرب، ودعوته ليباركهم وتستمر معونته لهم.
  3.  أعطى إبراهيم تطبيق عملي لسلوك العائلة المضيفة.. التى تكرم ضـيوفها بسـخاء، فمـن أجل ثلاثة ذبح عجلاً مسمن وصنع لهم بالزبد والسميذ فطائر (تك 18: 2-8) .

     بيت زكريا وأليصابات:
    بيت يسلك فى وصايا االله بلا لـوم، الكـل فيـه ممتلئـون مـن الـروح القـدس، الأب كـاهن امـتلأ مـــن الروح القـــدس وتنبـــأ (لو67:1)، الأم أليصابات امرأة بارة امتلأت مـن الـروح القـدس وصــرخت بتطويـــب أمنـــا العـــذراء, فلمـــا زارتهـــا القديســـة العـــذراء مـــريم قالـــت أليصابات بـالروح  القدس: ” فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىَّ؟” (لو 43:1), والابـن يوحنـا المعمـدان نبـى قيل عنه: “ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس ” (لو 51:1). 


ختاماً: إن الحضــور الــدائم والمسـتمر للـرب يسـوع فــى بيتــك يحولــه إلى كنيســة مثمـرة,  ويحل السلام والبركة وسط الأسرة، وعندها تعيش العائلة بمبدأ ” بالحكمة يبني البيت وبالفهم يثبت ” (أم 3:24)

إن لــم توجــد كنيســة فــى بيتــك.. فعلــى الأقــل احــرص أن يوجــد مكــان
للـرب, ولــو ركـن بســيط فيـه أيقونة وقنـديل ليصــبح مكاناً للصلاة، يحول بيتك لبيت مقدس للرب يضئ فيه.

(قداسة البابا شنودة الثالث)

زر الذهاب إلى الأعلى