بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة

 

“بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة”(لو ۱۲ : ۳۳)

إنها عملية ” تعزيل ” أو هجرة أو نقل من بيتنا الأرضي لبيتنا السماوي عبر البيع والصدقة . أفخر ما عندنا وأثمن ما نمتلك إذا أردنا أن نأخذه معنا إلى فوق حيث بيت الآب الأبدي ، علينا أن نبيعه ونعطي ثمنه صدقة. وأموالنا التي نخاف عليها والتي جعلت القلق والخوف عليها ينغص عيشتنا ، إن أردنا أن نحفظها ونحافظ عليها، نضعها في كيس متين ونرسله حيث الفقراء والعجزة والمعوزين، وهو يتحوَّل باسمنا فوق ونستلمه كيساً من النعمة يحوي عطايا الآب السماوي لمحبيه . أمَّا الجواهر والذهب والأشياء النادرة فهي تتحول من يدنا ليد الفقير لتصير كنزاً سماوياً يحوي كل ما هو مُفرح ومُسر للروح إلى الأبد .

ولكن طالما هي معنا هنا فهي همَّ بالليل واضطراب بالنهار . حتى إذا لم تفقد قيمتها قليلاً قليلاً حتى تفنى ولا يعود لها وجود : الملابس يأكلها العث ، والأطعمة يأكلها السوس ، والمال إن لم يُصرف يُسرق. ومهما أمنَّا على أموالنا وحياتنا ففي النهاية : “عرياناً خرجت من بطن أمي وعرياناً أعود إلى هناك ، (أي 1 : 21) ، ولو انتصحنا لعشنا يومنا لا نحمل همَّ الغد ، فيومنا لنا وباكر هو في يد القدير ، فالذي يأتي ، يأتي ومعه ما يسد أعوازه : “حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية هل أعوزكم شيء ؟”.

كل من أطاع وصية المسيح وجد فيها ما يفوق تصور الإنسان . لأن كلام المسيح يحمل قوته ، والوصية فيها سر تنفيذها ، وطاعة المسيح تلزم السماء بأن تقدم معونتها . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى