كو 20:1 و ان يصالح به الكل لنفسه عاملا الصلح بدم صليبه

 

وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ: مَا عَلَى الأَرْضِ، أَمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ.

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

“وأن يصالح به الكل لنفسه،

عاملًا الصلح بدم صليبه بواسطته،

سواء كان ما على الأرض أم ما في السماوات” [20].

إذ دخلت الخطية إلى حياة الإنسان أفسدت طبيعته، فحملت عداوة نحو الله. أحيانًا لا يطيق الإيمان حتى بوجود الله، بل ويحاربه ويقاومه، كما يستبدله بالمخلوقات. وإن اعتقد بوجوده لا يقبل وصيّته، وينكر عناية الله ورعايته، ويحسبه كمن يستعبده ليقيّد حريّته ويفقده شخصيّته. “كل تصوّر أفكار قلبه إنما هو شرّير كل يوم” (تك6: 5).

لم يكن ممكنًا للإنسان من جانبه أن يطلب المصالحة، بل أصرّ أن يعطيه القفا لا الوجه (إر 2: 27). فأعدّ الله خطة المصالحة بالصليب، قاتلًا العداوة به (أف2: 16).

بالصليب أعلن الله مبادرته بالحب بلا حدود.

بالصليب قتل العداوة ونقض حائط السياج المتوسّط بين الإنسان والله، كما بين الإنسان وأخيه (أف2: 14-17).

بالصليب أعطى إمكانيّة الإنسان للتمتّع بطبيعة الحب.

تصالحت السماء مع الأرض، إذ أمكن للإنسان الترابي أن يلبس عدم الفساد ويوجد في حضن الآب السماوي القدّوس.

وتصالح الإنسان مع الملائكة، إذ طال انتظار الملائكة لرؤية خلاص الإنسان، فقد بعثهم الله برسائل سماويّة إلى رجال الله، وقد حملوا لهم حبًا كرسل للحب ذاته. وإذ تمّت ذبيحة الصليب تكشّف لهم السرّ المكتوم قبل الدهور من جهة خلاص الإنسان.

*     كان ضروريًا لربي ومخلصي ليس فقط أن يولد إنسانًا بين البشر، بل وأن ينزل إلى الجحيم, كإنسانٍ مستعدٍ أمكنه أن يطلق نصيب (قرعة) الكفارة في برية الجحيم. وإذ عاد من ذاك الموضع كمل عمله, واستطاع أن يصعد إلى الآب, وقد تمم التطهير بالكامل على المذبح السماوي, وأمكنه تقديم عربون جسده الذي أخذه معه في طهارة دائمة. هذا هو اليوم الحقيقي للكفارة عندما صار الله كفارة عن البشر. وكما يقول الرسول أيضًا: “إن الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه” (2 كو 19:5). ويتحدث عن المسيح في موضع آخر: “عاملًا الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على الأرض أم ما في السماوات“[88].

 العلامة أوريجينوس

*     كما بدأ السلام أن يستتب أعلن الملائكة: “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام” (لو14:2). وعندما تقبلت الكائنات الأدنى السلام من الكائنات الأسمى “صرخوا: مجد على الأرض، وسلام في السماوات” (راجع لو 38:19). في ذلك الحين عندما نزل اللاهوت والتحف في الناسوت صرخت الملائكة: “على الأرض السلام”, وعندما صعد الناسوت لكي ما يُبتلع باللاهوت (دون زوال الناسوت) ويجلس على اليمين -“سلام في السماء“- صرخ الأطفال أمامه: “أوصنا في الأعالي” (مت 9:21). لهذا تعلم الرسول أنه يلزم القول: “عاملًا الصلح بدم صليبه سواء كان ما في السماوات أم ما على الأرض”[89].

 القديس مار أفرام السرياني

*     السلام الحقيقي علوي. مادمنا مرتبطين بالجسد نحمل نيرًا لأمور كثيرة تتعبنا. ابحثوا إذن عن السلام, وتحرروا من متاعب هذا العالم. اقتنوا ذهنًا هادئًا، ونفسًا هادئة غير مرتبكة, لا تثيرها الأهواء، ولا تجتذبها التعاليم الباطلة, فتتحدى إغراءتها لقبولها حتى يمكنكم أن تنالوا “سلام الله الذي يفوق كل فهم يحفظ قلوبكم” (في 7:4). من يطلب السلام يطلب المسيح, لأنه هو نفسه سلامنا, الذي يجعل الاثنين إنسانًا جديدًا واحدًا (أف 14:2), عاملًا سلامًا, وعاملًا سلامًا بدم صليبه سواء ما كان علي الأرض أم ما كان في السماوات[90].

 القديس باسيليوس الكبير

*     احتمل المخلص هذا كله “عاملًا الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على الأرض أم في السماوات” (كو 20:1). لأننا كنا أعداء الله خلال الخطية وحكم الله على الخاطي هو الموت. لهذا كان لا بُد من تحقيق أحد أمرين: أما أن الله في عدله يبيد كل البشرية، أو في محبته المترفقة يزيل الحكم!

أنظر حكمة الله، فقد حفظ الحكم وفي نفس الوقت حقق محبته! لقد حمل المسيح آثامنا في جسده على الخشبة لكي “نموت عن الخطايا، فنحيا للبرّ” (1 بط 24:2). إنه لم يكن بالهيّن ذاك الذي مات عنا، فليس هو مجرد حمل حرفي ولا إنسان عادي، بل أعظم من ملاك، أنه الإله المتأنس، لم تكن خطايا البشر أعظم من برّ الذي مات بسببها.

لم تكن هذه الآثام كثيرة بالنسبة لبرّ ذاك الذي بإرادته وضع نفسه وبإرادته أخذها[91].

القديس كيرلس الأورشليمي

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية 20:- و ان يصالح به الكل لنفسه عاملا الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على الارض ام ما في السماوات.

يصالح به الكل = طبعاً الصلح لمن يقبل المصالحة ويؤمن بالمسيح ويقدم توبة عن أعماله الشريرةبدم صليبه = إذاً هو له جسد حقيقى وليس خيالياً كما قال الغنوسيونسواء ما كان على الأرض أم ما فى السموات = الصلح كان صلحاً بين الله والإنسان وبين الإنسان والإنسان وبين الأرضيين والسمائيين، فلقد صاروا كنيسة واحدة، والمسيح صار رأساً لكليهما (أف10:1) وصارت السماء تفرح بتوبة الخطاةلقد صار كل شىء جديداً فى المسيح يسوعوالرسول بدأ بالأرض لأن العداوة بدأت فى الأرض بسقوط آدم وبنيه.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى