ليه وإزاي
لا يمكن لأى شخص فينا أن يقوم بعمل ما دون أن يكون مقتنع به، وبالفائدة التى تعود عليه من جراء هذا العمل، ووقتها يكون السؤال المنطقى هو: كيف (إزاى).
أما إذا كان غير مقتنع، فأول سؤال يتبادر إلى ذهنه هو: لماذا (ليه).
ونحن الآن نعرض عليك ثلاث أمور هامة ونجيب على تساؤلات كلا الفريقين، الغير مقتنع بإجابته على تساؤله (لماذا – ليه)، والمقتنع بإجابته على سؤاله (كيف – إزاى).
ومن خلال الأفكار الآتية يمكنك إكتشاف هذه الأمور الثلاثة وكيفية تنفيذها إذا اقتنعت بأهميتها.
أولاً: ليه وإزاي؟
إن أول دعوة يقدمها لنا رب المجد يسوع هى دعوة بالتواجد فى حضرته، وأن نكون معه… ولاحظ أن هذه الدعوة قدمها بكل الضمائر (تعال – تعالى – تعالوا)، وكأنه يؤكد على كل شخص بصورة شخصية بضرورة الحضور إليه، وفى كل مرة يكرر الدعوة تعالوا… تعالوا… !!
“اِلْتَفِتُوا إِلَىَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِى الأَرْضِ” (أش 22:45) ففى العهد القديم عندما وجد الله أن الشعب غير منتبه إلى حضوره، رغم كل العجائب التى قدمها لهم بدءًا من خروجهم من أرض مصر حتى سكناهم فى أرض الموعد، طلب منهم فقط الإلتفات إليه.
إن كلمة “اِلْتَفِتُوا إِلَىَّ” تعنى أن تعطيه اهتمام أكثر ووقت أكثر وعواطف أكثر… إن هذا النداء هو نداء العصر، لأن الكل مشغول بكل شىء إلا بشخص ربنا يسوع المسيح.
ربنا يسوع المسيح يدعونا أن نأتى إليه راجيًا كل منا بصورة شخصية قائلاً: “تعال” لماذا؟
هل تظن أن مجيئنا للسيد المسيح سيزيده شيئًا؟ وإن لم يكن فلماذا تكرار الدعوة بالحضور إليه؟ ماذا عساه أن يعطينا؟ ولماذا الاصرار على الحضور إليه؟
1- لأنه يحبنى: ولأن الحب علاقة ثنائية لا تكتمل إلا بوجود الآخر، فهو يريدنى أن أستمتع بشركة الحب معه.
وحقيقة نحن نعرف ذلك ولكن على مستوى نظرى، ولكن على مستوى التنفيذ العملى قد لا نشعر بمحبة ربنا يسوع الشخصية لكل شخص فينا.
وهذه الشواهد تثبت محبة الله الشخصية لك منا:
? “أَحْبَبْتُكُمْ، قَالَ الرَّبُّ. وَقُلْتُمْ: بِمَا أَحْبَبْتَنَا؟ أَلَيْسَ عِيسُو أَخًا لِيَعْقُوبَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ” (ملا2:1).
? “وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا” (يو34:13).
? “كَمَا أَحَبَّنِى الآبُ كَذَلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي” (يو9:15).
? “هَذِهِ هِىَ وَصِيَّتِى أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ” (يو12:15).
2- يريد أن يعطينى: ما يقدمه لك الرب لا يستطيع العالم ولا أى شخص أن يعطيه لك، لا من حيث الكمية ولا الكيفية، لأنه يعطى بسخاء.
هل ترى أن هناك مـن يمكنه أن يهبك هذه العطايا غير ربنا يسوع المسيح، لذلك هـو سيظل دائم الدعوة بصورة مستمرة (تعال – تعالى – تعالوا) لينال كل منا نصيبه فى هذه العطايا سواء هنا على الأرض أو هناك فى الأبدية، فكل منا له نصيب فـى السماء، والكنيسة أمنا لأنها العـروس
وتعلم جيدًا عطايا وهبات عريسها، لا تكف عن أن تدعو أولادها بصورة مستمرة تعالوا لأن لكل منكم نصيب فى السماء، مكتوب باسمك لذلك كانت الدعوة واجبة وتستحق منا كل تقدير وانتباه.
كيف يمكن أن أطيع هذه الدعوة بالحضور إليه؟
“من يمتلكك تشبع كل رغباته! لكن يالبشاعة بؤسى! ويحى ياإلهى، فإن قلبى يميل إلى الهروب منك؛ الهروب منك أنت أيها الغنى الحقيقى والفرح الحقيقى، لكى يتبع العالم الذى ليس فيه إلاَّ الحزن والألم”
الشيخ الروحانى
“إذ يحمل الرب نحونا حنانًا يدعونا إليه ولا يرهبنا. جاء فى وداعة، أتى فى تواضع، إنه يلاطفنا ولا يطردنا أو يلقينا خارجًا”
القديس امبروسيوس
اعتاد أحد الملوك أن يقيم مائدة ضخمة فى الأعياد، يحضرها فقراء المدينة وكبار رجالها، وكان الجميع يجلسون حول الملك، الفقراء بثيابهم البالية جنبًا إلى جنب مع أغنياء المدينة بثيابهم الفاخرة.
وحدث فى أحد الأعياد أن تلوثت الثياب الفاخرة لأحد رجال القصر الملكى ولم يستطع أن يرتديها ليحضر بها الوليمة، فحزن الرجل ولكنه فكَر فى نفسه قائلاً إذ لم أستطع أن أحضر الحفل كأحد الأغنياء فيمكننى أن أحضره كواحد من الفقراء، وبالفعل حضر الوليمة كأحد الفقراء وتمتع بحضرة الملك تمامًا كما لو كان مرتديًا ثوبه الفاخر.
إذا لم تستطع أن تأت إلى الرب كشخص متقدم فى الروحيات وقديس يحمل ثمار الروح القدس، فيمكنك أن تأت إليه كخاطئ تائب محتاج إلى رحمته، لا تيأس أبدًا فقط تعال إليه، إنه يرحب بك دائمًا وكل شىء سوف يبتدل.
كل ما عليك هو أن تجد وقتًا لله خلال يومك... وأن تعاود الرجوع إليه بإستمرار بعد كل موقف وبعد كل سقطة، ولسان حالك يكرر دائمًا “اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِى الأَرْضِ، لأَنِّى أَنَا اللَّهُ وَلَيْسَ آخَرَ” (اش22:45)
“فَقُلْ لَهُمْ: هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: ارْجِعُوا إِلَيَّ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ، فَأَرْجِعَ إِلَيْكُمْ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ” (زك3:1).
فالمطلوب إذن هو الالتفات لشخص الرب يسوع باستمرار، والرجوع المستمر إليه فى كل لحظة، والعودة إلى أحضانه بعد كل سقطة مهما كانت بشاعة الخطية… فهو لا يكف عن الدعوة… تعالوا إلى.
ثانياً ليه….وإزاي؟
1- لماذا الثبات: “أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ” (يو4:15).
? “إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَالْغُصْنِ فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِى النَّارِ فَيَحْتَرِقُ” (يو6:15).
? “لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِى جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ” (غل10:3).
لأنه بدون الثبات لا يكون هناك إثمار بل يكون كالغصن الذى يجف ويطرحونه فى النار، ولا يمكن للإنسان أن يثمر بدون الثبات فى الكرمة، لا يمكننا أن نثمر من ذواتنا، ولكن إن ثبتنا فى الكرمة يمكن أن نأتى بالثمار المطلوبة.
2- كيف أثبت؟ : نلاحظ أن كلمة الثبات مقترنة بحرف (فى)، أى علينا أن نثبت (فى المسيح)، عندما تسرى عصارة الرب المنشطة فى أجزاء حياتنا العميقة والخفية فإننا نتقوى ونغتنى ونتحد بشخص ربنا يسوع المسيح.
أننا نعرف معنى أن يكون الإنسان فى السياسة، أو فى القانون، فلو كان الإنسان فى القانون، فهذا معناه أن القانون قد أصبح الإهتمام الغالب والرغبة المسيطرة على حياته، وعندما اختار القانون فقد قام باستثناء جميع الأعمال الأخرى من حياته وقام بتكريس وقته وجهده وتدريبه لأجل القانون.
أن تكون (فى المسيح)، معناه أن الإنسان قد اختار أن يتبع المسيح فى كل أمور حياته، وهكذا يصبح غصنًا ثابتًا فى كرمة المسيح، ويكون له مصدر حيوى للإتصال به حيث يتلقى منه الحياة والطاقة، إنه يحيا فى المسيح كما تحيا الخلية فى الجسد الذى تنتمى إليه، وتصبح ألفته مع السيد المسيح على درجة من القرب تجعله مثمرًا.
ولكن هذه الحياة التى فى المسيح ليست مجرد علاقة داخلية بين المؤمن والسيد المسيح، ولكنها تعتمد أيضًا على عضوية المؤمن فى الكنيسة من خلال سر المعمودية، حيث يتأصل كل مسيحى مثل عضن فى كرمة السيد المسيح، وعندما نفصل أنفسنا بالخطية عن الكرمة، فإن الله يمنحنا عطية التوبة التى بها نستطيع أن نتأصل فى الكرمة من جديد، إن الطاقة الحيوية التى تسرى فى حياتنا من الكرمة، التى هى السيد المسيح، تأتى إلينا من خلال سر التناول، حيث يقول رب المجد: “مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ” (يو56:6).
كما أن الكرمة لا تأتى بثمارها إلا من خلال أغصانها فقط، هكذا السيد المسيح اختار أن يعمل فى العالم من خلالنا، إننا نحن الأغصان التى تأتى الكرمة من خلالها بثمر كثير. فالله يريدك أن تكون غصنًا مثمرًا فى كل يوم، لأنه إن كنا أغصان ثابتة فى الكرمة الحقيقية، فنفس الثمار التى فى الكرمة ستنمو فى حياتنا، سيكون لنا ثمر الروح القدس، “وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ،” (غل22:5).
إذن هدف ثباتنا فى الكرمة هو أن نأتى بثمار لله فى العالم نمجد بها شخص ربنا يسوع “بِهَذَا يَتَمَجَّدُ أَبِى أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تلاَمِيذِى” (يو8:15).
كيف تنمو الثمرة داخلنا؟
تنمو الثمرة متى كان لنا علاقة شخصية عميقة وقوية مع الله، ثباتها هو ثبات الغصن فى الكرمة، من خلال الصلاة ودراسة كلمة الحياة وطاعتها، ومن التناول من جسد الرب ودمه، ومن محبة المحيطين بنا وخدمتهم.
ليس ثمر الروح إلا ظهور حياة ربنا يسوع فينا، وهذا الثمر الروحى هو الدليل الأكيد على وجود حياة المسيح فينا، ومن حياته فينا تتولد القوة الجذابة للحياة المقدسة داخل منازلنا ومدارسنا وكنائسنا وأماكن تواجدنا.
ولكن إحذر…
لا يظهر ثمر الروح فى الحال فى حياتنا، فالثمر يمر بمراحل نمو
مختلفة، حيث تنقضى فترة طويلة من النمو قبل أن يأتى موسم الإثمار
وإن غالبيتنا الآن نعبر فى هذه المرحلة.
وهذا النمو الطبيعى للثمر على الأشجار، هو برهان أصيل على أن حياة القداسة تنمو فينا تدريجيًا، وإن كان نمونا الروحى بطئيًا لكنه أكيد، فالنمو الروحى والقداسة الداخلية لا تحدث فى لحظة ولا فى طرفة عين، فالقداسة والنمو فى العلاقة مع شخص الرب يسوع عملية مستمرة تنمو وتنضج فى هدوء وبثبات واستقرار.
إن حياتنا تشيه حقلاً منقسمًا قسمين: واحد يسمى الجسد، والآخر يسمى الروح، ويمكننا أن نزرع إما للجسد أو للروح، وما نحصل عليه عند الحصاد يتوقف على المكان الذى زرعنا فيه. إننا نقصد بالزرع المحيط الذى نحيا فيه، والأصدقاء الذين نعاشرهم، وما نسعى إليه لقضاء أوقات راحتنا وإراحة أمزجتنا، وما هو الشىء الذى يستحوذ على إهتماماتنا ويسود على أفكارنا.
وإن كان من المتوقع منا أن نزرع للروح إن أردنا أن نحصد حياة أبدية، فعلينا أن نفهم أن ثمر الروح ليس هو نتيجة صراع أو كفاح ونضال مجهود شخصى، ولكن هو عمل الروح القدس فى حياتنا، وما يجب أن نعمله هو أن نضع أنفسنا فى حضرة الروح القدس وأن ندعوه فى حياتنا، فليس مقدار ما أبذله من جهد هو الذى يعطينى ثمر الروح، فهو ثمر الروح وليس ثمر مجهودى الشخصى، ولكن ما أقوم به هو بمثابة إعلان رغبتى فى أن يعمل فى الله بروحه القدوس. “لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ” (فى13:2).
ثانياً ليه… وإزاي؟
1- لماذا الفرح؟ من خلال هذا الشواهد يمكنك معرفة بعض أسباب الفرح فى حياتنا.
“وَلاَ تَحْزَنُوا لأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُمْ” (نح10:8).
“عَظَّمَ الرَّبُّ الْعَمَلَ مَعَنَا وَصِرْنَا فَرِحِينَ” (مز3:126).
“افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِى السَّمَاوَاتِ” (لو20:10). “أِفْرَحُوا فِى الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ وَأَقُولُ أَيْضًا افْرَحُوا” (فى4:4). “وَتَفْرَحُ بِجَمِيعِ الخَيْرِ الذِى أَعْطَاهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لكَ وَلِبَيْتِكَ أَنْتَ وَاللاوِيُّ وَالغَرِيبُ الذِى فِى وَسْطِكَ” (تث11:26).
نفرح لأن فرح الرب هو قوتنا – ولأنه عظم الصنيع معنا – ولأن أسمائنا مكتوبة فى السموات – وكذلك لأن الفرح وصية كتابية وقد جاءت فى الكتاب المقدس بصيغة الأمر “افرحوا… وأقول أيضًا افرحوا – نفرح بالخير الذى يعطينا إياه الرب يسوع).
إن مسيحيتنا هى ديانة الفرح والتهليل الحقيقى، وإنجيلنا هو أبهج رسالة تصل للإنسان، فهو يبتدئ بفرح بولادة مخلص العالم “فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ” (لو10:2)، وينتهى بتلك الصورة المفرحة، صورة القديسين وهم يرددون تسبحة التهليل والفرح.
ففى الخطاب الوداعى الأخير كان السيد المسيح على أبواب الجلجثة بظلامها وآلامها ومع ذلك قال لتلاميذه: “كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ” (يو11:15)، وعندما إرتفع إلى السماء لم يبكوا وينوحوا على فراقه ولكنهم كانوا “يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ” (أع46:2).
إذن نفرح لأن:
أ- الرب هو ضابط الكل، وهو محب البشر.
ب- لأن الرب هو الذى يهتم بكل أمورنا، ويهبنا كل شىء.
ج- لأننا نطرح تحت أقدام صليبه خطايانا وآثامنا وهمومنا، فيحملها عنا المصلوب برضا ولطفٍ.
د- لأنه ينقذنا من أعدائنا الخفيين والظاهرين، ويحول الشر إلى خير، والضيقات إلى بركات.
و- لأن الفرح بالرب يهبنا القوة فى جهادنا الروحى. هـ- لأنه هو الذى ينير ظلمتنا.
2- كيف نجد الفرح؟
فيما تبحث عن الفرح إياك أن تظن أنه فى الغنى وثروات الدنيا، أو المراكز العالية والوظائف الكبرى، أو فى الرتب والنياشين، أو فى الصحة والشباب والحرية، كل هذه وهم باطل، ولكن الفرح الحقيقى هو فرح بالرب وبرحمته، وفرح أمام الرب كما يقول الكتاب: “فَرَحًا أَفْرَحُ بِالرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلَهِي، لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ” (اش10:61) “أَبْتَهِجُ وَأَفْرَحُ بِرَحْمَتِكَ لأَنَّكَ نَظَرْتَ إِلَى مَذَلَّتِي وَعَرَفْتَ فِي الشَّدَائِدِ نَفْسِى” (مز7:31). “وَتَذْبَحُ ذَبَائِحَ سَلامَةٍ وَتَأْكُلُ هُنَاكَ وَتَفْرَحُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ” (تث7:27).
أبّوة الله ورعايته الدائمة وتخطيطاته هى سرّ فرحنا، كما إنه عندما نفرح يجب أن يكون فرحنا أمام الرب.
الفرح الصادر من الرب هو قوتنا، هذا الفرح فى حقيقته هو حضور الرب نفسه وسط كنيسته وحلوله فى قلب المؤمن، فيقيم ملكوته فينا. فالرب نفسه هو قوتنا، إذ هو نصيبنا، وصخرتنا وفرحنا. هو كل شىء بالنسبة لنا، الكل فى الكل.
“غَنُّوا لَهُ. تَرَنَّمُوا لَهُ تَحَادَثُوا بِكُلِّ عَجَائِبِهِ. افْتَخِرُوا بِاسْمِ قُدْسِهِ. تَفْرَحُ قُلُوبُ الَّذِينَ يَلْتَمِسُونَ الرَّبَّ. اطْلُبُوا الرَّبَّ وَعِزَّهُ. الْتَمِسُوا وَجْهَهُ دَائِماً” (1أخ9:16-11). يرتل داود النبى قائلاً: “لأَنَّهُ بِهِ تَفْرَحُ قُلُوبُنَا لأَنَّنَا عَلَى اسْمِهِ الْقُدُّوسِ اتَّكَلْنَا” (مز21:33).
الفرح الذى يقدمه العالم إلى حين ولا يسند النفس، أما فرح الرب فيحطم الجحيم المحيط بنا، ويحول حياتنا إلى فردوس مفرح. فالرب هو قوتنا وفرحنا الأبدى.