أحقاً قال الله..؟
“أحقا قال الله …؟” (تك ۱:۳)
يبدأ العدو حربه العقلية مع الإنسان بطريقة هادئة ، بتقديم مجرد مشورة أو عرض لفكرة – خاطئة طبعاً- ولكن تتناسب في خبثها مع حالة الإنسان الروحية. ولكن بعد أن يقدم فكرته الخبيثة المحبوكة لا يملك بعد ذلك أن يتقدم خطوة واحدة إيجابية في تفكيرك الخاص. وهذه رحمة من الله على طبيعتنا البشرية . لأنه لو كان للشيطان قدرة التسلط على تفكيرنا أو إمكانية تحريك عقلنا لمصلحته ما كان في استطاعة إنسان أن يفلت من سطوته وشره.
وفي الحقيقة إن أقوى أسلحة الشيطان هي مناسبة التجربة لواقع الحال . نرى ذلك في تجربتين ذكرهما الكتاب المقدس : الأولى هي للمجرب الذي تقدم إلى يسوع عندما جاع ، وأشار عليه بفكرة تحويل الحجارة خبزاً . والثانية هي في قصة داود ، الذي لما شعر بالضجر فصعد على السطح ليتمشى ؛ قدم له الشيطان منظر امرأة تستحم.
فالعدو ليس دائماً يزأر حولك كالأسد! فحينما تقف لتصلي أو في أثناء ساعات جوعك في جهاد الصوم المبارك أو حينما تجول تصنع خيراً… في هذه الساعات لا يقدر الشيطان أن يقترب منك ، لأن أمانتك وثقتك وحبك لله تكون كسهام نارية موجعة له جداً. ولكن حينما تنتهي من صلاتك أو تفرغ من صومك أو تعود من جولاتك الرحيمة يتقدم ، ولكن ليس كأسد لأنك تكون لازلت مُفعماً بقوة الخير ؛ وإنما كحية لئيمة تمزج اللين بالخبث . يقول لك : ما أكرمك اليوم ، لقد تشبهت بالقديسين ؛ ولكن احذر ذلك . لأن كلام الشيطان في القلب لين كالزيت ، وهو أحدُّ من السيف.
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين