مت5: 10 طوبى للمطرودين من اجل البر لان لهم ملكوت السماوات
“طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.“ (مت5: 10)
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
طوبى للمطرودين من أجل البرّ
“طوبى للمطرودين من أجل البرّ، لأن لهم ملكوت السماوات.
طوبى لكم إذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شرّيرة من أجلي كاذبين.
افرحوا وتهلّلوا لأن أجركم عظيم في السماوات،
فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم” [10-12].
إذ ننعم بالبنوّة لله خلال اتّحادنا مع ابن الله الوحيد في مياه المعموديّة نمارس عمله الذي هو السلام، الأمر الذي يقابله الشيطان بالمقاومة فيثير حتى الأقرباء ضدّنا.
يلاحظ أنه في التطويبات السابقة وجه السيّد الحديث بصفة عامة، أمّا هنا فيوجّه الحديث بصفة خاصة للحاضرين، وذلك لأن الضيق إنّما يتقبّله المؤمن -كراعٍ أو من الرعيّة- كهديّة شخصيّة مقدّمة من الله لنا.
إن كان السيّد قد ختم التطويبات باحتمال التعيير والطرد أي الاضطهاد فقد اشترط لنوال المكافأة السماويّة أن نحتمل ذلك “من أجل البرّ” أو كما يقول “من أجلي” إذ هو برّنا، وأن ما يُقال عنّا من تعييرات يكون كذبًا.
كتب العلامة أوريجينوس إلى القدّيسين أمبروسيوس وبروتكتيتوس وهما تحت المحاكمة في ظل الاضطهاد الذي أثاره مكسيميانوس تراكس، يقول لهما: [في أثناء محاكمتكما القائمة الآن بالفعل، أودّ أن تتذكّرا دائمًا تلك المجازاة العُظمى التي يعدّها الآب في السماء من أجل المظلومين والمُزدرى بهم بسبب البرّ، ومن أجل ابن الإنسان. افرحا بالله وابتهجا كما فرح الرسل وابتهجوا، لأنهم حُسبوا أهلًا أن يهانوا من أجل اسم المسيح (أع 5 : 41)، وإذا شعرتما بالحزن، فاستغيثا بروح المسيح الذي فينا، لكي يردّ روح الحزن وينزع القلق من قلبيكما. “لماذا أنت حزينة يا نفسي، لماذا تزعجينني؟ ترجّي الرب لأني أقدّم له التسبيح“ (مز 42: 5)، إذن فلا تجزع أرواحنا، بل حتى أمام كراسي القضاء وفي مواجهة السيوف التي شحذت لكي تقطع رقابنا، تظل أرواحنا محفوظة في سلام الله الذي يفوق كل عقل، نستطيع أن نشعر بالطمأنينة والهدوء، عندما نتذكّر أن الذين يفارقون الجسد، يعيشون مع إله الكل (2 كو 5: 8)[190].]
عندما عانى القديس يوحنا الذهبي الفم الآلام والاضطهاد من أفدوكسيا يعاونها رجال الدين أنفسهم كتب من سجنه إلى الأسقف قرياقوص:
[عندما اُستبعدت من المدينة لم أقلق، بل قلت لنفسي: إن كانت الإمبراطورة ترغب أن تنفيني، فلتفعل ذلك، فإنه “للرب الأرض”!
وإن كانت تود أن تنشرني، فإني أرى إشعياء مثلًا!
وإن أرادت إغراقي في المحيط، أفكر في يونان!
وإن أُلقيت في النار، أجد الثلاثة فتية قد تحمّلوا ذلك في الأتون!
إن وُضعت أمام وحوش ضارية، أذكر دانيال في جبّ الأسود!
إن أرادت رجمي، فإن استفانوس أول الشهداء أمامي!
إن طلبت رأسي، فلتفعل، فإن المعمدان يشرق أمامي!
عريانًا خرجت من بطن أمي وعريانًا أترك العالم.
بولس يذكّرني: إن كنت بعد أرضي الناس لست عبدًا للمسيح[191].]
وكتب القديس كبريانوس إلى بعض المعترفين يقول لهم: [في كل هذه الأمور نحن أعظم من غالبين لذاك الذي أحبّنا[192].]
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (10):-
طوبى للمطرودين من اجل البر لان لهم ملكوت السماوات.
المطرودين من أجل البر= أبنا الله المتحدين بالإبن البكر يسوع المسيح ينالهم ما نال المسيح، فكما طارد الشيطان المسيح، هكذا سيطارد المؤمنين فالشيطان والعالم يبغضون المسيح أى يبغضون البر وبالتالى يبغضون كل من يطلب البر ويحرمونه من ملكوت الأرض لكن الله يعطيه ملكوت السموات والمطرودين من أجل البر هم المضطهدين لأجل برهم. نلاحظ هنا أن المطرودين لأجل البر هم من أصحاب الطوبى الذين سبقوا. فكل من طوبه المسيح يكرهه العالم. فحامل الطوبى يعمل لحساب الله ولكن العالم لا يعمل لحساب الله فهو لا يعرف الله (يو 25:17).