مواظبين على الصلاة
“مواظبين على الصلاة” (رو ۱۲ : ۱۲)
الصلاة أمرها معروف ولا مزايدة عليها ؛ ولكن الذي يقصده الرسول هو المواظبة ، وهو بحسب اللغة الأصلية تعني الاستمرار بشدة وعزيمة.
الرب يسوع مرة أراد أن يوضح قوة الصلاة المستمرة بشدة ، فعرفها كالآتي : “أفلا ينصف الله مختاريه الصارخين إليه نهاراً وليلاً وهو متمهل عليهم ؟ ..”( لو ۷:۱۸ ).
إذن ، مواصفات هذه الصلاة المستمرة هي « صراخ » ، إنها ليست مجرد صلاة فريضة ؛ وكأنها تسليم رسالة ، ولكن هي صراخ لا يكف بالنهار والليل. وفي المقابل فإن الله يظهر وكأنه متمهل ، كأنه لا يسمع ، لماذا ؟ لكي يرتفع الصراخ إلى مستوى الصراخ الحقيقي . لماذا ؟ لكي ترتفع طاقات الروح والوعي للتلامس مع مشيئة الله وتكون على مستواها. حينئذ يستجيب الله سريعاً دون إبطاء ، وحينئذ يتحرك الله بالاستجابة مهما كلف الله ذلك ، حتى وإلى أن يُعطي الإنسان ما لم يكن مستعداً أن يعطيه : « حولي عني عينيك فإنهما قد غلبتاني » ، “ملكوت الله يغصب والغاصبون يختطفونه ( بدموعهم )” ( مت ۱۲:۱۱ ).
في الحقيقة إن كل من يصلي يكتشف أنه يوجد على مسافة زمنية من بدء الصلاة حاجز خطر ، هو الذي تسقط عنده ألوف الصلوات فارغة ، هو حاجز الملل . فبعد أن يبدأ الإنسان الصلاة بحرارة نوعاً ما وإذ يطول وقت الصلاة وتضعف العزيمة يبدأ الإنسان يتراخي فيصطدم بحاجز الملل ، فيختم الصلاة ويكتفي بالعودة إلى ما كان منشغلاً فيه . هذا هو أصبع العدو ، لابد من اختراقه بأي ثمن ، لابد أن تعبر هذا الحاجز ، وحينئذ سوف تمتد الصلاة إلى ما شاء الله.
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين