يو9: 5 مادمت في العالم فأنا نور العالم

 

1وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى إِنْسَانًا أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ، 2فَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ:«يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟». 3أَجَابَ يَسُوعُ:«لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَأَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ. 4يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ. 5مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ».” (يو9: 1-5)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

“مادمت في العالم فأنا نور العالم”. [5]

يعمل السيد المسيح مادام الوقت نهار، أي مادام يمكننا أن نتمتع بأعماله الخلاصية، لأنه إذ ينتهي النهار ويحل ليل القبر لا يمكن الانتفاع بعد بأعماله، حيث لا مجال لتوبتنا ورجوعنا إليه. في نهار حياتنا يشرق علينا بكونه “نور العالم“، شمس البرّ الذي ينير نفوسنا وأذهاننا وكل أعماقنا.

سبق فأعلن أن عمله هو إشراق نوره على الجالسين في الظلمة (يو ٨: ١٢)، فهو شمس البرّ واهب الاستنارة والشفاء خلال أشعة حبه أو تحت جناحيه. كرأس للكنيسة يحول مؤمنيه إلى “نورٍ للعالًم” ليس لهم إلاَّ أن يحترقوا بنار الحب الإلهي من أجل الآخرين.

v قال هذا لنؤمن بأنه يتحدث عن التجسد، فإنه مادام هو إنسان. إنه في هذا العالم إلي حين، لكنه بكونه الله يوجد في كل الأزمنة. يقول في موضع آخر: “هاأنذا معكم كل الأيام وإلي كمال الدهر” ( مت 28:20).

القديس أمبروسيوس

v هنا يُظهر انه حتى بعد الصليب يهب رعايته الحانية للأشرار، ويجذب كثيرين إليه. فإنه لا يزال الوقت نهار [4]. ولكن بعد هذا فسيقطعهم تمامًا. يعلن عن هذا بقوله: “مادمت في العالم فأنا نور العالم”. [5]. كما قال لآخرين: “مادام لكم النور آمنوا بالنور” (يو 12 :36).

القديس يوحنا الذهبي الفم

v الابن الوحيد الجنس هو نور ليس فقط للعالم، بل ولكل خليقة علوية.

القديس كيرلس الكبير

v يُلقب “نور العالم” (يو ٩: ٥) لأجل عمله في إنارة العالم، الذي فيه هو النور.

ويُدعى القيامة إذ ينزع عن للذين يقتربون إليه بإخلاص ما هو ميت ويقيم فيهم خبرة الحياة.

وبسبب أعمال أخرى دُعي “الراعي” (يو ١٠: ١١، ١٢)، والمعلم (يو ١٣: ١٣)، والملك (زك ٩: ٩؛ مت ٢١: ٥؛ يو ١٢: ١٥)، والسهم المختار (مز ٤٤: ٦؛ إش ٤٩: ٢)، والعبد (إش ٤٩:٣)، بالإضافة إلى الشفيع والكفارة (١ يو ٢: ١ – ٢؛ رو ٣: ٢٥)، كما يدعى أيضًا اللوغوس، إذ ينزع عنا كل ما هو غير عاقل alogon، ويجعلنا بحق كائنات عاقلة نعمل كل شيء لمجد الله، حتى الأكل والشرب (١ كو ١٠: ٣١)، فنتمم الأعمال العامة والكاملة في الحياة لمجد الله، وذلك بسبب التعقل. إن كنا بالشركة معه نقوم ونستنير، وأيضًا يرعانا ويدبر حياتنا، فمن الواضح أننا أيضًا نصير عاقلين بطريقة إلهية عندما يحطم فينا كل ما هو ليس عاقل irrational وما هو ميت بكونه هو الكلمة والقيامة (يو ١: ١، ١١: ٢٥).

العلامة أوريجينوس

v ما هو ذاك الليل الذي متى حل لا يقدر أحد أن يعمل؟ اسمعوا ما هو هذا النهار، وعندئذ ستفهمون ما هو الليل… دعوه هو يخبرنا: “مادمت في العالم فأنا نور العالم” [٥]. انظروا هو نفسه النهار. دع الأعمى يغسل عينيه في النهار، لكي يرى النهار… إذن سيكون ليل من نوع ما هو عدم معرفة الشخص لي؛ حيث لا يكون بعد المسيح هناك، فلا يقدر أحد أن يعمل.

v إنه ليل الأشرار، ليل أولئك الذين سيُقال لهم في النهاية: “ابعدوا إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته”.

الآن يعمل الإيمان بالحب، فإن كنا الآن نعمل – فيكون الآن نهارًا – إذ المسيح حاضر هنا.

اسمعوا وعده، ولا تظنوا أنه غائب. إنه بنفسه قال: “ها أنا معكم”. إلى متى؟ ليتنا لا نقلق نحن الأحياء؛ حيث هذا ممكن إذ نكون في أمان كامل بكلمته في الأجيال القادمة.

إنه يقول: “هذا أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر” (مت ١٨: ٢٠). يوجد وقت للعمل وآخر لنوال الأجرة، فإن الرب سيكافئ كل واحدٍ حسب أعماله (مت ١٦: ٢٧).

مادمتم تعيشون اعملوا… فسيأتي ليل مرعب يغشى الأشرار في ثناياه. الآن كل غير مؤمن يموت يدخل في ليلٍ، حيث لا يوجد عمل يمكن أن يُفعل. في ذلك الليل كان الغني يحترق ويتألم ويعترف، لكنه لم ينل أية راحة. لقد حاول أن يفعل صلاحًا إذ قال لإبراهيم: “يا أبي إبراهيم، أرسل لعازر إلى اخوتي ليخبرهم ما يحدث هنا، لئلا يأتوا هم أيضًا إلى موضع العذاب هنا” (راجع لو ١٦: ٢٧-٢٨).

يا له من إنسان شقي! عندما كنت عائشًا كان وقت للعمل، الآن أنت في ليلٍ، حيث لا يقدر إنسان أن يعمل.

القديس أغسطينوس

فاصل

تفسير الأب متى المسكين 

 

3:9- 5 أَجَابَ يَسُوعُ: «لاَ هَذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ لَكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللَّهِ فِيهِ. يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ. مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ».

‏الرب هنا جعل حالة هذا الإنسان المعوق وأمثاله فرصة لكي تظهر أعمال الله فيه، وما عمله المسيح له هو نموذج لأعمال الله من نحو هؤلاء؛ عطفث ومحبة فعالة, وتبني هذا النقص وتحمل تعويضه بصورة عملية مذهلة. وان كانت الوسيلة هي بحد ذاتها معجزة، ولكنها في جوهرها إعادة تصحيح ما أخفقت فيه قوانين الطبيعة والتوريث الجيني والتحام الأصول من الأب والأم. هنا الخالق يصحح ويعيد نواقص الخلقة، ولكن المسيح يقدم هذه المعجزة, في الجسد, كآية لمعجزة أعلى, في الروح, فالرب لم ينزل من السماء لتصحيح نواقص خلقة الإنسان الجسدية، وانما قدم تفتيح عيني الأعمى لرؤية العالم كآية لتفتيح قلب الإنسان لرؤية الله. فما دام المسيح في العالم فهو حتمأ يعطي من ذاته ما يختص بحياة الإنسان في العالم. فالمسيح هو «النور» بكل مفهومه وعمله على كل مستوياته. فإن كان « النور الحقيقي» الذي يضىء الأبدية قد نزل إلى العالم، فهو حتما يكون نور العالم أيضاً، أي لا بد أن يحقق ذاته في حياة الإنسان في العالم، ويعطي البرهان أنه «النور» على مستوى الرؤية في العالم. وهذا تم بالحرف الواحد في الأعمى الذي أصبح يرى نور العالم, إذ أثبت المسيح نفسه وكيانه الإلهي الخفي بإعطاء هبة النور المنظور، وتحقق أن المسيح هو حقاً «نور العالم» حينما نزل إلى العالم. فإن كان بتفنيحه عيني الأعمى قد برهن على أنه واهب النور للعالم, فحتمأ وبالضرورة يكون هو «النور الحقيقي».
‏فإذا دققنا النظر، وجدنا أن معجزة تفتيح عيني الأعمى هي أصلاً وبالأساس لا تخص الأعمى، ولكن الرب استخدمها ليعمل عملية توضيحية أثبت فيها بالنهاية أنه «الكلمة» الخالق الواهب النور للعالم. وقد جاء للعالم ليكمل عمل الآب في الخليقة، بإعطاء أو خلق عيون روحية جديدة للانسان، يرى بها الله ونور الحياة الأبدية، وذلك بالفداء الذي أكمله للانسان بذبيحة نفسه، رافعاً حجاب الظلمة الذي كان يحجز رؤية الإنسان لله.
‏وهكذا ينتقل المسيح بواسطة عملية تفتيح عيني الأعمى من الرحمة المنظورة المقدمة من الله نحو المتعوقين المتألمين الجالسين في ظلمة العالم، إلى عمل رحمة الآب, بواسطة المسيح الذي أرسله خصيصاً, من نحو الخطاة الجالسين في الظلمة وظلال الموت.
‏«ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار»: قصة تفتيح عيني الأعمى المولود هكذا كانت نموذجاً دُفع به أمام المسيح لكي يظهر فيه أعمال الله الآب، أي يُظهر مجد الله الآب، الذي وُضع للمسيح أن يستعلنه ويتمجد به, تماما كموت لعازر. فآلام المولود أعمى كانت عل مستوى مرض لعازر الذي أدى إلى الموت، وهذا وذاك: «هذا المرض ليس للموت بل لأجل مجد الله, ليتمجد ابن الله به» (يو4:11). فتمجيد الله واستعلان مجد المسيح هو أساس المعجزتين! وعل مستوى ما تم في عرس قانا الجليل: «وأظهر مجده فآمن به تلاميذه.» (يو11:2)
‏كانت حياة المسيح في العالم هي نهار الإنسان الذي أشرق في الظلمة. ومنذ أن خرج أدم مطروداً من الفردوس، والليل يغطي العالم، والظلمة تلف البشرية من كل جانب، وطال ليل الإنسان جدا… إلى أن نادى مناد من السماء: «إنه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب» (لو11:2). لقد ظل المسيح يعمل طول هذا النهار أعمالاً كثيرة حتى أكملها قبل أن تغرب شمس يوم الصليب. كانت هي فرصة الإنسان منذ خسة آلاف سنة ويزيد، وفرصة الله، بآن واحد منذ ملايين السنين. كان هذا هو اليوم الذي صنعه الرب، وكان يوم خلاص، وساعة قبول. أما الإنسان فقد ضيع ساعات هذا النهار التاريخي الجميل في مناقشات وحماقات، أكملها بذبح النور على مذبح الظلمة؛ هكذا تهيأ لمجانين الأرض. أما الله فقد غطى كل ساعات هذا النهار بأعمال وأقوال مضيئة ومحيية، لا يزال العالم يرددها و يتمعنها، ولن يسع عمر الإنسان، مهما طال، أن يبلغ أعماقها أو نهايتها التي لم يسمع بمثلها قط، واختتمها بذبيحة المحبة. لقد أتى الليل فجأة, واختتم المسيح أعماله على الصليب، ورُفع في مجد، وظل الإنسان ‏يشتهي يوماً من أيام ابن الإنسان!!
«يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل»: نحن لا نزال نستمتع بنهار المسيح، فالأعمال التي عمل حية فينا، تعمل وتتكلم. والكلمات التي قال تُحيى قلوبنا كل يوم وتُشدد. ومراحمه تتجدد علينا كل صباح بإشراق نعمته في قلوبنا, فتجدد فينا نهار المسيح بكل نوره وبهجته، فنعمل ونعمل. ولكن، حتماً، سيأتي ليلنا نحن, حين لا يد تتحرك، ولا رجل تمشي، ولا عين تنظر، ولا أذن تسمع، ولا لسان يتكلم، ولا عمل يُعمل.
‏فنهار المسيح حياتنا, فيه نعمل عمله ونكمله، وحينئذ يأتي ليلنا نحن حيث لا عمل، بل مجازاة في نور المسيح الأبدي. وإن كان نهار المسيح بدا قصيراً جداً، فنهار حياتنا اقصر، يستغرقه ملعب الصبوة, فيضيع إشراق صباحه في لهو بلا معنى. وما أن يفيق الإنسان ليدرك هدف مساره، حين تنضج خبرات الرجولة فيه, حتى تداهمه الشيخوخة بخيالها، فيضيع ما جمع، ويقف في الغسق يودع حياة ما أن بدأت حتى انتهت, لا يُحمل منها إلا زاد الصلاة وزق الدموع ، لسفر طويل في سرداب الظلمة المعتم، إلى أن يشرق عليه نهار اليوم الجديد .
‏يا إخوة، إن نهارنا قصير, والعمل أمامنا جسيم، فافتدوا الوقت لأن الأيام شريرة، وما أشقانا بأنفسنا إن لم تغتني بالرب .
‏«ما دمت في العالم, فأنا نور العالم»: ‏هذه الآية يصعب شرحها إلا إذا رجعنا إلى النص اليوناني، لأنه فريد في نوعه, فهو يحذف ضمير المتكلم «أنا» كما يحذف « الـ» أداة التعريف في «النور». وترجمتها الحرفية: «طالما كنت في العالم فنوره أكون». وحذف «أنا» له أهمية كبيرة في المعنى، إذ أصبح التركيز في الآية ليس على شخص المسيح بمعنى استعلانه «أنا», ولكن على عمل المسيح «أكون» نوره. كذلك في حذف أداة التعريف في «النور»، يصبح تركيز المعنى ليس على «النور» المطلق في كيانه وعمله، ولكن على نور جزئي معّرف بالعالم، أي أن التركيز على عمل المسيح كنور في العالم.
‏وهكذا يصبح المعنى الكلي للآية ملتزما بالتركيب اللغوي لها. وتصير الآية تختص بعمل المسيح كنور العالم, في فترة وجوده الزمني في العالم, وهذا المعنى يزداد وضوحأ ودقة، إذا علمنا أن بعد قول المسيح ذلك أجرى معجزة تفتيح عيني الأعمى مباشرة! وهكذا ينصت المعنى بقتضى الآية في كيف يمكن أن نفهم أن المسيح، عل المستوى العملي، هو للإنسأن «نور الحياة»، وأنه للأعمى «أضاء في الظلمة»، وأنه لليهود « والظلمة لم تدركه». وهذا كله هو عمل المسيح في العالم . صحيح أن الشمس تضيء العالم، ولكن لا قدرة لها أن ترسل أشعتها داخل مقلة الأعمى أو قلب الجاهل!! وهكذا يظل الإنسان «يحيا الظمة» في الداخل والخارج، وهو تحت الشمس يسير. أما المسيح فهو النور الذي ينفذ إلى أعماق الظلمة، فيبددها «فيحيا الإنسان النور»، وتصير حياته أكثر ضياء من نور الشمس، لأنه يستمد النور من المصدر الذي تستمد منه الشمس نورها: « أنتم نور العالم… فليضىء نوركم هكذا قدام الناس…» (مت14:5-16)، «والفاهمون يضيئون كضياء الجلد (السماء)، والذين ردوا كثيرين إلى البر كواكب إلى أبد الدهور.» (دا3:12)

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

“وفيما هو مجتاز رأى إنساناً أعمى منذ ولادته. فسأله تلاميذه قائلين يا معلم من أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى. أجاب يسوع لا هذا أخطأ ولا أبواه لكن لتظهر أعمال الله فيه. ينبغي أن اعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل. ما دمت في العالم فأنا نور العالم.”

من أخطأ هذا أم أبواه حتى وُلِدَ أعمى= فاليهود يرجعون كل مرض وكل عاهة تصيب الإنسان إلى خطية قد إرتكبها وبسببها يعاقب، أو خطية لأبواه وينال هو جزاؤها، أو خطية إقترفها هو ذاته في حياة أخرى عاشها قبل ولادته في هذه الحياة بمقتضى عقيدة تناسخ الأرواح أي العودة إلى التجسد، التي كانت شائعة في ذلك الوقت في بلدان الشرق الأوسط ولا سيما في مصر وفلسطين والهند. ولذلك قال الفريسيين للأعمى بعد أن شفي “في الخطيئة ولدت أنت بجملتك” (34:9). فالفلسفات نشرت فكرة تناسخ الأرواح وأيضاً فهم اليهود الخاطئ للآية “يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء حتى الجيل الثالث والرابع” جعلهم يتصورون أن الله قد يعاقب مولود نتيجة أخطاء أبويه. ومع أن الله صحح هذا المفهوم (حز4:18) إلاّ أن الفكرة ظلت مستمرة ومعنى أن الله يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء، أن الله يبحث في الأبناء.. هل خطيا أبائهم مازالت موجودة.. حينئذ يعاقب. وهو قال الجيل الثالث والرابع حين تكون الخطية صارت شائعة فتكون العقوبة عامة. ولاحظ أنه لم يقل أعاقب الأبناء بل أفتقد أي أبحث هل الخطية مازالت موجودة. ولكن في بعض الأحيان ينشأ طفل بمرض ناتج عن خطية أبواه وذلك مثلاً من أمراض النجاسة، أن أب ينهك صحته فيخرج إبنه ضعيفاً (حز5:20+7:34+ تث9:5). والمسيح لم يجب عن هذا السؤال ليتركنا نفكر ليس عن سبب الألم الذي نحن فيه ولكن كيف نحول الألم لعمل إلهي. والمسيح لم يلغي أن هناك علاقة بين الخطية والمرض فمن المؤكد أن هناك علاقة ولكن من العسير أن ندركها نحن بعيوننا فلا يصح أن نقول على كل متألم أنه متألم نتيجة خطيته. علينا أن لا نفكر فيمن أخطأ بل نصلي للمتألم ولكن من السهل أن نؤمن أن كل شئ يؤول إلى مجد الله فكل الأمور تعمل معاً للخير للذين يحبون الله. وكون أن هناك علاقة بين المرض وبين الخطية يتضح من قول المسيح لمقعد بيت حسدا “لا تخطئ فيكون لك أشر” أنا نور العالم= المسيح هو المرسل (سلوام تعني المرسل). فهذه البركة تشير لشخص المسيح الإلهي فهو المرسل من الآب لخلاص البشر. وهذه البركة كانت ترمز في النبوات إلى عرش ومملكة بيت داود (أش6:8+ نح15:3+ لو4:13) فالنبوات كانت تقول عن المسيح أنه مرسل من الله. والمسيح هو نور العالم ومازال موجوداً في العالم ولن يفارقه، ويعطي نوراً وإنفتاحاً لكل إنسان يؤمن. هو جاء ليكمل عمل الخليقة بإعطائها عيون روحية بدلاً مما فقدتها بالخطية ورافعاً حجاب الظلمة الذي كان يحجز رؤية الإنسان لله. هو يعطي نوراً للعالم وبصيرة في قلب الإنسان. وبين هذا عملياً بشفاء الأعمى. أعمل أعمال الذي أرسلني= في كل عمل أو معجزة يقوم به المسيح فهو يستعلن محبة الله لنا وإرادته من نحونا فهو يفتح عيني الأعمى ليعلن أن إرادة الله الآب هي أن نبصر ويقيم لعازر ليعلن أنه يريد لنا القيامة والحياة. ما دام نهار= ما قبل المسيح كان ليل يغطي الإنسان إذ فقد رؤيته لله وحين جاء المسيح نور العالم صار نهار والمسيح صنع معجزات شفاء كثيرة وعلَّم تعاليم محيية طوال فترة وجوده بالجسد على الأرض والمعنى المباشر الذي يقصده السيد، أنه طالما أنا في الجسد فلأعمل أعمال شفاء لتؤمنوا. ونحن لازلنا نستمتع بنهار المسيح فهو مازال معنا “ها أنا معكم كل الأيام إلى إنقضاء الدهر” (مت20:28) وهو يعمل مع كل واحد ليفتح بصيرته قبل أن يأتي ليله، وليل الشخص يعني يوم موته وهناك ليل عام وهو يوم الدينونة حين تنتهي فرصة كل إنسان خاطئ أعمى من أن يستنير بنور المسيح. (فلننتهز الفرصة مادام نهار قبل أن نموت). ما دمت في العالم فأنا نور العالم فالمسيح لنا هو نور الحياة، هو يضئ في ظلمة حياتنا. ينبغي أن أعمل= المسيح مشتاق أن يعمل، ويغير طبيعتنا إلى الخليقة الجديدة. فلنسلم له حياتنا طالما نحن أحياء (مادام هناك نهار). ما دام نهار= المقصود به وقت العمل. أما الليل فهو التوقف عن العمل إذاً النهار هو حياة المسيح على الأرض بالجسد قبل صلبه.

فاصل

زر الذهاب إلى الأعلى