بوتقة التجارب
القديس يوحنا ذهبي الفم
“إنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت االله” (أع 14: 22).
كما يلقي ممحص الذهب بقطعة الذهب في الفرن لتحتمل النار إلى حين حتى يراها قد تنقت، هكذا يسمح االله بامتحان الأنفس البشرية بالضيقات حتى تتنقى وتحصل على نفعٍ عظيمٍ… فليتنا لا نضطرب ولا نيأس عندما تحل بنا التجارب. لأنه كما أن ممحص الذهب يعلم الزمن الذي ينبغي أن يترك فيه الذهب في الفرن، فيُخرجه في الوقت المعين ولا يتركه بعد في النار حتى لا يفسد ولا يحترق، هكذا كم بالأكثر يعلم االله ذلك. فعندما يرانا قد تنقينا بالأكثر، يعتقنا من تجاربنا حتى لا ننطرح ونُطرد بسبب تزايد شرورنا.
عندما يحل بنا أمر ما لم نكن نتوقعه لا نتذمر ولا تخور قلوبنا، بل نقبله من االله الذي يعرف هذه الأمور بدقةٍ، حتى يمتحن قلوبنا بالنار كيفما يُسر، إذ يفعل هذا بقصد فائدة المجربين. لذلك يوصينا الحكيم قائلاً بأن نخضع لله في كل الأمور، لأنه يعرف تماما متى يخرجنا من فرن الشر. (حكمة يشوع 1: 1، 2)
يليق بنا أن نخضع له على الدوام، ونشكره باستمرار، محتملين كل شيءٍ برضا، سواء عندما يمنحنا بركات أو يقدم لنا تأديبات. لأن هذه الأخيرة هي نوع من أنواع البركات.
فالطبيب ليس فقط يسمح لنا بالاستحمام (في الحمامات)… أو الذهاب إلى الحدائق المبهجة، بل وأيضاً عندما يستخدم المشرط والسكين هو طبيب!
والأب ليس فقط عندما يلاطف ابنه، بل وعندما يؤدبه ويعاقبه… هو أب!
وإذ نعلم أن االله أكثر حنواً من كل الأطباء، فليس لنا أن نستقصي عن معاملاته، ولا أن نطلب منه حساباً عنها، بل ما يحسن في عينيه يفعله. فلا نميز إن كان يعتقنا من التجربة أو يؤدبنا، لأنه بكلا الطريقين يود ردنا إلى الصحة، ويجعلنا شركاء معه، وهو يعلم احتياجاتنا المختلفة، وما يناسب كل واحدٍ منا، وكيف،
وبأية طريقةٍ يلزمنا أن نخلص…
لنتبعه حيثما يأمرنا، ولا نفكر كثيراً أن كان يأمرنا أن نسلك طريقًا سهلاً وممهداً أو طريقًا صعباً وعرا
+++
لماذا أنت مضطرب يا ابني؟
ها أنا قادم إليك!
أسير علي مياه الآلام وأمواج الضيقات والأحزان.
تطلع يا ابني إليَّ، فإني قادم علي المياه المرة.
أنا قادم، لا لتُدهش من سيري علي المياه،
وإنما لأدعوك باسمك.
لا تخف، تطلع إليَّ، فتسير نحوي ومعي.
تدرك إني سمحت لك بهياج البحر،
وإن ما يحل بك هو جزء من خطة حبي لك.
إني أبوك المملوء حنواً، أنا ضابط الكل!
تسير معي علي المياه كما في طريق ضيق،
لكنه طريق ملوكي آمن.
أعبر بك إلي حضن أبي لتستقر هنا
+++
من كتاب لقاء يومي مع إلهي للقمص تادرس يعقوب ملطي