لزوم الافخارستيا للخلاص

لاشك أن الافخارستيا (سر التناول المقدس) لها دورها الأساسي في خلاصنا… فما هو هذا الدور؟ نعرف هذا حينما نتحدث عن:

أولا: مفاعيل الإفخارستيا

لاشك أن الافخارستيا لها مفاعيل كثيرة في حياتنا كأعضاء في جسد السيد المسيح، ونستطيع أن نوجز بعضها فيما يلي:

  1.  الاتحاد بالسيد المسيح: هذا هو أهم مفاعيل الليتورجيا، حسب قول الرب:”مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ.” (يو 56:6 ). وهكذا إذ يسرى جسد الرب ودمه الأقدسين داخلنا، جسداً ونفساً وعقلاً وروحاً، نتحد بالرب، ونثبت فيه. لهذا يصلى الكاهن في نهاية القداس سراً ويقول: “فمنا امتلأ فرحاً ولساننا تهليلاً من أجل تناولنا من أسرارك غير المائتة يارب. لأن ما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر ما أعددته يا الله لمحبي اسمك القدوس… إلخ.
    وهذا الاتحاد لا يعني أن يتأله الإنسان ويصير شريكاً في جوهر اللاهوت، بل معناه أن يسكن الله فينا بنعمته ومواهبه وعمل روحه القدوس، ويقدس طبيعتنا.
  2. الاتحاد بأخوتنا في جسد الكنيسة: إذ يقول معلمنا بولس: “كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟ 17فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ. (1كو 10 : 16-17). لهذا لا نصلي إلا على قربانة واحدة نشترك فيها جميعاً، كأعضاء في جسد واحد، رأسه المسيح، وكنيسة واحدة، عريسها المسيح.
  3.  الاتحاد بالسمائيين: فنحن ندشن أيقونات الكنيسة بالميرون إيماناً منا بأن الأيقونة تحمل حضوراً مقدساً لصاحبها، فالقديسون أحياء في الفردوس يصلون عنا، ويتشفعون فينا. لذلك يصرخ الشماس منبهاً إيانا: “فلنقف حسناً، لنقف بتقوى، نقف باتصال، نقف بسلام، نقف بخوف الله ورعدة وخشوع. أيها الإكليروس وكل الشعب بطلبة، وشكر بهدوء وسكوت ارفعوا أعينكم إلى ناحية المشرق لتنظروا المذبح وجسد ودم عمانوئيل إلهنا موضوعين عليه. والملائكة ورؤساء الملائكة قيام، السيرافيم ذو الستة الأجنحة والشاروبيم الممتلئون أعيناً يسترون وجوهم من بهاء عظمة مجده غير المنظور، ولا منطوق به، يسبحون بصوت واحد صارخين: قدوس قدوس قدوس…
    كما أننا نذكر أسماء القديسين الذين رحلوا عنا في “صلاة المجمع”، ونصلي من أجل الراقدين الذين سبقونا. وفي نهاية القداس يصرف الأب الكاهن ملاك الذبيحة قائلا: “يا ملاك هذه الذبيحة المقدسة، أذكرنا أمام الرب ليغفر لنا خطايانا”. وهكذا نحس بوحدتنا مع السمائيين من قديسين وملائكة.
  4. المسئولية تجاه العالم : إذ نهتف قائلين: “آمين آمين آمين، بموتك يارب نبشر، وبقيامتك المقدسة…” إنه إحساس بالمسئولية نحو العالم، ونحو كل إنسان لم يتعرف بعد على نصيبه في الخلاص، وعلى المسيح المخلص.إن الكنيسة ليست كياناً منغلقاً، ولكنها كيان منفتح على الكل. إنها المسئولة عن بشارة الخلاص، رأسها المسيح، وروحها روح الله، والآب السمائي يرعاها بحب، والسمائيون هم بمثابة “سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا” (عب 1:12). فالإنسان المسيحي يخرج من القداس الإلهي، وكله وداعة وحب، ورغبة في الحديث عن الرب، وما صنعه من أجلنا، ليرحمنا ويخلصنا، ويعطينا ملكوته السماوي.
    الافخارستيا هي الطريق إلى الكرازة!! لهذا ينادينا الأب الكاهن:  “لأنه في كل مرة تأكلون من هذا الخبز، وتشربون من هذه الكأس،  تبشرون بموتي، وتعترفون بقيامتی، وتذكروني إلى أن أجئ“. 
  5. الغفران والخلاص : إن الليتورجيا هي سبيل الغفران والخلاص، بدليل صراخ الكاهن وهتافه في الاعتراف الأخير، وكأنه يحذر كل من يهمل شركتها: “يُعطى عنا خلاصاً، وغفرانا للخطايا…”. ألم يقل الكتاب المقدس: “وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة”(عب 22:9 )، “فيه لنا الفداء، بدمه غفران الخطايا” (أف 7:1)، “ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية” (ايو 7:1)، “يسوع لكى يقدس الشعب بدم نفسه، تألم خارج الباب”(عب 12:13 )… والخلاص يبدأ بالمعمودية، ويكتمل بالتوبة، ويختتم بتغيير الجسد. لهذا يصلي الكاهن في القسمة قائلا: “أعطني يا مخلصى أن أعتبر عذابك كنزي، وإكليل الشوك مجدى، وأوجاعك تنعمي، ومرارتك حلاوتي، ودمك حياتي، ومحبتك فخری وشكری. یا جراح المسيح، اجرحيني بحربة الحب الإلهي. یا موت المسيح، اسکرنی بحب من مات لأجلي. یا دم المسيح طهرني من كل خطية”.
    إن حضور القداس الإلهي في خشوع وتبكير، والتناول من الذبيحة المقدسة، هما خير معين في الغفران والخلاص، لهذا يصلي الكاهن قائلا: “وعند إصعاد الذبيحة على مذبحك، تضمحل الخطيئة من أعضائنا بنعمتك”.
  6. نوال الخلود : إذ يقول الرب: “من يأكل جسدى ويشرب دمي، فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير” (يو 54:6 )، فهذا هو خبز الحياة النازل من السماء، وغذاء الروح، وطريق الميراث. إنه بمثابة الاتصال الدائم بالإله الحي الأبدي، الذي قال: “إني أنا حئ فأنتم ستحيون” (يو 14: 19 ). لهذا يقول الآباء: “من كان بعيدا عن المذبح، فهو محروم من خبز الله”. وعندنا اعتقاد أن كل من يهمل التناول، يصير مسكناً للموت، ولكل روح شرير. ونحن نعلم أنه “طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون اللة” (مت 5 :8)، والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب” (عب 14:12 ).. والتناول هو طريقنا إلى معاينة الله، ورؤيا القدير، والوصول إلى الميراث الأبدي.
    إن كانت تلك مفاعيل التناول، فهل يمكنا أن نتصور تعليماً مستقيماً يخلو من الحديث عنه، وحث الناس عليه؟ إنه علامة أساسية من علامات أرثوذكسية الحياة، والثبات في السيد المسيح.. له المجد.

 

ثانيا: أنواع الصلوات في الافخارستيا

فمن أهم ما تتسم به صلوات الأفخارستيا، أنها ترفع من خلالها من يشتركون فيها، من درجة إلى درجة في الصلوات، بأنواعها المتعددة، ولنذكر الآن بعضا منها:

  1.  الشكر : لا توجد صلاة أرثوذكسية لا تبدأ بالشكر !! في المزامير، وفي التسبحة، وفي رفع البخور، وفي القداس. وفي الأفراح، وفي الأحزان، الشكر هو السمة الأولى لصلوات الليتورجيا، فالكنيسة تريد أن تعلمنا أن نحيا معها حياة الشكر لإلهنا ضابط الكل، صانع الخيرات، الرحوم، “في كل حال، وعلى كل حال ومن أجل كل حال”.
  2. التسبيح وهو طقس السمائيين، تنقلنا إليه الكنيسة يومياً قبل بخور عشية، وفي نصف الليل، وقبل بخور باكر. وكأنها تريد منا أن نشعر دائما بحضور السمائيين معنا، لنشترك معهم في تسبيحهم، فليس في السماء سوى التسبيح الدائم !! لهذا يصلي الكاهن قائلا: “أعطى الذين على الأرض تسبيح السيرافيم”.. والتسابيح الكنسية هي عموماً تسابيح خلاص، فقد قيل عن الملائكة أنهم: “يرسلون تسبحة الخلاص الذي لنا بصوت ممتلئ مجداً.. بل إن ترتيب “هوسات” وأجزاء تسبحة نصف الليل تشكل معا رحلة خلاص:
    أ- الهوس الأول (خروج 15) : هو هوس “الخلاص” إذ تحرر الشعب من عبودية فرعون، وانطلق في طريق الحرية.. تسبحة عبور البحر الأحمر، رمزاً لعبور الخاطئ من حياة الإثم إلى حضن المسيح.
    ب- الهوس الثاني (مز 132) : هو هوس “الشكر” فبعد التحرر من قيود العبودية، لابد من أن نشكر الله من أجل عظیم رحمته.. فالمرد الدائم في هذا الهوس هو: “اشكروا الرب فإنه صالح، وأن إلى الأبد رحمته”. 
    ج- الهوس الثالث (الثلاثة فتية) : فبعد العبور والشكر، يأتي “الجهاد”.. فطريق الملكوت ليس مفروشاً بالورود فقط، ولكن بالأشواك أيضا.. لكن حتى لو واجهنا الموت في الأتون، هناك الرابع الشبيه بأبناء الآلهة، ينقذنا من الموت الأبدي.
    د- المجمع والذكصولجيات : فالإنسان الذي انتصر على موت الخطية بالنعمة الإلهية و أمانة الجهاد، يدخل إلى شركة القديسين، فيذكرهم، ويطلب شفاعتهم وصلواتهم، ويتحد بهم، ويصلي التماجيد بأسمائهم، فهم موكب الظافرين، الذين يجب أن نتمثل بهم: “انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم” (عب 7:13).
    ه- الهوس الرابع (مز 150،149،148) : وهو هوس “التسبيح” فمن دخل إلى شركة القديسين، مدعو أن يسبح معهم تسبيح السمائيين: “سبحوا الله في جميع قديسيه”.. فهم هناك يرنمون ترنيمة موسي عبد الله والخروف.. هناك يتم القول: “أمسرور أحد؟ فليرتل..” (يع 13:5 )، وهناك الموضع الذي هرب منه الحزن والكآبة والتنهد، فی نور القديسين.. هناك نرى الله وجهاً لوجه”، ونحيا معه وبه وفيه إلى أبد الآبدين.
    و- إبصالية اليوم : وهي عموماً تسبيح للرب يسوع… رئيس خلاصنا الحبيب.. نلهج باسمه مع داود قائلين: سبحوا الرب لأن الرب صالح. رنموا لإسمه؛ لأن ذاك حُلو” (مز 3:135) لذلك يفتخر به المرنم قائلا: “فإن كنا معوزين من أموال هذا العالم، وليس لنا شئ لكي نعطيه صدقة، فلنا الجوهرة، اللؤلؤة الكثيرة الثمن، الاسم الحلو المملوء مجداً، الذي لربنا يسوع المسيح، إذا ما رتلنا فلنقل بحلاوة: يا ربنا يسوع المسيح، اصنع رحمة مع نفوسنا” (إبصالية الأربعاء).
    ي- ثيؤطوكية اليوم : وهي تمجيد لاهوتی رائع، يتحدث عن سر التجسد العظيم، واتحاد الطبيعتين للسيد المسيح: اللاهوت والناسوت، في بطن أمنا السيدة العذراء، السماء الثانية، موضع اتحاد الطبائع، فنناديها قائلين: “كل الطغمات السمائية، ينطقون بطوباويتك، لأنك أنت هي السماء الثانية، الكائنة على الأرض. باب المشارق هو مريم العذراء، الخدر النقي، الذي للختن الحقيقي. الآب تطلع من السماء، فلم يجد من يشبهك، أرسل وحيده، أتي وتجسد منك” (ثيؤطوكية الأربعاء).
  3.  الاسترحام : إن ضعفنا البشري، وقصورنا وإهمالنا، كثيراً ما يتسبب في سقوطنا في الخطية، لهذا رسمت لنا الكنيسة، امتداداً لوصية السيد المسيح: “من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت” (يو 23:20 )، رسمت لنا سر التوبة، والتوبة الأرثوذكسية لها ركائز أربع:
    أ- الندم على الخطية: من كل القلب..
    ب- الإيمان بدم المسيح: الذي يغفر كل خطية..
    ج- العزم على تركها: بالجهاد قدر الاستطاعة، وبأمانة… 
    د- الاعتراف أمام الأب الكاهن: وكيل سرائر الله، الذي يمتحن بالروح القدس صدق التوبة، فيعطى – بالروح القدس أيضأ – الحل والغفران.
    والكنيسة لا تكف أن تصرخ أثناء القداس: “اللهم ارحمنا، تراءف علينا، اسمعنا، وباركنا، واحفظنا وأعنا، وأرفع غضبك عنا، تعهدنا بخلاصك، وأغفر لنا خطايانا”… هذه الصلاة التي يصليها الكاهن في خشوع، رافعاً يديه على مثال الصليب، حامل صليباً عليه شمعة ترمز إلى السيد المسيح، نور العالم، والمصلوب على الصليب من أجلنا. ومن منا لا ينسكب خاشعاً حينما يصلي الكاهن قائلا: “شعبك وبيعتك يطلبون إليك وبك. إلى الآب معك قائلين: ارحمنا يا الله الآب ضابط الكل. ارحمنا يا الله مخلصنا. ارحمنا يا الله ثم ارحمنا؟!”.
    وباستمرار نتلو المزمور الخمسين بعد صلاة الشكر: “ارحمني يا الله كعظیم رحمتك”. ولا نكف عن الابتهال إلى الله قائلين: “يارب ارحم” عشرات المرات في كل قداس إلهي.
  4.  الطلبات : إن الله لا يبخل علينا بشيء، ويعطينا أن نسأل، ولكنه يوصينا أيضا قائلا: “لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر، لتعلم طلباتكم لدى الله” ( في 6:4)، وهكذا نطلب في الليتورجيا من أجل: المرضى المسافرين – الراقدين – الموضع – الكنيسة – الآباء – الاجتماعات – الخدام – كل الشعب – الأهوية – الثمار – المياه – الأرملة – الغريب – الضيف – غير المؤمنين – المعترفين – القرابين – الذين عليهم دين… الخ.
    ونحن نختار فرصة ممتازة بعد تقديس الأسرار بحلول الروح القدس، وحضور عمانوئيل إلهنا في وسطنا، ونبدأ بأن نقدم له كل طلباتنا، واثقين أنه يسمع، ويستجيب !! هذه مجرد نماذج بسيطة توضح أنواع الصلوات التي نمارسها من خلال الليتورجيا، لهذا فالمسيحي الأرثوذكسي يحيا مع هذه الصلوات المتنوعة لنفسه ومع أفراد عائلته، القادرة أن تغسل قلوبهم، وترفعهم في مدارك الحياة الروحية.

 

ثالثا: الافخارستيا… والكلمة

ليس من شك أن الليتورجيا تحوي قدراً كبيراً من إصحاحات الكتاب المقدس، في قراءات مختارة بفلسفة وحكمة عميقة:

  • فقراءات أيام الآحاد : تتحدث عن المخلص وتدبير الخلاص، من الميلاد، إلى الكرازة، إلى الآلام، فالقيامة، فالصعود، فحلول روح الله، فتأسيس الكنيسة.
  •  أما قراءات أيام الاسبوع : فتتحدث عن قديس اليوم وتذكاراته، من أمنا العذراء إلى رؤساء الملائكة والأباء والأنبياء والرسل والشهداء والقديسين والآباء البطاركة والعذارى إلخ… ومن يتأمل ترابط قراءات اليوم الواحد، يجد كم هي متسقة مع بعضها البعض، في إطار سلسلة واحدة وموضوع واحد، تتفق جميعاً مع الشخص المحتفى به.
  • وفي كل قداس: نقرأ ثلاثة مزامير، وثلاثة أناجيل (في عشية وباكر والقداس)، مع البولس والكاثوليكون والابركسيس.. مع نبؤات واقتباسات كثيرة من العهد القديم في يونان والصوم والبصخة والتسبحة.
    وكأن الكنيسة تريد أن تنقلنا من “الكلمة المسموعة” من على المنجلية، إلى “الكلمة الذاتي” الذي نتناوله من على المذبح !!
    وكم من قديس كان سر قداسته آية واحدة سمعها من فوق المنجلية كالقديس أنطونيوس.. في وقت كان فيه الوعظ قليلاً، لكنهم كانوا يستقبلون القراءات بالخشوع والخضوع وطاعة روح الله !!
    إن المسيحي، لا يتجاهل أبداً علاقة الليتورجيا بالكلمة، وترتيب السنة الطقسية، وتذكارات الأيام، والأعياد والأصوام والمناسبات الكنسية.

فالليتورجيا تعلمنا بأساليب عدة :

أ- بالاستماع إلى كلمة الله من على المنجلية.
ب- وبالاتحاد بكلمة الله في التناول
ج- وبالاقتداء بسير القديسين في السنكسار.
د- وبالتأمل في تفسيرات الآباء لكلمات الكتاب في العظات والميامر.
وكما قال القديس أغسطينوس: “أنا أقبل الإنجيل من الكنيسة، مشروحاً بالآباء، معاشاً في القديسين”… نشبع في الافخارستيا بالسيد المسيح “كلمة الله الذاتي”،
يبقى أن نتعرف على دور الافخارستيا في شركتنا مع الثالوث القدوس بعد أن نشبع بأسفار الكتاب والقراءات “كلمة الله المكتوبة”.

 

الرابعة: الافخارستيا… والثالوث

نحن نلتقي في الافخارستيا بإلهنا الواحد في الجوهرة المثلث الأقانيم (الأب والابن والروح القدس) بطريقة سرية رائعة..

أولا: الأب خلقنا بالابن في الروح القدس :

ففي صلاة الصلح”، نلتقي مع “الآب السماوي.. الذي جبل الإنسان على غير فساد..”
وكذلك في “مستحق وعادل”.. حيث نرى الآب السمائي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، والملائكة ورؤساء الملائكة قيام حوله، يرتلون قائلين: “قدوس قدوس، قدوس، رب الجنود”.

ثانيا الابن تجسد ببذل الأب وعمل الروح القدس :
وفي تجسد وتأنس”… نتقابل مع قصة الفداء، حيث نقول عن أقنوم الابن: “وفي آخر الأيام ظهرت لنا نحن الجلوس في الظلمة وظلال الموت، بابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، هذا الذي من الروح القدس، ومن مريم العذراء، تجسد وتأنس وعلمنا طرق الخلاص، وأنعم علينا بالميلاد الذي من فوق بواسطة الماء والروح.. أحب خاصته.. أسلم ذاته فداء عنا إلى الموت الذي تملك علينا.. وقام من بين الأموات في اليوم الثالث، وصعد.. وجلس…
ثم تأتي صلوات التقديس، فيذكر الكاهن كيف أن الرب “أخذ خبزاً على يديه… وكسر وبارك وقدس… وقال : خذوا كلوا هذا هو جسدي … والكأس أيضا… الخ.

ويوصينا أنه كلما أكلنا جسده وشربنا دمه نبشر بموته ونعترف بقيامته… فنهتف مصممين على ذلك.

ثالثة الروح يقدسنا بمشيئة الأب وذبيحة الابن :.

يصيح الشماس: “اسجدوا لله بخوف ورعدة”… بينما الكاهن ينسكب في خشوع مصلياً: نسألك أيها الرب إلهنا، نحن عبيدك الخطاة، غير المستحقين، نسجد لك بمسرة صلاحك، ليحل روحك القدوس علينا، وعلى هذه القرابين الموضوعة، ويطهرها، وينقلها، ويظهرها قدساً لقديسيك”، ويرشم الكاهن قربانة الحمل ثلاث مرات صارخا: “وهذا الخبز يجعله جسداً مقدساً له”، وكذلك الكأس “وهذه الكأس أيضا، دماًا كريماً للعهد الجديد الذي له”.

وبعد ذلك… إذ يجد الكاهن عمانوئيل قائماً في وسطنا بمجد أبيه والروح القدس يبدأ الطلبات، من أجل : الكنيسة، والآباء، والاجتماعات، والخدام، والرهبان، وكل الشعب، والزروع والأهوية والمياه، ومجمع القديسين، والراقدين…
ثم يصلي “القسمة” ويوزع الأسرار المقدسة على الشعب، فيتحد الكل بالرب يسوع، وبالسمائيين، وببعضهم البعض.

هذه كانت لمحة سريعة عن الليتورجيا المقدسة، التي يجب أن تكون محور التعليم الأرثوذكسي، بما تتضمنه من مفاعيل وصلوات وبركات تعاليم لاهوتية وروحية…

لكن هناك بعض العقبات أمام الشباب… فما هي؟

تطبيق حیاتی

أ- ماذا يعطل البعض أحيانا من التمتع ببركات الإفخارستيا ؟

  1.  عدم فهم أهمية السر لخلاصهم وحياتهم الروحية، وأنه الطريق الأكيد للثبات في المسيح.
  2.  عدم فهم أهميته للحياة الأبدية والقيامة الثانية.
  3. عدم التوبة والانتظام في الاعتراف والإستعداد الروحي فنخاف من الآية التي تقول : ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس. لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب” (1كو 11 : 28،29 ).
  4. الخوف من “عدم الإستحقاق” أو عدم فهم مدلول هذه الكلمة.. وأن كل ما تعنيه هو التوبة القلبية والإنتظام في الإعتراف… وليس الحياة بلا خطية أو تعثر… “فليست خطية بلا مغفرة إلا التي بلا توبة” فبالتوبة نحصل على حل بالتناول.
  5. الخوف من الرجوع إلى الخطية مرة أخرى، مع أن التناول المستمر هو علاج للخطية، وهو القوة التي تمنعنا من الرجوع، ومعروف أن باب التوبة مفتوح، والمهم هو الجهاد ضد الخطية، وإذا سقطنا نقوم
  6. الخوف من الإنذار بأن التناول بدون استحقاق له مخاطره…(1كو 30:11 ).

من المسابقة الدراسية – مرحلة الخريجون –  مهرجان الكرازة 2011

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى