هو سيعمدكم بالروح القدس ونار
“هو سيعمدكم بالروح القدس ونار” (لو3 : 16)
لقد دخل الروح القدس يوم الخمسين في طبيعة نارية ، إنها نار تصبغ وتعمد ، أي تُجدد ، تعبيراً عن أعظم فعل تأثيري إيجابي للتطهير سيصيب الطبيعة البشرية إصابة جذرية دون أن يؤذيها أو يلغيها .
الروح القدس أدخل إلى عالمنا الإنساني ناراً أخرى تلهب الضمير وتشعل الحب وتنير البصيرة وتكشف الحق .
هذه نار الله حالما تغشي طبيعة الإنسان ، فإنها تأخذ في القلب لمعان وجه الله كوجه موسى في القديم ، وتأكل كل زغل في الإنسان ولكن في سر الأعماق ، في عالم الكيان الداخلي للإنسان .
معمودية النار بالروح القدس صارت طبيعة الكنيسة التي نولد منها صغاراً وكباراً ، نولد ملتهبين ، ونتغذى من داخل أسرارها فتزداد التهاباً . تُضرم في طبيعتنا الجديدة أشواق البذل والخدمة والشهادة ، وتُفرخ من كل جيل أبطالاً يقتحمون أتون التجارب وأصعب المصاعب ليشهدوا بكلمة الحياة وللمسيح المقام .
ما أن تقبل الطبيعة الإنسانية الروح القدس ، فإنه يشعل كل ملكات الفكر وكل أعضاء الجسم حتى يصير الإنسان وكأنه في أتون الثلاثة فتية . النار تلفه من كل جانب وهو ينشد نشيد الظفر ، والمسيح قائم وسط النار وكأنه هو الذي يضرمها . ويخرج الإنسان وقد انصبغ بطبيعة النار دون أن يمسه منها أذى.
لذلك كم من الخسارة المريعة والمحزنة التي تصيبنا عندما نرفض أن نُلقي بذواتنا في نار الروح القدس .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين