الضيقات والتجارب

التجارب

كل إنسان على الأرض يمر بتجارب وضيقات مهما وصل من مركز أو قوة، وتختلف التجربة ومفهومها من شخص لآخر، فمثلا الطالب في المدرسة التجربة الصعبة بالنسبة له هي الرسوب في الامتحان، والشاب فقدان الوظيفة مثلاً، والرجل وفاة شخص يحبه، لكن مهما كانت قوة التجربة فالمخرج الوحيد لها هو الله.

هناك قصة تحكى أن : مر رجل غني على قطيع كبير يرعی، فرأى أن الراعی علی وشك تناول طعام الغداء، فأوقفه ، وبدأ معه هذا الحديث: (أنك تبدو لي أيها الراعی قانع وليس لك الإ متاعب قليلة لتزعجك، وأنا الذي املك الشيء الكثير من متاع هذه الحياة، لا يسعنى إلا أن انظر إلى شخص سعيد نظيرك بالحسد ) فأجابه ( كيف ذلك يا سيدی؟ صحيح أن متاعبي ليست كمتاعبك، بل أي أكون في حالة سعيدة، تماماً، لولا هذه النعجة السوداء ، فهي ضربتي المرة في هذه الحياة ، فما أكد أن أتناول طعامی، حتى تسير بعيداً وتقود كل القطيع وراءها) وهنا تأسف الغني وقال وهو يتركه: (إذن لكل إنسان نعجته السوداء التي تضايقه). 

التجارب التي يمتحن الله بها إيماننا هي عن الحياة وضيقاتها وخسائرها ، كتلك التي جرب الله فيها إبراهيم باحتمال فقد وحيده، وأختبر فيها أيوب بخسارة ممتلكاته وإصابته في الجس .

والهدف منها هو تهذيب أبناء الله ، وقيادتهم إلى طريق الكمال ، وعلاجها يكون بمحاولة معرفة قصد الله من كل تجربة.

أما التجارب التي من الشيطان التي يوقعنا فيها ، فهي تجارب شهوة الجسد والعالم، وما إليها من الغرور ، التي عبر عنها القديس يوحنا الرسول بقوله : ” لأن كل ما في العالم شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة ( 1يو16:2)

ومن قبيل الإنصاف يحق لنا أن نقول أن بعض من التجارب التي يقع فيها الإنسان ترجع إلى الإنسان وحده، والبعض إلى الشيطان. وكم من مرة يقع الإنسان في خطية محاولا أن يلتمس لنفسه عذراً بقوله : ( إن الشيطان قد خدعني وأغوانی ) ، في حين أن الشيطان يحتج لدي الله قائلاً: ( كلا يا خالق السماء والأرض فإنني لم أجرب هذا الإنسان. بل كنت واقفاً عن بعد أتعلم منه كيف يبتدع الشرور والآثام ) ۔

وفي هذا الصدد نكرر قول القديس يعقوب الرسول : ” لا يقل أحد إذا جرب إني أجرب من قبل الله، لأن الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب أحدا . ولكن كل واحد يجرب إذا انجذب ونخدع من شهوته، ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية ، والخطية إذا كملت تنتج موتاً” ( یع 1: 13-15).

وقال الرب : “سمعان سمعان هوذا الشيطان طلبكم لكى يغربلكم كالحنطة! ولكنى طلبت من أجلك لكي لا يفنی ايمانك. وأنت متی رجعت ثبت إخوتك” ( لو 22: 31-32).

فلم يعط إبليس أن يغلبنا فقط بل أن يجربنا، وعندئذ نجد الرب يسوع بجانبنا يسندنا ويشدد إيماننا.

وإن كان : ” اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر ، يجول ملتمسا من يبتلعة هو (فإن عليكم واجباً هو) . فقاوموه راسخين في الإيمان ، عالمين أن نفس هذه الآلام تجرى على إخوتكم الذين في العالم” ( ابط 5: 8-9 )، “فاخضعوا لله. قاوموا إبليس فيهرب منكم” ( یع 7:4 ) . والرب من جانبه يعدنا قائلاً: “ها أنا أعطيكم سلطاناً لتدسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء” ( لو19:10).

“احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة” (يع 2:1).

وليعلم الإنسان أن وراء الغيوم ستجد الشمس ، وبعد الليل يأتي نور الصباح، وتشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها “عند المساء يحل البكاء وفي الصباح الترنم”. فلابد من التأكد أن بعد كل صليب هناك قيامة، وأن الطبيب أحياناً لابد من أن يصنع جرحاً لكي يستأصل المرض “لأنه هو يجرح ويصعب. يسحق ويداه تشفيان” (أي 18:5) .

فيجب على الإنسان انتظار الفرح “هوذا حزنكم يتحول إلى فرح سريعاً” ، وكم كانوا يفرحون التلاميذ عند دخولهم تجربة من أجل الرب “وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه” ( أع 41:5). 

وليس ذلك فقط بل نفتخر أيضا في الضيقات ، عالمين أن الضيق ينشئ صبراً ” ( رو 3:5 ) فالله يُعلم الإنسان الصبر من خلال التجربة، مثل قطعة الذهب أو الفضة التي تتخلص من الشوائب عند وجودها في النار ولفترة حرارة أطول ، حتى تظهر في النهاية صورة الذي صنعها ، فينظر فيها ويجد انعكاس صورته كالمرآة … كذلك من يصبر فستظهر عليه صورة المسيح في النهاية.

ماذا نفعل في وقت التجربة ؟

1- نصلی بحرارة إلى الله .
2- لا نتذمر على الله ولا نرفض تأديبه .
3- نسلم حياتنا في التجربة إلى الله.
4- نتسلح بوسائط النعمة .
5- ننظر إلى محبة الله وقوته.
6- يجب أن نعلم أن الله يعطى التجربة للخير .
7- نتحمل التجربة برضا وقناعة.
8- نتحلى بالأمل والرجاء .
9- نعرف الهدف من التجربة .
10- نفكر في الله ونشكره .
11- أن تكون فرحين في الضيق
12- نتجه إلى فحص ذواتنا . 

ان الطفل عندما يرى وحشاً لا يصبر حتی يحاربه ، فبالكاد أن يراه حتى يسارع بالهروب إلى حضن أمه في ثقة كاملة بالنجاة ، وهكذا يلزم للنفس أن تتحول عن مخاطر التجربة إلى الله ، والمرنم يقول : “الله في وسطها فلن تتزعزع” (مز5:46) ۔ 

بركات التجارب

1- التجارب تجعلنا أن نختبر المسيح عملياً “الآن رأتك عيني ” (أي5:42).
2- التجارب فرصة لله لينصرنا “ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا ، بالذي أحبنا ” (رو37:8)
3- التجارب تعلمنا أن نعرف ينابيع الله “وانظروا خلاص الرب” (خر13:14).
4- التجارب تعلمنا الإيمان فتنمو تقتنا في الرب عن طريق الاختبار.
5- التجارب تعلمنا أن نصلي كما فعل يعقوب عند مخاضة يبوق (تك23:32-30).
6- التجارب تعلمنا المحبة فتتعلم أن : “تحتمل كل شيء وتصبر على كل شئ ( اكو 7:13).
7- التجارب تعلمنا الصبر “فنكون تامين وكاملين غير ناقصين في شيء” (يع4:1) ۔
8- التجارب تعلمنا الشجاعة فنقول : ” إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي” ( مز 4:23 ) .
9- التجارب تجعلنا نماذج للأخرين “كثيرون يرون ويخافون ويتوكلون على الرب” ( مز 3:40 ).
10- التجارب تؤهلنا لمساعدة الآخرين “يعزينا .. حتى نستطيع أن نُعزى”(2كو 1: 4 ).

فاصل

مسابقات الحرفيين – المسابقة الدراسية – المسيخ حياتنا 2011 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى