تفسير سفر إشعياء ٢٨ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح الثامن والعشرون
هذا الإصحاح نبوة بسقوط السامرة و إنذار لأورشليم بسبب أنهم خُدِعوا بالخيرات الزمنية فظنوها باقية فسكروا بالخمر و ذهبوا لعبادة الأوثان.
آية (1) ويل لإكليل فخر سكارى افرايم و للزهر الذابل جمال بهائه الذي على رأس وادي سمائن المضروبين بالخمر.
أفرايم = إشارة لمملكة إسرائيل فإفرايم اكبر وأغني الأسباط، كان بها وفرة من الخيرات. إكليل فخر = كان سكان إسرائيل يفتخرون بعاصمتهم الجميلة السامرة. سكارى إفرايم = كان سكانها سكارى. علي رأس وادي = فهي مرتفعة وعوضاً عن أن تكون نوراً شاهداً لبركات الله سقطت في رذائلها. وعقوبتها لأنها أساءت استعمال خيرات الله، أن الله سيأخذ ما بين أيديها فيتحول سمانها إلي هزال = للزهر الذابل جمال بهائه = لسقوطها (هذا ما فعلته أشور بهم) سماها زهر ذابل. و كان السكارى قديماً يلبسون إكليل زهر معتقدين أن رائحته تخفف من أثار السكر فكان الإكليل علامة الخلاعة. إذاً الزهر هو استعارة من شكل السكارى وإضفاء هذا الشكل علي السامرة الجميلة كلها وكما سيخرب السكارى هكذا ستخرب السامرة كلها.
آيات (2- 4) هوذا شديد و قوي للسيد كانهيال البرد كنوء مهلك كسيل مياه غزيرة جارفة قد ألقاه إلى الأرض بشدة. بالأرجل يداس إكليل فخر سكارى افرايم. و يكون الزهر الذابل جمال بهائه الذي على رأس وادي السمائن كباكورة التين قبل الصيف التي يراها الناظر فيبلعها و هي في يده.
الشديد و القوي = هو ملك أشور الذي جاء كرجل واحد. وانهيال البرد هو هجوم أشور الذي بلا شفقة. باكورة التين = إذا وجد شخص تين مثمر كباكورة يلتهمه في الطريق حتى قبل أن يصل لبيته من لذته، وهذا إشارة لطمع ملك أشور.
آيات (5، 6) في ذلك اليوم يكون رب الجنود إكليل جمال و تاج بهاء لبقية شعبه.و روح القضاء للجالس للقضاء و باسا للذين يردون الحرب إلى الباب.
يوم سقوط السامرة يكون الله إكليل جمال ليهوذا. و يوم سقوط أورشليم يكون الله إكليل جمال لشعبه (البقية). ويوم الصليب يوم سقوط إبليس، اليوم الذي حمل فيه الرب عارنا يكون هو إكليل لشعبه. ويوم سقوط أورشليم علي أيدي الرومان يكون الله إكليل جمال علي الذين آمنوا بالمسيح. وفي الأيام الأخيرة يكون الله إكليل لمن لم يتبعوا الدجال. عموماً فيوم دينونة الخطية هو يوم يظهر فيه مجد الله الذي دان الشر وحفظ بقية شعبه الذين رفضوا الشر، فدينونة الشر مجدا لله بل يكون الله هو روح القضاء للجالس للقضاء = الله يعطي للجالسين علي كرسي القضاء روح عدل، وهو الذي أعطي شعبه الروح واعداً “روح أبيكم يتكلم فيكم” وهو الذي أعطي تلاميذه وكنيسته سلطان الحل والربط. بل يكون أيضاً بأساً للمحاربين = فهو كل شيء لشعبه.
آيات (7، 8) و لكن هؤلاء أيضا ضلوا بالخمر و تاهوا بالمسكر الكاهن و النبي ترنحا بالمسكر ابتلعتهما الخمر تاها من المسكر ضلا في الرؤيا قلقا في القضاء. فان جميع الموائد امتلأت قيئاً و قذرا ليس مكان.
هذه عن يهوذا فالجميع زاغوا وفسدوا. وبسبب الخطية ضلا في الرؤيا والقضاء. النبي = هم الأنبياء الكذبة. قلقا في القضاء = لم تعد لهم رؤيا صحيحة للأحداث ففقدوا العدل. ليس مكان = كان الكهنة يسكرون في كل مكان فلم يوجد مكان نظيف، لا يوجد مكان يستريح فيه الله ولا مكان يستريح فيه إنسان.
آيات (9، 10) لمن يعلم معرفة و لمن يفهم تعليما المفطومين عن اللبن للمفصولين عن الثدي. لأنه أمر على أمر أمر على أمر فرض على فرض فرض على فرض هنا قليل هناك قليل.
لم يقبل الشعب تعاليم النبي لكبريائهم وقالوا لمن يعلم معرفة هل نحن مفطومين أي أطفال. لأنه أمر علي أمر… أي يكرر تعاليمه كما لأطفال صغار، لقد أكثر من أوامره، وضجروا من تعاليمه، فهم في نظر أنفسهم علماء في الدين لا يحتاجون لأي تعليم. ويبدو أن هؤلاء السكارى أخذوا كلام النبي وحولوه لأغنية علي سبيل المزاح فكرر النبي هنا أغنيتهم وكلامهم بل هم اعتبروا ما يقوله النبي تافه هنا قليل وهناك قليل = أي ما يقوله أشعياء أشياء بسيطه لا يصح أن يعلمنا إياها.
آيات (11- 13) انه بشفة لكناء و بلسان آخر يكلم هذا الشعب. الذين قال لهم هذه هي الراحة أريحوا الرازح و هذا هو السكون و لكن لم يشاءوا أن يسمعوا. فكان لهم قول الرب أمرا على أمر أمرا على أمر فرضا على فرض فرضا على فرض هنا قليلا هناك قليلا لكي يذهبوا و يسقطوا إلى الوراء و ينكسروا و يصادوا فيؤخذوا.
بشفة لكناء = هنا إنذار لهم “ما لم تقبلوه من النبي بإنذاره اللطيف سيعلمه لكم ملك أشور بلغة العنف والحرب والسبي، والشفة اللكناء واللسان الأخر. نبوة عن ملك أشور الأجنبي. وآية (12) حاول النبي إشعياء أن يعلمهم الراحة الحقيقية وأنها ليست في الخمر بل أن يريحوا المتألمين = الرازح وفي هذا راحة لله ولهم وللمتألم الرازح، لكنهم لم يسمعوا، وأهتم الكهنة وغيرهم في الممارسات الخارجية الشكلية دون أعمال محبة. فكان لهم قول الرب أمراً علي أمر… = أي ما لم تقبلوه من النبي وحولتموه لسخرية سوف تنفذونه بالعنف.
آية(14) لذلك أسمعوا كلام الرب يا رجال الهزء ولاة هذا الشعب الذى فى أورشليم.
آية (15) لأنكم قلتم قد عقدنا عهدا مع الموت و صنعنا ميثاقاً مع الهاوية السوط الجارف إذا عبر لا يأتينا لأننا جعلنا الكذب ملجأنا و بالغش استترنا.
إذا كانوا قد قالوا هذا الكلام فهم قد قالوه كتحد للنبي. و غالباً هم لم يقولوا هذا الكلام بالحرف ولكن هذا لسان حالهم أو أفعالهم. فمخالفتهم المتكررة لوصايا الله هي عقد عهد مع الموت. وعقدهم محالفات مع مصر ضد أشور هي صنع ميثاق مع الهاوية والسوط الجارف = أشور. فهم تصوروا أن تحالفاتهم وغشهم (تحالفهم مع أشور مرة ومع مصر مرة) سيحميهم من غزو ملك أشور.
آية (16) لذلك هكذا يقول السيد الرب هاأنذا أؤسس في صهيون حجرا حجر امتحان حجر زاوية كريما أساسا مؤسسا من آمن لا يهرب.
هم وضعوا أساساً كاذباً من المعاهدات ولكن الله هنا يريهم الأساس الحقيقي (المسيح) وأنه الملجأ الحقيقي. هنا نري الحاجة إلي مخلص حقيقي.
حجر امتحان = حاربه الشيطان وامتحنه وبنصرته أعطانا أن ننتصر.
حجر زاوية = جمع الاثنين في واحد (اف 2 : 15، 16).
آية (17) و اجعل الحق خيطا و العدل مطمارا فيخطف البرد ملجأ الكذب و يجرف الماء الستارة.
بعد أن صار المسيح حجر الزاوية للبناء يقوم الروح القدس بإكمال البناء. بالخيط والمطماراللذين بهما يصبح البناء مستقيماً. وهو أيضأ سيبين ويبيد روح الكذب. البَرَدْ السائل ينزل علي شكل مياه (إشارة لعمل الروح القدس الآتي من فوق) وهذه المياه تطفو فتجرف الستارة (الغش الذي كانوا يختفون فيه) وقد يكون البرد والمياه إشارة للتجارب التي يسمح بها الله للتنقية.
آية(18، 19) و يمحى عهدكم مع الموت و لا يثبت ميثاقكم مع الهاوية السوط الجارف إذا عبر تكونون له للدوس. كلما عبر يأخذكم فانه كل صباح يعبر في النهار و في الليل و يكون فهم الخبر فقط انزعاجا.
المصائب القادمة من أشور تكون كالسوط الجارف. وتكونون له للدوس عبرت جيوش أشور في أرض إسرائيل 8 مرات علي الأقل، وكل مرة فيها خراب لهم. كل صباح = أي تكون المصائب متوالية.
آية (20) لان الفراش قد قصر عن التمدد و الغطاء ضاق عن الالتحاف.
تظهر الآية ضيقهم الناتج من الاستعداد الخاطئ (فراش قصير) أي إعتمادهم علي النبوات الكاذبة ومعاهداتهم والأحلاف التي يحتمون بها.
آية (21) لأنه كما في جبل فراصيم يقوم الرب و كما في الوطاء عند جبعون يسخط ليفعل فعله فعله الغريب و ليعمل عمله عمله الغريب.
سبق الله وساند اليهود ضد الفلسطنين في جبل فراصيم والوطاء عند جبعون، (2صم 5 : 20، 25 + 1أي 16،11:14) والآن الله سيعمل هذا العمل ضد اليهود وسيساند الأمم الوثنية وهذا هو الفعل الغريب فكما شابه اليهود الوثنيين في أعمالهم سيشابهونهم في ضرباتهم فالله الرحيم هو أيضاً عادل.
آية (22) فالآن لا تكونوا متهكمين لئلا تشدد ربطكم لأني سمعت فناء قضي به من قبل السيد رب الجنود. على كل الأرض.
كان اليهود مربوطين بربط الجزية. والمقصود لا تزيدوا خطاياكم فتتحول ربط الجزية إلي ربط حرب.
(23 – 29) أصغوا وأسمعوا صوتى إنصتوا وأسمعوا قولى. هل يحرث الحارس كل يوم ليزرع ويشق أرضه ويمهدها. أليس انه إذا سوى وجهها يبذر الشونيز و يذري الكمون و يضع الحنطة في اتلام و الشعير في مكان معين و القطاني في حدودها. فيرشده بالحق يعلمه إلهه أن الشونيز لا يدرس بالنورج و لا تدار بكرة العجلة على الكمون بل بالقضيب يخبط الشونيز و الكمون بالعصا. يدق القمح لأنه لا يدرسه إلى الأبد فيسوق بكرة عجلته و خيله لا يسحقه. هذا أيضا خرج من قبل رب الجنود عجيب الرأي عظيم الفهم
الشونيز = بزره يسمي حبة البركة وهو لا يدرس بل يخبط بالعصا. هذه تشبه أمثال السيد المسيح، وهي عن فلاح يعرف كيف يعمل أرضه بصبر وقواعد، يحرث ويروي كل يوم وله رجاء في الثمار، وهو يعرف أي أرض يزرع فيها كل نوع من الحبوب ويرسل خدامه ليروي أرضه. وهناك قضيب (أي تجارب) لكل نوع. وهو مصمم لكي نتحرر من العالم وتفصل بيننا وبين العصافة. إذا أدي القضيب عمله لا يلجأ لما هو أقسي أي بكرة عجلته التي تستخدم في طحن الدقيق الذي لم ينظف قشه.. إذا الهدف من التأديب هو كالحارث الذي يحرث، والله يحرث بحكمة ويميز بين متطلبات كل صنف. وكل عمل الله الذي يعمله بحكمة، هو زارع يطلب الثمار ولا يريد سحق المحصول.