تعال وانظر

للأب أنتوني كونيارس

(يو1: 44-52)

بعد أن تقابل فيلبس مع الرب يسوع وجد نثنائيل فقـال لـه «وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء، يسوع ابن يوسـف الذي من الناصرة»، ولكن نثنائيل قال: «أمن الناصرة يمكـن أن يكـون شيء صالح؟» فكانت إجابة فيلبس له في لمح البصر: «تعال وانظر».

کلمتان هامتان: تعال وانظر:

يؤمن يدعونا الرب يسوع دائما أن نأتي وننظر. عندما قال توما إنه لن لأنه لم ير المسيح القائم من الأموات، ظهر له الرب يسوع ودعاه أن يأتي ويرى ويلمس جروحه. أتى توما ورأى ولمس الجروح وآمـن، و لم يعد توما مثلما كان من قبل.

عندما اعترف بطرس أن الرب يسوع هو: “المسيا”، ابـن الله الحي، حثه الرب ألا يعلن جهارا هذا السر عنه. أراد الرب أن يؤمن بـه الناس، لا لأنهم سمعوا عنه من آخرين، ولكن أن يأتوا إليه من خـلال الشخصية معه؛ يسمعوه ويتبعوه من كل قلوبهم بعد أن يدخلوا علاقتهم معه في علاقة حميمة. كثير منا له إيمان، ولكن قد يكون إيمانا متوارثاً من الأسرة. ولكن الذي ينفعنا هو إيماننا الشخصي، مثل ذلك الإيمان الذي قال عنه أيوب: «بسمع الأذن قد سمعت عنـك، والآن رأتـك عـيني» (أي42: 5). لن يتأتى هذا إلا إن دخلنا في علاقة خاصة مع الـرب، وسلّمنا له حياتنا، ورأينا بأنفسنا أي معجزات يصنعها في حياتنا، وأي فهم وقوة وحب ونعمة وغفران وفرح وسلام يسبغها علينا!

تعال وانظر!

تعال وانظر أي تغيير يمكن أن يفعله الرب فيك فيغير حياتك. سيهدم القديم من الطبيعة الخاطئة، ليسمح بطبيعة الله الجديدة فينـا أن تشرق وأن تلمع بكل روعة بهائها. سيساعدك لتبلغ غاية وجـودك، أن تصير: «شريك الطبيعة الإلهية » (2بط1: 4). سيرفع عنّا ذنوبنا، سيغفر لنا خطايانا، سيحمل عنّا أثقالنا، سيرفعنا إن سقطنا، سيعزينا في ضوائقنا، سيقوينا في ضعفاتنا.

تعال وانظر!

تعال وانظر كيف سيغير طعم الحياة عندك.

عملت إنسانة بسيطة محررة في إحدى الصحف الكثيرة الانتشار، وحازت نجاحًا عظيما، مما جعل طريقة وأسلوب حياتها يتغيّران تمامـا وعاشت في حياة رغدة ترتدي ملابس غالية الثمن. ما إن حدثت هـزة اقتصادية عالمية قوية، إلا وتبخرت كل استثمارات هذه الفتاة، ووصلت نفسيتها إلى الحضيض.

حاول أصدقاؤها تشجيعها لتتماسك، ولكنها لم تستجب. قـال لها أحد الأصدقاء: “لقد كنت فقيرة من قبل، ولم يكن الوضع مخجـلاً لك”.

تنهدت المحررة بحزن وقالت: “لكن الوضع تغيـر، أصـبـحث شخصا آخر ولي احتياجات غالية ومتزايدة، وتفتحت عيناي علـى الدنيا”.

بعد أن نأتي إلى الرب يسوع، تتحسن مذاقة الأمور الروحيـة لنا بقوة، ولا يمكن أن نقتنع فيما بعد بما هو رخيص أو خسيس، وكيف يكون لنا هذا بعدما ذقنا الأحلى: «ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب» (مز34: 8).

تعال وانظر:

تعال وانظر العجائب والعظائم التي يديرها الله في حياتك. تعـال وانظر ما يمكن أن يضيفه في حياتك من معان وأهداف. تعال وانظـر الخطط العظيمة التي يقودك إليها. تعال وانظر إلى غنى الحـب الـذي يذخره لك. تعال وانظر المواعيد التي يعدها لك. تعال وانظر الانتصار العظيم الذي نلته من وراء موته وقيامته. تعال وانظر شوقه لتكون معـه في ملكوته. تعال وانظر إلى المستقبل الوضاء والبسام الذي أعده لـك. تعال وافتح الباب لتدعه يدخل إلى قلبك. انظر مدى اشتياقه أن يمكـث في بيتك مثلما عمل مع زكا العشار. هو يريد أن يؤسس معك علاقة شخصية وحميمة ومحكمة معك.

تعال وانظر:

اقترب هوكسلي Huxley، اللا أدري يوما ما من أحد الفلاحين البسطاء المؤمنين وسأله: “لماذا أنت مسيحي؟، فرفض الفلاح الإجابة واعتذر له قائلا: “يمكنـك أن تلاشي حججي في لحظة، وأنا لست في هذه الدرجة مـن الـذكاء لأتناقش معك”. فقال له هوكسلي بلطف: “أنا لا أريـد أن أتحـاجج معك، ولكن أريد أن تخبرني فقط ماذا يعني هذا المسيح لـك”. ففعـل الفلاح ذلك وتكلّم معه عن علاقته الشخصية مع المسيح، ولما انتهى من كلامه، إذ بدموع تنهمر من عيني اللاأدري العظيم. لم تكـن شـهادة ذكاء التي قدمها الفلاح هي التي لمست قلب هوكسلي، ولكن خبرتـه المسيحية الشخصية التي جعلته ليأتي إلى يسوع وينظره: «أمن الناصـرة يمكن أن يكون شيء صالح؟»، «ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب».

اعتراف عالم:

قال أحد العلماء اللامعين ما يلي:

” قبل أن أذهب لإلقاء محاضرتي، أريد أن أقول لك شيئا، أنا مسيحي. لقد نشأت في منـزل مسيحي مع أخي، وكنا نحن الاثنين قريبين جدا من بعض، وكنا معا في الجامعة؛ وبينما كـان والـدانا متدينين جدا، لم يكن لي أنا وأخي وقت للتدين، وكنا نظن أن الدين هو لكبار السن فقط، أما نحن فعلماء، وصار لنا أن نتعامل مع الأمور بطريقة علمية. حدث أن مات أخي، ولما كان والـداي مؤمنين حقيقيين، فقد استطاعا احتمال هول الصدمة، أما أنا فقد فقـدت أخي وفقدت العزاء. وفي إحدى الليالي وأنا مكسور القلـب عـلـى أخي، رأيت أن كل كبرياء علمي صار هشا أمام سطوة المـوت، فركعت على قدمي وحاولت أن أصلي، ولكن لم أكن أعرف كيف أصلي. كانت صلاتي بسيطة، وفتحت يدي، وشعرت أنه يوجد من يمسك بيدي. أحسست أنه يوجد من يأتي لمساعدتي، وبطريقة مـا أدركت أنه الرب يسوع. ومن ذلك الوقت صرت مسيحيا، ولـن توجد قوة تقدر أن تأخذه مني فيما بعد”.

تعال وانظر بنفسك، وذُق كم أن الرب صالح. 

< صلاة >

أشكرك يارب على دعوتك الجميلة هذه.

ساعد كل إنسان ليأتي ويكتشف بنفسه الأشياء العظيمة الـتي ادخرتها للذين يأتون إليك، بقلب متضع ومستقيم.

لك كل المجد إلى الأبد.

آمین.

فاصل

من يكون الرب كتب الأب أنتوني كونيارس ملكوت الله يأتي بقوة 
كتاب لقاء مع الرب يسوع في الأناجيل – ج1
المكتبة المسيحية

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى