يو11: 43 ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم: لعازر هلم خارجًا

 

“وَلَمَّا قَالَ هذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ:«لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا!»” (يو11: 43)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

“ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم:

لعازر هلم خارجًا”. (43)

كان يمكنه أن يقيم حبيبه لعازر بكلمة هامسة أو في صمت، لكنه صرخ بصوتٍ عظيم مناديًا حبيبه: “لعازر هلم خارجًا“. ذلك لكي يتأكد الحاضرون أنه أقامه بسلطانه الشخصي، لم يستخدم اسم آخر، إنما يأمر فيقوم الميت. ولعله صرخ بصوت عظيم ليدرك الحاضرون أن نفس لعازر لم تكن داخل القبر، بل يناديها السيد لتخرج من الجحيم، كما من مكانٍ بعيدٍ. أيضًا لكي يدرك الحاضرون أنه ذاك الذي قال بإشعياء النبي: “أنا الرب وليس آخر، لم أتكلم بالخفاء في مكان من الأرض مظلم” (إش ٤٥: ١٥: ١٦).

تكلم لكي ندرك أنه ذاك الذي في مجيئه الأخير يتكلم، فيسمع الأموات صوته ويحيون (يو ٥: ٢٥).

ناداه باسمه “لعازر” كمن يقيمه من نومٍ عميقٍ. يقول الله لموسى أنه يعرفه باسمه كعلامة اهتمامه به شخصيًا. لم يقل له “قم” بل “هلم خارجًا“، فحضرة المسيح واهب الحياة قدمت له الحياة، إنما صدر الأمر ليتحرك.

v لماذا صرخ بصوت عظيم كمن لم يرد أن يعمل بالروح ويأمر في صمت إلاَّ لأنه أراد أن يَظهر ما هو مكتوب: “في لحظة، في طرفة عين، عند البوق الأخير سيقوم من الأموات بغير فساد” (١ كو ١٥: ٥٢)؟ فإن رفع الصوت هو استجابة لدوي البوق. لقد صرخ “لعازر هلم خارجًا“. لماذا أضاف الاسم إلاَّ لئلا يظن أحد أنه قام بدلاً من آخر، أو أن الإقامة تمت عرضًا وليس بالأمر.

القديس أمبروسيوس

v لم يقل السيد المسيح للعازر: “باسم أبي هلم خارجًا“، ولا قال “أيها الآب أقمه”؟ لماذا لم يستخدم كل هذه التعبيرات، وبعدما أخذ شكل من يصلي أظهر بكل أعماله سلطانه المستقل؟ لأن هذا أيضًا هو جزء من حكمته، ليظهر بالكلمات تنازله، وبالأعمال السلطان… فإذ لم يكن هناك أي اتهام ضده سوى أنه ليس من عند الله، وبهذا خدعوا كثيرين، لهذا أكد ببراهين كثيرة هذه النقطة بأقواله وذلك من أجل ضعفاتهم. فقد كان في سلطانه بطرق أخرى أن يظهر في نفس الوقت اتفاقه مع الآب وإظهار كرامته، لكن الجموع لم تكن بعد قد ارتفعت بعد.

v إنه لم يقل: “قم”، لكنه قال: “هلم خارجًا” مخاطبًا الميت كمن يخاطب حيًا، فما الذي يكون مساويًا لهذا السلطان؟

وإن كان قد فعل هذا بغير قوته، ماذا يكون له أكثر مما للرسل الذين قالوا: “لماذا تشخصون إلينا كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي؟” (أع ٣: ١٢)

لو أنه لم يعمل بقوته ولم يضف ما قاله الرسل عن أنفسهم لكانوا هم بالحقيقة حكماء أكثر منه، إذ يرفضون المجد. وفي موضع آخر يقولون لماذا يفعلون هذا؟ “نحن أيضًا بشر تحت الآلام مثلكم” (أع ١٤: ١٥). إذ لم يفعل الرسل شيئًا من أنفسهم لذلك تكلموا بهذه الطريقة، لكي يحثوا الناس على ذلك، أما بالنسبة له فعندما وُجدت مثل هذه الفكرة عنه، أما كان يجب عليه أن ينزع هذه الشكوك، لو أنه لم يفعل هذه بسلطانه؟

وإنما بالحقيقة فعل المسيح عكس ذلك عندما قال: “لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا” (٤٢)، لكي يؤمنوا أنه لا حاجة أن أصلي (أطلب).

القديس يوحنا الذهبي الفم

v الآن ما هو: “هلم خارجًا” إلاَّ إظهار ما هو مخفي؟

من يعترف يخرج خارجًا.

هلم خارجًا“؛ ما كان يمكنه فعل ذلك لو لم يكن حيًا، وما كان يمكنه أن يكون حيًا لو لم يقم مرة أخرى. لهذا ففي الاعتراف إذ يفهم الإنسان نفسه يمجد الله.

v تأملوا حالة لعازر نفسه، فإنه خرج، ولكن بأربطته. كان حيًا بالفعل خلال الاعتراف، لكنه لم يصر حرًا بل كان متشابكًا إذ كان في أربطته. ماذا تفعل الكنيسة التي قيل لها: “ما تحلونه يكون محلولاً”، إلاَّ ما قاله الرب لتلاميذه: “حلوه ودعوه يمشي“؟

القديس أغسطينوس

v أتريد دليلاً أقوى على أن البعض يخلص بإيمان آخرين؟! لعازر مات، ومضى عليه يوم واثنان وثلاثة، وانحلت عضلاته ودب الفساد فعلاً في جسده. كيف يمكن لميت له أربعة أيام أن يؤمن، ويطلب بنفسه من المخلص؟

ولكن ما نقص عند الميت وُجد عند أختيه الحقيقيتين، فعندما أتى الرب سجدت الأخت أمامه. وعندما قال: “أين وضعتوه؟” أجابته: “يا سيد قد أنتن لأن له أربعة أيام“. فأجابها: “إن أمنتِ ترين مجد اللٌه” فكأنه يقول لها: ليكن عندك الإيمان الذي يقيم جثة الميت.

كان لإيمان الأختين قوة عظيمة هكذا حتى أعاد الميت من أبواب الجحيم!

إن كان للبشر بالإيمان، واحد لحساب الآخر، يمكن أن يقوم الميت، أما يكون النفع أعظم إن كان لك إيمان خالص لأجل نفسك؟!

بلى، حتى وإن كنت غير مؤمن أو قليل الإيمان فإن اللٌه محب البشر يتعطف عليك عند توبتك.

فمن جانبك، يليق بك أن تقول بذهن أمين: “اؤمن يا سيد، فأعن عدم إيماني” (مر 24:9). فإنك محتاج أن تقول مثل الرسول: “يا رب زد إيماننا”. فإذ لك نصيب من جانبك، تتقبل النصيب الأعظم من اللٌه.

القديس كيرلس الأورشليمي

v لما كان “الرب يحل المسجونين” (مز 7:146)، ويهب راحة لمنسحقي الروح والمرتعب من كلماته (إش 2:66)، ربما يقول لي أنا الراقد في قبر الخطية: “جيروم، هلم خارجًا“.

v إذ لا أزال ملقيًا في مقبرة خطاياي، ومقيدًا بأربطة شروري، انتظر أمر الرب الوارد في الإنجيل: “جيروم، هلم خارجًا“.

القديس جيروم

v يا من ترقد في ظلمة الضمير وفي فساد خطاياك كما في سجن الجريمة، هلم خارجًا. لتعلن عن خطاياك فتتبرر. “الفم يعترف به للخلاص” (رو 10:10). إن اعترفت عن دعوة المسيح فستنكسر القضبان، وتنحل كل سلسلة، بل وتزول نتانة الفساد الجسدي الخطيرة.

القديس أمبروسيوس

فاصل

تفسير القمص متى المسكين

 

42:11- 43 «………. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي». وَلَمَّا قَالَ هَذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «لِعَازَرُ هَلُمَّ خَارِجاً».

‏بعد أن هيأ المسيح عقول الجمع والتلاميذ ومرثا ومريم لقبول المعجزة، ورفع حرارة قلوبهم وايمانهم إلى أعلى درجة في الإيمان، حتى صار الجميع يثقون أن لعازر سيقوم مائة بالمائة: «لأنك في كل حين تسمع لى», وبعد أن اطمئن المسيح أن الجميع قد تعلق قلبهم بالله الآب كصانع لمعجزة «القيامة»، ورأى الجميع المسيح وهو رافع يديه نحو السماء وسمعه وهو يتحدث مع الله ‏الآب؛ شعر الجميع بالصلة السرية بين السيح والآب والدالة والتوافق بينهما، فأدرك أن ما سيعمله المسيح هو هوعمل الآب، وأن العمل الوشيك أن يعمله المسيح بسلطان فائق هو لمجد الله الآب ليتمجد به المسيح: «صرخ بصوت عظيم لعازر هلم خارجاً».
‏واضح أن الرب يتعامل هنا مع قوة أخرى عنيدة، يأمرها بقوة واقتدار وجلال عظم: «صوت الرب بالقوة، صوت الرب بالجلال… صوت الرب يقدح لهيب نار، صوت الرب يزلزل البرية.» (مز4:29-8‏)
‏نعم، سمعت الهاوية فتزلزلت وأخلت قوات الجعيم أسيرها: «استجب لى سريعاً، اقترب إلى نفسي، فكها، بسبب أعدائي افدني .» (مز17:69-18)
هنا صورة حية ناطقة لما يصفه بولس الرسول فيما سيكون حتماً: «لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة، وبوق الله ، سوف ينزل من السماء، والأموات في المسيح سيقومون أولاً» (اتس16:4)
‏وصراخ المسيح «بصوت عظيم» يلمح به القديس يوحنا إلى أن «نوم» لعازر كان عميقا للغاية، ويتوافق مع كلمة الرب أنا أذهب «لاوقظه». وهكذا يستصغر الإنجيل من قدر الموت أمام رب الحياة. ولكن، وفي الحقيقة أيضاً، فإن صراخ الرب بصوت عظيم يكاد يرعب السامع والناظر وحتى القارىء, لأننا تعودنا أن نسمع عن الرب أنه «لا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته» (مت19:12)، فهنا وفي يقيني أن قوة هائلة خرجت من الرب لم يستطع جسد المسيح إلا أن ينوء تحتها معلناً عنها بهذا الصراخ العظيم. فهذه بعينها قوة الحياة التي تفوق قوة الخلق، لأنها تتعامل مع نفس مقيدة بقيود الجحيم, ومع جثة منتنة عبثت بها كل عوامل الانحلال. والعقل يقف حائراً وقد أخذه الذهول، لأن النفس والجسد استجابا في الحال, وعادا إلى الحياة برجع صدى صوت المسيح.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

آية (43): “ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم لعازر هلم خارجًا.”

صرخ بصوت عظيم= لتُفتح الهاوية وتُخْلِي قوات الجحيم أسيرها. فهو يصرخ لأنه يتعامل مع قوات عنيدة ويأمرها باقتدار عظيم وقوة وجلال (مز4:29، 7، 8) هو كان كمن يصرخ في نائم ليوقظه. هنا خرجت  قوة هائلة من الرب. لقد خرجت قوة جبارة من جسده لتحيي الميت. لعازر هلم خارجًا= لم يخرجه باسم أحد بل بسلطانه. وهو ينادي لعازر باسمه فتعود روحه لجسده.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى