تفسير سفر حزقيال ٥ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح الخامس

الأيات 1 – 4 :-

و انت يا ابن ادم فخذ لنفسك سكينا حادا موسى الحلاق تاخذ لنفسك و امررها على راسك و على لحيتك و خذ لنفسك ميزانا للوزن و اقسمه. و احرق بالنار ثلثه في وسط المدينة اذا تمت ايام الحصار و خذ ثلثا و اضربه بالسيف حواليه و ذر ثلثا الى الريح و انا استل سيفا وراءهم. و خذ منه قليلا بالعدد و صره في اذيالك. و خذ منه ايضا و القه في وسط النار و احرقه بالنار منه تخرج نار على كل بيت اسرائيل.

قارن مع المزمور 133 “هوذا ما أحسن وما أحلى أن يجتمع الإخوة معاً، مثل الدهن الطيب النازل على اللحية” ومعنى المزمور أنه حين يجتمع الإخوة أى شعب الله فى محبة يكونون كلحية حول الرأس، والرأس هو المسيح واللحية هى شعبه الثابت فيه، وطالما الشعب ثابت فى مسيحه ينزل الروح القدس وينسكب من رأس المسيح على شعبه. ولكن إذا عاش الشعب فى الخطية يرفضه الله كمن يحلق شعره ولحيته حينما يتضايق منهما.. هكذا يقول الله “إنى استريح من خصمائى أش 1 : 24” وهنا هو يحلق الكل فلا فائدة من الإصلاح.

أما وزن الشعر فيوضح أن أحكام الله كلها عدل وهو يزن بميزان لا يخطئ كله بر وحق. والبعض سيعاقب بعقوبة والبعض الآخر بعقوبة أخرى، ولكن لاحظ معنى الوزن أن الضربات ليست عشوائية بل بميزان. والموسى الحاد الذى يستخدمه الله هو جيش بابل.

وإحرق بالنار ثلثه وسط المدينة = هذا يشير للجماعة التى ستهلك بالوباء والمجاعة وبحريق المدينة. وخذ ثلثاً وإضربه بالسيف = إشارة لمن يهلك بسيف البابليين. وذر ثلثاً إلى الريح = رمزاً لسبى هذا الثلث وفرار البعض إلى البلدان المجاورة. ولكن ياللهول فسيستل الله سيفاً وراءهم. ولكن هناك بقية قليلة من الثلث الأخير محفوظة والله يهتم بها = صُرَهُ فى أذيالك = رمزاً لحرص الله على حماية هذه البقية، ولكن منهم من أخطأ ولم يعتبر هؤلاء ضربوا أيضاً = خذ منه أيضاً والقه فى وسط النار. وقد يشير هذا للباقين تحت حكم جدليا، ثم فرار البعض إلى مصر.

 

الأيات 5 – 17 :-

هكذا قال السيد الرب هذه اورشليم في وسط الشعوب قد اقمتها و حواليها الاراضي. فخالفت احكامي باشر من الامم و فرائضي باشر من الاراضي التي حواليها لان احكامي رفضوها و فرائضي لم يسلكوا فيها. لاجل ذلك هكذا قال السيد الرب من اجل انكم ضججتم اكثر من الامم التي حواليكم و لم تسلكوا في فرائضي و لم تعملوا حسب احكامي و لا عملتم حسب احكام الامم التي حواليكم. لذلك هكذا قال السيد الرب ها اني انا ايضا عليك و ساجري في وسطك احكاما امام عيون الامم. و افعل بك ما لم افعل و ما لن افعل مثله بعد بسبب كل ارجاسك. لاجل ذلك تاكل الاباء الابناء في وسطك و الابناء ياكلون اباءهم و اجري فيك احكاما و اذري بقيتك كلها في كل ريح. من اجل ذلك حي انا يقول السيد الرب من اجل انك قد نجست مقدسي بكل مكرهاتك و بكل ارجاسك فانا ايضا اجز و لا تشفق عيني و انا ايضا لا اعفو. ثلثك يموت بالوبا و بالجوع يفنون في وسطك و ثلث يسقط بالسيف من حولك و ثلث اذريه في كل ريح و استل سيفا ورائهم. و اذا تم غضبي و احللت سخطي عليهم و تشفيت يعلمون اني انا الرب تكلمت في غيرتي اذا اتممت سخطي فيهم. و اجعلك خرابا و عارا بين الامم التي حواليك امام عيني كل عابر. فتكونين عارا و لعنة و تاديبا و دهشا للامم التي حواليك اذا اجريت فيك احكاما بغضب و بسخط و بتوبيخات حامية انا الرب تكلمت. اذا ارسلت عليهم سهام الجوع الشريرة التي تكون للخراب التي ارسلها لخرابكم و ازيد الجوع عليكم و اكسر لكم قوام الخبز. و اذا ارسلت عليكم الجوع و الوحوش الرديئة فتثكلك و يعبر فيك الوبا و الدم و اجلب عليك سيفا انا الرب تكلمت

هذا تفسير لما سبق = هذه أورشليم = إذاً فهذه هى الشعر المحلوق. فبعد أن ميزها الله بأن أقامها وسط الشعوب = أقامها كنور لكل الأمم حولها، تطيع شريعته فيفيض عليها من بركاته، وتصبح كمدينة منيرة موضوعة فوق تل يراها الجميع، فيُعرَف أسم يهوة وسط الأمم التى تحيا فى الظلام. وهذا ما حدث أيام سليمان إذ أتى الغرباء ليسألونه عن سر حكمته والبركة التى يحيا فيها. وهذه هى الكرازة، علينا إذاً أن نطيع فنحيا فى بركات يفيض بها الله علينا، ونكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذى فينا 1بط 3 : 15. وهذا قصد الله أن يملأنا من الروح القدس فنكون نوراً للعالم ونكون كرازة. ولكن أورشليم لم تحفظ هذا بل كانوا أشر ممن حولهم. ولنلاحظ أن إحتقار كلمة الله يفتح الباب لكل إثم. ولنلاحظ أيضاً أن فرائض الله هى نصوص المعاهدة التى يتعاهد بها الله مع البشر ومن يرفض وصايا وفرائض الله يرفض أيضاً عطاياه ويحرم نفسه منها. وهم حينما خالفوا وصايا الله وشرائعه صاروا أشر من الأمم، فهم إنحدروا لدرجات أسوأ منهم “فالله أسلمهم لذهن مرفوض رو 1 : 28 وهكذا الملح إذا فسد لا يصلح لشئ سوى أن يرمى ويداس من الناس مت 5 : 13. فالأمم حول اليهود كان لكل أمة صنمها الخاص بها، أما أورشليم فعبدت كل أصنام الأمم المجاورة، وهذا لم تصنعه الأمم المجاورة أى تعدد الأصنام أر 2 : 28، 2 : 11 + حز 8 : 9، 10. ولنلاحظ أن أبناء الله وخدامه إذا إرتدوا يصبحوا أشر من الآخرين كمن دخله سبعة أرواح أشر لو 11 : 26 ولننظر عقوبة الله المروعة جزاء الخطية. فالله بنفسه عليها.. ويارب من يصمد أمام غضبك. وقارن، فبعد أن كان الله فى أيام قداستها يدافع هو عنها أصبح الله الآن هو الذى يضربها. وحين يقوم الله على أحد يهيج العالم كله ضده، ليس البابليين هم الذين كانوا ضدهم بل الله. وعلى العكس فإن أرضت الرب طريقل إنسان جعل أعداؤه يسالمونه أم 16 : 7 وهذه الأحكام كان يجب أن تظهر أمام الأمم حتى يظهر لهم بر الله ورفضه وكراهيته للخطية. ولذلك يقول أجرى فى وسطك أحكاماً أمام عيون الأمم = فالله أقامهم وسط الشعوب (آية 5) لتكون نوراً، وكان الله يريد أن يظهر قداسته ببركاته التى يفيض بها عليهم إن التزموا بوصاياه، ولكن نظراً لعنادهم فالله سيظهر قداسته فى عقابهم ورفضه لخطاياهم. فالله لا يحابى شعبه إذا كان شعبه يخطئ. والله يجازى ويقول لا تشفق عينى = هذه الأيات مصممه لتنطبق على العذاب الأبدى للأشرار. ولاحظ أن هناك خطيتان هما اللذان أحزنا قلب الله  1) الوصية المكسورة  2) تدنيس الهيكل  ولاحظ أن الله قبل أن يضرب بهذه الضربات أرسل لهم أرمياء ليحذرهم حتى يتوبوا، ولما لم يتوبوا قرر معاقبتهم علناً أمام عيون الأمم ولاحظ نتائج الخطية تأكل الأباء الأبناء = فحين تتخلى نعمة الله يدب فيهم الفساد والإنقسامات، ويأكل كل عضو الأخر، وأخيراً لا يبقى منهم إلا رماد بعد أن إلتهمت نار غضب الله كل شئ. وإذ كان الأباء يأكلون أبنائهم، فما الذى يحدث بين أفراد المجتمع من جيران وأصدقاء، أو بين من لا يعرفون بعضهم… حقاً انها صورة مخيفة. هذه صورة معاكسة لمزمور 133 فهذا شعب بلا محبة، وهذا الشعب يمثل اللحية التى تنزع وترمى وتحرق  

 

زر الذهاب إلى الأعلى